الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حينما يعود الشهداء ....
يونس العموري
2008 / 7 / 22القضية الفلسطينية
وانتصرت ارادة الشهداء ... فالموتى يعودون الى حضن الارض بأسماءهم ... وأنتزعت الأرقام عن وجوههم ... وصار لهم عناوين واماكن لمن يعبر الأرض السمراء ... كانوا الشهداء الأسرى ... خطوا بأقدامهم دروب سهول الأرض العطشى للأحمر القاني ... وسطروا ملاحم الأقاصيص والحكايا ... فلابد من ان يكون لهم العرس الأكبر حينما نُزعت الأرقام عن صدورهم ....قبل الأسر لم تكن أسماؤهم معروفة، ولا جنسياتهم ولا وجوههم ولا أصواتهم ولا كلماتهم. كانوا أشباحا، اخترقوا عتم الليالي الحالكة، يوم يهل الهلال الأول. اتبعوا دروبا شائكة في البر والبحر والجبال، واختاروا المعركة وجها لوجه، مع عدوهم.. حتى وقعوا شهداء وأصبحوا الشهداء الأسرى أو الأسرى الشهداء وما بدلوا تبديلا.
بعد أسر جثمانهيم ورفاتهم، انكشفت أسماؤهم. صاروا رموزا وأعلاما ومفخرة لأوطانهم وشعوبهم. أما وجوههم وأصواتهم وكلماتهم فقد أضحت حكايات وشعارات وصورا... عبر الدروب نفسها عادوا.. من فلسطين الى لبنان هذه المرة وليس العكس. أطلوا في عز اكتمال البدر التموزي... من أزمنة مقاومة مختلفة ذهبوا. انتظروا طويلا، حتى جاءهم زمن مقاوم، استثنائي، جديد، نوعي، استعادهم جميعا، حتى صار يحق لمن مر فيه أن يجاهر بالانتماء إليه... أن يرفع رأسه بمقاومته ....
فقد عاد الأبطال من غياهب وطلاسم مقابر الأرقام، وكانت عودتهم فلسفة لفعل العودة الجميل، تتقدمهم أميرة الشهداء وسيدة سيدات العرب دلال العزة والفخار (دلال المغربي) ... كان عبورهم الى هذا الشمال بهدف قول كلمة يحفظها التاريخ .. وكان لمكوثهم ببطن الأرض الحبلى بشقائق النعمان كأرقام بهدف تعرية تاريخ اغتصاب فراشات زهر البرتقال، وبعودتهم جنوبا تدوينا لرواية تارخ عشاق الحياة، فموتانا يحضرون عند كل ابتسامة طفل يمارس لهوه في حواري مدينة الاسوار ويأتون عند كل صبح مع قطرات الندى ...
هذه الحكاية من اولها ... وهذه قصة من عبروا يوما .. فقد حلموا بليلة بحضن الجبل المنتصب شموخا على شاطىء حيفا وبمعمودية بمياه شواطىء يافا، وكانوا ان سمعوا نداء حفيف اوراق اشجار الصنوبر، ونعيق اصوات غربان ليل غريبة عن المكان وطارئة بتاريخ الزمان، فمنهم من ركب البحر وناجي القمر وشهد الموج على ملحمة سطرتها أكفهم بعتمة ليل اضاءته انتصارات الحب المتشكل بين ضلوعهم على قسوة من عاثوا بالأرض فساد، وكانت ان احتضنتهم ارضهم ورحبت بمن يأتون مهللين مكبرين مبتسمين فقد كانوا هنا حيث وقف المسيح يوما مناجيا رب عرش السموات والارض ليشهدوا انبلاج حقيقة اشياءهم كما البتول مريم حينما أتها عيسى المخلص نصير فقراء كل الأزمان .... جاؤوا ليرتلوا تعويذة جداتهم المعلقة بأفئدتهم منذ عرفوا ان ثمة وطن مسيج بالغار والياسمين وتنبت فيه ارواح الأنبياء المتجولة ما بين قدس الأقداس وناصرة البشارة، مأسورا بثنايا خرفات تاريخ قتلة الحلم، ومغتالي عصافير البراري كونها تشدو الصبح زقزقة عند أضرحة الشهداء ....
أتوا عابرين ملوحين بقبضات اياديهم، وساروا بدروب منابت الزعتر والميرامية وبكل خطوة بمسيرتهم تنهيدة وأمل بأن تتوالي خطوات العبور والتجوال ... فهم الأن على أرض الله التي تسمى فلسطين ... وكنعان حفر اسمها على صخور تأبى ان تلين ... جاءوا من كل المدائن ... وحطوا ترحالهم ببراريها ومارسوا عشقهم لأول مرة تحت الشمس وقالوا كلمة من كلمات الرب بحضرتها وامسكوا بشيء من حقيقتهم وعرفوا معنى ان تتوحد روحك بقلبك وبما تؤمن به ايمانا مطلقا فكانت بالتالي الحكاية ...
من كل الأجناس كانوا عربا وعجما اتجهوا صوب شمس تلال الجليل، وعزفوا سميفونية الخلود، حينما عبروا الأرض البكر أقشعرت ابدانهم وأدركوا سر ابتسامة الشهداء، فركعوا وصلوا ورتلوا من مزامير كنعان، وبكوا وضحكوا وخاضوا معركتهم وحملوا أماناتهم وترجلت ارواحهم نحو السماء، مارسوا عشقهم فعشقتهم الأرض الطيبة وابتلعتهم ببطنها، واعداء النهار جاؤوا بهم وفتشوا بثناياهم ورسموا شارات حقدهم على محياهم، وزرعوا لهم ارقاما فنبتت اشجار الزيتون وتألقت اخضرارا ... وظلت شاهدة على من عبروا ...
هي قصص وروايات لأزمان كان فيها اكتمال لمعنى ان تكون عاشقا مقاوما، تجوب الأرض وتستجدي فعل العبور، وتنتظر حتى تأتيك البشارة وتتهيء ليوم الولوج عبر الدروب والمتعرجات لتصعد الجبل الشامخ هناك وتنحدر نحو السهل المخضب بدماء الأولين، لتستشعر تاريخهم وتعلم حينها معنى ان تقاوم وتقاتل على أرض فلسطين ....
انتظروا كثيرا، وظلوا بلا اسماء، فمنهم من قضى ببزته وبندقيته السمراء، ومنهم من ينتظر لحظة اعلان حقائقهم، حتى جاءهم معمما بعمامة سوداء أقسم باننا قوم لا نترك شهداءنا وأسرانا هناك بلا عناوين ولا اسماء، فكان الفرح وكان الدمع وكان القسم بعودة الابناء، عودة مظفرة مكللة بتاريخ الشهداء .... عاد العائدون ... دلال ببزتها وعزتها ونجما بالسماء سُمي بأسمها ... وعزمي الصغير بعناده على الموت بحضرة الزيتون والتين ... ومعروف الجبل وبلال الآوسط وتونسي عبر البحر وحط باقدامه عند متوسط البحر كقادم من جبال الزيت الى زيتونة برية قد تكون شتلتها الأولى من هناك ..... كانت عودة تستحق القسم وكان لبيروت نهارا اخر مع عودة الأحباء .... ولكن هنا العائدون من مقبرة الأرقام كانوا يستحقون تكريما أفضل.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا