الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي/ معادلة الثقافة- المجتمع

محمد خضير سلطان

2008 / 9 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ماهي دائرة معارفنا العلوية؟
ماذا نعرف عن علي؟ سؤال طرحه بجرأة المفكر الاسلامي علي شريعتي وقبل ان يدلي باجابته ، تعرض الى سؤال المعرفة ما اذا كان مطلوبا الادراك في واقع الثقافة المعاصرة من ان حصيلة المعرفة بالشخصيات التاريخية، تمر عبر تجدد النظرة الى التراث وينابيعه، ولا تتجدد هذه النظرة ما لم تستند الى قدر كبير من قراءة عقلانية فاحصة وتأمل دقيق في عمقها التاريخي والانساني بعد ان تعبر مخاضات وتنضج من حقبة الى آخرى في ضوء علاقة المعرفة بالمجتمع وعلاقة الاثنين بدراما التاريخ .
وقبل ان تأتي اجابة شريعتي حول دائرة معارفنا العلوية، يضرب مثلا باحد الباحثين الذين يتصدون للبحث في شأن معين فيسارع الباحث الى المكتبة او الانترنت الآن ليجد مئات المراجع اذا اراد البحث في موسيقى بيتهوفن- والمثال نفسه طرحه شريعتي- او الروائي ديكنز ، مارك توين وغيرهما ، ولكنك حين تبحث عن مراجعك في شخصية مثل شخصية الامام علي عليه السلام ، لاتجد سوى كتاب واحد تم جمعه في نهضة معرفية منقطعة من الحقب المعرفية العربية والاسلامية الحديثة واذا واصلت البحث ، تجد آثارا هنا وهناك في السير التاريخية للمؤرخين الاسلاميين عبر مرويات العصور العباسية المتأخرة وتسلل الاسناد الروائي لحقب سابقة ، وبالتالي لايحتاج الباحث الى خارطة طريق منهاجية ، تؤمن له القاعدة المعرفية الاساسية لتحصيل المعلومة لتكون اساسا لانطلاق التحليل المعرفي بل يعمل في شان تأسيس القاعدة المعرفية اولا تمهيدا لمخاض الرؤية، وهو ما انتجته حقبة التنوير العربي والاسلامي يوما عبر منجز محمد عبده والافغاني وشريعتي في مابعد دون ان تأخذ السياقات الثقافية التحامها مع حركة مجتمع متصاعدة فكانت الدينامية المعرفية غير منسجمة مع الركود الاجتماعي في القرنين الماضيين فجاءت مسارات التنوير بمستوى اقل من مسارات الواقع المتغير باتجاهات عشوائية متفاوتة بين القديم والحديث، وهذا شأن آخر ليس مبحثه هذه السطور.
لنسأل ثانية، ماهي دائرة معارفنا العلوية اذا استثنينا الذاكرة الموصولة بالدراما التاريخية الملأى بالمرويات الشعبية التي تتلون بالهوية القومية لبلاد مابين النهرين ووراء النهر ومرو وبلخ وكابل حتى بلاد الصين، ماهي في ضوء انماطنا التحولية بين سفح الجبل وانبساط السهل ومفازة الصحراء اذ يتخذ مسار الحكايات العلوية شكلا متفردا لهوية سردية ، تسبغ على الشخصية ما تستعيض عنه من فقدان وتجمح اليه من نشدان، وليس غريبا على اسماعنا ما اعتقده البعض من تقديس وتأليه لشخصية الامام علي عليه السلام تبعا لاعتقاد راسخ منذ مئات السنين وحقبة بعد آخرى، ومن مكان لآخر، يتشكل البعد الثقافي عبر هيمنة الافق الاجتماعي والتاريخي قضايا الاحوال والنحل وليس العقل والنقل كما يقال.
واذ تجاوزنا سؤال المعارف العلوية الى من قرأ هذه المعارف انطلاقا من قاعدة معرفية آخرى شديدة الرسوخ، اي من تناول علي (ع) من منظور معين ومنهاجية محددة معرفيا بعقيدة ايديولوجية، ولعل المفكر هادي العلوي، يقف في مقدمة من تصدوا البحث على وفق المنهج المادي التاريخي ولكن يبقى الاساس الايدولوجي الاعتقادي والمنهجي كعقبة اكاديمية، تقف امام التطور التاريخي للمنهجية الاكاديمية المفتوحة ازاء متغيرات المجتمع والمكتسب المعرفي في اثرها، وبالرغم من ذلك فن قراءة العلوي الثقافية، تشكل جزءا من الوعي المعرفي بشخصية الامام علي وتضيف قدرا من النظرة الى التراث وينابيعه التي تحدث عنها شريعتي.
المفكر عزيز السيد جاسم ايضا ، القى نظرته الثقافية والسياسية على سلطة الحق العلوية من المنظار القومي واسس بهذا الاتجاه الخاص والمعتمل مع تجربته الشخصية مع الفكر القومي رؤية الى الينابيع القومية في الاثر العلوي.
ومن القراءة الحديثة للمعارف العلوية ما بناه المفكرون في القرون الحديثة على مااسسه المتكلمون الاسلاميون في القرن الرابع الهجري في اثر نزوع الحكم الاسلامي التسلطي الى الاستبداد واعتقاد المتكلمين بافول السيادة الدينية وهيمنة الارادة الملكية مما امتزجت نظراتهم الفلسفية بواقع تطبيقي، يستند الى قاعدة عريضة من الجمهور في كل الاصقاع ، واتخذ المتكلمون وجمهورهم من الامام محورا جوهريا ولامتناهيا في النظر الى الشؤون الدنيوية والآخروية واكتشفوا نظاما اجتماعيا ، يلغي الفوارق بين الحضور والغياب والوجود والعدم اساسه غياب العدل وحضوره في الارادة الالهية واغتصاب الملك لدى الطغاة وزواله المحتوم.
وثمة نظرة آخرى الى الامام علي في ما يترتب على الحقبة التي لحقت النبوة ، وتلك النظرة، تدعي بانها الاكثر واقعية بين النظرات السابقة بالرغم من انها تسفح السيرورة التاريخية للرؤية العامة ونضجها في الاذهان عبر الازمان وتجمد عند حقبة محددة من الدعوة والنبوة، فهو الصحابي الجليل القريب جدا الى رسول الله (ص) والذاب عن حياض الامة والمدافع الاول عن بيضة الاسلام ومستشار الخلافة والخليفة الرابع.
تظل القراءات الدينية والثقافية والتاريخية، منتظمة في شبكة معرفية ، تتناغم في اتجاه هنا وتبتعد في منحى هناك بمعادلة الثقافة- المجتمع ، اي ان السيرورة الاجتماعية والتاريخية، تفرض رؤيتها المعرفية تلبية لدوافعها في الفضاء الاجتماعي والتاريخي وتعطي توصيفا وقراءة للشخصيات انطلاقا من ذلك.
وفي هذا السياق فان النظر الى التراث وينابيعه لم تصل في الحدود المعرفية الا لتتناسب وتتلاءم مع مستوى دينامية الحاضر ودرجة تكامله العامة على الصعد كلها ولايمكن ان تتخطى منطقة الخطاب السائد الخالي من القاعدة العقلانية، وعلى هذا النحو فان القراءة الغربية كما في قراءة شريعتي التحديثية للشخصيات المؤثرة في دراما التاريخ والمعرفة او ما قرأه العلوي بالرغم من المقاربة المنهاجية المعاصرة ، ماهي الا توصيفات اولية لمشروع معرفي لم ينطلق بعد في اطار الواقع ولم تنضج النظرة الموصولة بالبعد القومي كما في طروحات عزيز السيد جاسم لسلطة الحق عند الامام علي ولذا فهو الظاهرة التاريخية العصية على التفسير التاريخي وهو الشخصية الابعد من الرؤية القومية المعاصرة وبالقدر الذي يتشكل كيانيا بالوجدان العربي والاسلامي الا انه ازمة حقيقية في تشكل العقل المعاصر.
يبقى علي (ع) عليا على مراهنات الارادة المتسلطة وحسابات الحقب وافرازاتها المعرفية ويظل مجالا مفتوحا لرؤى الفلاسفة مادام هنالك الطغاة والعتاة والغلاة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن