الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منْ بِِه صَمَمُ؟

حسام السراي

2008 / 7 / 8
الادب والفن



جُلّ ما يفخر به أبن الشرق (القومانيّ العروبيّ أو المتطرّف المتأسلم) ،هو بضعة سيوف ومتاريس من الشعارات الجوفاء، و ربما نختصر الكثير من مسافة وصولنا إلى الحقيقة ،إذا ما سلمنا جدلا بأن نقطة الثبات عنده ، تكمن في الماورائيات والعقائد الجامدة . ذلك اننا ومنذ زمن الأسلاف الأوائل ، مجرد ناقلين للأحداث على هيئة أقاصيص عجائز ، نتناولها ونقدم فيها اليقين الثابت وان كان واهما ، ونجادل من أجله وان كان بلا أسانيد عقلية ، بما يعبر عن الرغبة الجامحة في التستّر وراء الزعيق والهتاف الجارف للجموع المتهالكة. وإذا ماتكلمنا بشكل دقيق عن النظرة الانسانية الواعية إلى العالم وما فيه من شعر وموسيقى ورقص ، فاننا هنا لابد ان نعزوها لنظرة الروحانيّ المتصوف او الفنان ، حينما تمس (نظرته) دواخل ما تتلّذذ به من الداخل ، تنغمس في اعماقه ، بلا انطباعات مباشرة ، بل بذاك التلقي الممزوج بخبرة وجدانية.
ان التأمل الصوفيّ للأشياء ، هو الذي يدفع بشخصية كالحلاج ، لأن يقول لمريد يسأله عن صوت ناي رائع في احد شوارع بغداد، "انه صوت الشيطان يبكي زوال الأشياء ويريد أن يمنحها الحياة، يبكي العالم لأنه يريد له أن يستمر ! "، بمعنى التوغل في الجوهر ، بعيدا عن خطابات التحريم الجاهزة ، التي تحتاج إلى تكريس مساحة في الدواخل البشرية ، تتسع للإصغاء وحسن الاستماع ، فكم من أعراس ومناسبات فرح فـُجرت وذبح أهلها بقنابر المتطرّفين ومفخخاتهم ، بحجة وأد الممنوع والمنكر ، ونحن في ذلك ، لانثبت إلا وحشيتنا للعالم الذي نوجد فيه ونتفاعل معه ، شئنا أم أبينا .إن هزائم قاسية وكبيرة تلقاها أبناء الشرق ، بشقيهم العربيّ والإسلاميّ ، وهم يزيدون يوميا من حجم تقبل الخطابات والنداءات الممجوجة في نفوسهم ، باستثارتها لردود فعل سريعة ، تحتكم للغة السلاح ، فتجرف في طريقها كل ما يبعث النشوة في أحشاء أنسنتنا المحاصرة ، على طريق الإلغاء النهائيّ ، ولعلنا نشعر بهذا جيدا كلما عبرنا حدود الشرق باتجاه الحياة الغارقة في اللامتناهي من الحقوق والامتيازات ،بتنامي الشعور الذي تنطق به حواسنا المجردة بفطرتها إزاءه ،كالعين والإذن مثلا ، فكثيرا ما يواجه الاعتراف الصريح بدونية إنسانيتنا عن الغرب ، بأنه خروج عن جادة الطريق وتنصل من الهويّة والانتماء ، وتلك مشكلة أكبر مما نتحدث عنه، بمصدات كلامية تقطع عليك سبيل بلوغ رغباتك الحسية والتعبير عنها بحريّة تامة .
ويصح القول إن اغترابا واضحا نعيشه اليوم في ظل المجتمع الذي نحيا فيه على أرض بلادنا، بوجود اناس يتقاطعون معك ، يكرهون الموسيقى ولايستعذبونها ، تدخل في باب حلالهم وحرامهم . وباتفاقنا على ان الموسيقى لغة يوضح الناقد النمساوي هانسيلك اننا " يمكننا استخدامها وفهمها، لكننا لانستطيع ترجمتها" ، نسأل :كيف لنا التعامل مع موضوع ذاتي يقترب من العقل والحواس ، ونترجمه للآخر الرافض الذي يقمع نفسه والآخرين ، إن كان بمستطاعه ذلك، مستندا لقاعدة عريضة من النصوص والتأويلات .ولنا ان نستفهم ثانية أي من الصنوف الإبداعية لايستند لشرط الموسيقى ...الشعر ، الرقص ، الغناء، الخ ......لكن الغرابة تبلغ أقصاها ، بقراءتنا لعبارة (ارنولد هاوزر) في كتابه (الفن والمجتمع عبر التأريخ) بان "الكهنة هم اول من استخدم الفنانين وظلوا مدة طويلة يستخدمونهم" ، لانعرف مالذي حدث اليوم وولى هؤلاء الكهنة المتصالحون مع الفن بلا رجعة ، ونحن نمضي صوب كهوف أكثر ظلمة من تلك التي جلبت الإنسان الأول ، رمز تطور الكائنات على وجه الأرض .
واذا ما بقينا نسبح في فضاء الانصراف عن الموجود والتمتع به ومنها الموسيقى الأخاذة للروح، سنثبت أكثر ان الشرق والشرقيين ، بظاهرهم الآني ، هم من به صمم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما