الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهديدات التي تواجه العملية الديمقراطية في العراق..ما فعله المالكي نموذجا

جليل البصري

2008 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو إن المرحلة الراهنة من تاريخ العملية السياسية في العراق هي من المراحل الحرجة التي تحمل في داخلها مخاطر على العملية الديمقراطية لا يمكن الاستهانة بها في بلد لا تزال فيه النزاعات الدكتاتورية متغلغلة في أعماق الكثير من ساسته الكبار .. وتكمن هذه التهديدات في العديد من المسائل الهامة :- - فالعديد من القوى التي دخلت العملية السياسية بعد أن خرجت من رحم النظام السابق وحزبه لا تزال غير قادر على هضم التحولات الجديدة في العراق على صعيد الحريات السياسية وتحريم العنف والاحتكام إلى القانون والدستور والفدرالية وحقوق المكونات المختلفة للشعب العراقي من كورد وتركمان وكلدو أشوريين وغيرهم ، ولذلك فهي تسعى سواء عن حسن نية أو مدفوعة إلى عرقلة هذه التحولات والخروج بـ((اقل الخسائر)) من وجهة نظرها أي اقل التحولات .. ولذلك أيضا تجد خطابها السياسي فزعا متوترا حين يتعلق الأمر بكركوك أو غيرها من المناطق المتنازع عليها ، وهي تسعى دائما إلى التصعيد لتجد لنفسها مكانا أرحب وجمهورا منصتا تضغط به على التحالفات الأساسية التي تقود العملية السياسية في العراق ، على أمل خلق حالة من التوتر تدفع بها إلى الأمام وتحتل بواسطتها مقاعد أكثر في الانتخابات المقبلة وتكون أكثر تأثيرا على القرار .. وتبقى نقاط ضعف العملية السياسية والحكومة وسائل سلمتها هذه التحالفات مجانا بيد هذه القوى ، تزيد من قدرتها على خلق فاصل اكبر بين المواطن وهذه التحالفات . - وتبقى قضية الاتفاقية التي تسمى (الأمنية) خطأ بين العراق والولايات المتحدة لأنها اتفاقية شاملة أي اقتصادية وسياسية وأمنية واحدة من العقد الهامة ، فالعراق بحاجة إلى تنظيم هذه العلاقة لتكون وسيلة من وسائل تطوره اللاحق واستقراره ، لكن البعض من القوى يسعى إلى المزايدات باسم الوطنية وكأن الولايات المتحدة عدوة وليست الصديقة التي ساعدت في تحرير العراق وإعادة بنائه وتثبيت استقراره وأمنه وإلغاء ديونه وتقديم المشورة والمساعدة لإعادته إلى المجتمع الدولي . لكن القوى التي تقف إلى جانب عقد الاتفاقية تشهد تذبذبا وانقساما وتخضع إلى ضغوط المزايدين لعرقلة سير التفاوض حولها .. فالجانب العراقي يريد سقفا زمنيا محددا للنقطة الأكثر خلافا وهي انسحاب القوات الأمريكية وأعلن بعض القادة عن إن عام 2011 هو الحد الفاصل ، لكن الجانب الأمريكي والعديد من القوى والتيارات ترى إن هناك تحفظات حول هذه المسألة وان من الممكن أن يخلق السقف الزمني المحدد عرقلة للمهمة الأساسية التي تحولت إليها القوات الأمريكية وهي إسناد القوات العراقية في عملياتها أو الاشتراك معها ، ومهمة تدريبها وإعدادها لتسلم الملف الأمني ، وهناك تجربة سيئة في تحديد السقف الزمني مارستها قوى مع مسألة كركوك والمناطق المتنازع عليها في المادة (140) بحيث تحول هذا السقف إلى وسيلة لإفشال تنفيذ هذه المادة والإعلان عن موتها في تاريخ سقفها الأخير ، ولا تدخل الأمم المتحدة التي تحاول إلى الآن وضع حلول توافقية لضمان حقوق الجميع .
- ويكمن تهديد أخر في وجهة استخدام الجيش العراقي التي بدأت بشكلها الأوضح في عمليات البصرة التي فاجئ السيد رئيس الوزراء نوري المالكي الجميع بحركة فيها جانب ارتجالي يستند إلى كونه قائداً عاماً للقوات المسلحة لكن المرحلة كانت تتطلب التفاف القوى الأخرى حوله لإنجاح العملية وفرض القانون في البصرة وقطع دابر العصابات والميلشيات . واستمرت هذه الوجهة في بغداد والموصل وميسان وديالى (العملية السابقة) ، وهي وجهة قريبة من وجهة الجيش السابق المنحل الذي تحول من أداة لحماية البلد والحدود واستقرار البلد إلى أداة قمع داخلية ووسيلة لحسم الصراعات السياسية والطائفية والقومية الشوفينية ، وهذا التحول ظهر جليا في عمليات (بشائر الخير) الأخيرة في ديالى حيث انفرد المالكي بالقرار وهمش قيادة الأركان ونفذت قواته عمليات دهم واعتقال واعتداء داخل أهم مبنيين يمثلان الشرعية في المحافظة هما مبنى المحافظة ومبنى مجلسها واقتيد رئيس اللجنة الأمنية ورئيس الجامعة واعتدي حتى على رئيس المجلس وسكرتير المحافظ وانتهى الأمر بقتله وضرب الموظفين وافراد الحماية ، وكان لهذه العملية طابع طائفي اذ شملت هذه العملية الطائفة السنية في المحافظة فيما انفرد أيضا في عمليات لطرد حرس الإقليم الذي يؤمن الحماية والأمن في مناطق (قره تبه )و(جباره )و(جلولاء) و(السعدية) وأخيرا خانقين التي استضافت عوائل مسؤولي المحافظة كونها المنطقة الأكثر أمنا وجرت اهانة المقرات الحزبية للأحزاب الكردستانية وطرد البعض من مقراتها ، وهو أمر غير مبرر امنيا مثلما هو أمر جرى في مناطق متنازع عليها دون المشاورة والتنسيق مع حكومة إقليم كردستان وهو ما عبر الوفد الأمريكي الذي ترأسه السفير (توماس كريجيسكي) عن رفضه لأي انتشار عسكري أحادي الجانب من دون التنسيق مع الجانب الأخر مشيرا إن أضعاف إقليم كردستان ليس في صالح قوة العراق .. ويبدو إن المالكي أسكرته النجاحات العسكرية والأمنية فراح يغالي في إظهار نزعة دكتاتورية خطره حين قال الجيش العراقي هو جيش اتحادي له حق دخول أي منطقه في العراق سواء كانت في إقليم أو محافظه وهذا تهديد واضح إلى التفرد بالقرارات الأمنية دون الرجوع إلى السلطات المحلية أو التشاور معها حول ضرورية هذا الدخول وكيفيته وأهدافه.. وهذا ما يعتبر سابقة خطيرة تترك أثارها على مستقبل دور هذه القوات في العملية السياسية بعد انسحاب القوات المتعددة الجنسيات وإذا أضفنا إهمال المالكي لرئيس أركان الجيش وهو كردي وعدم إخباره بالتحرك لدخول خانقين والمناطق الأخرى وتحرك وزير الدفاع العبيدي إلى تشكيل فرقة لكركوك قائدها من الحلة واغلب ضباطها من العرب ، وهو تحرك بالضد ومناقض لتصريحه في زيارته الى المدينة إن القوات الأمنية مسيطرة على الوضع ، يعطي صورة لحجم التهديد الذي ينتظر العملية الديمقراطية والنوايا السيئة التي تقف خلف شعارات الوطنية والسيادة وتقوية سلطة المركز ... إن هذه التطورات تكشف مدى الحاجة إلى ضمانات إضافية تحمي الدستور من المغامرين الذين ينتظرون بفارغ الصبر خروج القوات المتعددة الجنسيات أو حتى إقرار سقف زمني لرحيلها لكي يبدؤا بإعادة تصنيف الخارطة السياسية ، مما يعني إن العراق لا يزال بحاجة إلى ضمانات للمسار السلمي لردع المغامرين نعتقد إن الاتفاقية التي يجري الحوار حولها يمكن أن تسهم في توفيرها . وليس بعيدا عن ما جرى في موريتانيا حين انقلب العسكر على الديمقراطية الموريتانية الفتية ، لكن هذا الأمر يبقى في إطار التجاذبات القائمة مما يوحي بان المفاوضات حول الاتفاقية سوف تستغرق وقتا أطول لضمان انسحاب أمريكي من العراق يخلف حكومة ونظاما ديمقراطيا مستقرا قادرا على حل مشكلاته في إطار الدستور ويضمن حقوق مكونات الشعب العراقي بالكامل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح