الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الوعي،، النقدي،، مجلة الآداب نموذجا/ وقائع الديمقراطية العراقية وازالة (الاسطورة) عنها

محمد خضير سلطان

2008 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كتب سماح ادريس في مجلة الآداب العريقة العدد 5-6/ 2007 مقالته الافتتاحية الموسومة( نقد الوعي ,, النقدي,, / كوردستان العراق نموذجا)، متضمنا متابعة خبرية لمهرجان المدى الخامس الذي اقامته مؤسسة المدى للاعلام والثقافة في اربيل ،عند التاسع والعشرين من نيسان الى السادس من آيار 2007 ، (اقيم المهرجان السادس في بغداد مؤخرا) ،وملقيا باللائمة على 800 مثقف عراقي وعربي ، حضروا المهرجان ، لم يشجب حضورهم كما اكد لاحقا ولكنه يعيب عليهم ان لا يعلموا اوضاع كوردستان حقا وما هي احوال المرأة وواقع الموساد كما عبر وقضايا حرية التعبير وطبيعة الحاكمين ومن هم منظمو المهرجان، ويسأل: اين العقل النقدي الذي فلقتمونا به ايها الزملاء النقديون، ويتابع حديثه عن حالة كوردستان كنموذج مثالي لفراغ (الشعاراتية الفارغة) ولتناقض الليبراليين العرب الجدد او بشكل ادق لكسلهم عن تقصي اوهام الديمقراطية العراقية الجديدة وازالة الاسطورة عنها، وقد اثارت مقالته ردود افعال كثيرة في الاوساط الثقافية والادبية وخاصة في العراق ولبنان ، لم تحسم على مستوى الوعي النقدي، الصفحات الثقافية العربية في الاقل، بل كان الحسم على مستوى منصة القضاء اللبناني ، والسؤال هنا ، هل كان الوعي النقدي العربي نزاعا واشتباكا غير قابل للفض والحسم الا من خلال القضاء، اية عقلانية نقدية لاتستطيع تخطى حدود المشهد القانوني ، وهل نرشح هذا المشهد( القضاء) ليكون مرشدا للوعي النقدي ،ان ردود الفعل لم تكن في جانب الوعي ونقده ( محور المقال) وانما حقوق رد شخصية وسجالات من المستبعد عدها مخاضا لتشكيل الوعي النقدي ولو على هذا النحو المشوه، فالتعرض الشخصي للافراد ، يعد ثغرة في مقال ادريس ، تقتضي استحقاقا قضائيا وهو ما حصل حين دخل مدير مؤسسة المدى السيد فخري كريم باب القضاء اللبناني للدفاع عن حقوقه الاعتبارية في الاتهامات الموجهه له ما جعل ادريس يعجب للامر في ان هذه الاتهامات يعرفها القاصي والداني وخاصة في الاوساط الثقافية العراقية والشامية فما الذي حدث حين سجلتها مجلة الاداب، تصير قضية في متناول القضاء، ويبدد فخري كريم عجب ادريس من خلال لقائه بفضائية ال(anb) قائلا بانه لم يأبه يوما بما قيل عنه لأنه صادر عن اطراف مستصغرة بالنسبة اليه الا انه من الصعب السكوت عن مؤسسة الآداب التي يكن لها الاحترام والتقدير، وهكذا ضاعت فكرة نقد الوعي النقدي (اطروحة ادريس) وسط جلبة القضاء وتم تحييد او استغفال المعلومات التي اثارتها الآداب حول التجربة الكوردستانية العراقية كونها شكلا من اشكال الاوهام العراقية الجديدة وازالة ( الاسطورة) عنها كما ذكر مقال ادريس، وبعد ان هدأت الجلبة القضائية على نحو نسبي،ومر عام على المهرجان الخامس، ايحق لنا مناقشة اطروحة الوعي لدى ادريس من الجانب النقدي لا السجالي اي ما يتصل بالموقف الثقافي اكثر منه باختزال الموقف في المحتوى السياسي ومن ثم نستطيع تحديد المواقف في موشوراتها السياسية والثقافية،بمعنى ان الموقف الثقافي اذا لم يكن متلازما مع نمو وارتقاء في الفضاء الاجتماعي والتاريخي، اذا لم يكن متلازما مع سياق تطوري ويكشف عن آفاق مستقبلية وتآكل مظاهره التقليدية كلما تقدم حاضره وخصوصا في مجتمعاتنا النامية فان هذا الموقف سوف يغدو من قبيل السحروالاحلام واوهام الايديولوجيا،وجزء من عالم مستقبل متصور غير مترابط بحاضر ساكن او متحرك، فضلا عن انعزاليته وايقافه بواسطة ثوابت نمطية عن معطيات النقد، انما الموقف الثقافي المتحرك( وتلك وجهة نظر) لا ينفصل او يعلو على نظام الواقع في الوقت الذي لايعطي ولاءه الكلي له ابدا واذا كان هناك من اعتراف جزئي فهو جزء من السيرورة المجتمعية، موقف يستشرف المكاسب المتحققة للمجتمع وقدرها الايجابي والسلبي وقاعدتها الاساسية،ولا يغض النظر عمن تسبب كافراد في اذى المجتمع واعاقة بنائه، موقف فاحص للبرامج السياسية ومناضل من اجل ضبطها في المسار الاجتماعي لا من يعمل على اعادة صياغة المدائح السلطانية والتماهي مع السلطات، او اما القبول او الرفض النهائيين لهذا النظام او ذاك،
الموقف الثقافي النقدي يمتلك من الوعي الانتقالي بما ينظم الارتقاء وفقا للحقائق على ارض الواقع، بالقدرالذي يسم انتقال المجتمع ،وهذا الامر اذا ما انطبق على مجتمع كوردستان العراق، نجد ان الواقع الانتقالي ، يؤكد بما هو ابعد من سيطرة واستحواذ احزاب وافراد وقبائل على السلطة قدر ما تنتظم هذه القوى المجتمعية في اطار دولة متصاعدة ومثل هذا المكسب هو محور الوعي في الموقف الثقافي، ومن يحل زائرا لاربيل او دهوك والسليمانية الآن ، يستطيع ان يلمس بوضوح وتائر التغيير في الانسان والمكان بما يفوق مناطق جنوب ووسط العراق،وطبعا الزائر العراقي وحتى العربي لابد ان يستحضر اوضاع البلاد ويجعلها مركز الميزان قبل اصدار حكم ما وهناك مظاهرفي اربيل تعد احلاما صعبة في البصرة حتى لو كانت بسيطة مثل التزام سائق التاكسي بربط حزام الامان قبل انطلاق سيارته الى مكان قريب او التزامه بعدم الرد على الهاتف النقال اثناء المسير، وهذا المشهد بالرغم من بساطته الا انه يؤكد شكلا من الثقة والمصداقية المفرحة بين خطط الادارة ومستوى التنفيذ، ويسر المشاهد ان يرى المواطن الكردي العراقي حريصا على تنفيذ التعليمات بدون الاحساس بالقسر،على طريقة الدولة في خدمة المواطن وليس العكس كما الفناه في التربية المواطنية العربية، ان المثقف العراقي والعربي الذي حضر مهرجان المدى في اربيل ، هل يحق له ان يلغي هذا المشهد لأن الدبابة الاميركية على مقربة منه ام يحق له ان يطالب بخروج الدبابة الاميركية بشرط ان يترسخ هذا المشهد،، في اربيل.
يتجول احيانا عدد من العسكريين الاميركيين في اسواق المدينة تحت رقابة حذرة من قبل قوات الامن الكردية ولو توفر لفضائية مغرضة سياسيا فلا حاجة الى تعليق على الصور التي تظهر الاميركيين ، يديمون النظر ويتأملون الاباريق النحاسية المصنوعة يدويا وطاقيات الرأس المنسوجة من القطن ، لاحاجة الى تعليق على احساسهم بالامان في كوردستان، والواقع بان احدا لايستطيع ان يخفي استغرابه وقرفه من المشهد، لأن المحتل من المستحيل ان يصبح سائحا الا على طرائق الغزو والاستشراق في المنظور الغربي ، وحين دخلنا مقهى مجكو المعروفة لادباء ومثقفي المدينة وسط قلعة اربيل، سألنا اصدقاءنا من الاكراد حول مرأى الامريكيين في سوق اربيل، اتفقوا جميعهم على انهم يكرهونهم اكثر مما تكرههم القاعدة كونهم غرباء ومحتلين الا اننا نحتاج الى بقائهم الآن لاسباب متداخلة انسانيا وعالميا ونتعامل معهم باسلوب متحضرلا يخلو من حذر، نقاومهم باقصر الطرق اليهم،وهذا الكلام لم يصدر عن القادة السياسيين وانما من شرائح متباينة من المجتمع الكردي بالرغم من اننا سألنا عددا من القادة السياسيين فكانت اجابتهم تطابق اجابات الناس، وهنا الفرق بين الاعلامي الجاهل او المتجاهل حين يوجه كاميرته الى واقعة، يبغي منها ان تقول كل شيىء يريده، ولسان حاله يقول، ما تعليقكم على محتلين، يتجولون في الاسواق، ويحتفظون بمقتنيات منها وربما ينفلق المركب الذهني للاعلام السياسي باظهار صور ارشيفية كتحليل مقارن لتعميق الفكرة لجثث الاميركيين الممزقة بالرصاص والطعن بالمدى، المعلقين على جسر الفلوجة او تظهر فتى من البصرة يركل جثة بريطاني ، وقع بطائرته المعطوبة على بيوت سكنية.
