الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيوية الماركسية .بين قرائتين

ثائر سالم

2008 / 9 / 20
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة


انني لم اضع الا حجر الزاوية في هذا العلم ـ ماركس
ان الماركسية كلية القدرة لانها كاملة وصحيحة ـ لينين

1ـ رؤية عامة
وفقا لجدل ماركس(الهيغلي المنشأ)، لا يمكن للافكاران تكون نهائية وغير قابلة للتجديد، منغلقة على مضمون ثابت، ، مكتفية بذاتها مطلقة الاحكام ، كاملة الصحة، يكون بمستطاعها لوحدها الاحاطة بكل مياين الحياة، والاجابة على كل اسئلتها ، مهما كانت دقة تلك الافكار وموضوعيتها. فكنه الحياة وسنة وجودها، انما هو تبدلها الدائم ، ونزعة التجديد والتغيير فيها. ذلك ان الجمود والثبات، لا وجود له الا بمعنى نسبي،ما..بشكل ما ، او مؤقت. فالافكار لا يمكنها البقاء معزولة ، بل لابد لها من التعبيرعن معطيات واتجاهات التغيير فيها والاستجابة للاشكالات في مسارها. التجدد والتغيير الدائم يطول كل المعارف الاجتماية المختصة . وحقائقها العلمية، لا يمكنها ان تكون حقائق مكتملة الملامح والخصائص ، الا بالمعنى النسبي ، زمنا ومعطيات. فحقائقها تعبيرعن علاقة عمليات او كينونات لا تعرف الاستقرار او الثبات والجمود على معنى او علاقة ما( شكلا او مضمونا)، .. علاقة تاخذ ، في مرحلة او شرطية ما، شكل توافق واستقرار ولكن بعد تناقض وصراع ..لتدخل مرحلة او شرطية جديدة ، تعيد انتاج تلك العلاقة ، تتجلى كعلاقة صراع (يستحضره تناقض آخر)بعد استقرار انتجه توافق سابق. اذن التوافق والاستقرار،( بالمعنى النسبي) مرحلة وقتية، لا في ظواهر الحياة المادية فقط ، وانما في ظواهر واليات العملية التفكيرية ، بمختلف ميادينها ومراحلها.ثبات الاحكام والقراءات لايعني الا موتها او جمود ووقف تطور الحياة..موتها، وهذا مالا يمكن ان يحصل، لان التطور في الحياة، العلاقة العامة للوجود، هي التفاعل والتاثير المتبادل، الناجم عن شرطية الصلة بين الانسان وتحديات حياته اليومية ، المادية والنفسية.

الاشياء والافكار اذن ان هي الا علاقات..بمضامين واشكال ومستويات. . الظواهر المادية والفكرية فيها تعبيرا عن نوع وشكل تلك العلاقات . والعلاقة الاساسية فيها، علاقة صراع وتناقض... على كل المستويات والميادين لانها كنه عملية النشوء وآلية التطور. التوافق فيها ضرورة لتكون علاقة جديدة وتناقض جديد. كل المحاولات التي جرت حتى الان ، التي حاولت التشكيك بشرطية هذه العلاقة او بعموميتها ، لم تقدم قراءة دقيقة او محاولة ترجمة امينة ، يمكنها باي حال البرهنة على ، ايقاف او تحطيم علاقة الصراع العامة ، الجوهرية..الا بمعنى ولادة ظاهرة، علاقات جديدة او تغيرا ما ، في تلك العلاقات / العلاقة. ايقاف صراع ما ، يرتبط غالبا بظهورعلاقة تناقض جديدة، اكثر اهمية ودورا وتعبيرا عن كنه هذا الجديد، وعلاقة خصائصه بخصائص ذاك القديم.. علاقة معالم ومنجزات الحاضر بمعالم ومنجزات الماضي . جدلية هذه الرؤية، تتسع لتشمل اية علاقة اخرى ، تتكون في هذا السياق، وتغني علاقة الوجود العامة هذه، علاقات تشكلت في سياق ظواهر الحياة والفكر، بمعطيات فكرية وحياتية ، قد تمتد زمنا بانماط حياتية وفكرية وثقافية متعددة ، وقد تتحدد بحدود نمط او عصر ، ولكن علاقة الصراع العامة هذه ، ليس فقط لا يوجد مايمكنه ان يوقفها ، وانما لا يوجد ايضا ما يمنع انتاجها لعلاقات جديدة ، في جدلية الوجود والحياة وانما الفكر عموما ايضا . ومن باب اولى في افكار(نظرية، عقيدة ، مذهب، قانونيات، اتجاهت) ماركس، وجدلية منهجه. فالعلاقات بين ماهو عام وخاص ، رئيسي وثانوي، جوهري شكلي ، الممكن والواقعي ، الكلي والجزئي، الايجابي والسلبي ، الماضي والحاضر .. او غيرها من العلاقات التي تتشكل او تفرضها عملية التطور المستمرة للوجود والفكر، لا تغلق فلسفة ماركس او جدله عندها.
ينجم عن الاقرار بالطابع التاريخي للافكار والعقائد، اقرارا رديفا او تاليا يؤكد على نسبية تلك الافكار، استخلاصات واحكام باختلاف ميادين تجليها. النسبية هذه تجعلها على النقيض، تماما مع اية قطعية او اطلاق . النسبي ..نسبية الظواهر المادية والفكرية (الافكار) هو المطلق الوحيد . واذا كانت الماركسية، قد تميزت عن غيرها من(النظريات..المناهج.. العقائد..الابحاث او حتى الاراء ـ سمها ماشئت انطلاق من الزاوية التي تنظر منها)، كونها لم " تكتفي بوصف العالم " ، وانما ارادت "تغييره "، حسب وصف ماركس نفسه، فان قرائتها بشكل صحيح، تحتاج الى معايير عامة ، في اية قراءة لاية فكرة.. بتاريخيتها ونسبية احكامها .. منهجا وفكرا .. يتطلب تحديدا عاما لماهية الماركسية، ينزع عنها على الاقل، تلك التاويلات او القراءات التي اضرت بها وشوهتها وبددت فرصا مهمة.
كان بامكان قراءة تنفتح على فضاء الجديد في المعرفة والواقع ، ان تغني طاقتها ومساهمتها المعرفية ، وتجعلها اكثر حضورا وفاعلية في تاريخ الشعوب، بدل ان تخنقها عقائدية ايمانية ،..اغلقت النوافذ عليها، خوفا من هذا الجديد ومن اعباء استيعابه...تلك القراءة المسكونة ، بدور الحارس على الفكر، الوصي على تراثه ، دون تخويل يمكن ان يستمد من مضمون الفكر، او تبرير يقبله منطق " النظرية " ذاتها. هذه الوصاية تتناقض في منطقها مع منطق وجدلية الفكر، التي تعتبر الاختلاف والتناقض ، ليس دليل حيوية الفكر فحسب وانما شرط تطوره، ما دام قائما على الحجة ، ومستوفيا لمتطلبات الحوار.
اوصياء النظرية هؤلاء ، اللذين لم ينتخبهم احد ، قدر ما انتخبتهم السلطة او الصدفة ،شانهم شأن رجل الدين، ...يكلفون انفسهم ، دون ان يكون ذلك مطلوبا من الفكراو من احد، مهمة ايجاد مسارات، وحدود، ومعايير تحددها قرائتهم الشخصية، التي اذا استبعدنا المصلحة الشخصية او الضرورة الحزبية، او اعتبارات سياسية،... كمؤثر على موضوعية تلك القراءة ، فيفترض في احسن الاحوال، وبمنطق جدل ماركس ذاته ، انها تمتلك من حظوظ الفشل والنجاح مثل حظوظ قراءات الاخرين الخاصة ، التي لها ايضا تجربتها الشخصية ، في الممارسة او في التعامل مع النظرية .
ان تجاهل الاسس النظرية، ومضمونها الاجتماعي، من اجل المباشر، السياسي ، المدرك والمقبول،بدعم ممارسة ثقافة الابتزاز، والتخوين حماية لاجتهاد يغدو مقدسا، او لرؤية وقراءة قد تخفي اجندات خاصة، مصالح فردية او جماعية لا علاقة لها بالفكرة او مشروعها الاجتماعي(كما حصل في العديد من تجارب الدول الاشتراكية، والاحزاب الشيوعية في كل دول العالم )، ..او في احسن الاحوال قراءة خاطئة للفكرة او سوء تقديرللاولويات السياسية ، وبدعم من قاعدة اجتماعية او حزبية جرى تعليبها او تغييبها، بسبب قساوة الظروف السياسية ، وتخلف البنى الاجتماعية ، سيزيح اي عقبة تعترض طريق فرض القراءة الواحدة، التي لا تقبل شريكا في الاجتهاد والمبادرة. تجربة الاحزاب الشيوعية في الدول الغربية ، والدول "الاشتراكية " ، قدمت الكثير من الشواهد ، على فداحة الثمن.. من مصداقية الماركسية، وحقيقة وقواها السياسية ، وجمهورها الاحتياطي، جراء ثقافة الشك والخوف، والتخوين، والارهاب الفكري، والعزل والتشويه، بدل ترسيخ مناخات وثقافة احترام التعدية، ودعم مساعي الاجتهاد، وتعزيز مناخات الثقة . ان اي فكرة او عقيدة على الارض لايمكنها ، ان تغلق الباب عليها، خوفا من خطر قراءة ، يفترض ضعفها، ولا واقعية حجتها وهشاشة اسسها. فاشاعة ثقافة تقنين الاجتهاد ومدى الحرية في البحث ، وحصرها بمسارات مختارة ، مغلقة ، هيابة في تعاطيها مع المستجدات، لن تقتل فقط روح الحرية في الفكر، والانسان ، متلق او مبدع كان، ..وانما تقيد الفكر في ساحة ، تتحجر فيها احكامه وتتخلف عن الجديد في الحياة ، ما دامت اسيرة ذلك الخوف ، وتلك الاوهام . وبدل ان تتوظف الطاقات في الفعل والتغيير وفي الابداع، تتحول الفكرة مقدسا جامدا منفصلا عن الواقع والكيان والانسان. وبهذا تتكون ارضية لليئس من القدرة على التغيير، والشك بطاقة الفكرالمعرفية.
قد لا تكون هذه قراءة الاغلبية التي تقرأ الماركسية عبر منظار " حزبي " ، قد تستدعيه اعتبارات سياسية محظة ، او تأويل تعسفي ، يثلم علميتها، بالتركيز على ما يعتقد انه عقائدي فيها وعلى حساب نزعة وطبيعة منهجها الحي وفكرها العلمي، بالاختباء وراء فتوى اعتبارها " عقيدة الطبقة العاملة ".
الدفاع الايديولوجي ـ الحزبي لا يساعد في الغالب، على التعامل مع الفكرة، بسعة افق او رحابة صدر، والتقاط الجوهري في المشروع، والتعامل بمرونة متوازنة، واقعية ، مع الرؤى التي استدعتها او انتجتها ظروف تاريخية مضت، او هي ترتبط الان، بظروف تاريخية منتظرة او متوقعة ، من الصعب بل من غير المنطقي الجزم ، بالشكل الذي ستكون عيه او تتحقق فيه.
القراءة الايديولوجية اللاتاريخية،... عقائدية ،حزبية، ايمانية ، تسيء الى المشروع ذاته، منهجا ورؤية،احكاما، اكثر مما تخدمه. تنتقل بين التعصب والجمود في الفكر والتسرع في الاحكام، بالاستهانة بحقائق الواقع الحية،...وبين النكوص والانكفاء .. او الاستهانة بالمعايير العامة للفكر، وتاويلها سياسيا مع الصعوبات التي تتكون في منعطف تاريخي ما. هاتين النزعتين، القرائتين، الترجمتين،.المنهجين ، تتنقل في الواقع بين قراءة اطلاقية تقديسية تنتهي بالايمان المطلق بكل الاحكام ...الى موقف الكافر بالفكرة او المتخلي عنها، المتشكك بقدرتها المعرفية ، والمستهين باحكامها العلمية. ففهم مسار التطور العام في المجتمع انما هو قراءة "علمية" للماركسية ذاتها في ذات الوقت (المنهج ـ كاداة معرفة وبحث، ..واحكام تاريخية ـ من استقراء تجارب محددة.. وخلاصات تحتمل مستوى من التعميم ) ..قراءة تقدر اهمية تتبع التاريخ الواقعي لاي مجتمع وظروف تطوره. فخلاصات ماركس في التاريخ الاوربي ، لم تمنعه من الاعتراف بنمط الانتاج الاسيوي ، ظروف الملكية في بعض مجتمعات الشرق عموما ، وان يؤكد اهمية البحث الملموس ، في هذه االتجربة ومعطياتها المختلفة ، دور بعض البنى الاجتماعية والثقافية ، فيها.
ماركسية ماركس هذه قتلها ، في اغلب الحالات ولا زال خطأ ترجمتها ، فكرا ومنهجا، او تعصب حول هذا المنهج البحثي الملموس، والاتجاهات العامة واعم العلاقات المؤثرة في التطور، الى قانونيات مطلقة تقفز على التاريخ الحقيقي للمجتمع .
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساعدات بملياري دولار للسودان خلال مؤتمر باريس.. ودعوات لوقف


.. العثور على حقيبة أحد التلاميذ الذين حاصرتهم السيول الجارفة ب




.. كيربي: إيران هُزمت ولم تحقق أهدافها وإسرائيل والتحالف دمروا


.. الاحتلال يستهدف 3 بينهم طفلان بمُسيرة بالنصيرات في غزة




.. تفاصيل محاولة اغتيال سلمان رشدي