الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة فتح وجمود السلطة

فاتح الخطيب

2009 / 2 / 2
القضية الفلسطينية


بعد يومين من اندحار الجيش الاسرائيلي الارهابي عن قطاع غزة, بحربه المستمرة على الفلسطينيين والتي لم تنته بعد, قام السيد (ياسر عبد ربه) أمين سر اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعقد مؤتمره الصحفي والذي استاء فيه لانتهاء هذا الاجتياح دون أن يقضى على حركة المقاومة حماس من جذورها, وتحدث فيه مطولا عن أمور كثيرة, لست بصدد الحديث الا عن جانب واحد لأهميته ولأنه غاية في الخطورة. ولكن قبل ذلك لا بد لي من تسليط الضوء على أمرين مهمين:

ألأول: ماذا جلبت لنا مفاوضات السلام مع الاسرائليين على مر السنين منذ اوسلو؟ هل حققت الدولة الفلسطينية المنشودة وعاصمتها القدس الشريف؟ هل أعادت للاجئيين الفلسطينيين حقوقهم؟ في الواقع ان اسرائيل ذهبت أبعد من كل ذلك لتزيد عدد المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية, سيما حول القدس من أجل تهويدها. واستفادت من وقت المفاوضات ولا زالت تستفيد لاستكمال الجدار العنصري الذي يقتطع 22% من مساحة الضفة الغربية, ومضاعفة عدد الحواجز في ارجائها, وازداد عدد الأسرى لأكثر من أحد عشر ألف أسير فلسطيني. وارتفع عدد الاغتيالات للفلسطينيين بشكل غير مسبوق, ومسح مخيم جنين بالبلدوزر الاسرائيلي عن بكرة أبيه بدم بارد أمام مرأى ومسمع العالم بأسره, كل ذلك وأكثر حصل تحت مظلة اتفاقية السلام.

الثاني: هل لا زالت هناك أية فرصة للسلام مع الاسرائليين بعد هذه الحرب الهمجية على غزة؟

نعود الان للجانب المهم في مؤتمر السيد (ياسر عبد ربه), والذي اتهم فيه حركة المقاومة حماس باعدام عناصر من فتح أثناء الحرب على غزة في المساجد, في المدارس(والتي معظمها تابعة لمنظمة الأمم المتحدة), وفي المستشفيات. ان الخطورة في ذكر هذه الأمكان من خلال مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية مثل عبد ربه, تكمن بأنه في ذلك يشكل خط الدفاع الأول لمجرمي الحرب الاسرائليين أمام المحاكم الدولية, ففي الوقت الذي سوف تعتمد كثير من المنظمات الحقوقية والانسانية اتخاذ قصف هذه الاماكن المدنية كاتهام مباشر لقواد الحرب واستخدامهم اسلحة محرمة في ضربها, يأتي السيد عبد ربه وللأسف ليقدم هذه الخدمة لأصدقائه الاسرائليين مجانا. وفي منتدى (دافوس) قبل يومين, كان هذا جليا عندما استشهد السيد (شمعون بيريز) رئيس الدولة العبرية, بما صرحت به السلطة الفلسطينية الشرعية -حسب قوله- على لسان عبد ربه في مؤتمره سيء الذكر, بأن حماس استخدمت المساجد, والمدارس, والمستشفيات في حربها, وقد كان ذلك ردا على غضبة السيد (رجب طيب اردوغان) والذي سجل موقفا بطوليا في البعد الانساني امام الظلم العالمي, عندما هاجم بيريز بما ذكره من أكاذيب حول مبررات الحرب على غزة, وكان انساحبه الرجولي من المنتدى صفعة قوية في وجه الظلم, نعم انه لظلم ما بعده ظلم أن يصفق العالم في ذلك المنتدى لرئيس أكبر دولة ارهابية في المنطقة تبريره الحرب على غزة.

بعد اليوم الأول من الاجتياح الهمجي الاسرائيلي على غزة, كنا نتوقع أن يقوم السيد الرئيس (محمود عباس) بارتداء زيه العسكري, لكي يعقد جلسة طارئة لمجلس قيادة الثورة. لكن وللأسف لم يعد هناك ثورة ولا مجلس لها, بل قدم تبريرا للهجوم الاسرائيلي بتحميله المسؤولية لحركة المقاومة حماس عدم تمديدها للهدنة الظالمة مع اسرائيل, وقال: ان المقاومة التي تقتل شعبي لا اريدها. بل وبعد اسبوعين من الاجتياح رفض السيد الرئيس التعاطي والتوقيع على مذكرة أراد محاموا عرب رفعها ضد القادة الاسرائليين والضباط أمام المحاكم الدولية بوصفهم مجرمي حرب.
نفهم أن خيار السلام الذي يقوده السيد عباس يشكل ضغوطا كبيرة عليه, ونستطيع أيضا أن نعي بأن التنسيق الأمني انما يحتم على السيد عباس التعاون التام مع اسرائيل حتى وان تطلب الامر تسليم مطلوبين من فتح نفسها للأمن الاسرائيلي, ولا شك أن الضغوطات نفسها هي التي قمعت المظاهرات في رام الله ضد الاجتياح الاسرائيلي لغزة, والتي لو أتيح لها الحد الأدنى من الفرصة لتطورت الى انتفاضة, ومن يدر؟ فربما كانت لتقلب كل موازين الحرب وقتها. أما وقد جرى الذي جرى, وبعد كل هذا الدم الذي سال في غزة والذي لا يزال, لا بد لنا طرح السؤال التالي على السلطة متمثلة بالسيد الرئيس (محمود عباس) والسيد (ياسر عبد ربه), هل لا زالت اسرائيل تؤمن بخيار السلام, وهل هي صديقة ام عدوة؟
ندرك تماما من خلال التاريخ السيء الطويل لمفاوضات لم يجن منها الشعب الفلسطيني الا الويلات بأنه لا مشروعية لأية تسوية, وليس الجميع قادرا أو مضطرا للمقاومة, ولكن الجميع قادر على رفض التسوية الغير عادلة, وعلى استنباط وسائل الحياة دون تسوية مع اسرائيل والصهيونية.

ان تصريحات السيد (خالد مشعل) رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة حماس الأخيرة لم تكن واضحة تماما, أما وان كان طرحه لأي بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية لكل الشعب الفلسطيني, فانني لا أتفق معه بتاتا, حيث ان هذا الطرح سوف يفاقم المشكلة ويؤكد عدم اشتراك فتح فيه, وبالتالي تكريس الانقسام. أو أنه أراد من خلال هذا الخطاب تشكيل قوة ضاغطة لاعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية, لذلك سوف نتريث قليلا لنرى ما الذي قصده بالطرح الجديد. وربما الفضيلة من هذا التصريح الناري بالبحث عن مرجعية جديدة للشعب الفلسطيني الداخل والخارج اثارة زوبعة كبيرة أدت الى استنفار في صفوف المنظمة بكل فصائلها واستدعاء كل القيادات لتباحث الأمر, وهو ما أخرج الكثير من هذه القيادات من صمتهم, وهذا نقرأه جيدا في تصريحات السيد (حسام خضر) القيادي في حركة فتح أثناء لقائه على قناة الحوار بأن حركة فتح تمر في أزمة قيادة, حيث ان قيادتها الحالية هي تقليدية تعيش مأزق الازدواجية نتيجة لعملية السلام, وان الحركة في ترهل مستمر وقد شاخ قادتها, وعلى القيادة أن تؤمن بالأجيال وتعاقبها ولا بد لها أن تستفيد من أخطائها. وقد كان اقرارا بطوليا من السيد خضر اعترافه بأن قرار حماس في الصمود هو قرار عظيم وشجاع, والذي أدى الى انتصار شعبنا الفلسطيني بكل فصائله في غزة.

هنا لا بد لنا أن نفرق بين فتح التاريخ النضالي, وبين السلطة الفلسطينية, عندما ندرك بأن هذه السلطة قد اختارت الاستسلام والمفاوضات العبثية, وأن اسرائيل بالنسبة لها ليست عدو, وبالتالي فان عدو اسرائيل هو عدو السلطة, حتى لو كان السيد (فاروق القدومي) رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس اللجنة المركزية لحركة فتح المعارض لاتفاقية اوسلو, أو (هاني الحسن) أحد مؤسسي حركة فتح وعضو اللجنة المركزية للحركة, أو (مروان برغوثي) أمين سر حركة فتح في الضفة, أو (حسام خضر) القيادي في حركة فتح, أو غيرهم من كل الشرفاء الذين يعارضون نهج السلطة, وهم كثر, وهذا يؤكد بأن المؤامرة الاسرائلية مستمرة منذ اوسلو لتصفية حركة فتح, وأن دور السلطة الفلسطينة في هذه المؤامرة هو ترويض هذه الحركة. لذا فانني أناشد كل الأحرار في فتح التصدي لهذه المؤامرة, ومما لا شك فيه بأن لكل هؤلاء الشرفاء موعد مع خيار المقاومة وعودة للرصاصة الاولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عبثية الصواريخ مقابل عبثية المفاوضات
صائب خليل ( 2009 / 2 / 2 - 14:50 )
صديقي العزيز فاتح،
كعادتك في مقالاتك الجريئة والفارزة لماهو سليم عما هو فاسد من الثمر بلا مجاملة، وكعادتك في تقديم مادة محددة واضحة معلوماتية فيما تكتب.
شكراً لك.
أثار انتباهي تسميتك -المفاوضات العبثية- ويبدو لي أن الكلمة هنا أنسب من استعمالها لها من قبل مجموعة عباس ومبارك لوصف صواريخ حماس، فلربما كانت صواريخ حماس غير قادرة على تحقيق أذى مؤثر في من يهاجمهم -بوحشية متطورة- لكنها على الأقل رد فعل طبيعي لمن يعتدى عليه ويحاول فيصيب المعتدي ولو بخرمشة.
أما مفاوضات عباس فكما ذكرت: لم تأت للفلسطينيين إلا بالمزيد من الإستيطان والإنقسام ,تثبيت سلطة مرتشية مسلحة بالسلاح الإسرائيلي.
أي لو أننا اعترنا مفاوضات عباس -صواريخاً- فأن هذه الصواريخ ستطير لتعود وتضرب الشعب الفلسطيني نفسه. تحياتي لك ودمت

اخر الافلام

.. هل دعا نتنياهو إلى إعادة استيطان غزة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تكثف الضغط على الجبهات الأوكرانية | #غرفة_الأخبار




.. إيران تهدد.. سنمحو إسرائيل إذا هاجمت أراضينا | #غرفة_الأخبار


.. 200 يوم من الحرب.. حربٌ استغلَّها الاحتلالِ للتصعيدِ بالضفةِ




.. الرئيس أردوغان يشارك في تشييع زعيم طائفة إسماعيل آغا بإسطنبو