الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني في احتفال الجامعة اللبنانية تكريماً للشهيد فرج الله حنين

خالد حدادة

2008 / 7 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ حوالي عشر سنوات، وفي قاعة كلية التربية التي أصبحت منذ ذلك الحين قاعة الشهيد أنور الفطايري، وقفت مثل هذه الوقفة، فرحاً بانجاز تسمية القاعة باسم رئيس إتحاد طلاب الجامعة اللبنانية وبسعي مشترك حينها مع عميد الكلية ورئيس الجامعة...

كان الهدف من هذه الخطوة ليس تكريماً لأنور، بل إعادة إعتبار لتاريخ الجامعة بما هو تاريخ نضالي. أبنية جبلت بعرق الطلاب والأساتذة... كل تقدم فيها استحوذ سنين من النضال، العشرات من المعتقلين وفوق ذلك كله وبعده "تحميل جميلة من المسؤولين"...

الشعور نفسه تملكني عند تسمية قاعة كلية الآداب باسم نزار الزين وبذلك يكتمل عقد التكريم، أو هكذا ظننت، بين رمزين للأساتذة والطلاب وحلمت بجامعة فيها مكان لمن ناضل من أجلها، بجامعة كما دول العالم المتقدم تسمي ابنيتها وقاعاتها باسم علمائها واساتذتها وطلابها... حلمت باسم حسن مشرفيه وصادر يونس وعصام خليفة وسعدالله مزرعاني وبول شاوول واميل شاهين وبديع تقي الدين وجلبيرعاقل والعشرات بل الآلاف من الأساتذة والطلاب الذين رقصوا واخذوا على الدبكة فرحاً بقرار البناء الجامعي، او دفعوا دماً واياماً في السجن من أجل قانون التفرغ او من اجل الكليات التطبيقية ومن اجل المنح الوطنية للمتفوقين...

اعترف بأن حلمي لم يعد الى الماضي، الى ما قبل تأسيس الجامعة، الى الفترة التي حمل فيها شباب من الوطن وأحزاب وقوى هم انشاء الجامعة الوطنية... وانقطع الحلم ... واصبحت الجامعة، أمل الدخول الى الوطن الجديد، جزءاً متماهياً مع صورة مشروع الوطن المريض اصبحت الجامعة في سنوات مضت صورة ساكنة عن كيان تتقاسمه كيانات المذاهب والطوائف واصبحت جزءاً من محاصصة طالت كل شيء فيه واخذت تنخر جسم الدواء الذي كان يجب ان يساعد في شفاء الوطن المريض... وبهتت صورة ابنائها وباتوا يحملون في حملاتهم الإنتخابية، صور زعاماتهم خارج الجامعة، يتبارون فيها عوض تنافسهم على برامج، تبدأ باللوح والطبشور ولا تنتهي بحلم الشهداء: البناء الجامعي الموحد...

وكان علي ان انتظر حتى تأتي الإشارة من جهة المريجة، حيث ابلغني احد الأصدقاء ان هنالك سيدة جليلة تنظر منذ سنوات الى بناء يكبر يوماً بعد يوم، ولا تر هي فيه كما يرى الجميع طبقات من الأسمنت ترتفع... بل تلمح فيه نصباً لشاب يرتفع من الأرض نحو السماء، يلقي خطاباً بين أقرانه ثم يجمعهم لا ليحرضهم على التظاهر هذه المرة بل ليزف لهم خبر تجسد حلمهم في بناء جامعي لجامعة وطنية من أجلها استشهد هو طالب الحقوق في الجامعة اليسوعية... إنها السيدة ماري حنين و"الحاجة ماري" ترى صورة فرج الله تنتصب وتكبر يوماً بعد يوم... إنه فرج الله حنين شهيد الجامعة اللبنانية ومسؤول قطاع الطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني..

والإشارة الثانية في تجدد الحلم أتت بعد عدة سنوات على هذه الرؤيا عندما لم يأخذ الأمر مع رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر دقائق قليلة كي يقرر ان على الجامعة أن تكرم شهيدها.. قرر بسرعة توحي باستقلالية وجرأة وتقدير نشكره عليها ونقدرها فيه...أيتها الزميلات والزملاء، رغم أن مطالبتنا نحن بهذا التكريم لا تحمل ابداً رائحة الفئوية، إذ اننا نحن الذين طالبنا سابقاً بتسمية قاعة مسرح التربية باسم الشهيد أنور الفطايري ونطالب بتكريم الجميع ممن ساهموا في بناء الجامعة بعيداً عن يوم سعدهم (او تعاستهم) الآذاري... فإننا في الحزب يحق لنا ان نفخر بنضال رفاقنا التاريخي، طلاباً واساتذة، قبل انشاء الجامعة الوطنية وبعده... يحق لنا ان نفخر باستشهاد فرج الله وان نفخر باستجواب الشهيد الكبير كمال جنبلاط للحكومة بعد استشهاده ويحق لنا ايضاً ان نفخر بتوقيع المحامي اميل لحور وزير التربية لقرارات الجامعة الوطنية في تموز 1951 بعد قرار مجلس النواب في 5 شباط ،1951 أي بعد ثلاثة ايام من اصابة فرج الله بجروحه القاتلة... واميل لحود هو عضو سري في حزب الشعب.... الحزب الشيوعي اللبناني ايضاً... إن للحزب الشيوعي اللبناني بصماته في تاريخ الوطن كله، ليس فقط في مقاومته من أجل تحرير الأرض ونضاله من اجل السيادة والاستقلال وشهدائه العمال والنقابيين.... بل ايضاً وأيضاً في سبيل التعليم الرسمي والجامعة الوطنية... إننا نفتخر إذن بأننا حزب الوطن، حزب القضايا الوطنية... حزب الجامعة كما حزب المدرسة الرسمية كما حزب المقاومة والتحرير والتغيير...

أيتها الزميلات ايها الزملاء،

يمر الوطن بمرحلة هي الاخطر، إن درجة الاهتراء والعفن في الصيغة الطائفية الناظمة لحياة وطننا، فشلت في تحويل مشروع الوطن الى وطن علماني مستقل، عربي ديمقراطي، وطن يفخر به أبناؤه ويعتز بانتمائهم المباشر له... وأصبح الخيار دقيقاً وحاداً بين الاصرار على هذه الصيغة وبالتالي تهديد الكيان الوطني نفسه لا النظام فقط، وبين الانتقال يجرأة الى مرحلة بناء حقيقي لوطن يتخطى فيه ابناؤه تناقضاتهم المذهبية والطائفية الى انتماء مباشر لوطنهم....

انتماء يحول التنوع اللبناني من تنوع متنابذ ومتصادم الى تنوع متفاعل في وطن عربي علماني ديمقراطي موحد، يكون قدوة للبناء الوطني في هذا الصرح وفي هذه المناسبة سنؤكد على دور الجانب التربوي من بناء الوطن وبشكل أساسي على الدور المفترض للجامعة الوطنية، إدارة واساتذة وطلاباً ليس في تطوير الجامعة فقط بل في استعادة وظيفة الجامعة اللبنانية في البناء الوطني...

إن قادة الحركة الصهيونية، قبل انشاء الكيان الصهيوني، اعتبروا ان هذا الكيان قد نشأ عند تأسيس الجامعة العبرية في القدس...

والثورة الفرنسية ارتكزت في انشاء اسس الدولة على اولوية التعليم الرسمي والتعليم الجامعي الوطني... وكذلك الكثير من الدول في العالم إننا اليوم بحاجة ماسة الى تبني هذه النظرة ولو اتت من عدو او صديق... إن على الجامعة أن تعكس مشاكل المجتمع وهذا وجه من وجوهها ولكن عليها ان تعكس هذه المشاكل من اجل معالجتها..

إن جامعتنا وللأسف ومنذ عقود تعكس مشاكل الوطن ولكن لتقع تحتها لا لتعالجها.. تعكس في بنيتها ومؤسساتها، طلاباً واساتذة، وقوانين مشاكل الانقسام المذهبي والطائفي. وطاولها في بنيتها مرض الكيان، مرض المحاصصة الطائفية والسياسية ففقدت بذلك الى حد كبير وخطير، الجانب الاساسيّ من وظيفتها الوطنية...

إن أمام الجامعة اللبنانية، مهمة تاريخية، تصل الى حدود التأسيس لبناء الوطن اللبناني... دون ان تتخلى عن مهمتها الأكاديمية... فبعد ان ساهمت سابقاً في تحقيق ديمقراطية التعليم بمعنى الانتشار وبالمعنى الافقي، اصبح عليها اليوم مهمة تتجاوز برأينا هذا الاطار لتصل الى وظيفة وطنية تاريخية لها جوانب ثلاث:

الأول: انتاج معايير الإنتماء الوطني الموحد بمعناها الثقافي، فهي الجامعة الوطنية بما لا يعني ان الجامعات الأخرى هي جامعات غير وطنية، ولكن تمتاز عن تلك الجامعات بأن لها اضافة الى البعد الاكاديمي وظيفة وطنية... وظيفة انتاج معايير الانتماء الموحد بديلاً عن ثقافات الاختلاف المتناحر. باتجاه التنوع في اطار وحدة الانتماء الوطني.

الثاني: الارتقاء بالتعليم من مفهومه الديمقراطي المبسط الى تعليم ديمقراطي ونوعي يؤمن افضل واعمق وأكثر العلوم والتقنيات تطوراً. وبهذا المعنى فإن استقلالية الجامعة ومؤسساتها، تأخذ بعداً جديداً واهمية متصاعدة....فغياب الاستقلالية اصبحت تعني عملية انهيار لمؤسسات الجامعة ولوظيفتها ومن هنا الاهمية القصوى للمجالس التمثيلية ببعديها الأكاديمي والديمقراطي، كأطار لاستقلالية الجامعة عن معايير الانقسام الخارجي، كي تستطيع التأثير بإيجابية على طبيعة انقسام الخارج لا أن تنقله الى الداخل..

وفي هذا الاطار ندعو ايضاً، رابطة الاساتذة بمكوناتها المختلفة لتستعيد هذا الدور المستقل المزدوج المهمة بين الدور النقابي والدور التنظيمي والاكاديمي وهذا لا يعني عدم الانتماء لأعضائها، بل استقلالية فعلهم ودورهم بما يجعل من تنوعهم دعماً لاستقلالية الرابطة واستقلالية الجامعة لا موقعاً اضافياً

لمنطق المحاصصة... فالمحاصصة لها مئات المواقع؛ والجامعة تنتظر من الرابطة دوراً أكبر. ونحن في هذا المجال إذ نؤكد تهنئتنا للإدارة والرابطة وللزملاء والمتفرغين الجدد بنيلهم حقهم الطبيعي بالتفرغ، فإننا نستعيد مطالبة الرابطة بتثبيت آلية أكاديمية تضمن حق الاساتذة الطبيعي بهذا الانتقال من موقع التعاقد الى التفرغ دون منة من احد إلاّ من مستواهم ودورهم العلمي والأكاديمي مطالبين بتنفيذ حق من لم يطاولهم هذا القرار وحقوق اساتذة الجامعة، وبخاصة حقوقهم المادية المعتقلة منذ قرار سلسلة الرتب والرواتب وحقهم باستمرار الاستفادة العلمية منهم عبر رفع سن التقاعد وسواها من المطالب.. وكذلك ضرورة ايجاد إطار تنسيق منهجي بين الرابطة والإدارة والرابطة والمواطنين والرابطة والطلاب...

ونتمنى بالإصرار ذاته على طلاب الجامعة، تكريس الحياة الديمقراطية، واحترام التنوع في الانتماء الفكري والسياسي. فهذا التنوع هو غنى للجامعة ولطلابها، ونتمنى ان يستعيد تجربة الماضي بتحويل هذا التنوع الى قوة لمطالبهم وقضاياهم والتنافس على اساس قضايا الجامعة ومطالب الطلاب؛ فالمنح الوطنية والبناء الجامعي وتطوير البرامج، ومراكز الابحاث هي الاساس الذي يجب ان يحكم برامجهم ونضالاتهم اضافة الى قضايا الوطن الكبرى..

إن الحركة الطلابية في الجامعة اللبنانية مدعوة لأستعادة دورها في جذب احزابها وقواها لدعم الجامعة، لا يجعلها مادة جديدة تقتسمها الاحزاب والقوى...

ثالثاً: الوجه الثالث لدور الجامعة، هو اعطاؤها دوراً حاسماً واساسياً في الاشراف على التعليم العالي في لبنان وضمان نوعيته وايجاد الاطر التي تنظم علاقة الجامعة بسوق العمل. وتطوير دورها في البحث العلمي وهذا ما يطرح من جهة موازنة البحث العلمي في الجامعة وايجاد آليات مرنة لمراكز ابحاث مشتركة مع مؤسسات الانتاج العامة والخاصة ...

ومن ناحية اخرى ان تطوير التعليم الرسمي باتجاه ديمقراطي ونوعي، يلقي واجبات وتبعات على الجامعة اللبنانية وعلى تنظيم علاقتها ودورها في إعداد وصياغة برامج التعليم العام والمهني ما قبل الجامعي، وكذلك على التعليم الخاص لناحية مستواه ومضمونه العلميين ومن ضمنه الاعداد الجامعي الموحد للمعلمين في مراحل التعليم المختلفة وهنا ايضاً نرى أن الجامعة والدولة مدعوتان الى صياغة اطر مرنة لضمان هذا الدور وتنظيمه...

أيتها الزميلات، ايها الزملاء

إنه بعض من تعويض لفرج الله حنين وزملائه ورفاقه الطلاب والاساتذة. إن تسمية مبنى باسمه هو بعض من تعويض... والتعويض الكامل يكون باستكمال النضال من اجل الجامعة الوطنية، من اجل التعليم النوعي والديمقراطي، من اجل الوطن العلماني الديمقراطي العربي الموحد...

شكراً للجامعة ولرئيسها..

المجد للشهيد

والامل بابناء الجامعة وطلابها من اجل المستقبل الافضل...



بيروت في 27/6/2008











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير