الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذکري مجيدة وآفاق منيرة

جلال دباغ

2008 / 10 / 15
ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم


تحل في هذه‌ الأيام الذکري المجيدة لإندلاع وإنتصار ثورة أکتوبر الإشتراکية العظمي بقيادة فلاديمير إيليچ لينين ورفاقه‌ الأماجد. وکانت هذه‌ الثورة إنعطافة حقيقية کبري في تأريخ البشرية، إذ لأول مرة إنتصرت ثورة بروليتارية عارمة في أخذ زمام السلطة وحولت روسيا القيصرية من سجن الشعوب والإبتلاء بمعاناة الحروب الإمپريالية الي قلعة للديمقراطية والتحرر أعطت زخما کبيرا لنضال الطبقة العاملة العالمية والشعوب من أجل القضاء علي إستغلال الإنسان للإنسان وبناء مجتمع خال من الإضطهاد والقهر الطبقي والقومي.
لقد إندفعت الشعوب السوفيتية بقيادة الطبقة العاملة وحزبها المارکسي ـ اللينيني في النضال القاسي وسط آلاف العقبات والمصاعب الإقتصادية والسياسية والإجتماعية الجدية ومحاصرة القوي الرأسمالية العالمية وغيرها. وقد تمکن الوليد الجديد من الوقوف بوجه‌ التدخلات العسکرية لعدد من الدول الرأسمالية ودحرها، حتي تمکنت من تحقيق الإنتصار تلو الإنتصار لبناء المجتمع الإشتراکي الجديد الذي أنجزه‌ بعد إنجاز الخطط الخماسية الناجحة و تحققت منجزات بناء الإشتراکية بحيث نقلت البلاد المتأخرة الي صفوف الدول المتقدمة ونافستها في کثير من المجالات، کما تمکنت الشعوب السوڤيتية من الإنتصار علي الفاشية الهتلرية في الحرب الوطنية العظمي مقدمة عشرين مليون سوڤيتي من خيرة الشيوعيين وأبناء الشعوب السوڤيتية ثمنا غاليا لدحر الفاشية وإنقاذ البشرية من شرورها. وبعمل بطولي جبار نهضت من جديد عملية البناء وإزدهرت مکاسب الإشتراکية، وخاصة في غزو الفضاء ومجالات أخري عديدة، رغم العديد من النواقص الثغرات.
إن أکبر وأخطر خطأ إقترفته‌ القيادات السوفيتية إبتداءا من المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوڤيتي عام 1956هي في رأي الإبتعاد التدريجي عن جوانب هامة من مبادئ المارکسية ـ اللينينية في مجالات الصناعة والزراعة و عدم إعارة الإهتمام الکافي بالحاجات اليومية والمعاشية لجماهير السکان في مختلف الجمهوريات وعدم محاربة الفساد في المؤسسات والدوائر وقطاعات الإقتصاد المتنوعة وعدم إعارة الإهتمام اللازم للصناعات الخفيفة وتخصيص مبالغ خيالية للحرب الباردة مع الدول الرأسمالية المتطورة بالأضافة الي إقتراف خروقات وأخطاء في الحياة الداخلية للحزب والإبتلاء بالجمود العقائدي وعدم إستيعاب المستجدات بکل جوانبها مما أتاح الفرص لصعود قيادات أنتهازية الي المراکز الحزبية الهامة. وأخيرا تتوج هذا الصعود بالتساهل في محاسبة الخائن بوريس يلتسن عندما کان عضوا في المکتب السياسي ومسؤولا عن أکبر منظمة في الحزب هي منظمة موسکو. فقد بين محضر إجتماع المکتب السياسي الذي حاسب يلتسن علي خروقاته‌ وأن التساهل معه‌ کان واضحا وبقي معاديا متسترا ضد الکبيرة، وظل متربصا يبحث مع المنحرفين الآخرين عن ظروف العمل المناسبة الحزب والإشتراکية، حتي عبر عن حقده‌ الدفين في ظروف إعلان "الپريسترويکا" من قبل الخائن ميخائيل گورباچوف الذي هدم بمعول الرأسماليين والمنحرفين الإنتهازيين مکتسبات الشعوب السوڤيتية.
إن البحث في أسباب الإنتکاسة في المجالات الداخلية يستلزم الدراسة والتحليل العلميين لکل حقبة من حقبات تأريخ الإتحاد السوڤيتي وفي الحقيقة هناک دراسات وبحوث وتحليلات کثيرة جدا بالإستناد الي الوقائع والمعلومات المعززة بالوثائق والمعطيات الملموسة.أما فيما يتعلق بالأسباب الخارجية فقد کانت هناک دراسات عديدة من جانب بعض العلماء والقياديين عن وجود وبقاء المخاطرالتي تهدد بقاء الإتحاد السوڤيتي والإشتراکية مادامت الأمپريالية باقية وقوية. وحتي داخل قيادة برجنيڤ کان هناک من يعتقد أن بقاء الإمپريالية يشکل خطرا جسيما علي الإشتراکية ونذکر علي سبيل المثال توجهات وتأکيدات الرفيق سوسلوڤ رغم کونه‌ من مجموعة قيادة برجنيڤ.
فقد لعبت الإمپريالية دورا ملموسا وکبيرا فيما أصابته‌ الإشتراکية من إنتکاسة. وقد تجلي هذا الدور في مجالات عديدة خصصت لها مليارات الدولارات. الا أن الأسباب الداخلية هي الحاسمة في کافة المجالات السياسية والإقتصادية.
وفي مجال آخر إقترفت قيادة الحزب والدولة خطأ الدمج بين الحزب والسلطة الحکومية ، وخطأ صرف مبالغ هائلة بإسم مساعدة الدول النامية وغيرها فيما التجأ الکثير من هذه‌ الدول والشعوب الي الإتکالية لحسم قضاياها من خلال العوامل الخارجية. وتحت تأثير هذا وغيره‌ من العوامل هبطت مستويات حياة الشعوب السوڤيتية، بينما کان من الضروري رفعها أکثر فأکثر کي تصبح قوة مثل للشعوب الأخري وخاصة في البلدان النامية کي تقوي نضالها لتحقيق أهداف الديمقراطية والتقدم بالإعتماد علي النفس.
لقد إنهارت الإشتراکية بصورة تراجيدية في الإتحاد السوڤيتي وفي بلدان أوربا الشرقية. وتبدلت توجهات وطروحات قوي عديدة في سائر بلدان العالم. وبعد 70 عاما من عمر ثورة أکتوبر وبعد الإنتکاسة، ظهرت طروحات معينة لإنکار مبتذل لجميع ما أبدع فيه‌ لينين في تطوير المارکسة والحديث عن"أخطاء" لينين في قيادة ثورة الطبقة العاملة والشعب الکادح من أضعف حلقة للرأسمالية محاولين بذلک تبرير الأخطاء التي أقترفت وخاصة في السنوات الأخيرة وتغطية مواقفهم في تأييد "الپريسترويکا" وطروحات بعض القادة الخونة.
وکما يقال بصواب أن التأريخ يکتبه‌ المنتصرون. فقد إنتصرت القوي الطبقية للرأسمالية والإمپريالية العالمية مؤقتا، وإنتبهت القوي الإشتراکية السليمة وقوي الطبقة العاملة العالمة في کل مکان والشيوعييون المارکسييون الحقيقييون الي عظمة الکارثة التي هي في الحقيقة إنتکاسة کبيرة لتجربة إشتراکية ملموسة ولايشکل أبدا إنهيارا للمارکسية والشيوعية العلمية. مما يستلزم الإستفادة من انهيارهذه‌ التجربة ودروسها وعبرها للبدأ بتقييم الواقع من جديد بالنضال المتفاني من أجل تحقيق الأهداف النبيلة للإشترکية. لقد کشفت إنهيار التجربة عن هشاشة التکوين النظري والعملي لبعض الشيوعيين وبعض الأحزاب الشيوعية والعمالية وقوي حرکات التحرر الوطني هنا وهناک، حيث غيروا قناعاتهم مباشرة وإبتعدوا عن إستيعاب النظرية المارکسية اللينينية ومستجداتها وکيفية ربطها بالتطبيق في الظروف الملموسة. وکما هو معروف إن المارکسية ليست جامدة وإنما نظرية حية تتطور وتتجدد مع تطورات العلم والتکنولوجيا و الثقافة والفکر. إن قوة المارکسية تکمن في جوانبها العديدة وفي المقدمة منها قوانينها الديالکتيکية التي تعمل بصورة موضوعية. ومادامت الإضطهادات و الصراعات الطبقية باقية في ظل الرأسمالية وما دامت التناقضات بين العمل والرأسمال باقية فستبقي الحاجة ماسة الي نضال الأحزاب الشيوعية والعمالية وقوي حرکات التحرر الوطني من أجل الإشتراکية والتقدم.
لقد ذهبت أدراج الرياح الأوهام التي نسجوها حول" الرأسمالية المتطورة وبقائها الي الأبد". وإن الأزمة الإقتصادية والمالية الحالية التي تعاني منها الرأسمالية في العالم والتي هي أشمل وأقوي من أزمة عام1929 تبرهن أن الرأسمالية وقوانينها الإقتصادية لم تتغيربالشکل الذي يروج لها منظروا الرأسمالية المعاصرة.
إن الحرکة الشيوعية واليسارية عموما بحاجة الي المزيد من الإجتماعات والمداولات لتبادل الرأي وإجراء البحوث الجماعية حول جميع القضايا المطروحة في بلدانها لإنضاج المواقف وتنسيق الأعمال النضالية المشترکة وتقوية التضامن الأممي بين حرکات الشعوب من أجل بناء الحاضر والمستقبل الأفضل.
إن الآفاق المنيرة أمام حرکات الطبقة العاملة وحلفائها في السنوات الحالية والقادمة هي نابعة عن إمکانيات ظاهرة وکامنة داخل هذه‌ الحرکات الواسعة والقوية وهي الکفيلة بالإستفادة من تجارب الماضي ودروسها لإنطلاقة نضالية وطنية وأممية جبارة واللجوء الي مختلف أساليب النضال لتقضي علي إستغلال الإنسان للإنسان وتسير قدما الي أمام نحو بناء المجتمع الديموقراطي الحقيقي.
إن ذکري ثورة أکتوبر ستکون حافزا دائما بتأثيراتها المستمرة وقوة مثلى لإنخراط الجماهير الواسعة في کل مکان في النضال الوطني والطبقي المنتصر رغم جميع الصعوبات والعراقيل.
إن ذکري ثورة أکتوبرالمجيدة ستبقي منارة هادية تنير درب الطبقة العاملة نحو آفاق الإشتراکية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا