الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناغم الاجناس الادبيه في قصة (مشاهد من اجازه دوريه ) لضياء سالم

اطياف رشيد

2008 / 11 / 26
الادب والفن



منذ بداية الستينيات والقصة العراقيه تتجه نحو استشراف فضاءات جديده كاشفة عن هواجس وابعاد انسانيه مختلفه . فبعد الاستفاده من الموروث والتاريخ والمتخيل ساد نمط اخر في التجريب اعتمد الاشتغال على اليات القص مستفيدا من امكانيات فنيه وادبيه اخرى مثل السينما والمسرح لتصبح القصه قطعه متحركه من الحياة ، او نافذة نطل من خلالها على انسانيتنا وهواجس الخوف وتشظيات الوجود بين ان نكون او لا نكون . فمن هذا المنطلق كانت قصة ( مشاهد من اجازه دوريه ) للقص ضياء سالم ضمن مجموعة فراشات بيض كظاهره انسانيه تتجلى عبر صياغة سرديه مختلفه تمزج بين المونتاج والسيناريو وان عنصر القص هنا لا يتوفر بشكله التقليدي اذ ابتكر له القاص طريقة المقاطع تفصل بينها كلاكيتات ( قطع ) لينتقل من مقطع الى اخر عبر تسلسل ابتدأه ب( كلاكيت سابع ) لتتوالى المقاطع لتكشف عن اجواء القصه عبر مونودراما من الشجن ليضعنا امام التفاصيل الصغيره داخل المشهد.
تتوزع اللقطات / المشاهد الى خارجيه وداخليه كما يشير الى ذلك مفتتح كل مشهد .فالمشهد الاول يبدا ب
( كلاكيت سابع
المكان حلم
نهار خارجي )
وفي هذا المفتتح تكمن دلالات كثيره نعبر منها الى عالم النص ، مشاهد الاجازه الدوريه للبطل / الراوي ، فهي بالاضافة الى كونها تحدد ملامح المكان وزمنه غير انها ،تعطي انطباعا بوجود كلاكيتات سابقه بدلالة الرقم سبعه مر بها الراوي تار كا لمخيلة القارئ كتابة ما سبق ، وان المكان حلم في نهار خارجي في مزاوجه جميله بين الواقعي والحلمي .في عبور مختصر للزمن لتكشف عن حالات الانسان التي يرويها . انسان في اجازه دوريه ، اجازه عن الحرب ، اجازه عن عالم ثقيل تتداخل مفرداته في حتى في لحظته الحاليه التي يعيشها بعيدا ( الخوذه العسكريه ، قرص الهويه ، الرقم ( 85035 ج م ) ) . وتتوضح معالم المكان اكثر في كلاكيت ثامن
كلاكيت ثامن
شارع الرشيد
نهار خارجي
الصورة هنا اوضح ، المكان الحلم هو شارع الرشيد . وتفاصيله من نوارس وقارب صيد وعشاق وجنود هي تفاصيل مفترضه وان ( كل هذا حدث مصادفه ) . في هذا المقطع ينشر تفاصيل نزهة في الزحام والحقيبه الممتلئه ببطاقات المصلحه وشرط فيروز وكتاب الطريق الى غريكو . حيث كان المطر ( في اجازته الدوريه وشعرك يسجل في سجل الوفيات الليل والنجوم ) مطالبا الظهيره ان تنتهي والحبيبة ان تفترض ( اننا لسنا حبيبين ) في رغبة دفينه لأعادة تخلق لحظة الحب واللقاء .
وفي المقطع التالي نقرا
كلاكيت تاسع
نهار خارجي
المكان باب المعظم
فضاء مفتوح للا فتراضات المضاءه بالنهار ، ما زال الزحام ولم تزل رائحة زهور البنفسج .غير ان العطر يتشظى ( يتشظى العطر لذا ارسم وطنا وحبيبه ) لا يكف عن تساؤلاته التي تزداد الحاحا في ازاجة الغموض عن واقعه ( هل انت وطن ام حبيبه ) ( اما زلنا نحلم ) .
( لقد عاد المطر توا من اجازته الدوريه ) هكذا يفتتح كلاكيته العاشر في الوزيريه بنهار خارجي ومطر . ( والعلق الاخضر .. ارتجف مبتلا بالمطر ) وقبل ان تتلاشى تفاصيل المشهد تمنحه الحبيبة قرص الدخول الى عالم اخر والخوذة العسكريه ليأتي كلاكيت حادي عشر
المكان علاوي الحله / محطة القطار
ليل خارجي / جنود ..... جنود
وهذا قطار البصرة تتراقص لصفيره النجوم ، وان مشهد الحلم الذي مر به ربما ياتي بعد شهر من اجازه دوريه اخرى .
في كلاكيت ثاني عشر
ليل _ داخلي
المكان . عربه رقم واحد
الوقت ينتحر والقطار ( مركبة عاطلة عن الحلم ) لينتهي هنا الحلم . لقد وضع ضياء سالم مناخ الحياة ازاء مناخ الحرب بدون مسميات ولكن غاص في تفاصيلها الدقيقه والحميمه موزعا كلاكيتاته بدقه بين االنهار الخارجي ( اربع مقاطع ) والليل الخارجي ( اثنان ) غير ان المشهد الوحيد الداخلي هو في العربه ، عربة القطار الذاهب الى جوف الموت ، العربه التي تنقل الراوي من مشاهده الحلميه الافتراضيه الى مكان انتحر فيه الوقت . فكانت اجواء المشهدين الاخيرين ممتلئه بما يعبر عن المكان المرتحل اليه في كلاكيت لم يكتب بل اشار الى مفرداته ( ليل ، جنود ، العريف ، مركبه عاطله عن العمل ، وقت منتحر ) وكان للترقيم دلالة مهمه فقد بدأ بالسابع وانتهى بالثاني عشر أي بدأ بما يتجاوز النصف من الاثني عشر مشهدا، ربما هي شهور السنه ، دافعا بالافتراضات المنسجمه مع القطع ( مفردة قطع ) . وفي جملة كلاكيتاته وافتراضاته وتحديده للزمن والمكان ولتفاصيل المشاهد الا انه بقي خارجها فلا هو في ذاك النهار ولا على الجسر في باب المعظم او باص المصلحه ، بل اننا لا نتعرف على هويته الا عبر رقمه ( 85035 ج م ) ومعروف الى ماذا يشير الحرفان ج وم في مفردات الجيش . فهو شخص مشار اليه برقم ورمز كقطعه صغيره من الة الحرب المهوله التي يتجه اليها راغما في عربة صماء مبتدا ضياعا في الوقت المنتحر . لقد افاد القاص من اسلوب كتابة المونتاج في اختزال لقطات حياته / اجازته ، مكثفا حالة التمزق التي يعيشها بين الحياة والموت كما ارتبطت السمه الدلاليه للعنوان مع الطبيعه البنائيه للقصه . كما كان للغة الشعريه حضورا كشف عن امكانيات بعث اللغة الشعريه في نص سردي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله