الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مدى تدخل الدولة في انحسار المد الحزبي بالمغرب.
خالد ديمال
2009 / 1 / 17اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
هل عوامل الضعف الذاتية وحدها كافية لتبرير فشل الممارسة السياسية الحزبية،أم أن هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا الإنحسار،وانحباس النفوذ الحزبي، بل وقلة إشعاعه؟.
في سياق التحليل، لا يمكن إنكار دور الدولة في تردي الأحزاب ،وانحدار أوضاعها الممارسية، فالدولة في مراحل سابقة من التاريخ السياسي بالمغرب،وما نهجته من سلوك عبر أجهزتها الأمنية والإعلامية،كانت سببا رئيسا في نفور الناس من العمل السياسي،وتحاشي الخوض فيه.
فإلى حدود الثمانينيات كان الإنتماء،أو مجرد الإنخراط في الأحزاب أو النقابات يدخل في دائرة المحظور.والغالبية كانت تعتبره أحد أسس التنخيب المرتبط بامتيازات فئة اجتماعية محظوظة بحسب الثقافة السائدة عند أغلب الناس آنذاك.
تبعا لهذا الحصار الدولتي،( نسبة إلى الدولة )،باتجاه الأحزاب السياسية، كان طبيعيا أن تنشأ على أنقاضه أشكال تعبيرية أخرى أكثر ديناميكية تتجاوز أشكال التنظيم التقليدية،وفي أعقاب السنوات التي تلت تراجع الأحزاب،خرجت مبادرات ناشئة من أوساط الجمعيات المدنية،وغيرها من المنظمات غير الحكومية.
وإذا كان قانون الحريات يحظر على الجمعيات المدنية وغيرها من الهيئات غير الحكومية الخوض في أشكال الممارسة السياسية، أوالتعبيرات ذات المضمون السياسي،فإنه وبالرغم من تخفي بعضها تحت الستار السياسي ،لكن بحسب مهتمين ،فإن تغاضي الدولة يقوي من حمأتها،وبالتالي تمكينها من تجنيد شرائح واسعة وراء خطب وشعارات لا تخلو من طبيعة سياسية( مثلا جمعيات العاطلين، بالرغم من تبنيها لملفات مطلبية،فإن هذه المطالب لا تتجرد من الحمولة والمضمون السياسيين).
وبحسب هؤلاء المهتمين، فهذا الوضع يعتبر نشازا، بل استثنائيا، وهو جانب مهما كانت توصيفاته( سلبا أو إيجابا)، فقد خول هامشا للحركة لبعض الجمعيات وسمح لها بتبني مواقف ذات طبيعة اجتماعية أو سياسية تدخل حصرا في نطاق العمل الحزبي أو النقابي.
بينما يرى بعض هؤلاء أنه بالرغم من اقتحام هذه الهيئات لهذه المدارك السياسية مداهمة نطاق العمل الحزبي ،وبالرغم من تحركها في هذا الإطار على نطاق واسع، إلا أنها جوبهت بواقع عصي تفرزه قلة الإمكانيات المادية، مضافا إليها إكراهات تتجاوز السياسي لتطال القانوني أيضا،وهي إكراهات في مجملها لا تتيح لها العمل بوضوح وجلاء في هذا الحقل المتعدد الفاعلين.
أبر مثال يمكن سوقه في هذا الجانب هو التنسيقيات المتعلقة بمناهضة ارتفاع الأسعار من خلال تنظيمها لمسيرات واحتجاجات واعتصامات، بل أكثر من ذلك حشدها لجمهور عريض يدفع أغلب الأحزاب إلى التواري والإنزواء.
إن قوة المجتمع المدني في ديناميتها الحركية هذه،ليست سوى تعبيرا عن نبض الشارع، ومواكبة لتململه المسنود بمطالب ،وهو المجال الذي غالبا ما تغيب فيه الأحزاب، هذا يحدث بالرغم من عفوية سياقاته، حيث لا دور للحزب السياسي أوالنقابة،فكليهما أضحى صامتا،بل تهيمن عليه البيروقراطية.
إن واقع الحزب لا يتحدد بهذه الأكليشيهات الوصفية فحسب، بل يتقزم دوره على أكثر من مستوى،فالحزب الذي تتشكل منه أية حكومة،حيث في الغالب تستقي منه غالبيتها،ففي المغرب هناك إشكالية تنطرح مضاعفة، خاصة الجانب المتعلق بوزارات السيادة التي يحتلها التقنوقراط،فالإشكال هنا دستوري يتعلق بمستويات المشروعية المرتبط بالمنهجية الديمقراطية في عمومها ،ففي الديمقراطيات العريقة تتشكل الحكومات من الأغلبية البرلمانية التي تفرزها صناديق الإقتراع حيث تقدم الأحزاب السياسية برامجها للتباري ويكون الحكم هو صوت المواطن على أساس تطبيق تلك البرامج من لدن الأحزاب المصوت عليها،لكن في المغرب هناك تخريجة مختلفة للمنهجية الديمقراطية كما معروفة،حيث يتم أدراج التقنوقراط(غير المتحزبين )على قائمة المستوزرين الذين لم يصوت عليهم المواطن،وهو المعطى الذي يفرغ العملية السياسية من محتواها،ويجعلها بلا هوية.
هذه الهوية الحزبية المنفلتة هي التي تجعل-بحسب مهتمين- الحكومات المتعاقبة من دون منجزات، لأنها لا تملك سلطة لذلك"لأن فاقد الشيء لا يعطيه"، يضيف هؤلاء.فالمنتخبون لا يملكون السلطة لتنفيذ البرامج التي يتقدمون بها أمام ناخبيهم لأن الإهتمام يتركز بدرجة أولى على خدمة المصالح الخاصة،بل أكثر من ذلك البحث عن التموقع الجيد داخل بنية الدولة.
والسؤال يأتي هكذا، " إذا كانت الإنتخابات لا تساعد الأحزاب على بلوغ مستويات متقدمة في اتخاذ القرار السياسي وممارسة السلطة بما يتيحه الهامش السياسي المرتبط بالعملية الديمقراطية في مجملها -على علاتها- في بلد كالمغرب،أليست هذه الإنتخابات إهدارا للمال العام في نهاية المطاف،سواء أثناء الحملة الإنتخابية، أو كأجور وتعويضات للبرلمانيين،أو بعد تحول بعضهم إلى وزراء؟.
بما أن هرمية السلطة،وانكفائها في بنية محكمة الإنغلاق(أشبه بالصدفية)،ضمن نسق سياسي مندمج هو الآخر،تتحول فيه كل ممارسة سياسية خاضعة للزبونية وشبكة العلاقات ،والإحتكام إلى القرابات العائلية ،يحوله إلى شبه نظام عشائري،هو الذي يحول دون خلق دينامية متواترة تساعد في بروز فاعلين جدد وبمضامين سياسية جديدة تسهم في تغيير البنية الحزبية وتحصيل إبدال في هياكلها الداخلية بما يدفع باتجاه خللة البني الإرتكازية التقليدية التي يقوم عليها الحزب المغربي والتي تحوله إلى شبه زاوية تتألف من شيخ ومريدين دورهم منحصر في تقرير ما تمليه تعاليم الشيخ.
الإنتخابات بالمغرب- بحسب مراقبين- هي وجهة مفرزة سياسيا بنفس الآليات والزبائن حتى وإن تغيرت أدبياتها بإضافة بعض التوابل إليها لتبدو أشهى وألذ،بمعنى أنها وضعت لإبداء صورة جيدة أمام العالم يبدو فيها المغرب بلدا منفتحا ديمقراطيا، ومتعددا سياسيا،بينما نقطة الإرتكاز هي غير ذلك تماما ما دام النسق السياسي مغلقا وتبدو فيه فرص تطبيق البرامج السياسية التي تتقدم بها الأحزاب السياسية عديمة الجدوى/ بل أكثر من ذلك تشابه البرامج لدرجة التداخل حيث يستعصي فك شفراتها في بعض الأحيان،وهو المعطى الذي يقود إلى الخروج بنتيجة واحدة وهي أنه مهما تعددت الأحزاب بالمغرب فإنها لا تختلف في مضمونها السياسي، مادامت الوجهة واحدة أي الحصول على وظائف داخل الحكومة- التي يمثلها الوزراء -،عوض تطبيق البرامج السياسية.
ومع ذلك فهي انتخابات تعلق عليها الطبقة السياسية آمالا عريضة مبررة سلوكها هذا، بأن الإنتخابات "وسيلة لترسيخ أعراف التداول على السلطة".
المشكل- حسب مراقبين- يكمن في وجود التقنوقراط،هذا الوجود يخنق التداول على أسس واضحة،ولا يسمح بتبادل الأدوار في ممارسة السلطة،وحتى و إن وجد فهو تبادل شكلي لا أكثر.خاصة وأن التقنوقراط ينعتون بغير المتحزبين،وهم مجموعة من خريجي المدارس والجامعات الفرنسية،وأغلبهم مهندسون،وحسب هؤلاء المراقبين،فالحكم التقنوقراطي يجنح دائما إلى تدمير الحياة السياسية التي يفترض فيها فتح المجال للكفاءة الحزبية،لكن بالنسبة للدولة فإنها في الغالب،لدرء النقد، تقوم بالتحايل على هذا الوضع" بتجنيس" التقنيين بالعباءات الحزبية في الأوقات الميتة،بهدف المراوغة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراض فلسطينية في الأغوار من
.. إسرائيل تغلق معبر الملك حسين مع الأردن بعد عملية إطلاق نار ق
.. تركيا: مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات، ماذا يريد ا
.. نتنياهو يوافق على إرسال وفد إسرائيلي لواشنطن لبحث الهجوم الب
.. قصف عنيف وغارات ومعارك محتدمة قرب مدينة غزة وفي خان يونس