الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرشحة الجمهورية سارة بيلن

ريما كتانة نزال

2008 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



بعد ان قال اعضاء الحزبين الأكبر في امريكا كلمتهم؛ واختاروا مرشحهم لمنصب رئيس الولايات المتحدة الامريكية القادم؛ خلال الحملات التمهيدية التي شهدت معارك ضارية في أوساط الحزبين؛ وتحديدا في وسط الحزب الديمقراطي؛ والتي أسفرت في محطتها الأخيرة عن خروج السيناتور"هيلاري كلنتون" من السباق الى البيت الأبيض؛ لصالح منافسها السيناتور"باراك أوباما".

في المرحلة التالية لحسم مرشحي الرئاسة؛ قام المرشحان باختيار نوابهم لخوض الانتخابات؛ فوقع اختيار المرشح الجمهوري "جون ماكين"؛ على حاكمة ألاسكا "سارة بيلن"؛ كنائبة محتملة له في حال ظفره بالرئاسة؛ ولم يقع اختيار المرشح الديمقراطي على "كلنتون" القوية لتتبوأ منصب نائب الرئيس في حال فوزه.

تحمَس المجمهوريون للمرشحة الجديدة؛ وهو الترشيح الثاني في أمريكا لإمرأة لذات المنصب؛ فمن النادر أن رشحت المرأة في الانتخابات الأمريكية؛ وكانت قد رُشحت في عام 1984"جيرالدين فيرارو" عن الحزب الديمقراطي؛ ولم يحالفها الحظ بسبب خسارة الحزب الانتخابات في ذلك العام؛ في أسوأ خسارة شهدها الديمقراطيون مقابل الرئيس السابق "ريغان"، وتترشح حاليا "سينثيا ماكيني" عن حزب الخضر وهي من أصول افريقية؛ ومعروفة بتأييدها للقضية الفلسطينية؛ لكن حظها في الفوز يعادل الصفر؛ حيث يحصل الحزب على 2% من الأصوات.

أهمية اختيار نائب رئيس الدولة العظمى غير خاف على أحد؛ فهو اختيار يساهم في تسخين الأجواء؛ ويؤثر في حسم أصوات القطاع المتردد من الجمهور الانتخابي المفترض؛ الذي لا يزال متأرجحا بمواقفه؛ ممن لم يشاركوا في الانتخابات التمهيدية؛ بسبب انتظارهم لمعلومات اضافية تساعد في حسم الموقف؛ من ضمنها أن يطرح للتداول اسم المرشح لمنصب النائب؛ مما يسخن الاجواء الإنتخابية الملتهبة أصلا، فالنائب يقدم رصيدا جماهيريا جديدا للحملة وللمرشح الرئاسي؛ ويسحب في الوقت ذاته من رصيد الحملة والمرشح؛ وانطلاقا من حساسية الموقع؛ انطفأ الحماس الذي أُبدي للمرشحة "بيلن"؛ فموقع النائب ليس اقل حساسية وخطورة من موقع الرئيس؛ فقد يصبح الرئيس القادم للدولة العظمى في حالة الوفاة والاستقالة؛ وسيحمل الشيفرة النووية...

دواعٍ عديدة تقف خلف ترشيح "ماكين" لحاكمة ألاسكا؛ فقد لاحظ التأييد الذي حظيت به "كلينتون" من قبل قطاع واسع من الجمهور؛ ومن النساء على وجه الخصوص؛ فاعتقد بأن ترشيحه لإمرأة قد يساعده في امتصاص أصوات النساء الحانقات والمخذولات- بما فيهن عضوات الحزب الديمقراطي-؛ من عدم اختيار المرشح الديمقراطي "لهيلاري" القوية؛ والتي من شأنها أن توحد النساء المستقلات عموما خلف حملة الحزب الديمقراطي؛ بالاضافة الى الخبرة والحنكة التي أبدتهما في المرحلة التمهيدية للانتحابات، ومن الجانب الآخر فقد وقع اختيار المرشح الجمهوري على "بيلن"؛ لشبابها الذي ينقصه؛ دون اغفال العوامل الكامنة الأخرى في شخصية "سارة بيلن"؛ حيث عرفت المرشحة بمبدايتها وشفافيتها؛ وهي صاحبة تجربة ناجحة في تحقيق الاصلاح الإداري؛ كحاكمة لولاية ألاسكا؛ وسجلت تجربة ناجحة في ادارتها لبلدية "واسيلا" .

لكن المرشحة الجمهورية التي لها ما لها؛ يوجد الكثير مما عليها؛ فهي مصنفة ومحسوبة على التيار المحافظ في امريكا؛ حيث تقف في الجانب المناهض لحق الاجهاض؛ وتطالب عن العودة عن منح حق الإجهاض بالقانون؛ حتى في حالات الحمل بسبب الاغنصاب وسفاح القربى؛ ومارست مؤخرا موقفها بشكل عملي بوضعها لطفل منغولي، في الوقت الذي ضرب موقفها المناهض للإجهاض بحمل ابنتها خارج إطار الزواج، كما أنها تساند حرية الحصول على السلاح دون قيود، ولا تعتقد بأهمية تأثير التجارب على طبيعة الأرض بسبب تدينها الشديد.

وفي الجانب السياسي؛ أظهرت "بيلن؛ سذاجة وسطحية في تناولها للقضايا الهامة؛ وأظهرت ضحالة في قدراتها المعرفية والتحليلية؛ وظهرت فجوة واسعة ما بينها وبين نائب الرئيس المنافس؛ والمعروف بخبرته السياسية الواسعة؛ وبان بشكل جليَ انعدام قدرتها على صياغة التكتيكات الضرورية في الحملات الانتخابية؛ وتحديدا في طرح الإجابات الذكية حول الوضع السياسي والاقتصادي؛ وهما الموضوعان الذان يستحوذان على اهتمام الرأي العام الأمريكي؛ ويتم في ضوئهما حسم المواقف الإنتخابية؛ حيث ينتظر الجمهور الأمريكي الحلول للحرب في العراق؛ التي تكبد أمريكا الخسائرالبشرية والمالية؛ وينتظر الناخبون كذلك الحل المنتظر للأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بأمريكا؛ التي ينوء تحت ضعطها المواطن الأمريكي؛ والتي تنعكس حدتها على العالم أجمع.
لقد ظهرت "بيلن" في مقابلاتها الاعلامية ساذجة وضحلة؛ وبانعدام قدرتها على المناورة؛ حتى في المناظرة الأخيرة مع المرشح المنافس" جو بايدن"؛ والتي قام فريق مختص كبير من بينهم "هنري كيسنجر" بتحضيرها للمناظرة؛ كانت تتهرب من الإجابات الواضحة على الأسئلة المثارة.
لقد تحولت مواقف "بيلن" الى مادة للتندر الإعلامي؛ وموضوعا للتسلية في البرامج الترفيهية؛ ويتداول الإعلام رأيها بالموقف من روسيا؛ الذي اختصرته بالإجابة عن استطاعتها رؤية روسيا من شرفة منزلها في ألاسكا، وتكرار المواقف المؤيدة للرئيس بوش؛ على الرغم من تدني شعبيته في نهاية حكمه؛ حيث تُعتبر بأنها مثُلت المرحلة الأسوأ في تاريخ أمريكا؛ على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ولا يتم طرح الإنتقادات من قبلي انطلاقا من الاعتبارات السياسية؛ بل انطلاقا من الإعتبارات النسوية؛ فالمواقف الأمريكية لكلا الحزبين معروفة للشعب الفلسطيني ومختبرة؛ فعلى الصعيد الفلسطيني اتفق الطرفان في المناظرة الأخيرة؛ على دعم اسرائيل الدائم وغير المشروط؛ وأضافت "بيلن" من جانبها بموافقتها على نقل السفارة الأمريكية الى القدس؛ وبأن اسرائيل يجب أن لا يتم مساءلتها أبدا.

ان نجاح "بيلن" في مهامها كحاكمة وكرئيس بلدية؛ وشفافيتها ونهجها الاصلاحي؛ لا يشفعان لها ضعفها الشديد في الشؤون الأخرى السياسية والاقتصادية؛ ولا يجعلوا منها شخصية قادرة على تلبية استحقاقات منصب نائب الرئيس الأمريكي؛ فإدارة بلدية صغيرة يبلغ عدد سكانها تسعة آلاف نسمة؛ ليس كإدارة نظام الحكم والسياسة؛ ومتطلبات ومؤهلات الشخص الذي من الممكن أن يحمل الشيفرة النووية؛ ليست كالمؤهلات المفترضة في رئيس البلدية؛ وهذا ما ظهر سريعا للجمهور الأمريكي.

تحتل الانتخابات الامريكية المساحة الأوسع في البرامج الإعلامية، وظهرالاهتمام بالمرشحة الجمهورية؛ فشغل المرأة للمناصب السياسية لا زالَ في حدوده الرمزية؛ حتى في الدول المتقدمة؛ ففي أمريكا ومع ما تحمله من مواقف تمييزية وعنصرية على أساس اللون؛ إلا انها فضلت الرحل الأسود على المرأة البيضاء؛ ولا أطرح هذا انطلاقا من تبني مفهوم "عنزة ولو طارت"؛ بل انطلاقا من رؤية بأن القضية النسوية قضية فكرية؛ ذات أبعاد مصلحية؛ والسؤال الذي يطرح نفسه على أبواب الانتخابات الأمريكية؛ حول مدى تجاوز المجتمع الأمريكي بالأفعال للتمييز العنصري؛ وهل تفضيله "أوباما" على "هيلاري"؛ يعبر عن رغبة الأمريكيين في تجاوز التاريخ العنصري.. وعن رغبة حقيقية في إحداث التغيير..أم أنه اختيار المرغم وليس البطل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف