الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


‏الآثار البيئية السالبة لمحطات التوليد الكهربائي(الخرطوم - القاهرة)

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2008 / 8 / 11
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


الآثار البيئية السالبة لمحطاتالتوليد الكهربائي
داخل المناطق السكنية بين القاهرة و الخرطوم
تتاول الاستاذ عثمان مرغني في عاموده ( حديث المدينة) بصحيفة الصحافة الغراء "العدد 4483 بتاريخ 29/11/2005 وا لعدد 4484 بتاريخ 30/11/2005 " مايتعلق ‏باللآثار البيئية السالبة لمحطاتالتوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية بالعاصمة القومية , و ذلك مقارنة بالتجربة المصرية في هذا المجال من خلال زيارته لمصر في شهر أكتوبر الماضي .. بدعوة من وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم .. مع الوفد الذي ضم مستشار وزيرالتخطيط، و الصحفي سيد أحمد خليف إضافة لشخصيات رفيعة من نفس الوزارة ومتخصصين آخرين في البيئة والكهرباء. مهمة الوفد كانت تلمس التجربة المصرية في مجال انتاج وتوزيع الكهرباء بالتركيز على الاسقاطات البيئية السالبة من انشاء محطات التوليد أو المحولات أو خطوط التوزيع داخل المدن أو في مناطق آهلة بالسكان.
نحن نتفق مع الكاتب الكبير في حديثه من ان ما ننتجه من كهرباء في السودان ضئيل جدا لمتطلبات مجتمع يتطلع للنهضة والنمو ..علاوة على ارتفاع كلفته بالنسبة للمواطن في قطاعات السكن والصناعة والزراعة .. ولا سبيل للتنمية بلا كهرباء مستقرة وزهيدة الكلفة .
و يذكر الكاتب في حديثه أن " ثارت ضجة في الخرطوم حول التأثيرات السالبة لمحطات التوليد الكهربائي الحراري ، وخطوط النقل والتوزيع التي تعبر بعض أحياء العاصمة .. واشتعلت هواجس بيئية حول مشروع محطة التوليد التي ستقام في كيلو عشرة في الطرف الجنوبي لمدينة الخرطوم .. وقبل أن نسافر الي القاهرة قمنا بزيارة ميدانية لموقع المحطة المعنية .. و محطة بحري الحرارية ، ثم مجمع محطات التوليد في) قري) شمال الخرطوم بجوار مصفاة البترول.." وهنا نقول إن عبارة " ثارت ضجة في الخرطوم...الخ " و عبارة " واشتعلت هواجس بيئية... الخ " عبارات غير دقيقة !! لأن ما كان و تم في الخرطوم ، عمل علمي وأكاديمي وواقعي قام به نفر كريم من علمائنا وباحثينا الأجلاء الأفذاذ من منطلق الحس الوطني الحرص علي سلامة الوطن و المواطنين تحت كيان " مجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية في العاصمة " و التي تضم: جمعية حماية البيئة وجمعية حماية المستهلك ومدراء جامعات وأطباء ومهندسون ومحامون ورجال أعمال وصحفيين وكتاب.

و لمصلجة الجميع نستعرض بعض ما تناوله علمائنا وباحثينا من حقائق و معلومات خطيرة الصحة و البيئة ، حيث كان يجري في الفترة من 2004 - 2005 الإعداد لإنشاء محطتين للتوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية بالعاصمة القومية تبلغ سعتهما حوالي 630 ميقاواط في عام 2007. أحداهما محطة كيلو10 في جنوب شرق الخرطوم وسعتها 257 ميقاواط يتطلب تركيب مكائن بقدرة تزيد عن 350 الف حصان ، تقع هذه المحطة جنوب شرق الخرطوم بمنطقة سوبا علي بعد 10 كيلومترات من وسط الخرطوم وفي المنطقة المحصورة شرقا بين طريق الخرطوم- مدني والنيل الأزرق الذي يبعد عن الموقع بحوالى 900 مترا و يوجد بالمنطقة الكثير من المزارع والعديد من المواقع السكنية (مجمع الراقي ومجمع أراك ومجمع سبأ وغيرها) والتعليمية (كلية الخرطوم للعلوم الطبية ومجمع كلية علوم الشرطة ومجمع جامعة أفريقيا ) والصحية (مستشفي سوبا) وكثير من المنشئات العمرانية.
وقد ورد أنه:(تم اختيار موقع كيلو10 كمحطة توليد ذات سعة كبيرة لتكون بالقرب من مناطق الاستهلاك العالية وكذلك بالقرب من مصادر المياه بالنيل الأزرق والطريق البري ببورتسودان والسكة حديد المار بالموقع لسهولة نقل الوقود للمحطة ..... وأكملت شركة DIT الماليزية صاحبة امتياز تنفيذ المشروع دراسة البيئة للموقع من حيث الآثار السالبة وتمت مراجعتها بواسطة مستشار ممول المشروع شركة Lahmeyer الألمانية) وأنه: (تم رفع التقرير إلي المجلس القومي للبيئة الذي أجاز الدراسة والتي أخذت في الحسبان كل التمديدات السكنية والعمران في مدي 25 سنة هي عمر المشروع وأعطي الترخيص في ديسمبر 2001) (تم تجديد ترخيص البيئة بواسطة المجلس في سبتمبر 2004)
لكن الدراسة اغفلت النقاط الهامة التالية و لم يتم استدراكها أيضا من الهيئة والمجلس الأعلى للبيئة علي حد سواء ، و هي:
• دراسة الإنبعاثات الغازية من جراء مناولة وترحيل الوقود.
• دراسة معدلات التلوث الحالية والتوقعات المستقبلية في ظل النمو المتزايد في الصناعة وحركة المرور والنمو العمراني
• عدم وجود الحرم الآمن ضد الحريق.
• التعويضات المحتملة لدفع الضرر في ظل قانون المعاملات المدنية لعام 1984.
و المحطة الأخرى بتوسعة محطة بحري الحرارية إلي380 ميقاواط برفع قدرة مكائنها من 200 الف حصان الي 500 الف حصان. وهذا القدر من التوليد سيتطلب حرق حوالي 24 ألف برميل (حوالي 3.400 طن) من الوقود يوميا ولمدة تزيد عن 25 سنة هي العمر الطبيعي لمثل هذه المحطات وسوف يؤدي ذلك الي الكثير من الآثار البيئية السالبة. و محطة بحري الحرارية تعمل منذ 20 من دون المعدات الخاصة بامتصاص ثاني أكسيد الكبريت وسنورد بعضا مما جاء في دراسة الشركة البريطانية الاستشارية العالمية Mott MacDonald في تقريرها الذي أعدته للهيئة القومية للكهرباء عن هذه المحطة في فبراير 2004. أن معدلات الضوضاء وكذلك الإنبعاثات الغازية الناجمة عن المحطة في المناطق السكنية المجاورة تفوق "معدلات هيئة الصحة العالمية والبنك الدولي" المسموح بها عالميا وأسوأ حالة للتلوث في منطقة كافوري.
ولكم أن تتخيلوا معي ما هي كمية التلوث بالغازات السامة من حرق حوالي 24 ألف برميل (حوالي 3.400 طن) من الوقود يومياٌ؟ ولكم أن تتخيلوا أيضا ما هو معدل الضوضاء الذي سينتج عن تشغيل 350 الف حصان أو تشغيل 500 ألف حصان يوميا ولمدة 25 عاما!!

وهنا تؤكد مجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي فيما يتعلق بضرورة التوليد داخل العاصمة وقرب المحطة من مناطق الاستهلاك أن ولاية الخرطوم تصلها الكهرباء الآن بثلاثة خطوط ناقلة – خط الرصيرص وخط سنار وخط قري وإجمالي طاقة هذه الخطوط كبير بما يفيض عن حاجتها وستصلها قريبا ثلاثة خطوط ناقلة من سد مروي سيصل واحد من خطوط مروي عن طريق عطبرة – شندي - قري واثنان مباشرة عبر الصحراء الغربية (مروي- أمدرمان) وهذان الخطان سيكونان من أكبر خطوط النقل في إفريقيا، وسيصلها الخط الناقل الرصيرص-الرنك – ربك - الخرطوم أي أن الكهرباء ستصل ولاية الخرطوم عبر ستة خطوط ناقلة في عام 7/2008 (سعتها الإجمالية لنقل الكهرباء تفوق 5 آلاف ميقاواط. وذلك أكثر مما يحتاجه عموم السودان بحلول 2010 وفقا لخطة الهيئة الخماسية).

ونرجع لكاتبنا الذي يقول:" في القاهرة التقينا بعدد وفير من الخبراء المختصين في الكهرباء وفي البيئة أيضا.. وطرحت أمامنا الأرقام المدهشة .. التي تؤكد إمكانية تشييد محطات التوليد داخل المدن.. وبالتحديد الإنبعاثات الغازية الصاعدة من مداخن محطات التوليد.. والمياه الراجعة للنهر من المحطة .. والضوضاء التي يمكن أن تتسبب بها المولدات. الأرقام التي حصلنا عليها من شركة الكهرباء في مصر .. ومن وزارة البيئة .. تثبت ان الإنبعاثات الغازية من المحطات تكاد تكون صفرا .. ولا يرتبط ذلك بنوع الوقود المستخدم سواء كان الغاز أو المازوت أو حتى الفحم الحجري.. فالعبرة ليست بالوقود ، بل بالتقنية المستخدمة لامتصاص الغازات الناتجة عن الاحتراق.." و يمضي الكاتب في نفس السياق فيقول:" أما بالنسبة للماء المستخدم في التبريد والذي يعود مرة أخرى للنهر أو البحر فهو معالج بصورة تجعله ربما أفضل من مياه النهر التي جاء منها .. والهاجس الوحيد هو في فارق الحرارة بين الماء الراجع وماء النهر ، لكن معالجات تتخذ بحيث لا يزيد هذا الفارق عن 5 أو 7 درجة مئوية وهو في حدود المعايير الآمنة حسب مواصفات البنك الدولي .. الذي يشترط التزاما صارما بمواصفات التنمية الخضراء التي لا تجرح البيئة ..
الطريف أن مدير محطة توليد الكهرباء بشبرا الخيمة..وهي محطة تنتج طاقة أعلى مما تنتجه أقصى طاقة تصميمية لسد مروي وتقع في قلب الكثافة السكانية في القاهرة يقول انه بقياس الضوضاء في الشارع العام المار بقرب المحطة اتضح أن نسبة الضوضاء فيه تزيد عن المحطة بمعدل 30 ديسبل (الديسبل هو وحدة قياس الصوت) .. أى أن الشارع هو الذي يزعج المحطة وليس العكس ..!!
يقول المهندس ماهر عزيز المختص بالبيئة في شركة الكهرباء المصرية ( ان ماينتجه مصنع صغير في المنطقة الصناعية أكبر خطرا على البيئة من أضخم محطة توليد كهربائي "..

كنت أتمني لو رافق الوفد ممثل لمجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي، حتي تتعادل الكفتين المتنازعتين حول أقامة المحطتين أو إيجاد بديل اخر!!! لأن هذا الحديث أيضا غير دقيق و من مصدر حكومي"وزارة البيئة المصرية" ، فهل قابلتم و سألتم و إستفسرتم المنطمات المصرية العاملة في مجال البيئة و علماء البيئة في مصر حتي تكون الصورة كاملة وواضحة؟؟؟ و اليك الأستاذ الفاضل ما توصلت اليه مجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية في العاصمة.

و لمصلحة الجميع أيضا نورد ماتوصلت له المجموعة في الندوة التي أعدتها و شاركت فيها جمعية حماية البيئة وجمعية حماية المستهلك ومدراء جامعات وباحثين وأطباء ومهندسون ومحامون ورجال أعمال وصحفيين وكتاب . و قد استعرضت المجموعة الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية في ظل المرجعيات التالية:

• الواقع الجغرافي والمناخي لولاية الخرطوم
• الحسابات الهندسية لمتطلبات محطات الكهرباء وانبعاثاتها.
• المرجعيات الهندسية والطبية والقانونية المتخصصة.
• الدراسات البيئية التي أعدها الاستشاريون العالميون.
• معدلات هيئة الصحة العالمية للضوضاء Noise level.
• Occupational and community noise
• معدلات هيئة الصحة العالمية لتلوث الهواء. Air Pollution
• معدلات البنك الدولي للصحة المهنية - التوليد الحراري.
• الزيارات الميدانية لمواقع المحطات.
وذكر المحاضرون أن المصادر الرئيسية للتلوث البيئي للهواء خاصة في المدن الكبيرة هي حركة المرور (المركبات والشاحنات) وهي مصادر واسعة الانتشار، والصناعات ومعظمها يتركز في المناطق الصناعية، ومحطات الكهرباء التي تستخدم الوقود الأحفوري(النفط وبمشتقاته) وهي الأكثر ضررا بيئيا للمناطق المحيطة بها لتمركزها في مواقع محددة ولضخامة حجمها.
أما التلوث الرئيسي للهواء والناتج عن استخدام النفط ومشتقاته في محطات الكهرباء فسببه انبعاث مئات الكيلوجرامات يوميا من الغازات وأكثرها ضررا ثاني أكسيد الكبريت SO2وأكاسيد النيتروجين NOXوالأجسام المجهريةPM10 والمواد العضوية الطيارة Volatile Organic Compounds (VOCs) التي تنتج عن مناولة وترحيل وتخزين الوقود السائل خاصة النفط الخام. و تؤكد المجموعة أن التلوث البيئي في أجواء العاصمة سيزداد نتيجة لذلك بحوالى 110% وسيكون تركيز الغازات والجسيمات الضارة عاليا في المناطق الواقعة حول المحطتين.
هذا هو الواقع فكيف تكون الإنبعاثات الغازية من المحطات بالقاهرة تكاد تكون صفرا؟ أما قولك "ولا يرتبط ذلك بنوع الوقود المستخدم سواء كان الغاز أو المازوت أو حتى الفحم الحجري.. فالعبرة ليست بالوقود ، بل بالتقنية المستخدمة لامتصاص الغازات الناتجة عن الاحتراق.." فمن الواضح أن إستخدم الوقود الأحفوري(النفط وبمشتقاته) هي الأكثر ضررا بيئيا للمناطق المحيطة بها لتمركزها في مواقع محددة ولضخامة حجمها.

و في هذا الصدد تقول المجموعة ا أن المجلس الأعلى لحماية البيئة أصدر ترخيصا لمحطة كيلو10 بناء علي دراستين للبيئة أعدتهما الشركة المستفيدة أولاهما فيها قصور شديد والثانية مليئة بالأخطاء والمتناقضات وخالية من بحث القضايا الجوهرية التي تتعلق بالآثار البيئية السالبة والمضار الأخرى بالنسبة للمناطق السكنية وبيئة النهر والمياه الجوفية.

وقد حوت الدراسة الثانية نموذجا علميا جيدا أعدته "جامعة سانز ماليزيا" يبين أن معدلات التلوث لغازي NO2 و SO2 لمحطة كيلو10 في اتجاه الريح في أي وقت ستفوق كل المعدلات العالمية على مثلث طوله 12 كيلومتر (من القمة في المحطة إلى القاعدة وعلى انحراف 15 درجة في الاتجاهين عن خط الوسط - أي بقاعدة عرضها حوالي 6.4 كيلومتر - وبذلك تبلغ مساحة المثلث حوالي 40 كيلومترا مربعا)ً وسيكون ذلك خطراً على صحة الإنسان في كل مناطق وسط وشرق الخرطوم وقد عددت الدراسة نفسها مخاطر هذه الغازات على التنفس والصدر والقلب والرئة. وعند توسعة محطة بحري الحرارية ستتضاعف المساحة الخطرة.
وللخروج من هذا المأزق أوصت الدراسة باستخدام معدل 500 µg/m3 خلال 24 ساعة وهو معدل لا جود له وعلي درجة عالية من الخطورة إذ أن معدلات هيئة الصحة العالمية المسموح بها لغاز ثاني أكسيد النيتروجين NO2 هي 100 µg/m3 للمتوسط السنوي و200 µg/m3 خلال 24 ساعة. وما هو µg/m3 ؟؟؟. (200 µg/m3 تعادل تقريبا وزن رأس دبوس في المتر المكعب).

أما في ما يتعلق بتلوث مياه الأنهار والمياه الجوفية فأ نت تقول:"أما بالنسبة للماء المستخدم في التبريد والذي يعود مرة أخرى للنهر أو البحر فهو معالج بصورة تجعله ربما أفضل من مياه النهر التي جاء منها .. والهاجس الوحيد هو في فارق الحرارة بين الماء الراجع وماء النهر ، لكن معالجات تتخذ بحيث لا يزيد هذا الفارق عن 5 أو 7 درجة مئوية وهو في حدود المعايير الآمنة حسب مواصفات البنك الدولي .. الذي يشترط التزاما صارما بمواصفات التنمية الخضراء التي لا تجرح البيئة .."
و هنا تؤكد المجموعة أن هنالك آثارا بيئية أخرى سالبة لمحطات الكهرباء تتمثل في تلوث مياه الأنهار والمياه الجوفية بسبب استرجاع فوائض المياه المعالجة إلي النهر أو تجميعها في أحواض التجفيف، وكذلك تلوث مياه الأنهار والمياه الجوفية بسبب الوقود المتسيب عند مناطق الشحن والتفريغ بالمحطات (كما هو حادث الآن بصورة مبالغ فيها في محطة بحري الحرارية) مما سيلحق ضررا بالإنسان والحيوان والزراعة أيضا.

أما عن تلوث مياه النهر والمياه الجوفية فذكرت الدراسة التي أعدتها "جامعة سانز ماليزيا" أنه أجريت حفريات اختبارية في أركان الموقع الأربعة ولم يوجد أي أثر للمياه إلى عمق 27 متراً وأن المعلومات أفادت بأن المياه في هذه المنطقة هي جوفية فقط وعلى عمق حوالي 61 مترا. وأنه ستتخذ الاحتياطيات اللازمة لعدم تسرب المحروقات المتسيبة إلى باطن الأرض وأنها إذا تسربت فتصل إلى هذا العمق في 6 سنوات بناءاً على قاعدة حسابية في الدراسة، وأنه على أي حال ستتبخر المحروقات بمجرد وقوعها علي الأرض لأن درجة الحرارة بالسودان هي 45 درجة مئوية وأن هذه معالجة طبيعية لهذا النوع من التلوث (وهذا ضرب كبير من الهذر) وكأنما السودان أتون مستعر نهاره سرمدا.

بينما تري مجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي غير ذلك وتؤكد بأن الموقع تحيط بها وفي دائرة تقل عن كيلومتر واحد أكثر من 37 بئراً سطحية متوسط أعماقها حوالي 15 إلي 17 متراً وكلها تستمد مياهها من النهر ويرتفع منسوبها وينخفض بحوالى 3 أمتار كل عام مع موسمية الفيضان، وهذه الآبار ظلت تستخدم منذ وقت طويل للري وشرب الإنسان والحيوان وأنها متصلة بنهر النيل الأزرق، وقد أكد علي صحة هذه المعلومات تقرير "هيئة توفير المياه" 5 الصادر بتاريخ يونيو2005.

أما فيما يتعلق بالضوضاء فقد ذكرت:" الطريف أن مدير محطة توليد الكهرباء بشبرا الخيمة..وهي محطة تنتج طاقة أعلى مما تنتجه أقصى طاقة تصميمية لسد مروي وتقع في قلب الكثافة السكانية في القاهرة يقول انه بقياس الضوضاء في الشارع العام المار بقرب المحطة اتضح أن نسبة الضوضاء فيه تزيد عن المحطة بمعدل 30 ديسبل (الديسبل هو وحدة قياس الصوت) .. أى أن الشارع هو الذي يزعج المحطة وليس العكس" و للمجموعة هما رأي اخر في تؤكد أن هنالك أيضا أثر بيئي سالب هو إحداث قدر كبير من الضوضاء (Noise) من الماكينات بسبب أحجامها الضخمة وتواجدها في موقع واحد حتى بعد معالجات تخفيف الصوت. أما عن معدلات الضجيج - Noise Levels فذكرت الدراسة التي أعدتها "جامعة سانز ماليزيا" إن معدل الضوضاء الذي سينتج عن تشغيل محطة كيلو10 سيتجاوز المعدلات المسموح بها عالمياً حسب معايير هيئة الصحة العالمية... ففي حالة محطة كيلو10 فقد حددت دراسات الشركة المستفيدة أن معدل الضوضاء سيكون "75 ديسيبل" وأنه سيكون "42 ديسيبل" في المناطق السكنية على بعد كيلومتر من المحطة.
وتضيف المجموعة أيضا إن معدل هيئة الصحة العالمية للنوم الطبيعي هو30 ديسيبل لمدة 24ساعة... وهذا المعدل يتطلب أن تبعد المناطق السكنية عن المحطة بحوالى 5 كيلومترات. أن معدلات الضوضاء وكذلك الإنبعاثات الغازية الناجمة عن المحطة في المناطق السكنية المجاورة تفوق "معدلات هيئة الصحة العالمية والبنك الدولي" المسموح بها عالميا وإن أسوأ حالة للتلوث في منطقة كافوري. هذا عن محطة بحري الحرارية حاليا – أما ما سيكون عليه الحال بعد توسعتها من 180 ميقاواط إلي 380 ميقاواط فلا يحتاج إلي كبير خيال.

وقد أكدت المجموعة علي وجود أضرار أخرى فتتلخص في وجود مخاطر كبيرة في حالة حدوث حريق عرضا أو قصدا في مستودعات الوقود بالموقع والتي تختزن عادة عشرات آلاف الأطنان من الوقود وبصفة مستديمة. وفي حالة انفجار واحد أو أكثر من صهاريج الوقود وانكسار الحائط الحاجز فستنساب عشرات الآلاف من براميل النفط إلي النيل الأزرق، وفي احتمال راجح لخلق تعقيدات قانونية ضد الدولة بموجب قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 قد تكون فيها مطالبات للتعويض بأرقام فلكية. وأخيرا زيادة ازدحام حركة المرور وزيادة الضغط علي البنية التحتية قرب مواقع المحطات.

هذا وقد أفاد الأطباء الإختصاصيون بأن هذا الكم الهائل من الغازات السامة الملوثة تسبب مخاطر علي الجسم والجهاز التنفسي والقلب، وتؤدي الي كثير من الأمراض مثل السرطان، أمراض القلب المختلفة والكثير من الحساسيات، وأيضا إحتمال حدوث الكثير من الوفيات.


أما بالنسبة للإشارة إلى محطات كهرباء في تونس وغيرها في وسط أو أطراف المدن، ومع أن ذلك لا يمت بصلة لموضوع مخاطر تواجد محطات الكهرباء داخل العاصمة القومية، فمحطات الكهرباء المشار إليها في تونس ومحطات الكهرباء حول القاهرة كلها محطات توليد تحرق الغاز الطبيعي (الميثان وينتج عن حرقه فقط ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء) وهي ليست انبعاثات ضارة مثل الجسيمات المجهرية المسببة للسرطانات والمواد البترولية التي نحن يصددها في محطات الكهرباء داخل العاصمة.
ومدينة جدة فيها محطة تحلية مياه تعادل 100 ميقاواط وليس فيها محطة كهرباء بل يأتيها الإمداد الكهربائي من منطقة ينبع التي تبعد حوالي 240 كيلومترا شمالا، والقاهرة وتونس خارجتان جغرافياً عن المدارين وتهب فوقهما "رياح تجارية trade winds معظم أيام السنة مما يخفف من تركيز ثاني أكسيد الكربون وأثره الموضعي في زيادة الحرارة، والوضع الجغرافي في وسط وشمال السودان هوا لعكس تماماً.

و علي الرغم مما ذكرته و زارة البيئة المصرية من إشارات مطمئنة إلا أن للمركز القومي المصري رأي أخر، حيث تؤكد دراساته العلمية(بأن تركيز غاز أول أكسيد الكربون قد بلغ من 40 – 55 جزء في المليون كمتوسط لعدة ساعات بوسط القاهرة ، بينما الحد الأقصي المسموح به في حدود 35 جزء في المليون في الساعة !!! و تشير نتائج معمل تلوث الهواء للمركز القومي المصري أيضا أن تركيز الدخان بمدينة القاهرة و صل الي مستويات عالية جدا ، حيث بلغت في بعض الأحيان 1200ميرو جرام في المتر المكعب بمنطقة شبرا الخيمة ، و أكثر من 500 ميرو جرام في المتر المكعب بمنطقة الدقي ، و تركيز الدخان المسموح به حوالي 150 ميرو جرام في المتر المكعب. حيث من المعلوم أن القاهرة من أكثر المدن تلوثا في العالم ، و لذلك حقا طريف جدا ما ذكره مدير محطة توليد الكهرباء بشبرا ، كما أوره الكاتب: " الطريف أن مدير محطة توليد الكهرباء بشبرا الخيمة..وهي محطة تنتج طاقة أعلى مما تنتجه أقصى طاقة تصميمية لسد مروي وتقع في قلب الكثافة السكانية في القاهرة يقول انه بقياس الضوضاء في الشارع العام المار بقرب المحطة اتضح أن نسبة الضوضاء فيه تزيد عن المحطة بمعدل 30 ديسبل (الديسبل هو وحدة قياس الصوت) .. أى أن الشارع هو الذي يزعج المحطة وليس العكس" . لكن في الحرطوم العكس هو الصحيح : فبكل المقاييس الضوضاء في الشارع العام بالخرطوم لا تقارن بتلك التي بالقاهرة و من ثم مهما كان سوف تحدث المحطات المزمع قيامها ضوضاء لاقبل لنا بمقاومتها. و لذلك المقارنة بين الخرطوم و القاهرة غير واردة ، لان القاهرة مدينة ملوثة ، و الخرطوم مدينة نظيفة و يجب أن تكون نظيفة و أن نعمل علي أن تكون نظيفة ... و أعتقد أنك توافقني هذا الرأي

أما في أوروبا والمناطق غير الصحراوية فيوجد كساء خضري وغيوم وأمطار علي فترات طويلة من السنة وكذلك "رياح تجارية" وكل هذه عوامل تخفف من التلوث الناجم عن تواجد محطات الكهرباء القريبة من المدن والتي وتستخدم الوقود الأحفوري وهذه العوامل هي ما تفتقر إليه العاصمة القومية كليا. وهذه الدول تستخدم وسائل عالية التكلفة لتخفيف قدر كبير من الآثار البيئية السالبة.

هذه قضية بيئية أكثر خطرا من قضية مقبرة المبيدات بالحصاحيصا في منتصف الثمانينات عندما ارتكبت إدارة مشروع الجزيرة خطأٌ فادحا أدي لوقوع كارثة بيئية لا تزال أثارها باقية حتى اليوم بعد أن راح ضحيتها عدد كبير من الأرواح وأنفقت أموال باهظة لمعالجتها، وكان ذلك الخطأ بداية بسبب تجاهل الجهات التنفيذية لرأي الفني للعلماء والمتخصصين، وهذا ما نأمل عدم تكراره. وهذه القضية أكثر خطرا لأنها تؤثر علي عدد أكبر من المواطنين ، و توازي في خطورتها ... خطورة المخلفات و النفايات البشرية ، كتلك التي يتردد جلبها من اليونان و دفنها في السودان.


هذه كانت باختصار أهم ما ذكرته مجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية في العاصمة القومية عن الآثار البيئية السالبة المتوقعة والأضرار المترتبة علي إنشاء محطة كيلو10 وتوسعة محطة بحري الحرارية وتقترح المجموعة أن يتم معالجة الأمر باتخاذ التدابير التالية:
أولاًَ: إلغاء إنشاء محطة كيلو10 بموقعها الحالي وإنشاء المحطة في موقع آخر خارج العاصمة القومية حفاظا علي التوازن البيئي وحماية لصحة الإنسان السوداني اليوم وفي المستقبل لعدة عقود مع ضرورة البحث عن تقنية أفضل من تقنية ماكينات الديزل التي سيتم استخدامها في هذه المحطة علما بأن العمر الطبيعي لمحطات التوليد بهذا الحجم يتراوح مابين 25 إلي 30 سنة.
ثانياً: إيقاف مشروع توسعة محطـــة بحري الحرارية مع تركيب المعدات الخاصة بامتصاص ثاني أكسيد الكبريت... ووضع خطة لنقل المحطة الحالية إلى موقع خارج العاصمة بعد دخول كهـرباء سد مروي في الشبكة (2008- 2009م).

إننا نقف بشدة مع مجموعة درء الآثار السالبة لمحطات التوليد الكهربائي داخل المناطق السكنية في العاصمة ، ومنطالب بالأخذ بهاتين التوصيتين فورا ، و إلا صارت الحرطوم عاصمتنا الجميلة النظيفة في عداد العواصم الأكثر تلوثا و قبحا ، و هذا ما لا نرضاه و نسعي لتداره... هذا ، هذا .... و للأخ الزميل عثمان ميرغني التحية و التقدير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الآثار البيئية السالبة لمحطات توليد الكهربا
حسن محمود ( 2011 / 6 / 1 - 12:25 )
كلامك يا دكتور يفقع المرارة ولكي نحقق بيئة نظيفة يجب علينا ان نعود للعصر الحجري فمحطات الكهرباء في السودان بتلوث ومحطات مصر وغيرها لا تلوث ؟


2 - الآثار البيئية السالبة لمحطات توليد الكهربا
حسن محمود ( 2011 / 6 / 1 - 12:39 )
كلامك يا دكتور يفقع المرارة ولكي نحقق بيئة نظيفة يجب علينا ان نعود للعصر الحجري فمحطات الكهرباء في السودان بتلوث ومحطات مصر وغيرها لا تلوث ! ياشيخ ماذا تقول ؟ أما لنا عقول

اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل