الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمويل الاصغر مرة أخري...!!!

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2008 / 7 / 25
الادارة و الاقتصاد


تتصاعد الاهمية وتتجد فيما يتعلق بضرورة التمويل الاصغر أو التمويل المتناهي الصغر، وبالرغم من الزخم الاعلامي في هذا الموضوع، إلا اننا مطالبين بإعداد استراتيجية قومية للتمويل المتناهي الصغر تستهدف الوصول إلى إجماع على عمليات الإصلاح التي من شأنها المساعدة على إدماج التمويل المتناهي الصغر في القطاع المالي الرسمي، وتشجيع قيام التعاونيات التمويلية والاقراضية لضمان حصول الفقراء على تمويل مستديم . ولهذا الغرض من الافضل أن يبحث هذا الامر في إطار حلقات نقاشية حول موائد مستديرة يشارك فيها كل الأطراف المعنية بالتمويل الاصغر، خاصة التعاونيات ومنظمات المجتمع المدني تقوم بمناقشة المشاكل التي تواجه القطاع وعرض الحلول الممكنة . وفي إطار هذه المجهودات يجب التركيز علي إمكانية توفيرمنتجات وخدمات جديدة في مجال التمويل متناهي الصغر.

وبصفة عامة فإن توفير منتجات وخدمات التمويل متناهي الصغر في السودان يقتصر على تصنيفات تقليدية عديدة فيما يتعلق بالإقراض متناهي الصغر . وتظل هناك أسواق لم تفتح بعد أمام مجالات عديدة، خاصة في المجال الزراعي: مثل الادخار والتأمين ومنتجات ائتمانية بديلة مثل التأجير والإقراض الزراعي، والائتمان الزراعي. كما أدت قيود عديدة إلى اعتراض سبيل التطور الناجح وإعاقة عملية تقديم هذه الخدمات، والتي تشمل القيود القانونية على إنشاء وتقديم الخدمات ونقص الوعي من جانب عالم الأعمال فيما يتعلق بإمكانية الربحية في سوق التمويل المتناهي الصغر، وذلك بالإضافة إلى ممارسات راسخة تمارسها مؤسسات التمويل والتي لا تلاءم خدمة العملاء من أصحاب المشروعات متناهية الصغر، ويظهر هذا الخلل بصورة واضحة في القطاع الزراعي الذي يواجه فيه المزارعين تعسفا وظلما وقهرا، شرد الكثيرين منهم وحولهم الي عاطلين عن العمل بسبب تكاثر الديون مقبل البنوك وسياساتها الغير راشدة. لا بد لنا إن كنا جادين في خلق نموزج فاعل للتمويل الاصغر من العمل علي تقييم التجارب السودانية في مجالات التمويل المتخصص والبحث في إمكانية تطوير وتقديم نطاقا أوسع من الخدمات في مجال التمويل متناهي الصغر مع تحديد القيود التي تعوق مثل هذا التطور وبصفة خاصة في مجالات القروض المتنوعة والادخار.

ويجب علينا الاجابة علي كثير من الاسئلة الملحة مثل: ما هي خدمات التمويل متناهي الصغر المتاحة حاليًا، وما صلتها بنطاق خدمات التمويل متناهي الصغر المتاحة في دول ذات مناخ مقارن بالسودان؟ وما هي المعوقات الرئيسية التي تعترض النمو الناجح لأسواق الخدمات التمويلية متناهية الصغر وكيف يمكن التغلب عليها ؟ وكيف يمكن تيسير عملية تحديد وتطوير منتجات واعدة وجديدة للتمويل متناهي الصغر؟ ما هي الأدوار التي يجب على الأطراف المعنية أن تقوم بها لتحقيق النجاح الأمثل والوصول بهذه المنتجات والخدمات إلى العملاء؟ وما هي الإجراءات ذات الأولوية التي يجب اتخاذها لتمكين مؤسسات التمويل متناهي الصغر من تطوير وتوفير هذه الخدمات ؟

إن استكشاف ودر اسة نطاق منتجات وخدمات التمويل متناهي الصغر المتاحة حاليًا في السودان، مع مقارنة الموقف في السودان بأمثلة دولية لأسواق متنوعة للتمويل متناهي الصغر، ضرورة ملحة وواجب تفرضه الظروف، وإلا فإننا سوف نعيد ونجتر تجاربنا الفاشلة، وأكبر دليل علي ذلك قيام "بنك الاسرة" بالكيفية والصورة الحالية، التي يعبر عنها المبني الذي يضم مقر البنك، وهو عنوان لبنك تجاري لا علاقة له بالبنوك المتخصصة التي تخدم الفقراء والمحتاجين. إننا مطالبون بتحليل كل التحديات السائدة في بلادنا والتي تعوق تطوير نطاق أكثر تنوعا لمنتجات التمويل المتناهي الصغر، والتي تخدم المحتاجين من ذوي الدخل المحدود .ولابد لنا في هذا من اتباع أسلوب أكثر توجها نحو احتياجات السوق فيما يتعلق بتطوير وإدخال خدمات متنوعة للتمويل متناهي الصغر وذلك على أساس من احتياجات وطلبات العملاء المستهدفين، ثم عرض لمزايا مثل هذا الأسلوب بالنسبة لمقدمي هذه الخدمات من القطاع الخاص والعام .
الوضع الحالي يتطلب إعادة النظر في الأدوار والاستراتيجيات الممكنة بالنسبة للأطراف المعنية الرئيسية وذلك لخلق سوق نشط للتمويل متناهي الصغر في بلادنا لنطاق أكبر من عملاء التمويل متناهي الصغر من المستهلكين وأصحاب المشروعات متناهية الصغر.

تاريخيا كانت بنوك القطاع العام تنشط في العمل في مجال توفير القروض للمشروعات الصغيرة، بالاضافة الي البنوك المتخصصة مثل البنك الزراعي وبنك الشعب التعاوني، وما زالت البنوك التجارية الخاصة غائبة عن ساحة توفير التمويل للقطاعات المنتجة والمحتاجة، في القطاعات الانتاجية والزراعية والحرفية، والتي تتطلب تمويلا ميسرا وبشروط تتوافق مع حالة طالبي الخدمات التمويلية والاقراضية. ولكن كانت وما زالت البنوك التجارية الخاصة، وحتي المتخصصة تميل إلى النظر إلي هذا النوع من التمويل إما باعتبار أنه ينم عن مخاطر كبيرة أو أنه وظيفة تنموية يجب أن تترك للجمعيات الأهلية ولبنوك القطاع العام . وهذا المفهوم يأتي نتيجة لحقيقة مفادها أن معظم مبادرات التمويل متناهي الصغر في السودان وتحديدًا تمويل رأس المال العامل ، جاءت بتشجيع من برامج الجهات المانحة والتي استهدفت مساعدة المشروعات متناهية الصغر القائمة على الوفاء باحتياجاتها، أي أن الاهتمام بالتمويل الاصغر جاء في الاصل تلبية لاقتراحات وضغوط خارجية ولم ينبع في الاصل من الداخل وبتصور سوداني خالص وواضح. وهذه آفة كبيرة في طريقة تعاملتا مع القضايا الهامة والملحة، وذلك بالتفكير في كيفية معاجة هذه القضايا بعيدا عن واقع المستفيدين منها أصلا، وبقرارات فوقية متعجلة، يصاحبها الفشل عند إستضدامها بالواقع. وحتي تلك المبادرات الدولية الخاصة بتمويل معظم أنشطة التمويل المختلفة ومنها التمويل متناهي الصغر في السودان لم يكتب لها النجاح الكافي، ومن أهم ذلك تغييب وإهمال الفئات المستهدفة والتي من أجلها صصم هذا النوع من التمويل والذي تحدد أهدافه وغايته في الورق، ولكن لايجد الفرصة في غالب الاحوال، في التطبيق في الواقع.

علي الرغم من وجود عشرات البنوك المتخصصة والتي تمتلئ صفحات الصحف السيارة، وأماكن الاعلانات المختلفة بتلك الاعلانات التي تعكس سياسات ورغبة تلك البنوك في دعم صغار المنتجين من المزارعين، والحرفيين، والعمال، والمرأة، ... الخ، إلا أن الواقع يكذب ذلك. فلقد أنضمت هذه البنوك المتخصصة الي البنوك التجارية التي أصبح لا هم لنا إلا الدخول في مشاريع تجارية مضمونة الربح، حتي لو كان نتيجتها زج الآلاف من المواطنين في غياهب السجون. وفي الواقع فلا يكاد هناك فرق يذكر بين البنوك التجارية والبنوك المتخصصة, فكلها كالتاجر الجشع الذي يسعي لتعظيم ارباحه حتيولو علي حساب العملاء، وتركت هذه البنوك عملها الاساسي في تنظيم حركة تداول وتبادل المال بين العملاء، من خلال عمليا الاقراض والتمويل والتسليف، الي غيره من العمليات الخري، وأصبحت عبارة عن تاجر شيل ومرابي كبير، بالرغم من أنها تعمل تحت سقف الشريعة الاسلامية الغراء.
إن قيام قطاع البنوك الرسمية بعمليات الإقراض في دول العالم المختلفة، يتم بتوفير خدمات مالية إلى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال برامج إقراض تقوم بتنفيذها التعاونيات الجمعيات الأهلية التي تمولها جهات مانحة محلية أو دولية . ويحكم أنشطة الجمعيات الأهلية - بما فيها أنشطة الخدمات المالية، قوانين واضحة تنحاز الي جانب هذه الفئات الضعيفة وتحميها من تغول وجشع الجهات التي يمكن ان تستغل حاجتهم واحتياجهم لهذا النوع من التمويل، وهذا يتطلب أن تعمل هذه الجمعيات كجمعيات أو مؤسسات أو اتحادات غير هادفة للربح .إن الإقراض هو الخدمة السائدة التي تقدمها الجمعيات الأهلية للمشروعات متناهية الصغر . ومازالت منهجية الإقراض الفردي هي الأسلوب الغالب في السودان سواء فيما يتعلق بنسبته المئوية لإجمالي عدد القروض متناهية الصغر أو حصته من البرامج التي تتم بالمنهجية المذكورة، وفي هذا خطر علي المستهدفين من التمويل والافضل أن يكونوا منظمين في تعاونيات او جعيات مجتمع مدني لضمان حقوقهم..












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال


.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة




.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام


.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با




.. كلمة أخيرة - 60 طن ذهب..رئيس-أيفولف-: مصر الأولى عربيا والثا