الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية توريق الاصول كوسيلة لتسوية الديون المصرفية المتعثرة في العراق

فلاح خلف الربيعي

2008 / 5 / 18
الادارة و الاقتصاد


شهد النظام المصرفي في العراق ارتفاعاً ملحوظاً في حجم الديون المتعثرة والديون المشكوك في تحصيلها لدى كل من المصارف الحكومية والمصارف الخاصة وعلى حد سواء، وتعود هذه الظاهرة الى الممارسات الخاطئة في عمليات الإقراض،وعدم تطبيق المصارف للقواعد والأعراف المصرفية،و إهمالها للنواحي الفنية والشروط والضوابط المطلوبة لمنح القرض،و ترتب على ذلك اندفاع تلك المصارف في منح التسهيلات والقروض الكبيرة بجميع أنواعها، وقد ارتبط هذا التوجه بتوفر السيولة العالية التي رافقت حالة التسيب النقدي التي سادت العراق خلال فترة الحصار الدولي 1990 -2003 وما صاحبها من منافسة بين المصارف على التوسع في عمليات الإقراض ،يضاف إلى ذلك ما شاب عمليات منح بعض القروض من مجاملات وفساد من جانب المتلقي والمانح،سهلت من مهمة اختراق القواعد والقوانين المنظمة للعمل المصرفي،وأدت الى ارتفاع درجة التركز في القروض المصرفية،حيث حصل عدد محدود من العملاء على أكثر من 40% من تلك القروض التي قدمها هذا الجهاز مع ضعف الضمانات المقدمة. فضلا عن ضعف إدارات الفروع المصرفية، وضعف الخبرة والمهارة والتدريب، وضعف الرقابة .
وقد تعمقت تلك الظاهرة بعد الظروف الاستثنائية التي مر بها العراق بعد سقوط النظام وما رافقها من فوضى وعمليات سرقة و نهب لموجودات المصارف ووثائقها،وبحسب بيانات البنك المركزي العراقي، فأن نسبة الديون المشكوك في تحصيلها لدى مصرف الرافدين قد بلغت حوالي 50% في نهاية عام 003 ، فيما وصلت لدى مصرف الرشيد الى أكثر من 25%، و امتدت هذه الظاهرة الى المصارف الأهلية ، فشهدت هي الأخرى ارتفاعا ملحوظا في هذا النوع من الديون فبلغت حوالي 20% لدى مصرف بغداد الأهلي، وحوالي 30% لدى المصرف الأهلي العراقي.

والمعالجة التقليدية المستخدمة في تسوية هذا النوع من القروض،هي اللجوء الى تسييل الضمانات أو الرهون ، وخاصة الرهون كالأراضي والمباني والمعادن النفيسة والسيارات والآلات والمعدات، كما قد تلجأ بعض المصارف الى المساهمة في راس مال الشركة المدينة بقيمة الديون التي بذمتها لغرض تحصيل الدين واعتباره استثمارا جديدا . إذا كانت الديون بمبالغ كبيرة ومن الصعب تحصيلها بالأساليب التقليدية .

غير أن ما يهم المصرف في النهاية هو ضمان استرداد مبلغ القرض وليس تصفية الرهون ، فهو لا يريد أن يمتلك المشروع أو يصفيه كمقابل للدين ، بل يطمح أن تستمر المشاريع بالعمل بنجاح حتى ينتعش النشاط الاقتصادي والتجاري وبخاصة في ظروف العراق الحالية وتبني السياسات الاقتصادية لهدف إنعاش القطاع الخاص
وللجمع بين هذين الهدفين،والحد من الآثار السلبية للديون المتعثرة ابتكرت المصارف التجارية آلية جديدة لتحصيل الديون المتعثرة سميت بتوريق الأصول،وظهرت بعد أتساع نطاق الديون القابلة للتوريق التي طرحتها مؤسسات مالية وغير مالية،فأصبح التوريق وسيلة أساسية لزياد السيولة المالية تسهل عملية تسييل الرهون غير السائلة (تحويلها أصول نقدية سائلة) وتطورت أسواق التوريق الدولية مع تطور أنواع الأصول المورقة لاسيما تلك التي تتصل بقطاع تمويل المستهلكين .
والتوريق بأبسط صوره هو الحصول على الأموال عن طريق خلق أصول مالية جديدة قابلة للتداول في سوق الأوراق المالية ، وبذلك يضمن نظام التوريق تحويل الموجودات المالية من المقرض الأصلي الى آخرين أو تحويل القروض إلى أوراق مالية قابلة للتداول على أن تتمتع الديون المراد توريقها بدرجة من الجاذبية بالنسبة للمستثمرين في تلك الأسواق، وهذا الأمر يتطلب تمتع الديون المؤهلة للتوريق بمجموعة من المزايا وفي مقدمتها السجل الائتماني الجيد الذي يشهد بانتظام المدين في السداد ، و يتطلب التحقق من السجل الائتماني تحليل محفظة الدائن الأصلي لتحديد المدنيين الذين يقومون بالوفاء بالتزاماتهم بانتظام، لبناء التوقعات حول احتمالات التعثر في السداد خلال فترة التوريق .

و تلجا المصارف والمؤسسات المالية الى التوريق للتحرر من قيود الميزانية العمومية التي تفرض على المصرف الالتزام بالقواعد المحاسبية والمالية التي تدعو الى تهيئة مخصصات مالية لمقابلة الديون المشكوك فيها، وهذا الإجراء يعرقل نشاطها التمويلي بشكل عام،ويبطئ من دورة رأس المال ، ويخفض من ربحية المصرف .
لذا فان التوريق يعد في هذه الحالة بديلا مناسبا يسمح بتدوير جزء من الأصول السائلة التي ستنجم عن عملية توريق الأصول غير السائلة (الرهون ) المستخدمة كضمانات للديون لدى دون أن يرافق هذا الإجراء زيادة في الجزء المخصص للمخاطر في ميزانية المصرف،أي دون الحاجة لزيادة المخصصات المناظرة في الميزانية العمومية. ويتحقق التوريق بثلاثة أساليب
الأول هو استبدال الدين و يسمح هذا الأسلوب باستبدال الحقوق والالتزامات الأصلية بأخرى جديدة،غير انه يقتضي الحصول على موافقة جميع الأطراف ذات الصلة بالقرض على إمكانية تحويله كلياً أو جزئياً – إلى ورقة مالية ، أما الأسلوب الثاني فهو التنازل عن الأصول لصالح الدائنين أو المقرضين ، و يستخدم هذا الأسلوب في توريق الذمم الناشئة عن بيع بعض الأصول أو إيجارها ، ففي عقود الإيجار والبيع يتم الاستمرار في دفع الأقساط إلى الممول الأصلي الذي يقوم بدوره إما بتحويلها إلى مشتري الذمم المدينة أو تسديدها ضمن سلسلة من الحوالات متفق عليها عند التعاقد على التوريق وبالمقابل يقوم باسترداد المبلغ من المؤجرين ، و الأسلوب الثالث هو المشاركة الجزئية الذي يتضمن بيع الذمم المدينة من قبل الدائن الأصلي إلى مصرف متخصص بشراء الذمم وتمويلها ، ولا يتحمل بائع الدين بعدها أي مسئولية فيما لو عجز المدين عن التسديد ، لذلك يجب على مشتري الدين التأكد من أهلية المدين وجدارته الائتمانية ويلاحظ أن هناك طرقا عديدة لحماية هذا المشتري تتراوح بين حصوله على ضمانة عقارية وحقوق إدارة الدين كوصي عليها .
تنطوي عملية التوريق على عدد من المنافع التي يمكن أن تحققها المصارف والمؤسسات الدائنة أبرزها :-
1- رفع كفاءة الدورة المالية والإنتاجية،بتحويل الأصول غير السائلة إلى أصول سائلة وإعادة توظيفها مرة أخرى.مما يساعد على توسيع حجم الأعمال للمنشآت بدون الحاجة إلى زيادة حقوق الملكية .
2-تقليل مخاطر الائتمان بتوزيع المخاطر المالية على قاعدة عريضة من القطاعات المختلفة.
3- انحسار احتمالات تعرض المستثمرين للاخطار المالية ، وإنعاش سوق الديون الراكدة .
4- تنشيط السوق الاولية في بعض القطاعات والأسواق مثل سوق العقارات والسيارات .
5- تنشيط سوق المال بتعبئة مصادر تمويل جديدة،وتنويع المنتجات مالية،وتنشيط سوق تداول السندات .
6- تحقيق الشفافية، وتحسين بنية المعلومات في السوق.
7- يسمح التوريق للشركات ذات التصنيف الائتماني المتدني كالمشروعات الصغيرة باقتراض الأموال بنفس المعدلات التي تحصل عليها الشرائح الممتازة.
8- يجذب التوريق مجموعة كبيرة ومتنوعة من المستثمرين ، وبذلك سيتسع سوق الديون.
أما إمكانيات الاستفادة من عملية التوريق في العراق فتتوقف على مدى القابلية على توفير الإطار المؤسسي الكفء القادر على إدارة عملية التوريق بكفاءة وهذا الأمر يتوقف على الإمكانيات المتاحة لتحقيق المتطلبات الآتية :-
-1 تطوير سوق العراق للأوراق المالية لتكون نشطة في مجال إصدار وتداول السندات ،
2 –تكوين شركات متخصصة في تداول السندات لتشجيع الاستثمار وتنشيط السوق .
-3 توفر منظومة متكاملة من المؤسسات ، والتي أهمها:-
شركات الإقراض العقاري ،والشركات المساندة مثل مكاتب الاستعلام عن العملاء،تشكيل مؤسسات التصنيف الائتماني Rating Agencies حيث يلعب التصنيف دورا بارزا في معاملات التوريق،لانه من الصعب تسويق الأوراق المالية المصدرة بدون التصنيف الذي يساعد على تمكين المستثمرين من قياس مخاطر الأوراق المالية بدقة ،تشكيل شركات لتقييم الأصول ، تفعيل دور شركات التأمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110


.. كيف أثرت المواجهات الإسرائيلية الإيرانية على أسواق العالم..




.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024