ان القارىء النقدي لهذا المشهد، يجب ان يراه في صورته الحقيقية عند المجتمع الكردي، وهي صورة مختلفة تماما عن ظاهر المشهد، اي بين طريقة التعامل السياسية مع الاميركيين وبين نظرة المجتمع الحقيقية اليهم،فنظرة المواطن الكردي الى المحتل تماثل تماما نظرة المواطن العربي في البصرة او الانبار، ويختزن الفرد الكردي مكبوتا عميقا من مشاعر التطرف والقتال مثل اشقائه العرب لولا ان الطبقة السياسية تحول دون انفجاره بالسيطرة على حظر التدفق الاصولي والسلفي ولعل المجتمع الكردي يتوافق مع سلطته السياسية في لجم هذه التيارات ويعدها مكسبا انتقاليا في الحفاظ على الاستقرار بدلا من الفوضى والفلتان.
من جانب آخر فان المجتمع الكردي لايعد سلطته السياسية بانها مركز الميزان في الدولة المدنية ويدرك جيدا، وهذا ما تؤكده احزاب ومنظمات سياسية وثقافية كوردية، ان طبقته السياسية الحالية محكومة بتوجهات قبلية واسروية ولكنها صمام امان ازاء وضع غاية في الدقة للخلايا النائمة من ان تكتسح المجتمع الكردي وتهيمن علية التيارات الاصولية، ويعرف الجميع كيف شهدت اربيل اول مقاتلي الافغان العرب عقب اكتساح طالبان افغانستان وكيف تشكلت سرايا قتالية شرسة لانصار الاسلام .
وبذلك ، يرى المجتمع الكردي نفسه مستقرا في ظل طبقته السياسية الراهنة، افضل بكثير من المجتمع العربي في البلاد الذي يسعى الى نشدان الاستقرارفي ظل احتدام طبقته السياسية، ومن الممكن استثمارهذا الاستقراركمكسب سياسي كونه يمثل نصف الحقيقة التي في ظلها يتم النقد مثلما تتم التنمية، في ظلها ينشأ الموقف والوعي النقدي المتلازم مع التحول المجتمعي والدولتي، الموقف الذي تكون فيه المعلومة مجالا للتحليل لا احتمالا انتقائيا للدخول في مختبر اعلامي او سياسي، معلومة على قاعدة نقدية تمثل نصف الحقيقة على ان تتكامل بالمنجز المتحقق مستقبلا في نصفها الآخر، قاعدة نقدية، ترفض الاعتراف بالسلطة الا بالقدر الذي تسمح فيه الظرفية المجتمعية، الا بسبل لقاءات التوافق داخل المجتمع.
اذا تحدث سيمور هيرش عن معلومة بخصوص حركة الموساد بهيئة تجار داخل كوردستان فانما يعبرفي قاعدته المعلوماتية عن ابعاد ثقافته الغربية ومستوى مركزة الثقافة الغربية وهو ايضا محصلة معرفية لوعي نقدي في المنظومة الثقافية للغرب اما اذا استقينا تلك المعلومة في مختبرنا الثقافي فعلينا ان نفصل بدقة بين قاعدة المعلومة ومحصلتها المعرفية الاصلية وبين بنائنا التحليلي الجديد اليها كوننا رافضين ونوجه المعلومة في مسار آخر، اننا سوف نصطدم بفكرة ، تعيق التحليل في الثقافة العربية من ان بعض المدن العربية ، ترفرف في سمائها اعلام اسرائيل بشكل سافر والموساد لايحتاج الى هيئة التجار لحركته وبالرغم من ذلك فهذا لايعفي كوردستان من القضية، ولكن لايعفينا ايضا من اختبار معلومة صحيحة في سياق غير صحيح، ومن الممكن اضافة معلومة جديدة لمعلومة هيرش التي اوردها سماح ادريس في مقالته من ان القيادة الكردية ، تؤكد باستمرار بان العلاقة الكوردستانية باسرائيل، ترتبط بعلاقة الحكومة الاتحادية بها وهو امر من شأن بغداد وليس اربيل.
هناك معلومات وردت في مقال ادريس لاتحتاج الى سياق تحليلي الا اذا اجرينا تصحيحا عليها فالسيد جلال الطالباني لم يكن راعيا لمهرجان المدى الخامس وانما رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني، وكان قسم من المثقفين العراقيين قد تداولوا بالنقد كلمة( برعاية البارزاني) التي خلت من لافتات ساحات بغداد واقتصرت على ساحات اربيل بل ان احدهم دعا الى ازالتها داخل الجلسات كونها تمثل شكلا من اشكال تذكرنا بالثقافة الاستبدادية ، وهذا القول لا ينفي ما قاله ادريس حول حدود وقمع حريات التعبيرفي كوردستان ولكنه يؤكد ان الشكل البوليسي الصارم الذي تصوره ادريس ، ليس بالصورة المطلقة كما جاء في افتتاحيته ولعلنا نذكر واقعة حصلت اثناء لقاء الطالباني في سد دوكان للمثقفين العراقيين في مهرجان المدى الخامس نفسه اذ كان السيد الطالباني يستمع الى الحضور وبجانبه السيد فخري كريم ، فطرح عدد منهم مطالبه وان كان بعضها يشبه المدائح السلطانية وحدث ان طالب احد الحاضرين لزميله القريب منه بشأن علاج ساقه المكسورة الا ان زميله غضب بشدة وقال له ، هل طلبت منك ان تشكو بدلا مني ثم تطاير غضبه شررا على الرئيس وتكلم بكلام صعب وسط صمت الجميع، ومرت الحادثة منذ بدء المهرجان حتى اكتساب الشفاء لهذا الزميل فماذا يريد الاخ سماح ادريس ان يتحدثوا عن اوضاع كوردستان اذا كانوا لايخشون رئيسهم في الحق،، ومع ذلك فان الوعي النقدي ، يحتاج الى ما هو اكثر من ذلك بعيدا عن المحتوى السياسي.
احيانا، يختلط السياق التحليلي للمعلومة بمواضعتها الاعلامية، لأن المجتمع العراقي الان من الشفافية الاعلامية بحيث لايمكن لحدث ما ان يقع دون ان تلتقطه كاميرا او يسجله تقرير اخباري، ولكن المشكلة ان الاعلام وحسب موجهاته العامة، يستطيع تجيير الوقائع بيسر من جانبها المجتمعي الى اطارها السياسي، ولو لم يسمع الاعلام بالوقائع لانعدمت امكانية التجيير السياسي، ولذلك تحرص الاستبداديات على عدم تدفق المعلومات بغية ضررها في الجانب السياسي، كان النظام العراقي السابق ، يضلل الاعلام في معلومات الانواء الجوية في زمن السلم والحرب، ويعتمد ارقاما رسمية من شأنها ان تتجنب كارثة لموجة حر او سيول امطار او ان تعطل قرار عسكري تبعا لظروف جوية، وعلى هذا الوفق فان الضحايا في كل الاحوال هم خارج الحدث الاعلامي ومترتباته السياسية،، هناك خطف وقتل وانتحار نساء من البصرة حتى اربيل وبالعكس، وهناك منظمات انسانية ، تتابع بالتوضيح والصورة والخبر هذه الجرائم، وهناك شجب واسع من قبل الهيئا ت المجتمعية والسياسية، وهناك محاولات للسيطرة الامنية ، يصح ان ننتقدها في قصور او تقصير، ولكن هل يصح ان نشطب على نظامنا السياسي وسلطتنا التنفيذية لأنهما غير قادرين على تطعيم الافيون السحري الاستبدادي للخلاص من هذه الجرائم بالرغم من انه لايصح تبرئتهما ، وهل تتطلب مثل هذه الظواهر السيئة استخدام القوة القامعة لدفعها وكبتها تحت السطح بدلا من القضاء عليها على السطح الاجتماعي، والفرق بين وجودها في مجتمعاتنا والمجتمع العراقي هو ان هذه الظواهر في العراق تشكل مصدرا انسيابيا للمعلومات الاعلامية فيما تضلل بقوة في المجتمعات العربية لاسباب سياسية وتطلق بقوة في العراق لاسباب مجتمعية.
وبهذا وحسب هذه الرؤية الثقافية المتواضعة، نخلص الى ان وقائع الديمقراطية العراقية مرتهنة بازالة الاوهام السياسية والايديولوجية عند القراءة الاقليمية والدولية لا ان يتقمص القارىء حتى لو كان عربيا دور المواطن العراقي ولكن ليتفحص اثر الحدث الحاصل في العراق على انظمته السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك