الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصوليون وجمعية نساء من اجل الحياة

ريما كتانة نزال

2008 / 5 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


دأب أفراد من أنصار "حزب التحرير" في قرية بديا من محافظة سلفيت؛ على تهديد" جمعية نساء من أجل الحياة" النسوية التراثية وعضواتها؛ الهادفة الى الحفاظ على التراث الشعبي الفلسطيني؛ بحجة ممارسة الأعمال المخلة بالاعراف والتقاليد وأحكام الدين؛ مشهَرين ومحرضين على الجمعية وعضواتها؛ بهدف اغلاق الجمعية النسوية الوحيدة في البلدة التي يبلغ عدد سكانها اثني عشر نسمة؛ ويندمج ويلتصق بها سبع قرى أخرى تستفيد من خدماتها.
مصدر انزعاج هؤلاء؛ يكمن في قيام الجمعية النسوية انطلاقا من أهدافها التي ترخصت على أساسها؛ بتدريب بعض الفتيات على الدبكة الشعبية - الجمعية تقدم خدمات تعليمية وتأهيلية -، وربما هم منزعجون من فكرة وجود جمعية نسوية في القرية من حيث المبدأ؛ وهم مستاؤون أكثر من قيام فرقة الدبكة؛ بتقديم عروضها على مقربة من جدار الفصل العنصري؛ في أحد الفعاليات الوطنية المناهضة لبنائه.
لم يحتمل الاصوليون تشكيل فرقة نسوية للدبكة؛ ولا فكرة أن تتحرك النساء للمشاركة بالفعاليات الوطنية لمقاومة الاحتلال؛ ولا أسلوب الجمعية الخلاَق في التعبيرعن مناهضة الاحتلال بواسطة التراث؛ للتعبير عن الهوية الثقافية الفلسطينية التي تتعرض للطمس والسرقة والتذويب؛ لصالح إحلال هوية ثقافية بديلة، وعوضا عن اللجوء الى حوار الجمعية ببرنامجها وبوجهة نظرهم؛ ذهبوا الى توجيه التهم المسيئة وصولا الى المطالبة بإغلاقها؛ مستسهلين الهجوم على المرأة و"مستوطين حيطان" الجمعية ومنتسباتها؛ انطلاقا من نظرة فوقية واستعلائية؛ على افتراض أنهم يمتلكون الحقيقة ومفاتيحها.
المشكلة ليست في موقف الجماعة الأصولي؛ فلهم الحق في اتخاذ الموقف الذي يروه انطلاقا من التعددية الفكرية والاجتماعية في المجتمع؛ وحرية الرأي والتعبير وفقا للقانون الأساسي، لكنه حق مشروط مقيَد بعدم الاعتداء على الآخر المختلف معهم بالرأي؛ الذي يمتلك ذات الحقوق على قدم المساواة وفقا لذات المرجعية، وهم ايضا ليسوا مخولين بإصدار الأحكام والقرارات؛ وليسوا بأوصياء على أخلاق المجتمع؛ وأحكامهم لا تنطبق إلا عليهم وعلى من يؤيدهم بآرائهم؛ ولا تسري على الجمعية النسوية؛ التي لا يغلقها الا القانون وارادة منتسباتها وفقا لأنظمتها، وليس من حق الجماعة الأصولية ان تتبع الأساليب الملتوية والتحريض والتشهير لتحقيق مرادها، لأنها في هذه الحالة ستواجه قانون العقوبات؛ الذي يوقع العقوبة على أساس ممارسة عملية القذف والتشهير؛ والقانون يمنع المساس بالوحدة الوطنية؛ لكون التحريض وتوجيه الاتهامات من عيار الاتهامات التي ساقتها الجماعة الأصولية في جوهرها تؤدي الى الاعتداء على الحياة؛ وإلى ايقاع الضرر المادي والمعنوي بالجمعية وعضواتها.
نحن نقف في "بديا" امام عادة قديمة متجددة؛ تذكرنا بالهجوم السلفي الذي واجهته النساء من مختلف الجمعيات والأطر النسوية؛ لدى مبادرتهن الى طرح واثارة النقاش حول القوانين الفلسطينية بمشاركة المرأة؛ عبر مشروع البرلمان الفلسطيني الصوري، ويذكرنا بالطريقة التي أُخرجت بها المظاهرات المستنكرة لمسودة قانون العقوبات؛ على اعتبار أن مشروع القانون يشجع على الرذيلة حسب ادعائهم؛ في حينها حرَض وحرَك الاصوليون الآلاف في غزة بالمسيرات الغاضبة؛ لاستنكار مسودة القانون الذي لم يكونوا قد قرأوه؛ واحتدم النقاش الساخن مهددا وحدة النسيج المجتمعي دون مبرر، وهم الآن يفتعلون الخلافات حول "مهرجان الرقص المعاصر" الذي تنظمه "سرية رام الله" باتباع ذات الأساليب بتوجيه التهم الجزافية؛ وباصطناع الأوهام والتعارض ما بين المقاومة وبين تنظيم الفعاليات الثقافية والتراثية التي تخدم الفكر والتوجه المقاوم بتعبيرات فنية.
كل هذه الحوادث وغيرها يقف خلفها الفكر الأصولي الواحدي؛ الذي يريد فرض الوصاية على المجتمع وفكره ومعتقداته بالعنف؛ فهو لا يسلم بتعددية القيم والمبادئ في المجتمع؛ ولا يعترف بأن الاختلاف حتمي وشرعي في الاطار الاجتماعي؛ وبأنه من الصفات الملازمة للحياة الاجتماعية، وبأنه يستحيل إجبار المجتمع على الوصول الى نمط واحد محدد من الحياة؛ ولا الى فكر واحد يعتبره البعض بأنه الأفضل للمجتمع؛ ليقينهم بأنهم الأفضل في المجتمع؛ لذلك يمارسون التحريض على الآخرالمختلف؛ دون اغفال العوامل السياسية الخفية في التحريض؛ فرائحة التسييس تزكم الانوف.
يكفي المجتمع الفلسطيني ما يتعرض له من تدمير وإبادة على يد الاحتلال؛ ولا ينقص الفلسطينيون ما يهدد وحدتهم؛ والممارسات الإقصائية سواء كانت ضد "جمعية نساء من أجل الحياة؛ أو ضد "سرية رام الله "لا تؤدي إلاَ الى تشظي المجتمع وتدمير مؤسساته الثقافية والانسانية؛ وهي التي لعبت دورا تاريخيا مساندا ورديفا للمؤسسة الوطنية الفلسطينية، وتهدف الى المقاومة بالنهوض بالواقع الوطني؛ وبالمساهمة في بعث الأمل والحياة الطبيعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المرحله المقبله
سعيد كنعان ( 2011 / 2 / 18 - 18:37 )
الناشطه السيده ريما
, ان شعوب بلداننا العربيه قد عانت من انظمة استبداديه استلهمت انماطا من الحكم من الماضي وابقت شعوبها ردحا من الزمن تحت وطأت التخلف الاجتماعي والفساد الاقتصادي والسياسي , وما تمخض عن هذا الحال من ارتفاع مستوى الاميه والبطاله ومعدلات الفقر , ان هذا كله افرز قوى سياسيه سلفيه واصوليه تستلهم من فكر الحقب المظلمه في التاريخ الاسلامي استبدادا فكريا وتفسيرا احاديا للنص الديني. ان الدكتاتوريات الحاكمه وهؤلاء وجهان لعمله واحده .
لقد خرجت الشعوب العربيه من القمقم بعد الانتصارات التي حققتها انتفاضاتها ولم تعد تحتمل من يمارس الوصايه على دماغ الناس , ومن يعترض حرية فكرهم وحرية الصراع الفكري السلمي فيما بينهم .
مع تحاتي.

اخر الافلام

.. ولادة طفلة من رحم امرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة | بي


.. الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري




.. إعلاميات مداهمة ستيرك وميديا خبر هي لطمس وإسكات صوت الحقيقة


.. دراسة بريطانية: الرجال أكثر صدقا مع النساء الجميلات




.. بسبب فرض الحجاب وقيود على الملابس.. طلاب إيرانيون يضربون عن