الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهوض بالمرأة وإشراكها ضمان لأمن وسلام دارفور

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2008 / 11 / 27
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


لقد تم فى العاصمة النيجيرية – أبوجا بتاريخ 5 مايو 2006 توقيع اتفاق السلام الدارفوري الذى تم بين حكومة السودان وبعض الحركات المسلحة ، وما يهمنا هنا وضع المرأة في هذه الاتفاقية خاصة فيما يتعلق بتقسيم الثروة. أن تحسين وضع المرأة الدارفورية فى هذا الاتفاق وكيفية زيادة نصيبها من الثروة هدف نبيل وأصيل يتطلب شجاعة وصدقا في التعامل مع الواقع مما يفرض علي الحكومة إحداث تغيرات جذرية فى السياسات والاساليب والرؤى والهياكل والاليات لخلق واقع جديد للمواطن في ربوع السودان المختلفة ومنها دارفور.
لذلك فالاعتراف والوقوف على الاسباب الحقيقية للحرب الأهلية فى دارفور- خاصة وإن إيقاف الحرب أصبح خارج قدرات الحكومة وآلياتها التقليدية، التى كانت فاعلة وذات جدوي في الماضي وفي ظل محدودية تلك النزاعات- ضرورة واجب وطني لأنه يشكل الخطوة الأولى نحو إيقافها ومعالجة آثارها المدمرة وضمان عدم تجددها. ولا شك أن هناك مجموعة من الأسباب "الداخلية والخارجية" الإقتصادية والسياسية والبيئية وإلتى فاقمت من تلك الأزمة، التي أضحت كارثة إنسانية مأساوية مؤلمة. لقد شاركت كل الحكومات السودانية علي تفاوت منها في تفتيت وإضعاف القطاع القطاع التقليدى السوداني، وفى دارفور بالطبع. ولقد كان لحكومة (الانقاذ) من سياساتها التىتتبنها في كافة المجالات دوركبير وتفاقمها في تفاقم هذه الازمة وتصاعد وتائر الصراع والخراب ببروز حرب طاحنة بدارفور، والقت بظلالها المدمرة علي كل السودان.
في هذا الواقع الاليم لم تكن المرأة في دارفور غائبة بل تحملت النصيب الاوفر من وزر هذه الحرب المدمرة، وعلي الرغم من عدم توقيع كل الفصائل المسلحه علي إتفاق السلام لدارفور، إلا أنه تضمن عددا من المواد، منها: المواد التالية: المادة 17 وهى مكرسة للمفاهيم والمبادئ العامة لتقاسم الثروة.، المادة 18وتتناول النظام الفيدرالى المالى والعلاقات فى ما بين الحكومات، والمادة 19 وتتناول السياسة الاقتصادية لإعادة اعمار والاستثمار والتنمية، المادة 20 وهى تتناول تنمية وإدارة الاراضى والموارد الطبيعية، ثم المادة 21 وهى تتناول البرامج العاجلة لفائدة النازحين داخلياً واللاجئين والاشخاص الآخرين المتضررين من الحرب والتعويضات المقدمة لهذه الفئة الأخيرة. وهذه المواد تختص بتقسيم الثروة مع إفراد حيزاً للمرأة باعتبارها من أكبر المتضررينً من هذه الحرب الضروس، فتشيرالدراسات الي أن معظم النساء فى السودان ينتمين إلى تكوين المنتج الصغير حيث يشكن ثقلاً هاماً فى القطاع التقليدى، حيث تبلغ نسبة النساء بين المزارعين فى القطاع 57% .(13) ويشير إتفاق السلام لدارفور أن معظم القوى العاملة من النساء. و أن النساء فى دارفور يشكلن 60% من قوة العمل فى هذا الإقليم و55% من إجمالي السكان، ويتركز النشاط الاقتصادى للنساء فى إنتاج الغذاء من الزراعة النباتية وتربية الحيوانات الصغيرة وجلب الماء والحطب والقيام بشئون الأسرة. وفي هذا إجحاف بحق المرأة حيث يبقى قدراً كبيرامن انتاجها خارج التقييم الاقتصادي، وخارج نطاق الانتاج السلعى ويضعف علاقتها بالسوق، لأن تحول الانتاج إلى انتاج سلعى يحدث عندما تكون عملية إنتاج السلع والخدمات موجهه لتلبية إحتياجات الآخرين من خلال علاقات التبادل أى من خلال السوق.
ويمكن في هذا المجال الإستفادة فى تقسيم الثروة من المادة 17 الفقرة 109 حيث جاء فيها "تشارك نساء دارفور فى كافة مجالات النشاط ويمثلن الجزء الأكبر من القوى العاملة لا سيما فى المجال الزراعى ومجال تربية المواشى، وإن النساء هن ربات الاسر المعيشية فى أوساط اللاجئين والنازحين داخلياً والمهاجرين خارجيا. وقد إزدادت اوضاع النساء سوءاً فى جميع هذه النواحى نتيجة للحرب التى إلحقت ضرراً كبيراً بهن والأطفال لا سيما بوسائل معيشتهم. ومن ثم يتعين التركيز بوجه خاص على الأوضاع التى يعيشها النساء وعلى إتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة شواغلهن، فضلاً عن ضمان مشاركتهن الفعلية والمتكافئة فى اللجان والمفوضيات والهيئات التى تم وسيتم إنشاؤها بموجب هذا الاتفاق. ولقد أدي تقاعس الحكومة في معالجة وضع المرأة الدارفورية بإعتبارها العامل الاكبرمن السكان والقوى العاملة فى إقليم دارفور ، الي تدمير شبه كامل لمقومات الاقتصاد الريفي بدارفور.
إن عملية النزوح القسري لأهل دارفور من قراهم ومواقع الانتاج التي إعتادوا عليها، نتيجة للعنت والضرر الذى لحق بهم، خاصة النساء، اللائي تعرضن ومازالن يتعرضن لكثير من الأذى والقتل الذى يصيبهن بأساليب جعل هناك حالة مستديمة من الهلع والخوف وعدم الطمأنينة، وكل ذلك أدي لهذه الهجرة القسرية والاجبارية. وكان من آثار ذلك السلبة تدمير الانسان المنتج والذي تمثله المرأة الارفورية، وتحول المجتمع الدارفوري المنتج من حالة الانتاج الي، حالة الإستهلاك وتلقي الفتات من الاعانات الخارجية، بين المنتجين ووسائل الإنتاج التى يملكونها دون أن تتوفر لهم شروط التحول إلى قوة عمل تعمل بأجر .
. هذا الوضع المؤسف وفي ظل أوضاع إقليم دارفور المشتعلة، يجعل دور الدولة التنموى ضرورة حياة أو موت، من خلال تبنى مشروع قومى للتنمية الشاملة والعادلة والمستدامة، والتي تكون المرأة بدارفور في قلب برامجها تخطيطا وتنفيذا. يتطلب هذا قطعا الاهتمام بالمرأة من خلال البرامج التي تتوافق مع قدراتها وإمكاناتها وتحقيق رغباتها وإجتياجاتها، مما يعني مزيدا من الإهتمام والرعاية لقطاع الانتاج الصغير الذى تشكل فىه النساء نصيب الاسد.
ان المصيبة الكبري تتجسد وتتركز في أن جل صانعى السياسات ومتخذى القرارات السياسية والاقتصادية لا يستندون في تلك السياسات والقرارات في غالب الأحوال الي الرأي الفني والعلمي، وتتخذ القرارات غالبا بخلفيات سياسية، لا تمكن جل صانعى السياسات ومتخذى القرارات الانشغال بانعكسات قراراتهم على المهمشين والفقراء والمستضعفين من المواطنين. هذا الواقع المعقد يتطلب من الدولة، وفي أقرب وقت ممكن، الإنتقال من سياسات الهبات والصدقات والأعانات المباشرة والغير مباشرة، ومن القيام بالعمل الخيرى لشرائح المتأثرين بسياساتها الخرقاء - كما يجري في الكثير من برامج وزارات الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة – الي الساسات الاقتصادية الكلية الحافزة للانتاج من خلال البرامج التنموية لتجميع ورفع وتطوير قدرات صغار المنتجين من خلال تكوين الجمعيات التعاونية الإنتاجية والاستهلاكية والائتمانية، وذلك بإعتبار أن التعاونيات أداة هامة من أدوات التنمية والتغيير. ويجب أن تقوم هذه التعاونيات وفقا للمبادئ والاسس التعاونية العالمية، علي أن يتم إشراك النساء في إدارة هذه الجمعيات التعاونية ، والاستفادة من إمكانيات التعاونيات بخصائصها المتفردة في التحول من الحرب للسلام والمحافظة عليه، وبذلك تكون الحكومة قد وضعت نفسها وشعبها في الطريق الصحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال ناشطات معارضات للحرب في قطاع غزة والسودان


.. في حوار لـ-العربية ENGLISH-.. أندرو تيت الملقب بـ-كاره النسا




.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA


.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي




.. الدكتورة سعاد مصطفى تتحدث عن وضع النساء والأطفال في ظل الحرب