الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضحايا غزة: ضحايا للصراع بين ما يسمى بمحوري(الاعتدال والتطرف)

فالح مكطوف

2009 / 1 / 12
الارهاب, الحرب والسلام


الاعتدال والتطرف ايديولوجية حديثة وبديلة للتسوية، اوللمساومة، بديلة للحل النهائي وترتيب الديمقراطية وحقوق الانسان في الشرق الاوسط، وفقا ــ بطبيعة الحال ــ لما تراه امريكا ومريديها، بغض النظر عن كيفية تحقيق الحلول النهائية، ولا باس ان كانت مغمسة بقتل الاطفال والنساء والشيوخ ومغمسة بالدماء او افعال التهجير والانتهاك الصارخ لحقوق الانسان، وهذه الايديولوجية تاتي كرديف للافكار البالية التي طبل لها الاعلام الغربي وزمر، والتي سرعان ما ظهرت لتختفي بذات السرعة، مثل صراع الحضارات، ونهاية التاريخ، حينما توهم منظري الامبريالية، سعيا منهم لايجاد بديل، بان الغرب قد انتصر وان العدالة الاجتماعية والمساواة سوف تاتي بها الولايات المتحدة بعد انهيار منظومة راسمالية الدولة السائدة في الاتحاد السوفيتي السابق وحلفائه في ما كان يعرف بـ (العالم الاشتراكي)، وتاتي فكرة مثل فكرة (الاعتدال والتطرف) لتكون ايضا على مقاس المنطقة وتسوق للاستهلاك الاقليمي حتى تبدو في النهاية مثارا للخلاف بين الرفض والقبول، ان هذه التسمية الجديدة هي من التسميات التي اعتاد الإعلام العربي الرسمي ــ ولاسيما بعد الهجوم على غزه ــ السعي وراءها للترويج، في نهاية المطاف، لما صنفته الدعاية الاعلامية الأمريكية
وان الجماهير في فلسطين وفي العالم العربي تدرك تماما بانه لا وجود واقعي لهذه التسميات وهي مجرد خداع ايديولوجي لوضع حد فاصل بين طرفين ليس لهما صلة بالجماهير وقد اتخذا من التسلط ومعادات الجماهير وسيلة لوجودهما وبالتالي فهي معادل موضوعي لازمة الفكر الواقعي المستعاض عنه بافكار يمكن تمريررها والتعامل معها بالنسبة للاطراف التي تتبناها، فهي تعني للاعتدال تمرير مشاريع امريكا في المنطقة، بينما تعني للتطرف الوقوف ضد هذه المشاريع.
ان مفهوم الاعتدال والتطرف يتمحور بطبيعة الحال حول الاسلام السياسي بشقيه(المتطرف والمعتدل) وليس لامريكا أي مشكلة من الاسلام السياسي متطرفا او معتدلا شرط عدم تقاطعه مع مصالحها وهنا تحاول امريكا مزاوجة الاعتدال بالنسبة للاسلام السياسي بالاعتدال وفقا للنظرة القومية التي يمثلها مصر الى حد ما في حين يلتحم الاسلام السياسي المتشدد مع النظرة القومية المتشددة التي ثمثلها سوريا، وحول موقف امريكا المساند للتشدد والتطرف فان التاريخ يشهد كيف وقفت مع القاعدة في افغانستان ضد الاتحاد السوفيتي، وبشكل عام فالاسلام السياسي هو الحليف القوي لامريكا في العديد من الدول، وبالتالي فان المصلحة بالنسبة لمريدي الاعتدال او التطرف تكمن في ايجاد ارضية واقعية ومؤيدين على صعيد الداخل الفلسطيني والعربي والاقليمي.
بالرغم من ان العديد من الناس ــ فلسطينيا ــ يندرج تحت هذا التصنيف وفقا للانتماء الحزبي الذي ترأسته فتح كمحور للاعتدال الفلسطيني في حين مثلت حماس والجهاد محور التطرف، وحينما نسمع بالاعتدال او التطرف فإننا نفهم من ذلك انظمة عربية وإقليمية وأحزاب ومنظمات مثل ( مصر، السعودية، الأردن،تركيا، باكستان، وأبو مازن، والسنيورة وغيرهم) في حين يعني التطرف ( سوريا، إيران، نصر الله، حماس ، الجهاد) ولكلا الطرفين خطه السياسي المغاير للاخر والحقيقة فان هذا التصنيف امريكي بامتياز.
ويبدو الصراع من اجل ايجاد وترسيخ رؤيا سياسية واستراتيجية بديلة لما تطرحه امريكا في المنطقة، والداخل الفلسطيني ارتضى ان يستقطب ــ ولو اكراها ــ حسب ما يراه كل طرف لتحديد طرق الحل في العلاقة مع اسرائيل ففي الوقت الذي تسعى فيه (فتح) الى الطرق السلمية للحل مع عدو مجرم ترى الاطراف الاخرى ان المقاومة هي الطريق الوحيد للحل لان العدو لايمكن ان يقبل التفاوض دون ان تضيع القضية ولا يحصل الفلسطينيون على ابسط حقوقهم، ووفقا لتناقض وجهات النظر يتم الاستقطاب والتمحور في الداخل والخارج في الوقت الذي يغيب فيه اليسار تماما عن الساحة الفلسطينية بعد تاريخ كبير من المقاومة، واصبح طرفي اليمين هما المعول عليهما في الحل وفقا للاعتدال والتطرف.
ولامريكا خططها في حل القضية الفلسطينية وفقا لمصلحة اسرائيل ولكن بشكل يحفظ ماء وجه محور الاعتدال، الا ان توازن القوى في الداخل الفلسطيني لم يحسم لانه خاضع لذات التصنيف فكل طرف له مؤيدييه في الخارج ويمتلك تاثيره في الداخل حتى يبدو الصراع الداخلي وكانه صراع اقطاب عالمية واقليمية، وكل ما تاخر حل القضية الفلسطينية يجد كل طرف المبررات السياسية لادانة الطرف الثاني باعتباره هو السبب في تاخير ما يسمى بالحل النهائي.
واذا كان الهجوم على غزه قد حصل نتيجة لضوء اخضر من قبل محور الاعتدال ــ وهذا ما بدى عليه الحال في بداية الهجوم وخاصة في موقف النظام المصري والسعودي ــ فان محور التطرف قد حقق انصارا سياسيا على حساب آلاف الضحيا من القتلى والجرحى وقد هزمت المظاهرات في دول عديدة، محور الاعتدال الذي ادرك الهزيمة ليعاود قيادة الامور التي فلتت منه، ابتداء من تدخل تركيا واتهاءا بالموقف المصري وما عرف بالمبادرة المصرية وكذلك موقف وزير الخارجية السعودي في مجلس الامن من اجل اصدار القرار 1860 كل هذا بدافع سياسي وهو من اجل امتلاك المبادرة (الواقعية والقابلة للتنفيذ) وسحب البساط من محور التطرف.
ان اهالي غزه الذين يانون تحت اكبر هجمة اجرامية من قبل مجرمي الحرب في اسرائيل يحق لهم ان يعيشوا وجميع الفلسطينيين في دولة تحقق لهم الرفاه بعيدا عن معادلة (الاعتدال والتطرف) وبغيدا عن مطرقة مجرمي الحرب في اسرائيل وبعيدا عن الصراعات الاقليمية والدولية، لكي لا يكونوا ضحيا هذه النزاعات ولا محل للمزايدات السياسية بين احزاب الاسلام السياسي واحزاب الاعتدال الامريكي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة