الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيقاظ الأسئلة النائمة

حسام السراي

2008 / 11 / 23
الادب والفن


أي صورة يمكن لها أن تغيب عن البال ,لأب يتحسّر على مكتبته ومخطوطاته الشخصيّة، التي لم يستطع أن يخرجها مع بضع حقائب ،كانت هي ما سمح له بها ذلك الرسول (الجار المتواطئ) مع خلايا القاعدة ، لتنفيذ الامر الإلهي المكتوب على ورقة الوعيد الأخير والتي تبتدئ بآيٍ من القرآن الكريم (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم(.
وامام الحكايا الفظيعة التي خبّرناها في تأريخنا الحديث وصولا الى يومنا هذا، فإنّنا بقدر ما نتحدث عن عمق حضارتنا ومكانتها في العالم ، يجب أن نتكلم بقدر أكثر صراحة وموضوعية عن هذا الكم من الدماء التي تسيل الآن في العراق وعن مستوى الغدر الذي لحق ويلحق بإبناء الرافدين .
إنّ بلادا كالتي نعيش فيها ، وصلت يومياتها الى هذا الحدّ الخطير من العنف،وما يؤشره من خراب نفسي كبير لدى نسبة من البشر لا نريد تحديدها ، لابدّ لمفكريها ومثقفيها أن يتركوا هم أوّلا قبل غيرهم ، السفسّطة الفارغة عن التلّفع بخمسة ألاف سنة من الحضارة وكذا سنة من الصمود والصبر والأمجاد العظيمة ، وغيرها من العناوين الكبيرة التي لانرى لها أي معنى في حاضرنا وفيما نصادفه نحن يوميا .
و نتذكر هنا ذلك المؤتمر عن اشاعة اللاعنف الذي حضره مجموعة من الناشطين العراقيين خارج العراق ، والمفترض بهم أن يكونوا دعاة للاعنف وأدوات لنشره لدى عودتهم الى العراق، فما ان وجد بعضهم رأيا لايناسب قناعاتهم في المؤتمر ، إاشتاطواغضبا معترضين بإن ماورد خاطئ جدّا ولا يريدون سماعه اطلاقا!، فلا فرق لأولئك عن الذين يقبرون الأصوات بكواتمهم في شوارع بغداد ، فكيف لنا ألا نشعر بالاغتراب الحقيقي في مجتمع يغطي له الجميع عيوبه ، ويُبقي على عاهاته الثقافيّة والإجتماعيّة الى اجلٍ غير مسمى ، أيُ تقدم هذا الذي يحصل بلا نقد وتأشير لمواطن الخلّل والانتكاس؟، وأي وعي يمكن له أن يزدهر ومعنى الحياة وقيمتها العظيمة يغيب عنا باستمرار ؟ ، في ان يكون الإنسان فيها مرّفها متعافيا ، لامنكوب مقسورا بسلطات حلت محل الدكتاتوريّة ، ربما لاتعرف هي أصلا انها تسير بذات النهج وإن استبدلت الوجه المأسور بالقبح بوجوه ملّثمة متعفنة .
ان المثقف النقديّ الذي ارتضى لنفسه البقاء في الجحيم العراقيّ ، لهو في مرحلة صعبة للغاية عندما يصبح عدو أحدهم يهجره لإختلافه معه طائفيا ، أو يجد بعضهم فيه موضع اشكال واثارة للجدل في أوساط يريدها خانعة تستكين للمألوف ، لدرجة تغدو فيها الثقافة بطراً أو وصمة عار في البيئة التي تريد منك العودة الى أحضان انتماءاتك الضيّقة ، كارها الآخر ومتقاطعا معه ، فلا نستغرب حينها من علو شأن العشائر وتنظيماتها على المثقفين ونخبهم .
واذا مانظرنا الى التصريحات والكلام الدارج في وسائل الإعلام ، عن دعم الدولة للمثقف ومشروعاته ، فهو كلام يأتي من موقع الأقوى الى الأضعف ، وكثيرا مانسمع عبارة ( هذا أديب حاله يُرثى له) ،وهي جزء من نظرة مجتمعية تستعطف الأديب والمثقف ، فمن هنا علينا فهم ان المشكلة أعقد من استقرار نسبي في الامن وسير لعملية سياسية وانتهى الامر ، بل انها اصلاح لجوهر المجتمع المنقسم على نفسه ،الذي تلقى ضربات قاصمة خلخلت مواطنته ويمكن أن نقول حبه لبلده وتمسكه به ، وإلا ماتفسير أن يرغب الالاف من الشباب العراقيين بمغادرة العراق الى غير رجعة ؟!.
نأتي الى موضوعة مهمة وهي مايمكن أن يقدمه ذلك المثقف المستضعف في الأرض العراقية ، عليه أن يدخل على الخط السياسيّ الموبوء والمسبّب لكارثتنا ، مشاركة او توعية بالكتابة والندوات ،لايأبه بما حوله وان وصل الامر الى التصفية ، لإنها قضية وطن واعلان عن موقف في ظرف حرج من تأريخ العراق.
علينا جميعا أن نقول دوما لهؤلاء الرُسل المهددين لنا: إن مراهنتنا على المستقبل أشجع من لثامهم وغدرهم بالناس ، ومن ثم علينا ان نملك تأثيرا له صداه في الشارع ، يحرّك الأذهان ويثير فيها السؤال وإن كانت نائمة ، فما احلى التحدي في الحياة ، وما أجمل الثبات على ما نؤمن به ، ومنبع ذلك في ان المثقفين - وان لم ينظّموا كجماعة مؤتلفة - ينتظرون الأفضل دوما ويشتغلون على إيناعه بجذوة وجودهم ، بالرغم من إنهم عُزل بلا سلاح ، ذلك وباختصار الجواب على الأسئلة التي تهددنا حاليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با