الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب وجيهة لكراهية المثقفين

محمد أبو زيد

2009 / 1 / 22
الادب والفن


حجازي طاووس جافاه الشعر ، و علاء الأسواني مفتعل ومتصنع ، وجابر عصفور صاحب فرح ، وفاروق جويدة نجم سينمائي لا يكف عن إمساك العصا من المنتصف ، وسعدي يوسف عربة قطار خرجت عن القضبان وتحطمت ، ويوسف القعيد لا يتحمس للأدباء الشباب ، ويوسف أبو رية يخاف على الأدب من علاء الأسواني ، هذه الصفات وأحكام القيمة يطلقها القاص والكاتب الصحفي المصري محمد بركة في كتابه " لماذا كرهت المثقفين ؟ " الذي صدر أخيرا عن دار هلا بالقاهرة ، الكتاب يبدو كعملية ثأر لبركة من الوسط الثقافي المصري الذي صدمه ، فيما يبدو، أكثر مما يجب ، ربما لأنه كان يحمل صورة ملائكية للمثقفين قبل أن يكتشف أنهم بشر أيضا : يخطئون ويكرهون وينافقون ويغررون بالنساء .
يبدو الكتاب انطباعيا ، وبسيطا في آن ، يعتمد على حكايات تخص مؤلفه ، معظمها متدواول في الوسط الثقافي الذي لا يكتفي بتحليل مثقفيه ، لكن أيضا بتحليل صحافته الثقافية ، والنظرة في الوسط الصحفي إلى " صحافي الثقافة " أنه أقل أهمية إلا في أيام معرض الكتاب ، ويقول بركة أن 99 بالمائة من المحررين الثقافيين أدباء يكتبون الشعر والقصة والرواية ، اختاروا الصحافة الأدبية باعتبارها الأقرب لميولهم يرصدون مفارقات وملاحظات لا تنتهي تتعلق بمشاهير الأدباء الذين تعرفوا بهم ، على الورق ، وهم في قرى الدلتا و الصعي دقبل أن يلتقوهم وجها بوجه
وربما يبدو الصادم في الكاتب أنه يطلق أحكام قيمة على كتاب كبار معروفين في الوسط الثقافي ، خاصة أن يحاول رصد تحولاتهم ، من الأحلام الكبيرة التي يحملونها في بداياتهم إلى نهايتهم في ركن مقهى محاطين بدخان الشيشة في الأتيليه أو الهناجر أو الجريون أو زهرة البستان ، مدللا على ذلك بأكثر من حكاية .
ربما تبدو فكرة تشريح المجتمع الثقافي قد طرحتها من قبل أروى صالح ، المثقفة المصرية التي ماتت منتحرة ، في كتابها المبتسرون ، والذي يستعين بركة بمقاطع منه للتدليل على " التفكير الجنسي " للمثقفين ، والازدواجية في مفهوم الحب والجنس لديهم ، ، ويعتبر بركة أن نساء الوسط الثقافي يقعن تحت ضغط نفسي هائل بسبب إصرار الطرف الآخر علىأن يلعب طوال الوقت بمناسبة ودون المناسبة دور الصياد ، وان على المرأة المثقفة أن تعيش 24 ساعة وهي في حالة ترويض للرجل .
وفي حديثه عن المؤسسات الثقافية ، ومن خلال تجربة شخصية له مع الراحل دكتور سمير سرحان رئيس هيئة الكتاب يرى بركة أن هذه المؤسسات تتعامل بمنطق جورج بوش في حربه على الإرهاب " من ليس معنا فهو ضدنا " ، ويسوق بركة الحكايات للتدليل على فساد الوسط الثقافي .
الأدباء في اعتقاد بركة لم يعد يشغلهم إطلاقا معارك من نوعية الدور السياسي للمثقف أو الدور الاجتماعي للأدب ، أو قضايا الفكر والنقد ، لم يعد هناك حلم ما بالتغيير أو رؤية للمستقبل ، أصبح كل ما يشغلهم هو تذكرة سفر خطفها فلان من فلان ، أو مشروع للترجمة أصبح علان يمسك بالتوكيل الخاص به بدلا من علان ، كما أن الجوريون والنادي اليوناني والحرية وزهرة البستان لم تعد تجمعات شهيرة للمثقفين في وسط البلد ، تفرز حركة إبداعية أو مشروعا أدبيا أوتحالفا سياسيا بل أصبحت أكبر منصة لإطلاق الشائعات وسحب النميمة الكثيفة المغلفة ، في رأي محمد ، بالحقد والتشكيك في أي نجاح .
يبدو صوت بركة مغلفا باليأس والمرارة من الوسط الثقافي ، ورغم أن الكتاب يبدو مقالا طويلا ، وانطباعيا ، ومشغولا بأحكام القيمة ، إلا أن الحكايات والآراء الواردة فيه هي بالفعل الأمراض التي يعاني منها الوسط الثقافي ، بداية من النفاق للإعلام والعاملين فيه ، نهاية بالازدواجية ، لا يكره محمد بركة المثقفين ، فقط هو لا يحبهم ، ولا يصدقهم ولا يؤمن بهم ، يحب الابداع ويكره ادعياءه ، يحب الإبداع ويكره الندوات النقدية التي تعد لمناقشته ، يصدق الفكر ويكره أدعياءه ، يؤمن بالأدب ويكره من يتصورون أنفسهم متحدثين رسميين باسمه ، ينحاز للثقافة ويكره مسئوليها ومؤسساتها
يخصص بركة فصلا في كتابه لكتابة انطباعاته الشخصية عن بعض الشخصيات الأدبية على الساحة ، من خلال احتكاكه المباشر بهم ، فبركة الذي كان يرى أن علاء الأسواني كشف عواجيز الفرح ، بقصد النقاد ، حين فاجأهم بروايتيه الناجحتين جماهيريا ،اكتشف حين زاره في عيادته التي يمارس بها عمله كطبيب أسنان أن مجامل وأن الأمر فيه قدر من الافتعال و التصنع ، ويضيف " لم أصدقه حين سلك سلوكيات تنم عن التواضع الجم ، كما أن شيئا ما في بشرة وجهه كان يربكني ،تماما كما نرتبك حين يفاجئنا عيب خلقي في وجه أحدهم " ، أما فاروق جويدة في رأيه فهو آخر تجليات الشاعر النجم ، يتأنق كما يليق بنجم سينمائي ، والطريقة التي يستقبل بها تحيات وسلامات الآخرين وهو يخطو داخل الأهرام تؤكد أنه لا يستحق جائزة نوبل في رأي بركة ، بل جائزة الأوسكار ، ويقول عن جابر عصفور أنه سمع أنه يتناول في الصباح الباكر عشر بيضات على الأقل في وجبة الفطور ، وهو في المؤتمرات التي يعقدها حين كان مسئولا في المجلس الأعلى للثقافة يشبه صاحب الفرح والمدعوين العرب هم " المعازيم " ، وحين التقى سعدي يوسف في القاهرة يصفه بأنه كان أكثر اهتماما بالحديث عن بريطانيا التي منحته جواز السفر وجنسية وأوراقا رسمية للإقامة ، كان منتشيا للغاية بحكاية الجنسية هذه ، وكان يردد بزهو أن ملكة بريطانيا أحن عليه من أمه
لكن التعليق الأجمل يطلقه بركة على الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي الذي يقول أنه حين يتذكره تلح على ذهنه فكرة الأرستقراطي المفلس الذي يعيش وسط الرعاع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي