الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد المؤرخين الجدد..ظاهرة الروائيين الجدد في إسرائيل

جعفر هادي حسن

2008 / 6 / 9
الادب والفن



كان ظهور المؤرخين الجدد في الثمانينات من القرن الماضي ظاهرة جديدة غير مسبوقة
في تاريخ اسرائيل وكان أهم ماقامت به هذه المجموعة من المؤرخين هو التشكيك بالرواية الرسمية الصهيونية للأحداث التي أدت إلى ظهورالدولة والتي نشأ وتربى عليها المواطن
الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن عدد هؤلاء كان قليلا (وكان بعضهم قد ارتد) إلا أن تأثيرهم ظل مستمراً خاصة على الفئات المثقفة من الإسرائيليين.وواجه هؤلاء المؤرخون كثيرا من النقد ليس فقط من المسؤولين في الدولة بل ومن الصحافة والإكاديميين حتى ضرب عليهم طوق من العزلة والتهميش فاضطر بعضهم إلى مغادرة اسرائيل مثل ايلان بابيه .كما أن بعض دور النشر الإسرائيلية ترفض ترجمة أعمال هؤلاء المنشورة بالإنجليزية إلى العبرية مثل كتاب أفي شليم "الجدار الحديدي :اسرائيل والعالم العربي".وافي شليم هو الآخريعيش خارج اسرائيل. وفي مقالة له أخيرة في صحيفة يهودية بريطانية أعلن أنه قد أصبح ممن يعتنقون فكرة اقامة دولة واحدة لليهود والفلسطينين على أرض فلسطين.
وكان من التأثيرات التي أحدثتها دراسات هؤلاء المؤرخين وآرائهم هو تأثر بعض الروائيين
والروائيات بدراسات هؤلاء المؤرخين وكتاباتهم وأصبحت هذه الروايات اليوم ظاهرة جديدة في الأدب الإسرائيلي لم يكتب عنها إال النزر اليسير ولاتتجاوز أعمارالغالبية من هؤلاء الثلاثين أو الأربعين من العمروالظاهرة التي تجمع هذه الروايات هي التشكيك بالرواية
الرسمية الصهيونة لإنشاء إسرائيل واعادة النظر فيها. وكذلك نقد بعض الأساطير التي عمقتها الصهيونية والتي جعلتها جزءاً هاما من أدبياتها مثل أسطورة مسداه
(التي وقعت أحداثها في فلسطين أيام الرومان)والتي تظهر اليهودي بطلا مدافعاً عن نفسه
ينتحر ولايستسلم لأعدائه. وكان أكثر من مؤرخ يهودي قد فكك وقائع هذا الحدث وأظهرالتزييف فيه من قبل المؤرخ اليهودي المعروف فلافيوس يوسيفوس(القرن الأول الميلادي) حيث كان قد بالغ فيه وزاد عليه.وكذلك مازيفه الجنرال والأثاري إيغال يادين بعد
إنشاء الدولة فيما يخص هذا الحدث .كما أن هذه الروايات تلقي ظلالا من الشك على بعض
الموروثات اليهودية التي أصبحت جزءاً من ثقافة الإسرائيليين وتراثهم.
وتنتقد هذه الروايات أيضا ما كتبه الجيل السابق من الروائيين مثل" أ.ب يهوشع" و"عاموص عُز" الذين رسخوا هذه الأساطير برواياتهم وعمقوها في اذهان الاسرائيليين.وقد ازداد عدد هؤلاء الروائيين والروائيات منذ ظهور رواية أميرغوتفروند "العالم في وقت متأخر قليلا" والتي كانت من أكثر الروايات مبيعا في حينها.وأبرزهؤلاء اليوم "يوخل براندس" و"نوا زيت" و"هداره لزار"والشاعرة والروائية "غابريلا افيغور—روتم" التي ربطت في روايتها "الأحمر القديم" بين بداية الأستيطان اليهودي ومايدور من صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وكان آخر ماصدر من هذه الروايات في هذا الموضوع رواية "بيت دجاني" للروائي والمسرحي "الون حيلو" التي صدرت في هذه السنة وهي تأتي بعد روايته "موت راهب" التي حازت على عدة جوائز وترجمت إلى عدد من اللغات. و تتحدث روايته الجديدة عن بداية مجيئ المستوطنين إلى فلسطين وكيف أنهم استحوذوا تدريجيا على الأرض فيها.وهو يعرض الأحداث على شكل يوميات لمستوطن يهودي في نهاية القرن التاسع عشرويوميات فتى فلسطيني حيث يظهرالمستوطن حاييم مرغليوث كالفاريسكي رئيس احدى جماعات المستوطنين مشغولا بكيفية حيازة الأرض والإستيلاء عليها لليهود وطرد أصحابها حيث نسبت له هذه المسؤولية.ويصفه الكاتب في روايته بأنه كذاب ونفعي ودجال يقوم بأي عمل من أجل تحقيق أهدافه كالرشوة والمناورة. بينما تتزاحم في ذهن الفتى الفلسطيني صلاح دجاني صور سيطرة المستوطنين على أرض أجداده بل وسيطرتهم على بيت عائلته الكبيرأيضا وانشاء مدن لهم عليها وما ينتج عن ذلك من صراع.وقد اعتمد حيلو في روايته على وثائق تأريخية من الأرشيف الإسرائيلي(كما الحال مح المؤرخين الجدد).فهو عندما يجعل الفتى صلاح يتخيل أن المستوطنين سيبنون في مكان بيت عائلته ثلاثة أبراج بعد أن يستحوذوا عليه توجد اليوم في مكان البيت نفسه الذي يقع شرق تل أبيب ثلاثة ابراج تسمى أبراج أزريلي .وعندما ينتهي القارئ من قراءة الرواية يحصل لديه انطباع واضح بأن الكاتب يرى الإستيطان عملية استعمارية لاتختلف عن غيرها. والون حيلو يعتبر نفسه واحدا من مجموعة من الكتاب الجدد الذين يعيدون كتابة ماقامت به الصهيونية في فلسطين وتصحيح أساطيرها.ويقول" إن الإسرائيلي ينشأ ويتعلم أن فلسطين قبل دخول الصهاينة إليها كانت صحراء وأن المهاجرين هم الذين جلبوا الخير للعرب القليلين الذين ازداد عددهم بعد أن هيأ اليهود فرص عمل لهم وأنهم اشتروا الأرض منهم بتفاهم واتفاق معهم.بينما هذه كلها أساطير.وإذا أردنا أن نخرج من المأزق السياسي الذي نحن فيه فعلينا أن نراجع هذه الأساطير ونعيد النظر فيها ومنها الكذب والتزييف. وسوف لايكون هناك حل إذا تجاهلنا الجانب النفسي من الصراع. كما علينا أن نعرف لماذا يطالب الفلسطينيون بحق العودة". ويقول "إن حالة اسرائيل اليوم مثل قطار يسير بسرعة في الوجهة المعاكسة.وإذا لم نعترف بما ارتكبناه من مذابح فسيكون مصيرنا الإرتطام".
وعلى الرغم من أن هؤلاء أخذوا يواجهون نقدا من بعض الكتاب كما في مقالة حديثة للكاتب يفتح أشكنازي في صحيفة هاآرص حيث انتقد روايات الكاتبة غابريلا أفيغور- روتم إلا أن تأثيرهم كما يُعتقد سيكون أكثر من تأثير المؤرخين الجدد بسبب الشريحة الإجتماعية الواسعة التي تقرأ الروايات والتي هي أكثر من تلك التي تقرأ الدراسات العلمية الجادة. وسينعكس هذا في المدى البعيد على هوية اليهودي الإسرائيلي حيث تكوُن الأيدلوجية الصهيونية جزءاً اساسياً منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي