الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق والخيار الديمقراطي في الاندماج الاجتماعي وتعزيز مسيرة السلام

جاسم الصغير

2008 / 10 / 7
المجتمع المدني


عاش المجتمع العراقي في الماضي مسيرة سياسية تتسم بالتوتر السياسي بسبب شيوع طابع القمع والهيمنة والاستأثار السياسي للسلطة السياسية التي قمعت كل انواع التعبير السياسي الحر في المجتمع والغت كل انواع التداول السلمي والديمقراطي للسلطة السياسي وحرمت جميع الانشطة السياسية للتيارات والاحزاب السياسية وحصل بفعل ذلك انعدام حدوث حراك سياسي واجتماعي يستطيع ويساعد على بناء الذات العراقية والتي هي السبيل السليم لبناء تقاليد سياسية عريقة ذات سمة مؤسسية تمنع سيادة الاستبداد السياسي ونحن لانستغرب حدوث مثل هذا الشرخ والتصدع الكبير في هيكلية وقمة البناء السياسي العراقي لسبب هام في تقديري يتمثل في ان التغيير السياسي للسلطة السياسية حدث عبر ظاهرة جمهوريات الاغتصاب و السطو المسلح للعديد من الانظمة السياسية العربية ومنها النظام العراقي وليس نتيجة تغيير ديمقراطي سلمي عبر صناديق الاقتراع يقول الاستاذ حسن العلوي في كتابه بقية الصوت (ان النظام الجمهوري العربي ينشطر الى شطرين اولا جمهورية تقوم بعد عملية سطو مسلح لامر فوج او رئيس اركان جيش على بيت ملك وهو في غرفة نومه يهدده بقوة السلاح ويعرض عليه التوقيع على وثيقة التنازل عن العرش او القتل الفوري وعلى هذا المنشأ قامت جمهوريات في العراق واليمن وليبيا وثانيا جمهوريات نشأت بوثيقة استقلال وقيام نظام جمهوري مثل سوريا ولبنان والسودان والجزائر وموريتانيا وجيبوتي وحتى هذه الدول لم تسلم هي الاخرى فيما بعد من عملية اغتصاب السلطة) وهكذا نرى ان جمهوريات الاغتصاب قد قامت على اساس عسكرتاري عنفي الامر الذي يجعل من البلد مجرد ثكنة عسكرية وخالية تماما من من أي مؤسسة ذو توجه مدني وحسب رغبات وقرارات الحاكم العسكري والديكتاتور لان هذه الدول قد حدث التحول فيها بشكل قسري وليس نتيجة نمو طبيعي وتطور وصيرورة ديمقراطية يساعد البلد على بناء تقاليده الدستورية بشكل حضاري الامر الذي عزز تغييب الديمقراطية في كافة شؤون الحياة بل وازدرائها من قبل التيارات التي اغتصبت السلطة وتراكم التخلف السياسي وبشأن ذلك يقول الاستاذ ناجي علوش (ان من اهم اسباب خلق التخلف السياسي وما ينتج عن غياب أي نزعة للديمقراطية فكرا وممارسة يعود سببه الى ان المشكلة ليست مشكلة غياب الديمقراطية لان النظرة التي تتوقع من النخب الحاكمة ان تكون ديمقراطية هي نظرة خاطئة لانه وببساطة ان هذه النخب لم تأت الى الحكم نتيجة عملية شعبية لتكون انظمة ديمقراطية بل انها جاءت بطريقين اما وراثة السلطة او اغتصاب السلطة وبدعاوى ثورية او تقدمية وفي الحالتين هي عملية اغتصاب او هي بالمفهوم الفقهي امارة استيلاء غير قائمة على ارادة شعبية بل ناتجة عن قدرة قوة معينة في قطر ما على ان تستولي على السلطة)
( في الحداثة والتقدم- حوارات فكرية- رضا الملولي –تونس- ص 70) ومن هذا المنظور الذي لم يشذ عنه النظام العراقي السابق اذا لم نقل انه قد فاقه من حيث التحكم السياسي وحصل فعلا مااطلق عليه الناشط السياسي كنعان مكية (جمهورية الخوف) حيث ساد الفزع من رعب النظام السياسي السابق و العزلة التامة للمجتمع العراقي عن العالم الخارجي وحصلت قطيعة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وهذا امر يعرفه كل من عاش في العراق في ذلك العهد البائد ناهيك عن عسكرة المجتمع وخلق الحروب المتواصلة والمنهكة وبالتالي ساد التمزق السياسي ان مايهمنا في استطرادنا هو مسألة التعايش السلمي بين التكوينات الاجتماعية العراقية في تلك الحقب وهل هي كانت متوفرة للتكوينات الاجتماعية حقاً رغم التدخل السلطوي للنظام في السابق البائد والممنهج في اشاعة التفرقة والتشرذم بين التكوينات الاجتماعية وبالتالي حصول فجوة وانفصام نفسي تعمل السلطة على ترسيخ هذا الانقسام والتشرذم بين هذه التكوينات ومن ذلك مايطلق عليه الباحث حسنين ابراهيم توفيق ب ((العنف اللفظي)) الذي غذته ووظفته السلطات الاستبدادية في السابق عبر توظيف السخرية النابية من الاخرين ومحاولة الحط من شأنهم وممارسة العنف اللفظي الذي يردده افراد المجتمع ترديد اعمى من غير ادراك المرامي السيئة التي تعمل عليها السلطة الاستبداديةآنذاك للتفرقة بين ابناء الشعب الواحد فهذا ينتمي الى طائفة كذا وهذا ينتمي الى اصول غير عربية ورجمه بالعمالة والتشكيك في وطنيته وذلك يتسم بالبلاهة لانه ينتمي الى فئة معينة الامر الذي عزز مفاهيم العنف الخفي وفعل فعله السيئ على مستوى الذات و مستوى العقل الجمعي وعزز التشرذم والانفصام النفسي بين ابناء الشعب الواحد رغم ضخ كم هائل من الاعلام السلطوي لايهام الاخرين عن سيادة السلام والتعايش السلمي في ذلك العهد وانخداع الكثير من العرب وتصديقهم لهذا الخطاب السلطوي بل وتغنيهم عن ذلك التعايش السلمي غير عالمين بحالة التهميش والاقصاء السياسي لتكوينات هامة في المجتمع العراقي وهو ماتحدث عنه الباحث فرهاد ابراهيم في احد كتبه عن التهميش السياسي في العراق متخذا من الشيعة نموذجا بارزا لهذا التهميش والاقصاء وكاسوأ حالة تهميش واقصاءفي العصر الحديث( مع اننا نؤكد علمانيتنا وموضوعيتنا وحيادنا التام وابتعادنا عن أي تناول طائفي واحترامنا لكل التكوينات السوسيولوجية العراقية كحقائق اجتماعية قائمة) وفي ذات الوقت اطلق النظام البائد خطابا موازيا عن ان حالة الاحتراب الاهلي سوف تنتشر بشكل هائل في حالة سقوط نظامه ان النظام السابق طيلة فترة استحواذه على السلطة لم يتمتع بالشرعية ولم يستطع بناء استقرار سياسي واجتماعي حقيقي كبيقية الانظمة العربية المغتصبة للسلطة والتي تشهد اوضاعها السياسية والاجتماعية المتوترة في بلدانها على ذلك ( ان استمراراغلب هذه النظم لفترة طويلة دونما حدوث تغيرات كبرى لايعني تمتعها بالاستقرار الطبيعي الناجم عن تزايد رصيد شرعيتها بل يمثل هذا الاستمرار نوعا من الاستقرار السلطوي القائم على انخراط هذه النظم في ممارسة العنف لضمان استرارها )(( ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية – د0 حسنين توفيق ابراهيم – مركز دراسات الوحدة العربية – ط2 –بيروت نيسان 1999- ص 28)) والان وقد وبعدما جاءت اللحظة المفارقة وقد مضى على سقوط النظام خمسة سنوات وانتهاء حقبة وعهد الاستبداد السياسي والاستاثار بالسلطة وحل محله نظام سياسي يعتمد الالية الديمقراطية في كل الممارسات المنبثقة عن هذه الالية سواء في تشكيل المؤسسات السياسية والتشريعية والتنفيذية والقضائية او في الممارسات ذاتها ومنذ التغيير السياسي الذي حصل وحدوث الحراك الساسي في المجتمع العراقي ترافقت مع هذه الالية الديمقراطية نزعة تشكيك في قدرة الديمقراطية في حفظ السلم الاجتماعي اثر حصول حالات تصادم طائفي تتسم بطابع فردي وليست مسيسة بفعل تشبع العقل الباطن بالافكار الشوفينية للنظام البائد واستهداف التجربة العراقية الجديدة من قبل جهات سياسية عديدة تعلن عدائها للنهج الديمقراطي وحسب زعمهم حصول انفلات سياسي وأمني مؤسف بين مكونات اجتماعية عراقية تصب في خانة الاحتراب الاهلي بفعل احداث واسباب عديدة منها مايتعلق بتيارات سياسية تتكأ وتنغلق على الطائفة مارست دورا سياسيا لايتسم بالسمو والسلوك السياسي المنضبط وحصول احتقان طائفي كبير وهو الامر الذي عملت اجندات كثيرة منها الاقليمي والخارجي على حصوله لافشال التجربة السياسية العراقية الجديدة ومن هنا راهنت جهات عديدة على ان المجتمع العراقي مقبل على احتمالات سياسية كبيرة تشكل منعطفا خطيرا تتمثل في ان الديمقراطية نهج وثقافة لايناسب المجتمع العراقي وهي سبب كل التأزمات وانها سوف تدفع بتقسيم وتمزيقه الى دويلات طائفية عديدة وان الحكم المركزي الصارم والنزعة الشمولية هو وحده الملائم والكفيل بالحفاظ على وحدة هذا البلد ولنا الان ان نناقش بهدوء هذه المنطلقات وهل تصمد امام التحليل والحوار وبدأً نقول لتفنيد هذه الاراء المتشبعة بثقافة سياسية عنصرية واقصائية من اجل بيان ان الذي حصل ليس بسبب الديمقراطية بل بسبب ان هذه الديمقراطية اضرت بمصالح ومناصب الكثيرين من الذين اثروا في السابق بسبب قربهم من النظام السابق وان هذه الديمقراطية خلقت واقعا سياسيا جديدا يتمتع بالشرعية وان الصراع الذي كان سائدا في المجتمع العراقي في السابق لم يكن صراعا ذو سمة طائفية بين المكونات الاجتماعية العراقية بل هو صراع ذو طابع حزبي بين احزاب معارضة عراقية شريفة وسلطة استبدادية عملت على ترسيخ الطائفية السياسية في قمة هرم السلطة واستاثرت بالسلطة والغت كل وجود للاخرين سواء كان سياسيا ام اجتماعيا وهذه الاحزاب السياسية التي قارعت السلطة الاستبدادية كان الانتماء السياسي لها يقوم بدافع وطني وليس طائفي وكانت منفتحة على الجميع افراد المجتمع العراقي ثم ان السلطات السابقة التي كانت تقوم على اساس شمولي ومركزي مقيت رغم كل الامكانيات التي كانت تمتلكها لم تستطع ان تحافظ على وحدة الاراضي العراقية ولا على السلم الاجتماعي بسبب تخلفها السياسي وصرامتها الايديولوجية واتخاذها سياسة المحاور في خلق اعداء للعراق من قبل انظمة دول الجوار ورغم تنازله لهم عن اراضي لايران والاردن والكويت والسعودية ورغم ذلك ساد التوتر بين النظام العراقي وتلك الدول فيما بعد وهو الامر الذي اضر بمصالح العراق كثيرا في الماضي صحيح ان العراق اليوم يمر بفترات عصيبة سياسية واجتماعية يتخذه الاعداء ذريعة لعدم نشر نهج و ثقافة وممارسة الديمقراطية وانها سوف تمزق البلاد لانهم يرون الجزء الظاهر فقط من جبل الجليد ولاينظرون الى الجزء الغاطس من هذا الجبل بسبب سطحية رؤيتهم ولانه اننا امام معادلة تقول اما اننا نتابع مسيرتنا في النهجح الديمقراطي والصبر عليها وبعض الاخطاء التي قد تقد او بخلاف ذلك انتشار التطرف بكل سيمائياته وهو الامر الذي لانبغيه جميعا وايضا لان الكثير من هذه المصاعب والعراقيل التي نراها اليوم يعود الى تراكمات ماضيوية منها مايتعلق بشكل الثقافة السياسية التي سادت وهي بمجملها ثقافة سلطوية شمولية عنفية مؤدلجة ولاتؤمن بالحوار السياسي تشبعت بها الاجيال طيلة فترة خمسة وثلاثون عاما ونتيجة لعدم التثقيف والممارسة الديمقراطية حصل فقر حضاري واجتماعي للذات العراقية فكان طبيعيا جدا ان تحصل مثل هذه المخاضات في المسيرة العراقية ولاني انظر الى الجزء الممتلئ من الكأس وبالتالي انا متفائل رغم هذه الاحداث اقول ان مجتمعنا العراقي والعقل العراقي مازال بخير لانه ولاول مرة في تاريخه يتاح له حرية الاختيار والسير في بناء الدولة العراقية بنهج سياسي يتخذ من الديمقراطية والتي هي سمة العصر اليوم بكل حرية وانفتاح سياسي من غير أي وصاية او ادلجة سياسية فوقية او مفروضة على افراد المجتمع وخلاف لكل الاصلاحات السياسية الشكلية التي يجري الحديث عنها وهذا امر هام لكل من يقدر النهج الديمقراطي وضرورته لبناء مؤسسات الدولة وتنمية طاقات افراد المجتمع وغير متناسين اننا وسط مناخ اقليمي استبدادي ويحارب هذا التوجه الديمقراطي خوفا وخشية من تاثيره المستقبلي على الانظمة السياسية المستاثرة بالسلطة منذ فترات طويلة في تلك البلدان ثم ومن تجارب دولية تبين اهمية المنهج الديمقراطي في حفظ وحدة الدولة والحفاظ على التماسك والسلام الاجتماعي ومايتماثل مع تجربتنا وظروفنا العراقية هي التجربة الهندية من حيث التنوع العرقي والاجتماعي جاء في تقرير بعنوان ( بعد التقسيم والعنف المفرط الديمقراطية في الهند نموذجا) نذكر منه هذه الفقرة الهامة ( في عام 1931 حذر ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا من انه اذا غادر البريطانيون الهند فان الاغلبية الهندوسية ستكون لها السطوة المسلحة وستنهارالخدمات العامة وقد تعود البلاد بشكل سريع الى همجية وفاقة القرون الوسطى ولكن بعد ستعين عاما وعلى الرغم من الطقوس العنيفة لولادتها استمرت الهند في البقاء وبدأت في الازدهار كأكبر ديمقراطية في العالم ودولة علمانية الى حد بعيد وقال راما تشا ندرا جوها في كتابه اتلواسع الانتشار تاريخ الهند بعد غاندي ان البزوغ الاقتصادي للهند اليوم يلفت الانتباه في كا انحاء العالم ولكن قصة النجاح الحقيقية للهند الحديثة سياسية وليست اقتصادية وان بقاء الهند دولة واحدة بعد ان مر عليها ستون عاما من الاستقلال وبقاءها دولة ديمقراطية الى حد كبير حقيقتان لابد وان تجذبا انتباها عميقا) ان الديمقراطية عندما يتم الايمان بمبادئها والاسير بهدى افكارها وتطبيقاتها كأستشراف للمستقبل هي البوصلة الحقيقية للوصول الى بر الامان ومامثال المذابح وحجم الكراهية الذي كان سائدا في التسعينات في البلقان بين مكوناتها الاجتماعية كان ينذر بالشؤم في ذلك الوقت ولكن الديمقراطية كانت خير دواء لهم واليوم البلقان مجتمع يتسم بالهدوء والمسرة الاجتماعية والسياسية والمتصاعدة الوتائر وذلك بفضل استثمار الديمقراطية وادواتها مع اهمية تقدير عامل الوقت والصبر السياسي على نتائجها لانها ليست حلا سحريا للمشكلات الطويلة في جسد الامة بل هي افضل الحلول التي توصل اليها الفكر البشري للتخلص من المشكلات التي تراكمت عبر الزمن وخاصة للمجتمعات التي تتسم بتنوع سوسيولجي عرقي واثني ومنها بالطبع مجتمعنا العراقي الذي ورث جملة من الاشكالات السياسية من النظام البائد ونهجه المتخلف والتي لن تحل الا بالفلسفة والالية الديمقراطية ونحن نقدر ان العديد من الاخطاء قد حصلت اثناء تطبيق بعض مفردات النهج الديمقراطي في الفترة الماضية بعد 9/3/2003ولكن هذا امر طبيعي واننا في بدايات المسيرة في طريق الديمقراطية الطويل و وان امم عديدة سبقتنا في مضمار تطبيق الديمقراطية قد حصلت فيها اخطاء في التطبيق ولكن تبقى الديمقر اطية هي التي تتيح السير بمسيرة سياسية هادئة من غير انفجارات او هزات سياسية او اجتماعية لانها تتيح الفرصة بالتساوي للجميع وتحافظ على السلم الاجتماعي والذي هو هدفنا جميعاً0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا