الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ماذا فعل الشاعر بنا
ريما كتانة نزال
2008 / 8 / 16الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
نضيع في أحابيل الغياب؛ كما ضعنا دائما في أحابيل القصيدة؛ وفي فراغ ما بين الوعي والغيبوبة تنسحب واقفا، تقهرنا حروف أبيات الغياب؛ وتحتار القصيدة في لغزها.. وتُشل يمناها وتعجز عن وصف ذاتها؛ وتُطوى النهاية على لغز؛ بعدم اكتمال الفصل ما قبل الأخير من السيناريو؛ وتقف الدنيا على رؤوس أصابعها؛ ويتوارى الورق وتجف الأقلام؛ ويعجز الحكماء في تفسير خيار جبل بترك المكان؛ ولا إجابة شافية لخيانة نص الوجود.. ولماذا أوقف لاعب النرد بحثه عن الحياة..
كنا النص المؤبد للشاعر؛ سواء خرج من قمقمه رجل أو أمرأة ؛ طفل وشيخ، جعلتنا نطل من رائحة القهوة والخبز؛ وهدير بحرنا وغضبنا ودراويشنا، وخرج زبد اليم منا؛ كنسغ الحب يطل من حرف يتوهج على يدك؛ وتمددت فلسطين بكل راحتها على راحتي الشاعر؛ لتقدم أجمل ما فيها ولديها عبر القلب الذي ينقبض وينبسط على لغم؛ وليغفر الكلام ويكفَر عن خطايانا وزلاتنا؛ من العابرين والمارين بسلام؛ ممن يسكنون في السماء وعلى الأرض؛ ممن نزفوا صبارا و دما نبيلا؛ وممن سفكوا دمائهم على مذابح عبثية؛ ولكل القابضين على الحجارة ليسقفوا أرض السماء بالنور والغضب؛ وبالنار المطلة من النص الملتهب.
زرعتنا شعرا على خارطة مجدولة بحبات الشمس؛ وخرجنا كحقيقة من إعجاز الكلمة؛ ومن شرايينك نسجت الحكاية النازفة؛ ومن لحن على وتر قيثارتك استقامت قامات الأمهات؛ وكنا أبطال الرواية المستحيلة؛ ومن ملامحك أطل وجهنا على العالم لنأخذ شكلك؛ فكنا بك أبراجا للنار والتراب والهواء والماء؛ وأبطالك جعلتهم يعشقون الرواية، فكان الشهداء والأسرى ورماة الحجارة والشعراء والسحرة ولاعبو الورق والسيرك؛ وأنطقت صخرنا ووعرنا بزهر اللوز والزعتر؛ وزرعتنا في الصحارى حنونا وسنابل قمح وشوكا بكل الألوان؛ ودثرتنا بالزيتون والصنوبر والسنديان والسنابل؛ فامتلكنا الأبجدية بكل اللغات والألسن.
وأضاءت المرأة حين منحتها أبجديتك الحرية المشرقة؛ فأطلت من عناصر التكوين؛ فكانت قادرة على صنع فضيلتها؛ وكان الرجل والمرأة متساويين في العطاء والبذل؛ وفي الحقوق والقيمة الانسانية؛ وأطلت علينا حارسة نار البقاء وشعلة الحرية كأسطورة تطالب بإعادة النظر بالمرجعية؛ لتوحد قيما جديدة تطبق على من يملك القلب والعقل على حد سواء؛ قيم يكون نبعها من صحيح دروبنا المثقفة والواعية؛ لا من آلة جامدة تعزز القوالب المميزة بين الخطايا والفضائل والحسنات والسيئات.
واعتز النص بآدميته؛ والأطفال بحواريهم وصفيحهم؛ والشباب بقاماتهم؛ والعجائز بحكمتهم؛ والصبية بتقلبهم؛ واكتسب الكل الفلسطيني ما أعطيته من تلقائية وعفوية ولولبية وذئبية وحلم وعطاء وكرم وبخل؛ فأبطالك نحن من عناصر الأرض؛ بشر يخطئون ويصيبون يكرهون ويحقدون ويسامحون ويعفون ويحبون ويموتون من الوجد والجنون والتشرد والحصار والتضحية والفداء ؛ ومن الاقتتال والنزوات والتسكع ؛ ونثرتنا على الأرض بشرا وفي السماء كملائكة؛ نسابق الريح والأعاصير بحثا عن مكان؛ ونواجه الجنون ومد البحار وجزرها؛ لم تضع أيَا منا في مصاف الآلهة والملائكة؛ وخرجنا الى العالم من نصك كما شئت للنص ان يتشكل؛ وكما شاء قلب المنظَر الذي أتعبه قلبه وتخلى عن مصارعة الموت بالوجود.
من نحن لنرد الجواب؛ ومن نحن وقد أصبحنا غيرنا منذ زمن؛ وكيف ترجمنا نص فك الحصار بحصار على الذات؛ وكم عبرنا وهتفنا بكلمات عابرة؛ تذروها الرياح بسرعة الظواهر الصوتية؛ وكم أطبقنا على الموسيقى؛ ولم نرى بأن الحياة تبدأ بقرار مجدد مع كل صباح يطل؛ وبأن مجرد تعلم القراءة غير كاف للقراءة؛ وبأنها ليست أسود على أبيض؛ وبأن وقتنا لن يسمح لنا إذا عاندناه سوى برؤية الموت.
وعليه؛ وانطلاقا مما سبق؛ نطلب المعذرة من الشاعر؛ اذا ما التف الحبل على عنق القصيدة؛ واذا ما انتحرت الأبجدية؛ وأصاب الكلمات الخرس؛ وخرج الأنين من الصدور، وعادت المدارات بخيباتها الصامتة؛ فلكل بدايته ونهايته، ومن خلق ومن لم يخلق سيموت حتما؛ وتعزيتنا بأن السماء التي أمطرت أسودها لحظة اختناق الشهقة؛ عادت وأمطرت ماء الورد على جنازتك؛ ونزلنا عن الوقوف على أعصابنا...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. المحكمة الابتدائية في تونس تقضي بإعدام 4 أشخاص أدينوا باغتيا
.. حكم بإعدام 4 مدنيين والمؤبد لشخصين بقضية اغتيال شكري بلعيد ف
.. شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني
.. فرنسا تدرس إحياء ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين
.. حركة النهضة تعتبر الأحكام في قضية اغتيال شكري بلعيد دليلا عل