الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من نابلس مع التحية..

ريما كتانة نزال

2008 / 7 / 14
القضية الفلسطينية


على مدار أيام أربعة؛ واصل الجيش الاسرائيلي حملته التصعيدية المتدرجة على محافظة نابلس؛ والحبل لا زال معلقا على الجرَار.
وقد تجاوزت الحملة النوعية باتساع نطاقها جميع العمليات التي عهدتها المدينة والمحافظة بشكل عام؛ وتحديدا العمليات التي تمت في السنة الأخيرة؛ وهي العمليات اليومية التي يرافقها عادة عمليات الدهم والتدمير والاعتقال؛ وبين حين وآخر تستهدف الحملات الاحتلالية تنفيذ اغتيالات بحق المناضلين من أبناء المحافظة.
خصوصية الحملة الجديدة المتدرجة؛ لا تكمن فقط في استهدافها لمؤسسات ذات أهداف متنوعة؛ اجتماعية واقتصادية وتجارية وخدماتية؛ باقتحام المساجد والمراكز الدينية؛ إضافة الى مقرات لمجالس محلية وفي مقدمتها بلدية نابلس؛ واجتياح بعض المدارس ومراكز إعلامية؛ وجمعيات طبية وخيرية ونسوية؛ بل تكمن ذروتها في الاعلانات التي تركتها وراءها بعد اقتحام المجمع التجاري (مول نابلس)، ومفادها ابلاغ شاغليه؛ ومطالبتهم بإخلائه اعتبارا من الخامس عشر من آب القادم؛ وعن قراره اغلاق المجمع لمدة عامين؛ حيث يصبح بعد انتهاء المدة ملكا للجيش؛ وبأن التواجد به واستخدامه بعد التاريخ المشار اليه؛ "يُعد مخالفة لتشريع الأمن"؛ ؛ بسبب من كون شركة بيت المال الفلسطيني التي بنته ؛ منظمة غير مشروعة "حسب بيانهم" وفتحه يعتبر مساسا بالأمن؛ تحت طائلة ايقاع عقوبة الاعتقال الفعلي لخمس سنوات في حال المخالفة.
المجمع التجاري المهدد بدعوى بنائه بأموال شركة بيت المال؛ وهي الشركة التي يعتبرها الاحتلال مؤسسة تمول حركة حماس، وهي دعوى مجافية للحقيقة والواقع؛ فقد بني "المول" بأموال أهل البلد ومؤسساتها؛ وقد بلغ عدد المساهمين المشاركين به حوالي أربعة آلاف مساهما؛ وحصة شركة بيت المال فيه محدودة؛ وقد أصبح المجمع فيما بعد مملوكا من المواطنين عبر شرائهم للمحال التجارية؛ وبعضه الآخر مستأجر من قبل تجار ومن قبل السلطة الفلسطينية.
العملية العسكرية محمَلة ومثقلة بالرسائل السياسية؛ وهي تقول بصراحة أن لا اعتبار للسلطة الوطنية او لاتفاقاتها المعقودة معها؛ وهي تقول بأن المفاوضات لا تجري على القضايا النهائية؛ بل تعلن بأنها قد عادت الى نقطة البداية والصفر؛ حيث لا يوجد مناطق ضمن التصنيفات المعهودة؛ كمناطق من الفئة " ألف "؛ التي تجاوزتها اسرائيل سابقا خلال العملية الكبيرة التي اصطلح على تسميتها "بالسور الواقي"؛ كما أن العملية الاحتلالية الحالية تتجاوز المسؤولية الاقتصادية والأمنية والسياسية للسلطة في المدن؛ وتتنكر لصلاحيات السلطة على غير صعيد؛ وهي في رسائلها تؤكد وتبرهن واقع إعادة احتلال المناطق الفلسطينية؛ اضافة الى واقع اعتبار وانضمام قضية الحواجز عمليا الى قضايا الوضع النهائي؛ وهي الحواجز التي عمليا لم تعد أمنية؛ فقد كشف إزالة حاجزي "البادان" وحاجز "السبعة عشر" هذا الادعاء؛ مع الابقاء على بقية الحواجز المحيطة بالمدينة طبيعتها السياسية.

في ظل واقع المدينة وريفها؛ فإن المواطن في نابلس؛ والذي فقد ثقته بامكانية احياء دور المدينة الاقتصادي؛ في ضوء استمرار الحواجز واستمرار تدمير المدمر؛ يتساءل عن جدوى وقيمة الدعوة الى مؤتمر استثماري مصغر في نابلس؛ ويتساءل عن موقع ومكانة نابلس في الوطن الفلسطيني؛ وان كان لا يزال هو ومدينته جزءا من الوطن وخريطته.
العملية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين في غير مكان؛ وأبرزها ورأس حربتها في نابلس وبلعين ونعلين؛ بحاجة الة موقف سياسي كبير على المستوى الوطني؛ موقف يولد تأثير ووقعا هاما على الصعيد المحلي يستعيد ثقة المواطن بقيادته؛ ويحدث الأثر على الصعيد السياسي؛ ويحرك ويستدرج ردود الفعل الدولية لترتقي الى مستوى الحدث الخطير.
وبذات الدرجة من الأهمية؛ مطلوب أن يتكامل الجهد الشعبي والرسمي في مقاومة المخططات الإحتلالية؛ لتنجح دعوة قوى ومؤسسات نابلس الى كسر قرار الجيش بإغلاق المجمع التجاري وحمايته، فالدعوة التي وجهت الى الاضراب التجاري في اليوم الثاني لم تلاق أذنا صاغية من المواطنين والتجار؛ فبعض الأشكال الاحتجاجية قد عفا عليها الزمان وشرب؛ وهي من وجهة نظر المواطنين قد أصبحت بوجههم والتضييق عليهم وليست بوجه الاحتلال؛ وكان بديل أهل البلد العملي والتضامني والاسنادي؛ بالتوجه بكثافة الى المجمع والتسوق منه.
لقد لا قت زيارة رئيس الوزراء ذات المغزى الى نابلس بعد نعلين التقدير والاهتمام؛ وجاء اللقاء في المول؛ وزيارته الى مقر البلدية؛ تعبيرا عن "كاريزما" يتحلى بها د. سلام فياض؛ وهو الذي يجسد مواقفه عمليا على الأرض؛ ويحولها الى سياسة تدب على الأرض وتشتبك مع سياسة الاحتلال؛ معطيا نموذجا مغادرا للشعار الصنمي.
وجَه رئيس الوزراء الدعوة الى التجار في المجمع الى رفض وعدم التعامل مع القرار الاسرائيلي؛ واعتبره تدخلا باطلا لعدم قانونيته ومشروعيته بموجب الصلاحيات والاتفاقات؛ وبأن الاعتداء على نابلس مقصود به الاعتداء على النموذج الذي يزعجهم بسبب نجاحه في فرض النظام والأمن؛ لكن الدعوة بحاجة الى اسنادها بتكثيف الحضور الرسمي والشعبي في بداية كسر القرار؛ مع الجهد السياسي والاعلامي المطلوب لتغطية الحدث؛ وتوضيح الموقف الفلسطيني للرأي العام العالمي المقرر في الشأن الفلسطيني؛ وتحديدا في ضوء اعلان السلطة إعادة دراسة موقفها من المفاوضات؛ انطلاقا من استمرار وتصعيد السياسة العدوانية الاسرائيلية؛ التي أعلن رئيس الوزراء تصاعدها بواقع خمسون بالمئة في الشهر الماضي.
ليس معقولا أن يُسكت عن تحويل المجمع التجاري الى مستوطنة نوعية جديدة؛ أو جدارا فاصلا في قلب المدينة؛ ويا حبذا لو يكون رئيس الوزراء بيننا؛ إضافة الى دعوة القناصل والفراء؛ وان يحشد لها المتضامنون الدوليون؛ فالمواجهة اليوم رأس حربتها في نابلس؛ كمعركة تشكل عنوانا لمعركتنا الوطنية؛ ولتشكل نابلس نموذجها المقاوم؛ كما شكلته بلعين ونعلين؛ ولنذهب الى كسر القرار؛ معا يدا واحدة تقاوم المخرز.. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل