الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
غرائبية معقولة
ميثم سلمان
كاتب
(Maitham Salman)
2008 / 12 / 4
الادب والفن
الخيال المحض حلق لأقصى مداه منذ الأساطير والملاحم والكتب المقدسة والحكايات الشعبية وغيرها من المنتجات الثقافية العاملة على الترهيب والإمتاع والإثارة والقص والتبجيل والتخليد ؛ مواصلاً صراعه ضد رياضيات الطبيعة وأبجدياتها المنطقية في الإنتاج الفني باختلاف آفاقه و تجنيساته ، سيما السردي منه ، مستلهماً صور عوالمه من واقعنا الذي يضاهي التخيل أحيانا . عليه يكون الخيال السحري والخرافي والأسطوري والفانتازي قديم بدأ مذ راود الحلم الإنسان وراودته رغبة التأثير على الآخرين لشتى المآرب .
كما أن هذا النوع من التخيل متاح لأي إنسان وسهل تعاطيه والغوص في ثناياه ؛ فأين الإثارة إذن ، بسرد حكايات اللامعقول ونحن نعيش حياة تصدمنا بغرابة تفوق ما نتخيله إدهاشا ؟ وبالأخص الخيال الوحشي كون واقعنا العربي عامر بكل أنواع الكوابيس المرعبة ، حيث الوحشية إيغال في التخيل .
لا أدعو بالمقابل لاستنساخ الواقع كما هو، وتحنيط مقطع منه ولصقه ضمن إطار القصة القصيرة . فسرد حكاية تحدث مرارا ، هو أيضا ، يفتقر للإثارة . ما اعنيه هو أن الحكاية المؤثرة ـ برأيي ـ هي ما يخلقه الخيال من وهم يوازي الواقع . ندركه لكنه ليس واقعا يمشي على أرضنا المألوفة ؛ ولا هو سحرا يطير بين سحب المخيلة . هو وهماً يتأرجح بين الحقيقة والحلم ، بين الممكن والمستحيل ، بين الواقع والسحر . غرابة هذا الوهم تتأتى من ندرته . هو غريب لكنه معقول ؛ نادرا ما يحدث بيد انه علمياً ليس عصي الحدوث . ويثير الحيرة بإمكانية وقوعه . حيرة تقترب من الاندهاش . لو صدقه المتلقي بلا شكوك يكون واقعا مألوفا، وإن لم يصدقه يصبح حلما أو خرافة أو أسطورة أو كابوسا . فموت شخصا ما ليس خبرا مثيرا ، لكن لو مات ذاك الشخص ضحكا صار مثار دهشة واستغراب بل حتى شك من قابلية حدوث الموت من الضحك ، وهنا مكمن الغرابة . أما إن عاود الميت ضحكه بعد ثلاث أيام من دفنه ورجع لأهلة بكفنه وهو يضحك عليهم ، يكون هذا سحرا بلا شك ، حينها تحلق الحكاية إلى منطقه الخيال المحض وتغدوا أشبه بالخرافة .
القصة المدهشة تبنى على وهم يندرج ضمن واقع غريب ، كونه غير مألوف . هي من الخيال وليست سحرية لأنها غير مستحيلة ، كما أنها ليست واقعا مسحورا لأنها بعيدة عن الخرافة . إنها حكاية الغرابة المعقولة . والوهم في هذه القصة لا يسد مجرى تيار الأنثيالات الذهنية وتلاطم الصور السحرية في رأس الشخصية . فهذا الوهم لا يتقاطع مع تيار الوعي والحلم .
يجب أن لا تقف الدهشة عند هذا الحد بل تتعداه إلى مشاكسة الذهن من خلال أفكار الشخصية . فالنص الذي لا يحمل رؤية مجددة للعالم يُستهلك بسرعة ويتلاشى . فضلا على ضرورة تهذيب وتأنيق وسيلة التقديم أو الكلمات ، فهي الطبق الذي نقدم به نصوصنا . فيجب صقلها بهاجس الشعر الذي يطرد المفاصل السردية التقليدية كونها موجودة "فطريا" في ذهن المتلقي . القصة القصيرة الآن لا تكتفي بصوت واحد للروي ، حيث تعدد مناظير السرد وتداخلها يصعد من منسوب قيمتها الفنية . ولا يكفيها شكل فني فريد بل هي دائمة التجريب والتشكل . هي حساء خضار يُبدأ طهيه في رأس القاص ، الذي يشبه القدر ، ويكتمل إعداده في رأس المتلقي الذي يتحول من فم إلى قدر عند إعادة إنتاج النص . قصة لها مذاق يشبه ملامح طاهيها ، مذاق يجب أن يستفز جميع الحواس الشعورية والعقلية .
ميثم سلمان
ادمنتون 2008
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح