الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمصلحة مَن يتسترون على حجم الأصابات السرطانية في العراق ؟!!( 3- 3)

كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)

2008 / 8 / 10
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


في جنوب العراق

محنة المحافظات الجنوبية الناجمة عن إنتشار أمراض السرطان عقب حرب الخليج الثانية لم تحض بالأهتمام المطلوب من المسؤولين،بالرغم من التحذيرات العلمية الأجنبية والعراقية العديدة، رغم أن المحنة مست وتمس حياة اَلاف العوائل هناك،وتهدد الحياة هناك.
فقبل عقد من الزمن، دعا العالمان هاري شارما(كندي) وروك دوكه(أمريكي) بوجوب منع أسلحة اليورانيوم المنضب، لأن إستخدامها جريمة ضد الأنسانية.وأثبتا أنها ملوثة للبيئة، وتسبب المعاناة للمدنيين.أعلنا ذلك أمام مجلس العموم البريطاني.وكررا ذلك أمام برلمانات أوربية أخرى.وأنتقدا البنتاغون ووزارة الدفاع البريطانية لنفيهما لأخطار اليورانيوم المنضب البيئية والصحية.
وكان البروفيسور شارما قد درس عينات بول من عدد من قدامى محاربي الخليج،ومن مدنيين عراقيين، ورأى بان خطر الاصابة بالسرطان وسطهم هو اعلى بكثير من النسب المتعارف عليها. وتوقع، بالإستناد الى نتائج الإحتبارات، ان يموت بالسرطان ما بين 5 ٪ و 12 ٪ من الذين تعرضوا لتلك الأسلحة. موضحاً: قد يستغرق ذلك 20 عاما،أو أقل،وقد تصبح نسبة المتوفين اكبر او اصغر. ولكن، في كل الأحوال، ثمة خطر واضح وكبير. وفيما يتعلق بالبصرة كشف شارما بأن (100) ألف مواطن في البصرة وحدها أصيبوا بالسرطان بين عامي 1991 و1998، وأن (75%) منهم أطفال، وسجلت حالات من الإسقاط والاعتلال العصبي والتشوهات الجنينية أكثر بكثير مما كان معتادا.

وفعلاً، لاحظت الطواقم الطبية العاملة في جنوب العراق إنتشار حالات السرطان بعد الحرب بشكل غير طبيعي لدى سكان البصرة والمناطق المحيطة.وتبين لها أن الحالات السرطانية صعبة العلاج،حيث لا يستجيب المرضى للعلاج الكيميائي.
وكشفت متابعة الدكتور جواد العلي- مدير مركز أبحاث السرطان في جنوب العراق- لمرضى السرطان وأسرهم،العديد من الظواهر الغريبة، ومنها: إصابة أكثر من طفل في العائلة الواحدة وسط العشرات ممن لا يحمل أفرادها العامل الوراثي، وإنما تقطن في مناطق قصفت بأسلحة اليورانيوم عام 1991. وإصابة مرضى بأكثر من حالة سرطانية ( 2 و3 وحتى 4) في وقت واحد. وهذا ما لم يلاحظ ، بل وغير معروف طبياً من قبل.
وأكد الدكتور قاسم فالح- من معهد ومستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد- ان اكثر من ثلثي مجموع المصابين بالسرطان في العراق هم من المناطق المحيطة بالبصرة، والمحاذية للكويت.وقد تضاعفت الاصابات السرطانية بعد الحرب مباشرة. وقد ظهرت حالات غريبة لم تكن معروفة قبل عام 1990، مثل سرطان الثدي لدى الفتيات بعمر دون الاثنى عشر عاماً، ولدى أعداد كبيرة من العوائل في جنوب العراق، وسرطان العظام لدى الاطفال الصغار، وسرطان المجاري البولية لدى المراهقين، والاورام السرطانية في المجاري التنفسية لدى الاطفال الرضع.

الدراسات العلمية تؤكد

أعلنت أ.د. منى الخماس-أستاذة علم الأورام الخبيئة في جامعة بغداد- أمام مؤتمر علمي دولي عُقد في لندن عام 1999 وكرس لأضرار اليورانيوم المنضب، بأن الدراسات التي أجريت للجنود العراقيين المشاركين بميادين الحرب في عام 1991 في البصرة والكويت بينت زيادة كبيرة لحالات السرطان بمختلف أنواعه.وبلغ معدل سرطان الدم وسطهم 13.3 % من مجموع 1425 حالة سرطانية درست.وتبين ثمة علاقة بين السمية الكيميائية لليورانيوم المنضب وحالات السرطان.
وأعطت خماس إحصائيات أخرى،ذات دلالات طبية وعلمية خطيرة،ومنها:
* بلغ معدل حالات السرطان 5.7 في ميسان و4.3 في ذي قار، مقارنة بإجمالي 1.7 في العراق.
* تم تسجيل تغيرات جوهرية في أنواع السرطان:
- ارتفاع عالي في الإصابة باللوكيميا واللمفوما وسرطان العظم، بينما معدل عمر مرضى السرطان هو أقل من السابق، بمعنى تسجيل إصابات في عمر مبكر بشكل مناقض للمعايير الدولية.
- وقوع إصابات ببعض أنواع السرطان التي لم تكن معروفة أو مألوفة في العراق سابقا، مثل سرطانات الدماغ والكبد، التي تم تسجيلها بأعداد متزايدة.
* حصول عدد كبير من التغيرات الفسيولوجية والخلوية في بعض المرضى، وهي إشارة لكونهم قد تعرضوا لمخلفات اليورانيوم المنضب.
* بلغ معدل التشوهات الولادية 3.1 في البصرة، مقارنة بإجمالي 1.8 في العراق.
* سجل أيضاً ارتفاع في الأمراض الوراثية ناتجا من التغيرات الحاصلة في الكروموسومات مثل أمراض العين 2.5 والأطفال المنغوليين 6.6، والتغير في عدد وشكل بعض أعضاء الجسم 1.3، والتقلص في الرأس (أو اختفائه) بضعف الغدد.
* وجد تأخر ملحوظ في النمو العقلي لأطفال سن السادسة بحوالي (14 شهرا) مقارنة بالطبيعي.
وأكدت خماس بإن الحقائق المذكورة أعلاه موثقة جيدا ومقدمة للمنظمات الدولية لتظهر جريمة العصر ضد الشعب العراقي وبيئته.

واظهرت دراسة أخرى حول امراض السرطان في مدينة البصرة ان نسبة امراض السرطان ارتفعت في السنوات الماضية من 11 حالة عام 1988 الى 123 حالة لكل 100 ألف نسمة عام 2002.وبينت الدراسة التي نشرتها وكالة( ايرين) للانباء التابعة للامم المتحدة ان حالات الاصابة بالاورام وسرطان الدم لدى الاطفال تحت سن 15 عاما ارتفعت 3 اضعاف منذ عام 1991 وزادت الاصابات في المناطق التي استخدمت فيها اسلحة اليورانيوم

وفي عام 2004،توصل باحثون وممثلو 4 وزارات،هي:الصحة، البيئة، الصناعة، والعلوم والتكنولوجيا، شاركوا في ندوة علمية مشتركة حول التلوث الإشعاعي ، الى أن تلوث البيئة العراقية بالإشعاع سبب إصابة 5 % من الولادات الحديثة بالتشوهات،و 12 % من سكان البصرة و 14 % من سكان ميسان بامراض السرطان.
ونبه الباحث المهندس الفيزياوي خاجاك فروير وارتانيان- بيئة محافظة البصرة- الى أن السنوات الأربع الأولى منذ سقوط النظام السابق، شهدت ارتفاعا ملحوظا في حالات الإصابة بمرض السرطان الصلب في البصرة، مسجلة 62 حالة، في حين أن هذه النسبة لم تتجاوز الـ 35 حالة لكل 100 ألف نسمة عام 1997.

من الذي يتلاعب بالأرقام؟

أحد " الأخصائيين"، الذين قللوا من شأن التقارير العلمية المؤكدة لإنتشار السرطان في العراق، وإعتبروها "مبالغ فيها"، وزعموا بأن الأصابات السرطانية " طبيعية"،الخ،أعلن قائلاً: " في لغة الارقام فان أرقام الاصابات المسجلة لدى مركز الأورام في المنطقة الجنوبية، والذي مقره البصرة، تشير الى نحو 7795 مصابا لغاية منتصف عام 2008 "..قبل أن نعلق على هذا،دعونا نرجع للدكتور جواد العلي-رئيس قسم الأورام في المستشفى التعليمي،ومدير مركز أبحاث السرطان في البصرة، وعضو مجلس السرطان في العراق،الذي أعلن بأن حالات الإصابة بمرض السرطان في المنطقة الجنوبية بلغت 1885 في عام 2005، وارتفعت في عام 2006 إلى 2302 إصابة، وفي عام 2007 بلغ عدد المصابين بالسرطان 3071.وكل هذا مسجل رسمياً. كما أن السيد محافظ البصرة أعلن في 30/7/2008 عن وجود 1600 مريصاً بالسرطان حالياً.. وهذا يعني بلغة الأرقام ان السنوات الثلاث المنصرمة زائداً النصف الأول من العام الجاري قد سجلت وحدها 8858 مريضاً بالسرطان..وبلغة الأرقام أيضاً، إعترف "الأخصائي" النشمي بان الرقم 7795 " يمثل 40 بالمائة من نسبة المصابين المراجعين، لعدم تسجيل كل الاصابات".وإعترف أيضاً بأن " عدد المراجعين خلال عام 2007 وحده بلغ 12571 مريضاً ".. فمن الصادق،ومن الكاذب ؟ ولماذا يشوهون الحقائق ؟!!

الواقع والأبحاث العلمية تفند تشكيكاتهم

في الندوة الحوارية،التي أقامتها" رابطة أنصار الإنسانية للأمراض السرطانية" عام 2007، وشارك فيها خبراء متخصصون في الأبحاث السرطانية وانتشارها، خاصة في الجنوب،أعلن أ.د.عمران سكر حبيب- أستاذ الوبائيات والرعاية الصحية بكلية الطب جامعة البصرة- ان التقارير العلمية الموثقة تذهب الى ان نسبة 18 % من السكان في جنوب العراق مصابون، أو معرضون للإصابة بأمراض السرطان. وأكد ان الإحصائيات الحالية تشير الى زيادة نسبة الإصابة بالامراض السرطانية في محافظتي البصرة والناصرية والمناطق المحيطة بهما، مشيراً الى ان السبب يعود الى استخدام اليورانيوم المنضب في حرب عام 1991.
وفي اذار/ مارس 2008،أشار حبيب الى أن فريقاً مكوناً من اختصاصيين من كلية الطب ودائرة صحة البصرة وإختصاصيين في التلوث الإشعاعي من بيئة محافظ البصرة تشكل قبل 3 سنوات لغرض رصد مرض السرطان وارتفاع نسبة الإصابة به،وجد بان الإصابات المسجلة بالبصرة هي 70 إصابة لكل 100 ألف مواطن في السنة، وهذا الرقم اقل من الرقم الحقيقي.ومع هذا فان نسبة الإصابة الحالية اكبر من النسب السابقة قبل عشر سنوات بمعيارالإصابات و الوفيات، إذ كانت 40 إصابة لكل 100 ألف إصابة. وقد إرتفع عدد الإصابات من 800 إصابة في عام 1995، الى أكثر من 1600 إصابة في عام 2005 ، بما يدل بأن نسبة الزيادة بلغت 100%، وبضمنها سرطان الدم، وسرطان الثدي، وسرطان الغدد اللمفاوية.
وفي دراسة حديثة للدكتور جواد العلي- قدمها أمام مؤتمر علمي في تركيا،في 27/7/2008، أكدت بان متوسط معدل الأصابة بالسرطان في محافظة البصرة بلغ 74.3 إصابة في عام 2005 (في مدينة البصرة: 78.4، في الزبير: 80.0 ، في شط العرب (التنومة): 76.3، وفي أبي الخصيب: 72.3 ) لكل 100 ألف نسمة. وقد بلغت النسبة في النساء 80 حالة،وفي الرجال 68 لكل مئة الف.
أما ديناميكية أنواع السرطان، فمقارنة مع عام 1995 وجد العلي أن نسبة سرطان الثدي إرتفعت 227.5 في المئة،وسرطان المعدة 133.3 في المئة،وسرطان البلعوم 121.4 في المئة،و سرطان الغدد اللمفاوية 118,2 في المئة، وسرطان المثانة 100 في المئة، وسرطان الرئة والقصبات 95.2 في المئة،وسرطان القولون 88.2 في المئة، وسرطان الجلد 70.9 في المئة، وسرطان الدماغ 55.6 في المئة، وسرطان الدم 39.1 في المئة، في عام 2005.

وفي عام 2006،أجرى فريق بحثي من كلية الطب بجامعة البصرة، بالتعاون مع دائرتي صحة محافظتي ميسان والبصرة دراسة علمية واسعة، كشفت عن وجود 10 انواع من السرطان متوطنة في جنوب العراق، وتحديدا في محافظات ذي قار وميسان والبصرة. وتشكل الانواع السرطانية 75% من مجموع وفيات السرطان بشكل عام. وتشمل: سرطان المثانة (16,4%) وسرطان الرئة (16%) وسرطان الدم (8.6%) وسرطان الثدي (7.6%) وسرطان الغدد اللمفاوية (6,3%) وسرطان الجهاز العصبي (5,1%) وسرطان المعدة (5,1%) وسرطان الحنجرة (4,5%) وسرطان الكبد (4,1%) وسرطان البنكرياس (3,2%). واعتمد الباحثون في معلوماتهم علي مكتب تسجيل الوفيات في المراكز الحضرية في المحافظات التي شملها المسح،مشيرة الي ان نسبة اصابة وموت الذكور بلغت (65,3%) فيما بلغت لدي الاناث (43.7%)، وتوقعت الدراسة زيادة الاصابات عند النساء في السنوات القليلة المقبلة.
الى هذا،أشر سجل السرطان زيادة في عدد ونسب حالات سرطان الدم .فعلى سبيل المثال شكل في محافظة البصرة نسبة 12.9 %، بينما بلغت نسبته في محافظة ميسان 14%.وفي محافظة الناصرية تؤشر سجلات قسم الأورام في مستشفى الناصرية العام حصول زيادة كبيرة في نسبة الأمراض السرطانية،وأصبحت تشكل نحو 25 في المئة من مجموع مرضى المستشفى. وأكثر الأمراض السرطانية إنتشاراً هو سرطان الدم وسرطان الثدي.والملفت للأطباء هناك بان غالبية المريضات هن بعمر 18 و 35 سنة.أما نسبة الأسقاطات والولادات المشوهة فقد بلغت نحو 20 في المئة في اَذار 2007، وهي تحصل لأمهات تتراوح أعمارهن بين 20 و 35 سنة، أي وسط فئة الشابات.
وأكد الدكتور أسامة غالب الاسدي الاختصاصي بالأمراض الباطنية والأورام حصول زيادة في نسبة الإصابة بإمراض الأورام في المنطقة الجنوبية، وخصوصا في محافظة الناصرية، مقارنة بالبصرة والعمارة وذلك بسبب زيادة مخلفات الحروب، والمخلفات التراكمية لها، والضغوط النفسية الهائلة التي يتعرض لها الإنسان، مضافا اليها عوامل عديدة أخرى.

تزايد إصابات ووفيات السرطان

كشفت دراسة لكلية الطب بجامعة البصرة، نشرت في شهر أيار/مايو 2007،عن ارتفاع قياسي في عدد حالات السرطان الناجمة عن ويلات الحرب،وإعتبرت أن الأمراض السرطانية أصبحت أحد أكبر العوامل التي تسبب وفاة المواطنين في المحافظات الجنوبية،والتي شكلت نسبة تزيد على 45 في المائة من حالات الوفاة المسجلة هناك.ووجدت ان معظم حالات الوفيات السرطانية بين النساء والأطفال بمحافظتي البصرة وميسان تعود لسرطان الدم وسرطان الثدي. وبالنسبة لسرطان الثدي أكد الدكتور جنان الصباغ مؤخراً بأن إحصاءات قسم سرطان الثدي في مستشفى الطفل والولادة في البصرة سجلت إصابة 137 امرأة به عام 2003 (بينهن 40 امرأة دون سن الثلاثين، منهن 9 فتيات دون العشرين)، و 126 إمرأة في عام 2004 ( بينهن 41 امرأة دون سن الثلاثين)، و 145 امرأة في عام 2005( بينهن 11 بعمر 15- 20 عاما).وفي عام 2007 إرتفع العدد الى 262 إمرأة( بينهن 14 إصابة لفتيات دون العشرين)..
وأكدت الدكتورة سكنة سلك- مساعدة رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة البصرة- في كانون الأول/ديسمبر 2007- بان عدد المصابين بالسرطان في المحافظة يتزايد يوما بعد يوم نتيجة استخدام قوات الاحتلال الاميركي والبريطاني اسلحة ملوثة باليورانيوم المنضب.واضافت: ثمة نحو 7 الاف مواطن من ابناء البصرة بينهم 650 طفلا مصابون بانواع الامراض السرطانية، وان الاعداد تتزايد يوما بعد يوم، مؤكدة بانه يراجع 75-80 مريض يومياً. وهناك معاناة كبيرة يعانيها هؤلاء المرضى..
وفي المؤتمر البيئي الثاني لمجلس محافظة البصرة،الذي إنعقد في حزيران/يونيو 2008، وشهد مشاركة عدد كبير من الباحثين البصراويين، ومنهم : د.جواد العلي، د. اسعد متي، المهندس الفيزياوي خاجاك وارتانيان، المهندسة ايمان حمدان،المهندس مسطر عبد علي، المهندس هشام محمد، أكدت العديد من أبحاث المؤتمر وجود نشاط اشعاعي تعدت نسب مستوياته المسموح به علميا، ويعود ارتفاع نسبة الاصابة بالأمراض السرطانية الى وجود الاشعاعات في المناطق الموبوءة. وتحتل البصرة المرتبة الاولى في نسبة الاصابات. ونبه المدير السابق لمركز الاوارم السرطانية في البصرة خلال المؤتمر الى ان المركز يعاني من نفاد الادوية المعالجة للأورام منذ مدة طويلة، ولا يحصل المرضى المسجلين بالمركز، وأولئك الذين تكتشف لديهم اصابات جديدة،وهم بنسب غير طبيعية،على العلاجات المطلوبة، ما يؤدي الى وفاة عدد منهم بشكل يومي..

واَخر الفعاليات العلمية للعام الجاري في البصرة،هي الندوة التي نظمتها "رابطة اطفال السرطان" و"رابطة انصار الانسانیة للامراض السرطانیة"، وشارك فيها عدد من الأطباء،الى جانب العشرات من ذوي مرضى السرطان.أجمعت المساهمات التي قدمت في الندوة على زيادة معدلات الأصابة بالسرطان.وتناولت ما يعانيه مركز مكافحة السرطان في الجنوب،ووحدة الأمراض السرطانية في مستشفى البصرة، من شحة الأدوية، ومعاناة ذوي المرضى في الحصول على ألأدوية التي لم توفرها الدولة لهم. وأوصت الندوة بضرورة انشاء مستشفى متكامل لأمراض السرطان، وتجهيزه بكافة ألأجهزة التشخيصية والعلاجية، اضافة لمصرف دم متكامل يستطيع تحضير كافة مكونات الدم.
وبذكر أنه رغم الدعوات التي وجهت لهم،لم يحضر الندوة المسؤولون في المحافظة، عدا ممثل لجنة الصحة والبيئة .

محنة الأدوية

كانت المستشفيات المختصة بعلاج أمراض السرطان في العراق قد تقدمت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 بطلب لوزارة الصحة لتزويدها بالإمدادات الطبية اللازمة نظراً لأن النقص في الأدوية الأساسية يعرض حياة الآلاف للخطر.
ونقلت وكالة أنباء "إيرين" التابعة للأمم المتحدة عن أحد العاملين في مركز أبحاث السرطان بوزارة الصحة قوله: إن المرضى يموتون جراء أمراض السرطان بسبب النقص في الأدوية في المستشفيات العامة،و تقوم الصيدليات الخاصة ببيع الأدوية، ولكن بأسعار عالية جداً، بحيث لا يمكن للعائلات الفقيرة أن تتحمل تكاليفها.وأكد: في جميع مستشفيات العراق، هناك نقص حاد في أدوية لا يمكن الاستغناء عنها، وأعطى أمثلة على،ومنها ما يستعمل بكثرة في علاج سرطانات الثدي، والعظام، وفي حالات معينة في لوكيميا الدم، و سرطان الرئة، والأورام اللمفاوية.وأضاف: مما يزداد الوضع سوءاً، فإن بعض أجهزة العلاج بالأشعة معطلة وبانتظار صيانتها وإصلاحها.وقال: بناء على معلومات تلقيناها في مركزنا، فلقد توفي 60 شخصا على الأقل إثر مرض السرطان خلال شهري أيلول/سبتمبر و تشرين الأول/أكتوبر 2007، نتيجة للنقص في الأدوية، وفي حالة بعض المرضى، يمكن للسرطان أن ينمو بسرعة هائلة إن لم تتوفر العلاجات، وإن استمر الوضع على ما هو عليه، فسيتم رصد حالات أكثر خلال الأسابيع المقبلة..
وفي مستشفى الأمراض النسائية والولادة في البصرة صرح أطباء يعملون فيها بأنه يتم استقبال أكثر من 20 حالة سرطان دم( لوكيميا) جديدة شهريا.وعبر الدكتور علي هاشمي- متخصص بالأورام السرطانية عن ألمه وزملائه وهم يرون العديد من الأطفال يعانون من السرطان،وقال: المؤلم أكثر أننا نعلم بأنهم سيموتون لأنهم لن يتلقوا العلاج". و أضاف:" لو أن الأدوية متوفرة، فبإمكاننا إنقاذ 70 بالمائة منهم على الأقل"..
وكانت الصحف العراقية نشرت الكثير حول شحة أدوية السرطان.فعلى سبيل المثال نشرت "طريق الشعب" تحقيقاً في 18/2/2008 قال مُعده:عند مراجعتي لمدينة الطب شاهدت تجمعاً من النساء والرجال امام احدى البنايات، ورأيت الدائرة مغلقة وكتب عليها (لا يوجد دواء الامراض السرطانية و يرجى عدم المراجعة الى اشعار آخر)، وعند الاستفسار من المرضى وكل منهم يمسك كارتاً ازرق للحصول على الدواء،ومنهم من محافظات أخرى،مثل الأنبار، ويتكلفون مصاريف غير قليلة للمجيء،ولم يحصلوا منذ أشهر على الأدوية، بينما هي موجودة في الصيدليات الأهلية ولدى باعة الأرصفة وبأسعار خيالية.وقد ناشد المرضى وزارة الصحة والمؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني لتوفير هذا العلاج المهم لحياتهم..

لمصلحة مَن التشكيك ؟

أجمعت دراسات كليات الطب العراقية، والإحصاءات الحديثة، المستقاة من المستشفيات، ومن مشرحات الجثث المحلية في المحافظات الجنوبية،على تسجيل أعداداً متزايدة وغير متوقعة من الإصابات و الوفيات الناجمة عن السرطان بلغت أضعاف ما كانت عليه قبل عام 1990.ومن مجموع ضحايا السرطان 56 % أطفال بعمر دون الخامسة،أي براعم عماد حاضر ومستقبل الشعب العراقي..ويموت أغلب مرضى السرطان حالياً بسبب شحة الأدوية ولإكتشاف الحالات في مراحل متأخرة..وقد مات خلال العقد الأخير آلاف العراقيين بالسرطان.وحذر الدكتور قيس السلمان- رئيس الهيئة الدولية للبيئة والطاقة في الأكاديمية الملكية الدولية- من ان نصف سكان البصرة سيصابون بأمراض سرطانية في حدود عام 2020، بسبب وجود مخاطر حقيقية بعد ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان إلى أكثر من 177 ألف و834 حالة - بموجب جدول أصدرته وزارة الصحة العراقية..

فهل كل هذه الإصابات" طبيعية " ؟ وكل هذه المعطيات " إشاعات" ؟ وكل ما أعلنه العلماء والباحثون العراقيون والأجانب " يفتقر للدقة" ؟ ولا أحد صادق غير المشككين " النشامى" ؟!!
بعد هذا: هل التلوث بأشعاعاات اليورانيوم في العراق" زوبعة "- كما يزعم بعض المسؤولين ؟!!
وهل ما أوردناه في هذا البحث سيحسبونه " جزء من الحرب الأعلامية ضد العراق " ؟!!

---------
* د.كاظم المقدادي باحث بيئي عراقي مقيم في السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE