الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأب فيلومينوس شاهد وشهيد

ريما كتانة نزال

2008 / 9 / 8
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لم يكن حفل تدشين وافتتاح كنيسة دير السامرية في نابلس؛ أواخر آب الماضي؛ كسائر الاحتفالات التي نشهدها في اي افتتاح؛ فلم يكن من حفلات الافتتاح التي تبدأ بإلقاء الخطابات ومن ثم يصار إلى قص الشريط؛ ليعود كل حيَ الى بيته؛ بل كان قداسا الهيا يتم التعرض فيه الى نشأة ومعاناة وعذابات السيد المسيح عليه السلام؛ والى مبادئ الديانة المسيحية التي تدعو الى السلام والتسامح والمحبة؛ بطقوس خاصة قادها البطريرك كيريوس كيريوس أوثيفيلوس؛ وبمشاركة مستويات مختلفة من الكنيسة الأرثوذكسية؛ وهي الطائفة الأكبر بين الطوائف المسيحية في فلسطين؛ وممثلين عن الطوائف المسيحية الأخرى؛ والمؤسسات الرسمية؛ ويتقدم الموكب القواسون؛ وهم من المسلمين وذلك تنفيذا لأحد الطقوس المعتمدة من العهد العثماني المتوارثة والمحمَلة بالرمزية.

تعود تسمية الكنيسة بدير السامرية؛ إلى المرأة السامرية " فوتوني"؛ التي التقاها السيد المسيح عليه السلام؛ أمام بئر بنات يعقوب الذي بنيت الكنيسة فوقه؛ وخلال التدشين ذُُكر الحوار الذي دار بين السيد المسيح عليه السلام؛ والمرأة التي تمتنع بداية عن تقديم الماء له؛ بسبب افتراضها بأنه يهودي وهي سامرية؛ ومن ثم تدرك بأنها أمام انسان غير عادي؛ نبيَ وصاحب معجزة؛ فتعتنق المسيحية على يديه.

بدأ العمل في كنيسة دير السامرية عام 1915؛ لكنه سرعان ما توقف في عام 1917؛ بعد ان بنيت الأعمدة وبعض المداميك حولها. وفي أول زيارة قام بها الرئيس الراحل "ابو عمار للدير"؛ وهو المعروف بحرصه على وجود ودور المسيحيين في فلسطين؛ التقى الأب "الارشمندريت يوستينوس"؛ وشجع على استكمال بناء الكنيسة واعدا بالمساعدة.

والأب "يوستينوس" رئيس الكنيسة والمسيحي الورع؛ هو الانسان الفنان الذي نسج علاقات إنسانية جميلة ووثيقة مع المجتمع المحلي؛ والمعروف جيدا لأهل نابلس؛ وتربطه علاقات وثيقة مع مخيم بلاطة المجاور للدير. ويعتبر أهل المخيم بأن وجود الأب يوستينوس كان سابقا لوجودهم في المكان؛ من فرط محبتهم واعتزازهم بمجاورته.

بريشة الأب يوستينوس رسمت لوحات الدير الضخمة؛ والأب الفنان رسم اللوحات الزجاجية للأبواب والنوافذ؛ وقد استكمل البناء القديم؛ بحجارة قديمة أيضا؛ جُمعت من مخلفات الدمار الذي أحدثه الاحتلال بالبيوت النابلسية القديمة؛ خلال اجتياحاته المتكررة للمدينة؛ وفي القلب منها بلدتها القديمة، وقد تابع الرجل المبدع جميع التفاصيل؛ وكان له الفضل الأكبر في إعادة بنائها؛ ولم يقتصر جهد الأب يوستينوس على البناء؛ بل اهتم في التحضير لآخرته؛حيث انهمك في تصميم وبناء القبر الذي اختاره ليضم رفاته؛ ويدفن في المكان الذي أحب وعاش ونذر نفسه له.

كنيسة بئر بنات يعقوب وأملاكها كانت هدفا للاحتلال ومستوطنيه؛ وتعرضت لمحاولات السيطرة والاستيلاء عليها أكثر من مرة؛ فالمسمى الايحائي يجعلهم يفترضون بأن بئر السامرية أو بنات يعقوب يعود لهم؛ وهو ما دأبوا على اتباعه في عديد الأراضي المصادرة؛ فقام المستوطنون من مستوطنة ألون موريه باقتحام الدير؛ في التاسع والعشرين من تشرين الثاني من العام 1979؛ بنيَة وضع اليد عليه ومصادرته؛ وقتلوا بدم بارد مسؤوله في ذلك الوقت؛ الأب "فيلومينوس"؛ الذي كان يبلغ حينذاك الثالثة والستين من عمره؛ واتهموه بتخبأة السلاح في بئر الدير!!
قتل المستوطنون رجل الدين بوحشية، وقامت الكنيسة الأرثوذوكسية بنقل الجثة الى القدس وتحنيطها؛ واحتفظ بها في القدس حتى تاريخ تدشين الكنيسة مؤخرا؛ حيث عاد الشهيد فيلومينوس الى ديره؛ عاد في نعش زجاجي مكشوف الوجه أمام الانسانية النائمة. عاد " فيلومينوس" شهيدا وشاهدا على همجية الاحتلال وبربريته. المسيحيون في نابلس أقلية عددية؛ حيث لا يزيد عددهم حاليا عن ثمانمائة نسمة؛ بسبب الهجرة الداخلية والخارجية؛ في الوقت الذي كانوا عليه في الثمانينات أكثر من خمسة آلاف نسمة، والخاسر الأكبر من الهجرة فلسطين والفلسطينيون عموما؛ سواء على الصعيد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي؛ أوعلى صعيد ثروة التعدد الديني والحضاري بشكل عام.

فلسطين للفلسطينيين بغض النظر عن دينهم؛ والطوائف المسيحية المختلفة؛ شاركت في النضال الوطني الفلسطيني؛ وكان منهم الشهداء والأسرى والقادة؛ الأمر الذي يترتب عليه التمسك والدفاع عن فلسطين كما تجسدت في وثيقة اعلان الاستقلال؛ حرة ومستقلة تتسع فسيفسائها الدينية والثقافية والاجتماعية للجميع
لا شك بأن خطر الهجرة أصبح عاما ولا يقتصر على أتباع ديانة دون غيرها؛ فالرغبة في المغادرة أصبحت مرتفعة حسب استطلاعات الرأي العام الأخيرة؛ بعد ان استجدت عوامل أخرى مثيرة للقلق تدفع نحو الهجرة؛ وهي ليست بعيدة عن مجمل التحديات والأوضاع الداخلية..










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح


.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز