الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هبة من أصيلة

مصطفى العوزي

2008 / 12 / 27
الادب والفن


استفقت من سنة خفيفة حلت بي و أنا على متن الحافلة التي كانت تقلنا إلى مدينة أصيلة ، طبعا لم استفيق بمحض المصادفة ، صديقي هشام رفيق في السفر هو من هزني من كتفي ليعلمني أننا قد وصلنا إلى أصيلة ، نزلنا من الحافلة ، و كان أول ما قمنا به هو أخد بعض من الهواء النقي نجدد به عمل رئتنا التي أضرتها الرحلة من طنجة إلى أصيلة رغما قصر المسافة ، فلتعاسة حظنا لم نجد في الحافلة سوى المقعدين الأخيرين و اللذان يقعان مباشرة فوق محرك الحافلة ، فكانت حرارة المحرك و إفرازات البنزين المحروق تصعد إلينا في شكل عمودي . بعدما أحسسنا بتجدد الهواء فينا انطلقنا مباشرة إلى مقهى اللوؤلوءة الزرقاء المعروفة هنا بأصيلة و التي تأتي في المرتبة الثانية شهرة بعد مقهى الزريرق الذائعة الصيت ، و التي جعلت عداد كبيرا من الكتاب العرب يكتبون عنها في بعض قصصهم و رواياتهم ، و في المقهى احتسينا سويا أنا و هشام القهوة التي ساعدتنا كثيرا على تصفية أذهاننا و عودة الحيوية إليها بعد تعب نصف يوم بكامله .
أصيلة مدينة فاتنة احتضنت في السبعينيات من القرن الماضي الفن و الثقافة فكانت بذلك قبلة لفنانين و مثقفين من مختلف بقاع المعمور ، يأتون إلى أصيلة صيف كل عام يشهدوا عرسها الحضاري الذي يدوم لحوالي شهر كامل و تتقاطع فيه مختلف صنوف الفنون السبعة من أدب و رقص و نحت و رسم و سينما ، علاوة عن الموسيقى و المسرح ، ثم يفترقون على أمل اللقاء مجددا في العام القادم و لكل منهم نية هو عازم على قضائها في عامه هذا ، و إن لم يسعفه الحظ و الوقت فلا مناص من قضائها في العام القادم .
رحنا بعد خروجنا من المقهى مباشرة على منزل محمد بن عيسى أحد أعلام مدينة أصيلة ، بفضل هذا الرجل وصلت أصيلة إلى ما هي عليه الآن من جمالية و رونق ، فهو مبدع موسمها الثقافي الشهير ، ورغما المهام الكبرى التي تقلدها من موظف دولي بالمنظمة العالمية للتغذية و الزراعة ، ثم وزير للثقافة فوزير للخارجية ، إلا أن حبه و عشقه لأصيلة لم يترك له مجالا للابتعاد عنها ، فكان بمثابة طائر يحلق في السماء مهاجرا أيام الشتاء ثم يعود لموطنه أيام الحار ليستدفئ بعشيرته و أقاربه ، عند مدخل الدار استقبلنا خادم به طلب منا أن نتبعه إلى غرفة الاستقبال ، جلسنا بها زهاء خمس دقائق ليلتحق بنا مباشرة السيد محمد بن عيسى ، سلم علينا سلاما حارا و كأنه يعرفنا منذ زمن ، ثم دعنا للجلوس ، تحدثنا معه في أمور عدة ، وناقشنا سويا فحوى النشاط الذي جئنا إلى أصيلة من أجله ، الحديث إلى بن عيسى شيق جدا ، أسئلته أجوبته ردود أفعاله تعليقاته و تحليلاته كلها مبنية و مركبة بشكل يجعلها متناسقة و متكاملة ، في جلسته يلمس المخاطب بشكل أو بأخر شخصية قوية ، و رجل سياسة و فكر من الطراز الرفيع ن و في حديثنا معه كن نكسر جدية النقاش بين الحين و الآخر بابتسامة لا تأتي إلا في محلها ، عندما انتهت الزيارة و قرننا العودة ، اقترح علينا السيد محمد بن عيسى أن يوصلنا إلى طنجة ، طبعا وافقنا على الفور ، ما دمنا سنستمتع بحلاوة الحديث معه و نحن في الطريق إلى طنجة ، تحدثنا في أمور أخرى ، عن الحياة اليومية للمواطن المغربي و بشمال المملكة على وجه الخصوص ، ثم عن أوضاع الأمة العربية في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم ، وصلنا إلى طنجة على أنغام الحديث الشيق للسيد بن عيسى ، توقفت السيارة على مقربة من المحطة الطرقية للمدينة ، و عندما هممت بفتح الباب أوقفني السيد بن عيسى ، و بابتسامته الجميلة خاطبني بلهجة مغربية :
- بلتي نكمل على الفابور ديالي
و اخرج من جيبه ورقتين نقديتين من فئة مئتي درهم ، ناولني الأولى و ناول زميلي هشام الثانية ، تقبلنا العطية بخجل كبير ، لكنه حمل هذا الأخير عنا بسرده لقصة مماثلة عاشها هو شخصيا أيام كان طالبا بدولة مصر العربية . ودعنه على أمال اللقاء في وقت قريب ورحنا مباشرة على مكتبة ثقافية بالمدينة نشتري بعض الكتب و نوثقها بعبارة مفادها :
أشتري هذا الكتاب عن طريق هبة شخصية من طرف السيد محمد بن عيسى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - زه ، وأعطاه ألف دينار
mofadal Benhlima ( 2008 / 12 / 26 - 21:08 )
العنوان يغنيني عن التعليق


2 - شعراء التكسب
najat ( 2008 / 12 / 27 - 13:04 )
هذا النص صادر عن سائح لايدرك أي شيء عن أوضاع المغرب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عامة وأوضاع أصيلة خاصة. حيث سمح لنفسه أن يقوم بالدعاية لتوجه سياسي محدد ، حيث عمد إلى تزييف الواقع وكيل المديح والإطراء لمن يتحملون مسؤولية معاناة سكان مدينة أصيلة مع الفقر والحرمان والبطالة وانعدام البنيات التحتية وتركها عرضة للإهمال التام والموت الزؤام طيلة أحد عشر شهرا واستغلالها لتكون مصطافاهادئا لهم ولزوارهم وفضاء صالحا للأنشطة المذرة للدخل لهم وليس للشباب وعموم الساكنة .وأصحاب هذا التوجه لا يعدمون من يكيل لهم المديح من كتاب وصحافيين وشعراء... لكن الغريب في الأمر هنا هو أن نجد من يصرح ويعلن للملأ في نص/ شهادة (مكتوبة وموقعة)يعترف فيها بتلقيه مقابلا وهدية وعطايا ، وهي فضيحة بكل المعايير وكل الأعراف ويعتبرها مفخرة . والغريب أيضا أن يتجرأ على نشرها في هذا المنبرالإعلامي الملتزم بنشر فكر الحداثة والتقدم الذي هو موقع الحوار التمدن

اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في