الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية، الأحزاب السياسية والانتخابات

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2008 / 9 / 9
المجتمع المدني


الانتخاب يعني اختيار المواطن من يمثله في اتخاذ القرارات السياسية أو الاقتصادية أوالإدارية، أوغيرها من القرارات، وذلك بعد أن يتولى الشخص المنتخب (بفتح الخاء) المهام السياسية الموكلة له. وهذا يعني ان الشخص المنتخب أي الحاكم يكون مدينا بسلطته للمحكوم أي الناخب "المواطن" !!! اليس المحكوم هو الذي جعل الحاكم يمسك بمقاليد السلطة والحكم ؟ وكيف للحاكم ان يصدر امرا يقيد به المحكوم وهو مصدر سلطته ؟ وكيف يمكن للمحكوم ان يلتزم بأمر مقيد صادر عن سلطة نشأت عنه ؟. لذلك يجب النظر اولا الى علاقة المحكوم بالحاكم ووضعه القانوني ، فالمحكوم عندما يختار الحاكم هذا يعني انه قد رضي به ويعني انه مقيد بما يصدر من قرارات عنه. فقبول شخص الاغلال على معصميه لا ينفي عنه صفة السجين فقبول ، المحكوم بالحاكم لا ينفي عنه صفة كونه محكوما مقيدا بالاوامر الصادرة عن الحاكم. اما سلطة الحاكم فهي لا تستمد من الصوت الذي يدلي به المحكوم في صندوق الاقتراع ، بل تستمد من منصبه كونه حاكما ، فمركزه القانوني هو الذي يمنحه هذه السلطة اما انتخاب المحكوم له ورضاه به لا يمنحه سوى صفة الشرعية في الحكم ، وهذه الشرعية لا يمكن اكتسابها الا عن هذا الطريق لذا كانت الانتخابات "الحرة" ، "النزيهة" و "المايدة" هي الطريق الأمثل لكسب شرعية الحكم حتى صارت الدولة الحديثة لا تسمى دولة ديمقراطية مالم تجر فيها هذه الانتخابات. الانتخابات تعني ان هناك ناخبين يصوتون وان هناك مرشحين يحصلون على اصوات الناخبين ، ولكن يبقي السؤال الجوهري: كيف يفوز المرشحون ؟ وكيف توزع المقاعد البرلمانية على الفائزين ؟.
تسعى الاحزاب السياسية الى الفوز بالانتخابات أو الحصول على اكبر عدد من المقاعد الذي يساهم لاحقا في تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها أو تشكيل معارضة برلمانية قوية، ولهذا فان النظم الديمقراطية تقوم الاحزاب في بنائها بما يخدم العملية الانتخابية، ففي حالة تقسيم البلاد الى دوائر إقليمية كبيرة وعلى أساس نظام الانتخاب النسبي، لا بد”لمهندسي الاحزاب" ان يقوموا ببناء الهيكلية الحزبية على أساس هذا التقسيم، إذ ان الحزب يعمل أولا وأخيرا في المجتمع، وتشكيل مهمة الانتخابات وإجراؤها والفوز بها و متابعة أعضاء الحزب في البرلمان هي من المهام الأساسية لاي حزب سياسي برلماني، لا بل هناك العديد من الاحزاب تعتبر الأعضاء الفائزين في البرلمان هم تلقائيا أعضاء في قيادة الحزب. وتتحقق السلطة السياسية في النظم الديمقراطية بالفوز في مراكز الاقتراع، وحيث ان الانتخابات في هذه النظم هي وسيلة اختيار حكام المجتمع وأداء ثقل السلطة السياسية من شخص الى آخر أو من جماعة سياسية الى اخرى. لذلك فان الهدف الأساسي للحزب هو الفوز في الانتخابات. ولهذا لا بد له ان يختار الأشخاص المناسبين لشغل الوظائف بالانتخاب وان يعمل على تجنيد كافة طاقات أعضائه ومناصريه، وتحديد الأسس العملية للبرنامج الانتخابي للحزب، و عادة يكون مستمداً من برنامج الحزب السياسي وكثير من الأحزاب تعقد مؤتمراتها وتحضر للانتخابات الحزبية الداخلية عشية الانتخابات البرلمانية في البلد، حيث لا يعقل ان تكون الديمقراطية الداخلية في الحزب اقل من الحياة الديمقراطية في المجتمع، فأين أحزابنا من كل ذلك؟.
من المفترض أن تسعي الاحزاب السياسية ببلادنا الى إقامة تحالفات عشية الانتخابات، وكذلك تحديد الأسس المستقبلية للمشاركة في الحكم أو اخذ موقع متقدم في المعارضة، و يجب ان يتعلق معظم العمل الذي تقوم به الاحزاب السياسية في النظام الديمقراطي بصياغة السياسة بإدارتها وتنفيذها، لأن من المهام الأساسية للحزب هي خلق أجواء من الرأي مواتية داخل صفوف الشعب. ويبتعد الحزب في برنامجه الانتخابي عن الخوض في تفاصيل الحكم، بل يحدد الاتجاه والمبادئ الرئيسية العامة للسياسات التي سوف يتبناها في حالة فوز ممثليه في البرلمان وتشكيل حكومة ائتلافية ولكن على أساس برنامج سياسي محدد. ومن أجل تكريس الديمقراطية الداخلية يجب أن تسعى الاحزاب الى تبني آليات ديمقراطية عصرية لاختيار مرشحي الحزب في الانتخابات، لا بل حتى تشكيل قوائم مشتركة مع أحزاب ائتلافية أو حتى ضم بعض المستقلين والشخصيات الاعتبارية، وهناك أحزاب تجري انتخابات تمهيدية داخلية لكافة أعضاء الحزب من أجل اختيار مرشحي الحزب وترتيب قائمة الحزب في حالة نظام التمثيل النسبي أما في حالة انتخابات الدوائر، فلا بد من الأخذ برأي المنظمات المحلية والحزبية بالتنسيق مع قيادة الحزب لاختيار مرشحي الحزب للانتخابات البرلمانية، ولهذا لا بد لكل حزب ان يحدد سياسته في اختيار المرشحين وعددهم، خاصة وأن النظام الانتخابي المعتمد يؤثر تأثيرا كبيرا على سياسة الحزب الانتخابية.
وبالرجوع إلى نتائج الانتخابات الماضية ، نجد ان النظام الانتخابي شكل العائق الأساسي أمام تمثيل القوى السياسية الديمقراطية من جهة، بالإضافة الى عدم تبني سياسة انتخابية مشتركة ( موحدة) أي إقامة ائتلاف انتخابي وتقليل عدد المرشحين والتركيز في الحملات على عدد محدد، من أجل ضمان الفوز وليس الحصول على الأصوات للمرشحين الذين لم يفوزوا. و يؤكد دستور السودان على ان النظام السياسي ، ديمقراطي نيابي برلماني، يقوم على التعددية السياسية، ويكفل للمواطنين الحقوق والحريات ومنها حرية تكوين الاحزاب السياسية و ممارستها لنشاطها على أساس القانون دون تمييز، بسبب الرأي السياسي أو الجنس أو الدين. وتلتزم الاحزاب مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة عملا بالدستور. ولهذا لا بد من التأكيد على الطابع الديمقراطي للأحزاب في حياتها الداخلية وبنائها التنظيمي واختيار كوادرها لتبوء مواقع رسمية. وهذا يتطلب منها عقد انتخابات داخلية ومؤتمرات تنظيمية دورية، أي كل أربع الى خمس سنوات على الأقل!! ان الترابط وثيق بين الديمقراطية والأحزاب السياسية والانتخابات، حيث لا نستطيع ان نتصور نظاما ديمقراطيا بدون تعددية سياسية ( حزبية). وتقوم الاحزاب السياسية بدور هام في تنظيم مشاركة المواطنين وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في الانتخابات، حيث تقود الاحزاب السياسية الحملات الانتخابية والرعاية في وسائل الإعلام المختلفة لبرنامج الحزب و مرشحيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد


.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في




.. غضب عربي بعد -الفيتو- الأميركي ضد العضوية الكاملة لفلسطين با


.. اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق




.. أربك الشرطة بقنابل وهمية.. اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية ب