الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيناك تفاصيل المكان

توفيق العيسى

2008 / 5 / 7
الادب والفن


صارت عيناك جزءا من تفاصيل المكان، أُسئل عنهما إذا ما غبتي وكلما حضرت دونك، صخب المقهى، ثرثرة الكراسي، صوت فيروز، إيقاع المطر، حتى النادل، بكثير من الإحراج يقدم لي القهوة ويسألني عنك على استحياء.
وقع خطى الداخلين إلى المقهى يشعرني بالوحدة وفراغ الكأسين.
تكفيني الآن ضحكة أو همسة حبيبين كي أشعر بالحزن أكثر وأنسحب بهدوء تاركا المقهى لمن يستحقونه.
تكفيني همسة حبيبين وشعر ينساب على جسد إمرأة مثل أريج الفجر ونبيذ يشتعل على شفتين هادئتين يطرب لهما الكأس وروحي من بعيد تطرب أيضا معهما، ليشتعل الناي بقلبي فأخرج إلى الشوارع المبللة ليلا ، وحيد دونما تردد... وحزينا دونما تردد...
مطر على شباك القمر يهذي، قمر على إيقاع المطر، وكنت أؤرخ فيك ولادتي أؤرخها ما بين العينين ما بين عنق وشفتين، سيدتي كم كنا بحاجة للصمت كثيرا قبل الكلام.
وعلى وقع المزاريب أعلن انني هجرت الشعر، عفوا – هجرني الشعر- أمشي على مهل في الشوارع البائسة، أبحث في عتمة المدينة عن شيء لا أعرفه، عن شيء أحسه كلما غنى المطر، أبحث عن لحن خبأته يوما في خصلة شعرك، يامن تقتحم علي الليل، تقتحم المقهى، تحتل تفاصيل القصيدة، يا من ينام ( الرجز*) في شعرها وتقطر (هزجا*) عيناها، إني أهرب منك وأبحث عن قافية أخرى وروي آخر... ومقهى آخر.
مقهى لا يرتاده العشاق، لا يعرف طعم العشق، يحترف الألوان... كل الألوان... إلا لون العشق، مقهى لايعرف العشاق ولا يعرف عيناك، سأقف فيه وأعلن أني هجرت الشعر، كفرت به كما كفرت بلون الزهر على شفتيك.
لن أرتحل بعد اليوم، سأبدل المنافي بالمقاهي، وحقيبة سفري سأطعمها للريح والنسيان، سأبحث عمن تشعل بياض الصفحة ولا ترحل أو ترحل ولا تأخذ معها الكلمات.
تسحقني شوارع المدينة الحبلى بالعرق والصراخ والأخرى الهادئة النائمة، في ليل المدينة يصير السكون سكينا و (ومومسات الليل) يزحفن على الشوارع والقمامة ويشربن دمي، يتسلقن جسدي ويقضمن فتات أعصابي وأحزاني وبقايا حلمي.
يتوحد الحزن وليل المدينة، وجهان لأنثى واحدة...
وأصرخ في الشوارع المطمئنة... غني ... غني إن استطعت أيها المطر وأصنع ما شئت على أعتاب روحي من وحل أو زهر وأغسل بمائك المراق لون القمر، وأصرخ فيه غني... غني... فيجيبني رجع الصدى
مطر... مطر... مطر
سيدتي هل كنت حقا سيدتي؟؟!! كي أحترف فيك العشق وأحترق؟! هل كنت حقا سيدتي؟! حتى أشتعل فلا أرى أنثى سواك وأترحل في عينيك؟!
أم انك وجع القصيدة ونسج خيال، حزنا نما فأثمر وجها وشعرا وعينان وشفتان وأعطيتها اسما فكنت أنت وألقت علي بظلها، فأبكتني ورجوتها... سيدتي إذا اخترت يوما الرحيل فاتركي لي ظلك والكلمات وارحلي دونما تردد واشنقيني بخصلة شعرك دونما تردد.
فأنا المصلوب بين الحقيقة والخيال وأنا امريء القيس يناجي في وحشة الصحراء طيف غريبة ضيعها وهو الغريب يحترث حرث ذئبه فيهزل*

* الرجز والهزج بحران عروضيان من أبحر الشعر العربي
** اشارة إلى بيت شعر لامريء القيس " كلانا إذا ما نال شيئا أفاته ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي