الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصيل والمنتجات المعدلة جينياً وانتهاك حقوق البشر في الغذاء النظيف والزراعة الآمنة

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2008 / 11 / 30
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


أصدر مركز الأرض لحقوق الإنسان بالقاهرة في أبريل 2007 تقريره الرابع عن " مخاطر المحاصيل والمنتجات المعدلة وراثياً " ويعد من سلسلة المقاومة والعولمة التي يصدرها المركز. ويتناول التقرير بعض الرؤى المصرية حول مخاطر استخدام الكائنات المعدلة جينيا ًعلى الزراعة والغذاء النظيف حيث يؤدى استخدام هذه الكائنات إلى تلوث الغذاء والمحاصيل والمنتجات الغذائية ويؤثر سلباً على صحة المواطنين في مصر والعالم كما يوضح التقرير الذي ينقسم إلى خمسة أقسام ويستعرض القسم الأول منه الجوانب والمشكلات المختلفة لقضايا المنتجات المعدلة وراثياًُ والتي يعرفها التقرير بأنها تلك التي تتدخل الهندسة الوراثية في عملية إنتاجها بإحداث تعديلات جينية في مكوناتها وفي مجال البذور والتقاوي ، يهدف إدخال هذه الكائنات إلى مضاعفة كمية المحصول الناتج أو تحسين شكل وحجم الثمار وينطبق التعريف ذاته على الحيوانات والأسماك المعدلة وراثياً بغرض تحسين حجم وشكل الإنتاج .
ويتساءل التقرير :هل يلبي استخدام الكائنات المعدلة وراثياًُ احتياجات الفقراء" ويناقش الرؤى السلبية التي تنادى بأن التحوير الجيني هو أحد أفضل الحلول لمشكلات الغذاء التي يواجهها المهمشون والفقراء في العالم الثالث بصرف النظر عن أثار ذلك على صحتهم وحياتهم .ويتناول التقرير البعد السياسي لهذه الإشكاليات حيث نجد أن لقضايا الكائنات المعدلة وثيقة الارتباط بسياسة السوق الحرة وهيمنة الشركات المتعددة الجنسية التي تحتكر عملية إنتاج البذور والمنتجات المحورة وتسويقها في دول العالم الثالث.
ويناقش التقرير سياسات هيئة المعونة الأمريكية (USAID) في مصر والتي تعمل على نشر استخدام هذه البذور من خلال تمويل برامج البحث العلمي التابعة لوزارة الزراعة منذ تسعينيات القرن الماضي. ومن المعروف أن هيئة المعونة الأمريكية تقوم بالترويج عالمياً – بالأخص في أفريقيا وآسيا- للأغذية المعدلة وراثياً التي تنتجها معامل البحث العلمي التي تمولها الشركات المتعددة الجنسية بشكل أو بآخر. ويتناول التقرير برنامج المعونة الأمريكية للزارعة في مصر الذي يعمل على دعم الخصخصة وتوجيه السياسات الزراعية نحو زراعة محاصيل بعينها مثل الخضر والفاكهة على حساب محاصيل أخرى مثل القمح والقطن وذلك لتأمين سوق المنتجات الزراعية الأمريكي المدعوم في السوق المصرية. كما يناقش التقرير ارتباط قضايا البذور المعدلة وراثياً بسياسة منظمة التجارة العالمية التي تترك فيها المزارعون وحدهم في مواجهه الشركات المتعددة الجنسية لتعمق احتكار الأخيرة بالأسواق التجارية والزراعية والصناعية في العالم .
ويتناول القسم الثاني " التقاوي والبذور في ظل الخصخصة في مصر "حيث يوضح كيف تدهور الناتج الزراعي والإنتاجية المحصولية في مصر وإهدار الصناعات الوطنية الرئيسية نتيجة استخدام البذور المعدلة كما يستعرض مدى خطورة عدم استخدام المشاتل الطبيعية في إنتاج البذور في مصر والتأثيرات السلبية لذلك على صحة الإنسان والغذاء والثروة الزراعية ومورد الأرض .
ثم ينتقل التقرير بعد ذلك إلى المراحل التي ساهمت في خصخصة صناعة البذور في مصر ابتداء من قيام الحكومة بدور رئيسي بعمليات الإنتاج والرقابة والتداول في الخمسينات تم تعاظم هذا الدور في الستينات بصدور قانون رقم 53 لسنة 1966 ( قانون الزراعة ) ومنذ منتصف السبعينات ومع تطبيق سياسات السوق الحرة في مجال التجارة والصناعة و الزراعة تم تقليص دور الدولة وفتح الباب على مصراعيه أمام المستوردين والشركات والتجار للتعامل في التقاوي ضمن باقي مستلزمات الإنتاج الزراعي بعد تهميش دور الحركة التعاونية الزراعية وأدى ذلك إلى تدهور البذور المصرية وتدهور الإنتاج الزراعي وأدى أيضا إلى انتهاك حقوق المواطنين في الغذاء النظيف .
ثم صدور القرار الوزاري رقم 38 لسنة 1997 متضمنا النص على أن جهة الاعتماد للشركات والرقابة على تداول التقاوي هي الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي أو المحطات التابعة لها ولكن هذا القرار فرغ من مضمونه إذ نص أيضا على حق أي شخص طبيعي أو معنوي بالقيام بإنتاج أو تداول أو إستيراد التقاوي ليستحيل معه فعليا إمكان الرقابة الحقيقية على سوق إنتاج وتداول التقاوي والبذور في مصر .
ثم يستعرض التقرير بعد ذلك الآثار السلبية على الزراعة وخاصة زراعة القطن بعد تطبيق سياسيات خصخصة التقاوي حيث كان ذلك العامل الرئيسي في تدهور إنتاجية القطن خلال عام 2004 حيث انخفض إنتاج القطن من 10 قناطير للفدان الى5 قناطير وانخفض سعر القطن المصري حوال 50% عن عام 2003 ويرجع التقرير ذلك إلى استخدام البذور الأمريكية ( البربرادنس ) التي فرضتها وزارة الزراعة على الفلاحين على الرغم من فشل تجربتها في الصالحية عام 1979 مما أدى لإهدار محصول القطن خلال هذه السنوات كما أدت سياسة خصخصة التقاوي إلى احتكار مجموعة من كبار التجار لتقاوي الذرة والطماطم وبعض أنواع البقول الأخرى ففي عام 1998 أدت سياسة الخصخصة في مجال التقاوي لارتفاع أسعار التقاوي لدرجة مبالغ فيها ( عشرة أضعاف ما كانت عليه )أدى أيضاً إلى قيام البعض الأخر من التجار باستخدام مادتي الـ د.د.ت والملاثيون لحفظ التقاوي رغم أنهما من أشد المواد سمية مما أدى إلى إصابة عدد كبير من المواطنين بأمراض خطيرة ومازالت كوارث تسمم البطيخ والفاكهة في مصر تبحث عن أسباب لها في استخدام المبيدات والأسمدة الفاسدة والبذور المعدلة وراثياً .
كما يبين التقرير مخاطر استخدام البذور المعدلة على الأضرار بالتربة الزراعية وحقوق الفلاحين المنتجين وأضعاف الصناعة والاقتصاد وتهميش دور العلماء والباحثين والخبراء المحليين في نفس الوقت الذي تزايد فيه دور الشركات متعددة الجنسيات والتي زادت أرباحها على حساب حياه وصحة البشر .
وفي نفس الاتجاه يتناول القسم الثالث من تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان بالقاهرة : " هموم وقضايا الأمان البيولوجي حيث يستعرض" تطبيق برتوكول كارتاجينا عن الأمان البيولوجي وتنفيذ قوانين الأمان البيولوجي ويؤكد أن هناك أكثر من100 دولة في الجنوب لا تقوم بتطبيق معايير الأمان البيولوجي
و يؤكد التقرير أن مصر من أوائل البلدان في المنطقة التي أصدرت قوانين الأمان البيولوجي فلجنة الأمان البيولوجي المحلية المصرية تم تشكيلها طبقاً للقرار الوزاري رقم 85 في يناير 1995 إلا أن التطبيق في مصر مازال متردياً ولا يسمح للمنظمات غير الحكومية أو المتخصصين بالوصول إلى أي معلومات في هذا النطاق. ويتناول التقرير الوضع في عدد من البلدان ويوضح انه بالرغم من زيادة عدد البلدان التي التي أصدرت قوانين للامان البيولوجي في الدول العربية إلا أن العلوم المحدودة والمعرفة التقنية والمالية وعدم الشفافية وقلة الموارد كانت سبباً في إعاقة قدرات هذه البلدان للمشاركة بشكل فعال في كفالة الأمان البيولوجي والغذاء النظيف للشعوب.
ثم يتناول القسم الثالث رؤية أخرى حول : زراعة الأشجار المعدلة وراثياً وتأثير ذلك على التربة " حيث يبين هذا القسم أن الولايات المتحدة مع حوالي 5% من سكان العالم مسئولون عن أكثر من 20% من إصدار غاز ثاني أكسيد الكربون وبالرغم من ذلك لم توقع الولايات المتحدة على بروتوكول كيوتو للحد من التلوث ثم ينتقل التقرير بعد ذلك إلى توضيح تأثير الأشجار المعدلة وراثياً لاحتوائها على مخاطر زراعية بسبب بعض النفايات ومدى خطورة ذلك على صحة الإنسان حيث أن تخزين الكربون ( التعديل الوراثي )على شكل وقود تحت الأرض يؤثر سلباً على التربة والإنتاج الزراعي.و يتناول التقرير بعد ذلك قيام بعض الدول بزراعة هذه الأشجار حيث سمحت الحكومة الصينية بالإعلان عن زراعة الأشجار المعدلة وراثياً وقد تم زراعة أكثر من مليون شجرة لإنتاج الأخشاب المعدلة.
و يتناول القسم الرابع رسالة" للمنظمات الغير حكومية والمهتمين بحياة المزارعين في الغذاء النظيف" موجهة للسيد جاكوس ضيوف المدير العام لمنظمة الفاو ( تحت عنوان – الفاو تعلن الحرب على المزارعين وليس على المجاعة وتعلن هذه المنظمات رفضها لتقرير الفاو الصادر في مايو تحت عنوان التنوع البيولوجي هل يلبى احتياجات الفقراء؟ لأنه يروج لإنتاج البذور المعدلة وراثياً على حساب المشاتل الطبيعية للفلاحين ويقلل من دور المزارعين في إدارة التنوع الحيوي . ويستعرض هذا التقرير بعض الصور السلبية لبعض الشركات التي تعمل في مجال إنتاج المحاصيل المعدلة وراثياً خاصة في مجال إنتاج الأقطان ويدعو المنظمات الغير حكومية في العالم للتضامن مع الفلاحين لحماية مشاتلهم الطبيعية وحمايتهم من احتكار الشركات المتعددة الجنسية .
ويتناول القسم الأخير من التقرير تحت عنوان "دور المجتمع المدني في معالجة قضايا المنتجات المعدلة وراثياً" حيث يدعو التقرير المنظمات المحلية والدولية للعمل على نشر المعلومات حول مخاطر وآثار استخدام هذه الكائنات على صحة الإنسان والغذاء النظيف وأيضاً العمل على بلورة رؤى مشتركة من خلال دراسة :
- الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والصحية السلبية التي تتبنها الحكومات ويدعمها البنك الدولي والشركات المتعددة الجنسية لإنتاج البذور والمنتجات المعدلة وراثياً رغم مخاطرها السلبية على صحة وغذاء البشر .
- معالجة الآثار السلبية لاستخدام البذور والمنتجات المعدلة وراثياً بوجه خاص على الغذاء والصحة العامة وعلى حقوق الفلاحين والتنمية الريفية المستدامة ومورد الأرض .
- العمل على تفعيل دور المنظمات وجمعيات المجتمع المدني في مواجهة سطوة الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات الدولية والأمريكية الكبرى المروجة للبذور والمنتجات الأخرى المعدلة وراثياً.
- نشر الوعي والضغط على صناع القرار والسياسات وإجراء البحوث والدراسات و رفع القضايا لوقف استخدام الكائنات المعدلة جينياً و التنسيق مع المنظمات المحلية والدولية المهتمة بحياة وغذاء وصحة البشر وتعزيز تضافر الجهود ومتابعة قواعد وآليات الأمان البيولوجي من أجل عالم أكثر عدلاً تسموا فيه القيم الإنسانية على الاحتكار وأرباح الشركات عالم خالي من الغذاء الملوث بكفل فيه للجميع حياة أمنه وكريمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في