الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أي قانون للأسرة الفلسطينية نريد؟
ريما كتانة نزال
2008 / 7 / 24حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تتغير القوانين عادة لدى حدوث تغيير ما على النظام السياسي؛ ويقع التغيير كذلك في حال أصبح القانون فيه لا يناسب الواقع المعاش؛ وفي الواقع الفلسطيني فالتغيير قائم ومطلوب لكلا السببين على صعيد قانون الأحوال الشخصية.
فبعد عشر سنوات على انتخاب المجلس التشريعي الأول؛ وأكثر من عامين على انتخاب المجلس التشريعي الثاني؛ لا زال فراغ قانون للأحوال الشخصية الفلسطيني شاغرا؛ ولا زال الواقع يشير الى انطباق أكثر من قانون للأحوال الشخصية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة وغزة.
وبتمرير مسودة جديدة للقانون المشار إليه أعلاه؛ من قاضي قضاة المحاكم الشرعية؛ يثار النقاش مجددا حول القانون الجديد؛ وحول القانون الذي يريده المجتمع الفلسطيني؛ ولطالما أثيرت النقاشات الساخنة في المجتمع لدى الاقتراب من وضع قانون جديد؛ أو في حال الاقتراب من إثارة النقاش حول بعض مقتضياته؛ ولنا في تجربة مشروع البرلمان الصوري؛ نموذجا عن الاحتدام الذي من الممكن ان يحصل لدى نقاش القانون؛ والإهتمام طبيعي بالقوانين المتعلقة بالأسرة؛ لكونها تنظم العلاقة بين أفرادها.
وفي كل الأحوال؛ ولدى صدور قانون جديد من عيار قانون الأسرة؛ يفترض أفراد المجتمع أن يعبر القانون الجديد حين صدوره عن ارادة المجتمع وتطلعاته؛ وأن يكون انعكاسا للمبادئ المقرة في المرجعيات الفلسطينية؛ التي تشكل مبادئها مرجعية للقوانين الفرعية؛ وفي مقدمتها مبدأ المساواة بين المواطنين.
ومن يطلع على مسودة قانون الأحوال الشخصية محط الجدل؛ وعلى الرغم من التطويرات الهامة التي تضمنها؛ وهي المتعلقة برفع سن الزواج؛ وحظر تزويج الصغار؛ ووجوب الفحص الطبي قبل الزواج؛ ورفع سن الحضانة؛ وتطويرات ذات علاقة بالطلاق ومنها الزام الزوج بابلاغ الزوجة السابقة والتالية بنيته الزواج؛ وتعويض الطلاق التعسفي، على الرغم من هذه التطويرات؛ إلا ان القانون لا يزال يمارس موقفا مميٍٍِزا ضد المرأة؛ ولا زال مقصرا في تلبية مطالب الحركة النسائية في القانون المنشود؛ وهي التطويرات التي طالبت بها من موقع التخصص والمعرفة، وانطلاقا من المشكلات القانونية التي واجهتها النساء في المحاكم والتي اصطدمت بالقصور القانوني.
فعلى العكس من المبادئ الثابتة في المرجعيات الفلسطينية المقرة والمجمع عليها؛ سواء في وثيقة الاستقلال أو في القانون الأساسي، وكلا المرجعيتين اعتبرتا بأن الفلسطينيين سواء لا تمييز بينهم؛ بينما مارست المسودة المشار اليها التمييز بين المرأة والرجل؛ سواء في تعريف الزواج أو في الولاية؛ حيث تشترط المسودة موافقة ولي الأمر بالنسبة لزواج الفتاة؛ ولا تشترط المسودة استنادا لمبدأ المساواة التي نص عليها القانون الأساسي؛ موافقة ولي أمر الشاب حين زواجه.
كما أن التمييز يطل برأسه في أكثر من بند من بنود المسودة؛ كالبنود الواردة في شروط صحة عقد الزواج؛ والمتعلقة بالشهادة على عقود الزواج التي تميز بين شهادة الرجل والمرأة على عقود الزواج؛ مما يدفعني الى التساؤل عن التناقض والمفارقة الصارخة؛ في حصول المرأة على الثقة وتعيينها في مناصب حكومية رفيعة؛ كوزيرة ووكيلة وزارة وسفيرة وقاضية ومديرة عامة؛ بكل الاستحقاقات والمترتبات الناجمة عن توليها لتلك المناصب المهمة، في الوقت الذي لا تستطيع الشهادة على قدم المساواة على عقد زواج ابنتها على سبيل المثال، وكذلك مفارقة حصول المرأة على عضوية المجلس التشريعي وعضوية المجالس البلدية بالانتخاب؛ ووصولها إلى قيادة الأحزاب والمؤسسات المدنية؛ في الوقت التي تبقى شهادتها مشروخة؛ وسعرها بنصف سعر شهادة الرجل...!
بمعزل عن مسودة قانون الاحوال الشخصية الأخيرة؛ فهي لن تخرج في إطارها العام عن المسودات السابقة على الرغم من التطويرات التي أشرت اليها؛ لكنها لا زالت عاجزة عن تلبية الاحتياجات؛ ولا تعالج المشكلات التي اختبرتها النساء بالواقع؛ ولا زالت تعالج وضع الأسرة وأدوارها كما كانت منذ أجيال خلت؛ ولا تأخذ بالحسبان التغيرات على الأدوار التي تقوم بها المرأة في الواقع الجديد؛ فالنظام الأسري في نصوص المسودة؛ يختلف عن نموذج النظام الأسري في الواقع، حيث بات لدينا أنواع متعددة من الأسر؛ فلدينا الأسرة الأبوية التي يعيلها الرجل؛ والأسرة الأموية التي تعيلها المرأة؛ والأسرة التي يشترك بإعالتها الرجل والمرأة معا.
مطلوب من الجميع؛ بكل التنوع الفكري والاجتماعي الذي نفتخر بامتلاكه؛ أن نفتح النقاش حول القانون الذي نريد؛ وتوفير الأجواء الطبيعية اللازمة للحفاظ على ديمقراطية النقاش ومهنيته؛ بعيدا عن التهم المسبقة الصنع والمفبركة والمسيسة؛ وضمان حرية الرأي والتعبير للجميع؛ وعدم السماح بممارسة الارهاب الفكري من أحد على أحد؛ من موقع احتكار النقاش واقتصاره على أصحاب الاختصاص بالمفهوم النمطي القديم؛ لأن مفهوم أصحاب الاختصاص قد توسع ليشمل فئات جديدة ذات اختصاص أيضا؛ من الخبراء في القانون وعلم الاجتماع؛ وكذلك المرشدين الاجتماعيين والنفسيين والباحثين؛ ومن المؤسسات الحقوقية والنسوية صاحبة الاختصاص.
مع قانون الأسرة؛ الذي تتسع الفئات الاجتماعية المهتمة لصدوره؛ وهذه أحد خصوصيات هذا القانون ومصدرا لفرادته؛ يصبح مطلوبا من الحريصين على الأسرة الفلسطينية واستقرارها؛ فتح الجدل على القانون الذي نريد؛ انطلاقا من الواقع الى النص؛ ليكون القانون ذو صلة بمستجدات الواقع المعاش؛ ومضمون استقراره لفترة زمنية قادمة؛ تدل مؤشراتها بأنها ذات سمات متغيرة ومتطورة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي؛ فالقوانين لا تعدل سنويا.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمثال إيميلين بانكهراست
.. أول امرأة تترأس مجلس إدارة المركز الإعلامي بأول وأقدم جامعة
.. إحدى النازحات آمنة محمد
.. النازحة م م
.. -ننتظر سن قانون لمكافحة العنف ضد النساء والحركة النسوية متعث