الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وحي ثورة اكتوبرالخالدة .. نظرة على الازمة الحالية ..تدخل الدولة... استلهام ماركس.. وتامل في بصيرة لينين.. 2

ثائر سالم

2008 / 10 / 9
ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم


تركة وعواقب

منع الدولة من التدخل في الاقتصاد او السوق ، كانت الحجة الاساسية التي بنى عليها المحافظون الجدد ، اهم حججهم الاقتصادية والسياسية ، وايديولوجيتهم عموما. ورغم ان هذه الدعوة او الادعاء ينطوي على مغالطة مكشوفة ، على المستوى النظري والسياسي والعملي ( الاقتصادي )، ويجعلها اكذوبة تافهة، لا تكذبها فقط ، سياساتهم قبل الازمة،( التي تميزت باستمرارالدعم، للقطاع المالي او لشركات راسمالية معروفة ، وازالة العقبات من طريقها والتغاضي عن عمليات الفساد ومخالفاتها) ، ولا فقط موقفهم في الازمة الحالية، (وحجم الدعم المالي الذي قدم لراس المال المال المالي)، وانما تاريخ كل السياسات الاقتصادية ، التي قامت في بلدهم منذ الكساد الكبير حتى الان .(1).
تداعيات حدوث انهيارالاقتصادي يتعذرفيه هروبه ، او يفقد فيه اي معنى اقتصادي، قد يهيء الارض الى فرضه فاشية(نوع منها ، متاقلمة مع العصر)، حدة تطرفها ستكون رهينة شدة الازمة، وسياستها ستكون بالتاكيد، اشد تطرفا واكثر وقاحة ، مما هو عليه سلوك آبائها اليوم .
قد تلبس(على الاغلب) ثوب الوطنية الامريكية، تحت شعارحماية مستوى معيشة المواطن الامريكي ، او مصالح امريكا القومية، او الامن القومي الامريكي( لقد عبرت عن هذا دوما، وستفعله في المستقبل ايضا اذا كان ذلك ممكنا، ونافعا لها. وربما تحت يافطة الدين، (بصيغة الحرب على الارهاب ، او تاجيج الصراع والتعصب الديني). وهذا طريق سار عليه وترجمه " المؤمن بوش" ، حتى الان . وقد عبدت سياسته طيلة السنوات الماضية ، الطريق الى ولوج هذا النفق المسدود حينما يتطلب الامر.

او قد تعود الى معزوفة " العرق" البائسة " ، البهيمية ، مجددا. ولكن دون ان تاخذ على الاغلب ، شكل حروب عالمية( لانه لا يمكن لاي قوة كبرى، ان تنجو من آثارها المدمرة الان).. الا انها قد تختار تشديد الخيار الحالي، .. الرهان على حروب تعبد الطريق للمكاسب الاقتصادية المطلوبة، كما فعلت حتى الان . ودون ان يمنع ذلك طبعا ، احتمال حصول انفجارات اكبر مدى، ، تتفاوت في شدتها حسب مناطق الاحتكاك ، واهمية المصالح،..تفرض نفسها عليها، او تسعى هي لها من اجل تنفيس الازمة. والازمة الجيورجية تحديدا .. واحتمالات الانفجارفي البلقان ، وفي المنطقة الكورية ، وفي الشرق الاوسط ..الازمة الايرانية ، الاوضاع العراقية، والمشكلة الفلسطينية ، التوترات السورية اللبنانية ...الاوضاع الباكستانية، الجبهة الافغانية..…او نقل التصعيد الى امريكا اللاتينية، (بلدان الشر فيها )…وحتى في ساحة اوربا الشرقية والحدود مع روسيا ،…والاخطر احتمال بلوغها الساحة الروسية اذا ما اقتضى الامر.

هذه ليست فقط مناطق مرشحة لهذا التطور لكونها تحمل في ذاتها عناصرالانفجار او عناصر النزاع ، وانما هي، الان وقد تغدو في المستقبل، مناطق مطلوبة للقيام بهذه المهمة، التي لايمكن القيام بها، في مناطق اخرى ، او بادوات السياسة الحالية. ووجود جون ماكين بتشدده وارائه المعروفة ازاء الاتحاد السوفيتي والعراق ومناطق التوتر الاخرى، في انتخابات الرئاسة وبلوغه المرحلة النهائية، او فوزه بالرئاسة، هو تعبيرعن هذا القلق ، ومسعى لتوفير ارضية الاستعداد، لاحتمالات الاضطرار لهذا المسار.

الامريكان يعرفون كما يعرف الاخرون ، حلفائهم واعدائهم ، درجة المصاعب التي تواجه الاقتصاد الامريكي ، ومخاطر وامكانات حصول انهيار اقتصادي ، لا تستطيع كل آليات السوق حينها تداركه ، اذا مابلغ المنطقة التي لاعودة فيها وتطلب الامر، الانتقال الى آلية تدخل الدولة، يكون بمدى معين ، وشكل ما ، على حساب مصالح قطاع من القطاعات الراسمالية .
ولكن الانتقال الى آليات الدولة لا يمكنه ان يمر بسهولة، في مجتمع كمجتمعهم ، لا زالت تقاليد وثقافة السوق الحرة والملكيات الكبيرة، ومشاعر الخصوصية والتفوق ، تخفي ثقافة عنصرية، قوية فيه ، ولن تتقبل الهزيمة بالسهولة التي يمكن ان تحصل ، في اغلب البلدان الاوربية، ذاقت الفاشية ، وتمتلك علاقة طويلة مع السياسات " الاشتراكية" ، للاشتراكية الديموقراطية.
حال المحافظين الجدد، والطبقة الراسمالية برمتها ،( ليست في هذه الازمة فقط ، بل في كل الازمات) ، شبيهة بحال اولئك الذين يصنعون صنما( وهذه حقا جاهلية) من حجر ويتخذونه الها لهم، واذا فشل هذا الاله في تحقيق مطالبهم، غضبوا عليه (وهذا وعي وموقف لاجاهلية فيه) واكالوا له الشتائم والسباب ، وقد تصل حد القذف به ( وهذا ما يامل فيه كل الماركسيين ).
اما اغلب الليبراليين(خارج اليسار) ، اللذين يميزون انفسهم عن الراسمالية المعاصرة ، لا يروا حتى الان ان المشكلة تكمن في رؤيتهم الفلسفية ذاتها. رؤيتهم في قضايا ، الحرية ، العدالة ، الديموقراطية وحتى الانسانية عموما، التي تقوم على حماية آلية السوق وتبريرها..
اما حال دول مثل الصين او روسيا، الذين اضطروا( بمعنى من المعاني )، للتحول الى آلية السوق ومسايرة تجارب الاخرين ، الدول ذات النزعات اليسارية المعادية للهيمنة اللامبريالية(2) ، ومعهم اليسارالليبرالي (3).....فيبدو حالهم كحال اولئك الاعراب اللذين ، اختاروا او اضطروا الى صنع الههم من " التمر" احترازا، او مسايرة للموجة السائدة ، وللاخرين الذين صنعوا الهاتهم من الحجر،… ولكنهم كانوا على اتم الاستعداد ، في الانقضاض عليه ، واكل جزء منه، اذا ما خذلهم ولم يعالج جوعهم او حاجتهم ، بل والاستعداد لاكله باكمله، في اوقات الضيق والمجاعة. وكان لسان حالهم، يقول" اذا لم تنفع فلن تضر".
ويتشارك في هذا الوضع
اتمنى ان اكون مخطئا ، في كوني لا اراها متوفرة في منطقتنا حتى الان. رغم ان احتمالات حصول تطورات دراماتيكية في الاقتصاد الدولي، واقتصاد الولايات المتحدة وانعكاسها على اقتصاديات المنطقة، لازالت قوية ، الا ان عمق وسعة المصالح الامريكية ، في المنطقة ، ومستوى الضعف الذي يعم المنطقة ، والدور الذي يمكن ان تلعبه في المساعدة في تخفيف الازمة العالمية، تدفع بتصاعد الضغط الامريكي على دول المنطقة ، والتشبث بالتحكم فيها. وتجعل من قضية الوجود الامريكي في العراق، ومسألة حسم الملف مع ايران، قضية مؤثرة على نوع استجابة المنطقة. ولكنها لاتنفي امكانية شكل ردود الافعال الجماهيرية ، والعفوية او التي تتقدم على ، مواقف المنظمات السياسية التقليدية ، وقد تجبرها على اتخاذ مواقف اخرى مغيرة تماما.
بعض الدول الاوربية اقدمت على تاميمات ، وقد يتوسع هذا التوجه على الاقل في الفترة القادمة القريبة . كانت ردة فعل فرنسا قوية ، صريحة ، جريئة، مفاجئة للكثيرين. لا سيما وهي تبلغ هذا المدى على لسان رئيسها ساركوزي ..وهو يعلن مسؤلية قوى السوق، وينعي موت حرية السوق ومبدأ " دعه يعمل دعه يمر" ، وظرورة الرقابة وتدخل الدولة... لم يصبح ساركوزي اشتراكيا ، ولا ماركسيا(4).... ولكنه يدرك عواقب ماحصل ، والثمن الذي يمكن ان تدفعه فرنسا والبرجوازية الفرنسية، في تطور اقتصادي حاد او دراماتيكي، سيعزز الضغط الشعبي باتجاه الخيارات وحلول اليسار الفرنسي ، المؤهل تاريخيا ، وثقافيا والوحيد القادر تخفيف اعباء الازمة على البلد والناس. فليستعد للامساك بالخيط ، قبل ان ينتزعه الاخرون منه ومن معسكره. ساركوزي لم يتردد ايضا في ادانته للنظام المالي الامريكي ومسؤليته عن التداعيات على النظام العالمي …ليس لحقيقة الترابط والاندماج ، فيه فحسب بل لان شعبه يتذكر انه، هو من دعا وعمل فعلا ، على الارتباط الوثيق بامريكا المحافظين الجدد ، وبالاقتصاد الامريكي.
اما محاولة بقية الدول الاوربية ، رغم حدة الموقف الالماني النسبية لتصويرالامروكأنه فقط او بالاساس نتاج حماقة ولا عقلانية سياسات المحافضين الجدد، الامريكان والطغمة المالية وكل من في خندقهم، رغم اقرارهم بدورما لقوى السوق، وباحتمال اللجوء الى تدخل اوسع للدولة ، وبظرورة تحقيق تغييرات مهمة في النظام الدولي . الا انهم لم يصلوا الى ما وصل اليه ساركوزي. ولاختلاف الاوضاع والقدرات الاقتصادية ، ودرجة الترابط مع الاقتصاد الامريكي بينهم ، دورا في هذا التنباين.

ان العلامة الاساسية لطابع الدولة الراسمالي ، وهي تعمق تدخلها الاقتصادي او الرقابي ، لا يمكنها ان تاخذ شكلا يتجاوز راسمالية الدولة. فاعتماد الدولة سياسات وخطط،، تحمي بعض حقوق الطبقات الشعبية ، او مصالح البلد الاقتصادية الكبرى، كالقيام بالتاميمات، كما حصل في الموجة التي عمت العالم في النصف الثاني من القرن الماضي ، لايغير من حقيقة كونها ، دولة راسمالية ، ما دامت تخدم وجود او تستهدف خلق وتقوية فرص تطور راسمالي في البلد ، او توسيع مصالح وقاعدة او طبقة راسمالية، تتكون على جانب الدولة ، وتكون مساعدة في عملية التنمية الراسمالية للبلد، على امل ان يتمتع القطاع الخاص اخر الامر، بالحرية والسيادة على السوق . او وبمنح امتيازات تشجع الاستثمارالاجنبي والمحلي ضمن علاقات انتاج راسمالية الراسمالي ،تفتح الاسواق المحلية امامه تاركة للراسمال فرصة استغلال الطبقة العاملة ، وسرقة ثروة البلد ، وتحقق سيادة الراسمالية، الاقتصادية والسياسية .

وهذا هو ابداع ثورة اكتوبرالخالدة ، وسرعدم تحول ملكية الدولة العامة الى راسمالية الدولة ، او امتلاكها طابع الراسمالية. مادامت لا تتحقق عبر آلية راسمالية( الاستحواذ على فائض القيمة) ، او تؤدي هذه وظيفة حاضنة وحامية للطبقة الراسمالية ونمط اقتصادها ، على المستويات الاقتصادية القانونية والسياسية ، دع عنك الجانب الايديولوجي ، الذي هو التعبيرالادق عن الطبقة ونمط الانتاج القائم او المطلوب قيامه.
ولنا توضيح في هذا الموضوع في الحلقة القادمة
(1). كانت الدولة تواصل سياسة الدعم الحكومي الى الشركات الراسمالية ، في كل السياسات والاقات ـ في زمن اليمين واليمين المتطرف، حتى في زمن اكثر الرؤساء الديموقراطيين،
ومنهم كلينتون، ، اللذين ادعوا دوما الاهتمام بقصايا الطبقات الشعبية ، وتحسين حياتهم. انهم في الحقيقة لم ولن يتوقفوا ( حتى باراك اوباما ـ اذا ماوصل السلطة)عن تقديم مليارات الدولارات للشركات الراسمالية ، وللاحتكارات المالية. فتلك الطغمة المالية ، هي مالكة القرار السياسي والاقتصادي في البلد. ونمت وستعيش في كنف ودعم وحماية وخدمات الدولة القانونية والسياسية والعسكرية . وستبقى الدولة الحاضنة التي لا حياة ولا نمو لراس المال الكبير، خارجها في بلدهم وفي كل بلدان المركز الراسمالي الاخرى. (انظر اغلب مؤلفات نعوم تشومسكي. تجد ادلة هائلة على حجم واستمرار الدعم لحكومي للاحتكارات الكبرى)
(2)التي رغم الضغوط التي تتعرض لها، تواصل اجراءات التدخل الحكومي ، للتاثير على السوق وحماية الطبقات الشعبية من فوضى السوق (تجربة الاسواق الخاصة في فنزويلا)،
فان هذه التطورات منحت توجهاتها ،مشروعية ومصداقية اقوى ، ستعزز فرص تنامي قوى اليسار، في القارة والعالم
(3) تعزز هذا التيار اثرانهيار المعسكر الاشتراكي ، وتاثرت به الحركة الشيوعية في العالم وفي منطقتنا..اثر موجة التنافس على مراجعات لتدربة الاشتراكية ، يثبت اليوم انها لم تكن منصفة ولا امينة في الكثير من جوانبها.
(4)انه بهذا الشكل او ذاك..اثر عاصمة النوروالانوار ، الفكر والثقافة.. اثرالكومونة ـ جرأة الثورة المبكرة في اندفاعتها....واثر وارث الماركسية العميق الجذور، في الثقافة الشعبية، والنخبوية .. وماركسيوا باريس الكبار باسهاماتهم ، بجراة مبادرتهم واجتهادهم ،...حتى بات من الصعب وجود مثقف فرنسي لا يشعر بصلة الى رموزالماركسية الكبار هؤلاء.
هذا الارث لايمكن لساركوزي او اي غيره ان يدفنه، لا سيما في ازمة كهذه)










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل