الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمرهم غريب

الفرد عصفور

2008 / 7 / 26
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


هل كانت مصادفة ان يتم اعتقال سفاح البوسنة رادوفان كاراديتش في الاسبوع نفسه الذي اثيرت فيه قضية الرئيس السوداني؟
لا يهم.
ما يهم هو ان المجتمعات الديمقراطية في الغرب رحبت وهللت بهذا الاعتقال واعتبرته تحقيقا للعدالة بينما امتنعت المجتمعات التي تحيا في ظل انظمة ديكتاتورية وشمولية ومحيط متخلف عن ذلك.

لم نسمع اي ترحيب من اي جهة عربية بهذا الاعتقال الذي انتظره العالم اثني عشر عاما. مع ان هذه الجهات العربية كانت الاعلى صوتا عندما كان رادفوان يستبيح البوسنة ويمارس ارهابه فيها بحق السكان من غير الصرب وخصوصا منهم المسلمون.

تبارى الجميع بالتنديد بما اقترفه رادوفان في البوسنة في ذلك الحين، لكنهم صمتوا كالاموات عندما تمكنت منه العدالة. فاحجمت المنظمات والجمعيات والنقابات والاتحادات التي ترفع لواء الدفاع عن حقوق الانسان عن الترحيب بهذا الاعتقال او تاييده لكنها انبرت في الوقت نفسه للدفاع عن زعيم اخر تسعى اليه العدالة الدولية وتتهمه بارتكاب جرائم قد تفوق في حجمها ونوعها ما اقترفته عصابات رادوفان في البلقان.

اليس الأمر غريبا؟ وغريبا جدا؟

لقد نوه المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية الذي طالب بتوقيف الرئيس السوداني بان العرب يكيلون بمكيالين عندما يكون الأمر يخصهم. مع ان العرب هم الذين عانوا اكثر من غيرهم مما يسمونه الكيل بكيالين من جانب الغرب.

لقد وقفت المنظمات العربية والنقابات والاتحادات وتبارت وتنافست في تدبيج بيانات التاييد للرئيس السوداني وكذلك التنديد بالمحكمة الدولية. وعملا بمبدأ ان الجميع احرار فيما يتخذون من مواقف وما يتبنون من سياسات فلا حرج في ذلك.

ولكن... مواقف هؤلاء قد تكون مفهومة ومنطقية ومبررة لو انهم كانوا قد رفعوا صوتهم دفاعا عن ضحايا من تتهمه المحكمة الدولية بانه مسؤول عن تلك الممارسات التي وجهت التهم له على اساسيها.

قضية دارفور برزت منذ بضع سنوات واثارتها منظمات انسانية وحقوقية اوروبية وعالمية. لكن المنظمات العربية والاتحادات والنقابات كانت غائبة في سبات عميق اكلها غول الصمت واعمت عينيها غشاوة العتمة.

منذ ان برزت مشكلة دارفور عام الفين وثلاثة تحرك العالم باستثناء الاتحادات والنقابات والمنظمات العربية. لماذا؟ هل نحن مغرمين بالطغيان؟ هل الطغيان جزء من مكوناتنا الجينية لا يمكن التخلص منه؟ يسارع محامونا للدفاع عن الطغاة ويدافع كثير من الصحفيين عن هؤلاء ولكن عندما يتعلق الأمر بشعب مسكين مغلوب على امره مثل شعب دارفور او كردستان او الباسك او عربستان يتملكنا الصمت.

لقد دافع كثيرون عن تدخل أميركا وحلف الاطلسي واوروبا ضد الصرب لنصرة شعب البوسنة وتحريره من طغيان سلوبودان ورادوفان. ومن دافع عن أميركا في تلك الحرب يجب ان لا يصمت عندما يجري تدخل مشابه في مكان اخر.

طوال تاريخ الازمة في دارفور لم نسمع من هذه المنظمات العربية والاتحادات والنقابات كلمة واحدة تندد او تشجب او تستنكر ماتقوم به ميلشيات الجنجويد المدعومة من الحكومة السودانية والرئيس البشير مباشرة. ولذلك فمن لم يدافع عن الضحية من باب الانسانية على الاقل، فليس يحق له ان يبرر ما فعله الجلاد او يدافع عنه. وبالطبع ما فعله الجلاد لا يمكن تبريره ولا باي حال من الاحوال.

اين منظماتنا واتحاداتنا ونقاباتنا مما جرى في سجن صيدنايا مثلا؟ او ما جرى في القامشلي؟ او ما جرى في حلبجة قبل عشرين عاما؟ او ما يجري للعرب في ايران؟ ماذا عن حقوق الاكراد؟ ماذا عن ما يجري للاقليات في العراق وغيرها؟ ماذا عن العرب في سجون العرب؟ الا يستحقون صفقة تبادل؟

يكفي الكيل بمكيالين. يكفي تغميض العينين عما يجري في البلاد العربية من مظالم وخروقات لحقوق الانسان. مهمة النقابات والجمعيات والاتحادات ليست تقديم الدعم للطغاة بل دعم الشعوب والعمل على رفع المعاناة والظلم عنها ومساعدتها في نيل حقوقها وتحقيق اهدافعها الوطنية.

من يدعم حق شعب في تحقيق اهدافه القومية وتحرير ارضه وقيام دولته عليه ان يدعم بقية الشعوب. فلكل الشعوب الحق نفسه في الحرية والاستقلال وتحقيق الاماني القومية.

وويل للمطففين ......










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف