الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكام العراق تذكروا ، إن الفساد مفجر الثورات ومهلك الفاسدين

هرمز كوهاري

2008 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لو رجعنا الى التاريخ ، تاريخ الشعوب وإنتفاضاتها وثوراتها العنيفة
، لوجدنا أن معظمها إذا لم نقل كلها كانت ثورات الجياع بسبب فساد وإستهتار الحكام المجانين وحاشيتهم وأزلامهم المقربين اليهم بإستهتارهم بحقوق وثروات البلد وأموال الشعب بالصرف والتبذير، وأكثر المجاعات كانت نتيجة عدم العدالة والمساواة في توزيع ثروات وبالإضافة الى عدم تطبيق القوانين بصورة عادلة منصفة والتمادي بهذا السلوك دون الإلتفات الى ما كانت تعانيه الشعوب من الظلم والضيم ، وهذا ما يجري في العراق حاليا وأكثر ..ومنها:

1 - فتلك الثورة الفرنسية التي كانت بحق والحقيقة ثورة الفقراء والجياع كان البلاط الفرنسي و الملكة ماري إنطوانيت باللذات وجنونهم في الفساد بتبذير وتبديد أموال الدولة وميزانيتها بدون حساب ولا كتاب ، بإقتناء ما ندر وغلا من المجوهرات والبذخ في كل مظاهر الحياة من إستهتار ومجون وجنون ، وبتمتع أزلامهم وحاشيتهم ولم يُبقوا منها للجياع حتى الفضلات !، فضلات ذلك البذخ والفساد وقيل :عند مواجهة الملكة الجياع أمام قصرها طالبين الخبز ، إستهانت بهم وأذلتهم وأهانتهم عندما قالت : إذا لم يجدوا الخبز ليأكلوا الكيك !! وكان مصير راسها ورأس زوجها الملك لويس سلة المقصلة ، سلة الفضلات ! التي هيأ ها لهما الجياع ولم يكن في تصورهما حتى في الأحلام أن غضب الجياع تفجر وتقطع رقاب الملوك والرجال بل تزلزل الجبال !!

2 - والثورة البلشفية في روسيا بقيادة الشيوعيين وقائدهم فلاديمير لينين كانت هي الأخرى ثورة الجياع والكادحين ضد الفساد ومجون القيصر وأتباعه وحاشيته ، كان شعارها الثورة [ الخبز والأرض والسلم ]، فكانت الجماهير قبل الثورة تنظم مسيرات إسترحام ، إسترحام من القيصر والقيصرة ، يطلبون الرحمة وتوفير الخبز لهم ولإطفالهم ولعوائلهم دون أن يتلقوا جوابا ولا نتيجة ولا إلتفاتة وذلك زيادة في إذلال الجياع ، آخرها مسيرة أحد الأسود بقيادة القساوسة والمطارنة عسى أن يلين الله! قلب القيصر ويترحم عليهم فوزعوا على صدورهم الرصاص بدل الخبز والجبن وسقط العشرات شهداء الخبز ، وكأن لسان حال الحرس يقول : إن لم تشبعوا من الخبز فإشبعوا من الرصاص !! وكما قال الجواهري في قصيديته تنويمة الجياع :
" نامي جياع الشعب نامي ، حرستك آلهة الطعام
نامي فإن لم تشبعي من الطعام فمن المنام ..."

وحين ذاك لم يبق لقادة للجياع حلا آخر غير الثورة وإعادة الرصاص الذي تلقوه الى صدور القيصر والقيصرة وأزلامهم ثم كان ما كان .

3 - وكانت إنتفاضة 1948 في العراق وكثير من القراء عايشوها وأنا
أحدهم ، كانت البداية أو الشرارة الأولى رفض معاهدة ( بورت سموث ) التي كانت تجديدا لمعاهدة 930 المشؤومة ، وسميت بإسم الميناء التي عقدت فيه ، وقد زرت الميناء المذكور نهاية السبعينات للذكرى فقط ، ولكن في حقيقة الإنتفاضة كانت نتيجة المجاعة الرهيبة ولهذا رفعوا أخيرا شعارا: " ليسقط الصمود الأسود " نريد خبزا وعملا " وكانوا يرفعون الصمون الأسود على الأعواد كشعار للإحتجاج على المجاعة ويهووس به ، علما بأن تلك المجاعة لم تكن نتيجة النقص في محصول الحبوب في تلك السنة بل نتيجة الفساد حيث صدّر من الحنطة العراقية الى الخارج وفي تلك السنة بالذات من قبل الإحتكاريين أعوان الحكام ، ما يزيد على نصف مليون طن (530 ) الف طن !! كما ذكر المؤرخ( حنا بطاطو ) في كتابه [ العراق ] نقلا من الإحصائيات الرسمية للحكومة العراقية !!.

4 - أما إستهتار وفساد صدام وأزلامه وجنونه الى حد فقدان الرؤية حتى تساوت أسماءه الحسنى مع أسماء الله وزيادة ، فالله لم يحصل على لقب إله الضرورة ! بل العقل تكرم وإكتشفه ، ولولا عقل الإنسان لبقي الله منسيا هناك في إحدى زوايا الكون المجهولة !! بينما صدام حسين ، فالتاريخ فرضه فرضا ًعلى العقل ، لذا سمي بقائد الضرورة التاريخية أي أن التاريخ فرضه رغما عن العقل والتفكير !!! هذا وإن جنونه كان من نوع جنون العظمة إضافة الى جرائمه الجنائية في القتل والإعدامات والإبادة الجماعية والأنفال والحروب العبثية غطت على إستهتار من سبقوه في تبذير أموال الدولة و وتفوق في الفساد كل ما ذكر ولم يذكر !.

ويبدو أن أكثرية حكام العراق المتعاقبين على المسؤولية ،منذ سقوط البعث حتى اليوم ، ليسوا أقل فسادا وجنونا في الفساد المالي والإداري والتفرقة بين مكونات الشعب ، فالشعوب العراقية الأصيلة أصبحوا ( البدون ) أو تبعية ولكن لمن هم تبعية ؟ ، إنهم فعلا تبعية لبلدهم العراق أي ، بيثنهرين ، و والمهاجرون أصبحوا أهل البلد الأصلاء !!

لا البلاط الملكي الفرنسي ولا البلاط القيصري الروسي ولا العهد الملكي في العراق ، بلغوا من جنون الفساد ما بلغه جنون الفساد في العراق اليوم، الفساد المالي والإداري ، علما بأن عهد نوري السعيد كان أنزه من أي عهد آخر عدا سنوات ثورة 14/ تموز / تلك الثورة التي كانت محاولة لإعادة صياغة المجتمع العراقي صوب رفع الفقراء والعمال والفلاحين والطلبة والنساء الى حياة كريمة وعيشة مرفهة ورفع الظلم والإستغلال والإذلال الذي أصابهم منذ عشرات القرون من الطبقة الجشعة المستغِلة من الإقطاع والآغاوات والإنتهازيين ووأزلامهم .
.
في هذه الفترة منذ سقوط سلطة البعث وصدام حدث نوع من الفلتان في الفساد والإستهتار بحقوق الناس الى حد الجنون وكان للأحزاب الإسلامية ومليشياتها حصة الأسد في المسؤولية ، الأمر الذي فاز به العراق لاول مرة بلقب أكثر الأنظمة فسادا من مجموع ما يقارب مائة نظام ولم يسبقه في السباحة في هذا المستنقع ، مستنقع الفساد غير نظامين !! هذا " الشرف " لم يحصل عليه العراق منذ تأسيسه كدولة قبل ثمانين سنة الأمر الذي يُفرح ُ الفاسدون العراقيون بأنهم أشطر وأمهر لصوص العالم كما تشير اليها الإحصائيات الدولية ، وأعتقد أن المبالغ المسروقة في تلك الدول التي سبقت العراق بالقساد لا تقارن بالمبالغ المسروقة في العراق .

إن ما يُتهم الدولة العراقية منذ سقوط البعث بالفساد بأن أكثر مسؤوليها متهمون بالفساد المالي والإداري وموقف البعض الآخر يتمثل بالتشجيع والبعض الثالث بإخفاء الجريمة لصالح أعوانهم بما فيهم كثير من الوزراء والنواب وكبار الموظفين نزولا الى الحراس والشرطة وقد أجادت المليشيات في اللصوصية والسرقات والتهريب سواء اللصوصية المقننة أو الجنائية تحت العباءة أو مكشوفة دون خجل وحياء ، فساد فاق كل التوقعات
!
إن سبب سكوت الحكومات العراقية التي تلت سقوط البعث ، عن السرقات برأي : هو حفظا على مركزها !! أي خوفا من إنكشاف كثير من أعوانها وأزلامها المتهمين بالسرقات واللصوصية ومنهم القادة ! وثانيا تجنبا من خلق أعداء أو متاعب ! في الإنتحابات الطائفية المحاصصية .
وإلا ما سبب عدم إجابتها عن مصير عشرات المليارت ، و عدم تقديمها الميزانيات التخمينية والتنفيذية ولا الحسابات الختامية عن كل سنة سابقة ومدى حسن أداء المنفذين للمشاريع إن وجدت الكلفة التخمينية والحقيقة والمصروفة ومدى مطابقة التنفيذ للمواصفات ، سواء بالتنفيذ المباشر أو التعهد وطريقة التعاقد والمناقصات وإرساء المشاريع ، وتقديم الأهم على المهم ..الخ

إن تقديم المشاريع غير الضرورية ، إن كانت هناك مشاريع فعلا ، على المهمة والضرورية و الملحة ، لا يمكن أن يكون جهلا بالإقتصاد بل نوعا من الفساد وبالتالي من السرقات ، ولأبقاء العراق سوقا رائجة للإستيرات وخاصة من الجيران وبالأ خص من إيران ، لِمَ للإستيرادات من فوائد بالحصول على عمولات مغرية وبالعملة الصعبة هناك أولا تقديم خدمات جليلة لإيران وإنتاجها الردئ ، موطنهم عند الأزمات و خط الرجعة ثانيا

كل ذلك ، وعدد الفقراء من لأطفال اليتامى الأرامل بالملايين ، والعوائل يعيشون مشردون ومهجرون تحت خط الفقر، والملالي المعممين وغير المعممين وأزلامهم يعيشون في بحبوحة بفضل الفساد الذين فازوا بالمدالية الذهبية المكررة في سباق السباحة في مستنقع الفساد

دون أن يتعلموا من التاريخ :بأن الفساد مفجّر الثورات ومهلك المفسدين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل