الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إخلاص الطيار ..... والعشاء الأخير

محمد العبيدي

2009 / 2 / 8
الادب والفن


في سياق تقديم فن الوصف عند ابن الرومي يعرف هذا النوع الأدبي على النحو التالي:
(( القصيدة نوع الوصف ، وهو لغة الكشف عن الشيء وإظهاره، وفي الشعر إبراز مافي الوجود وتعداد خواصه وتصويره بالكلام الجميل، بحيث إذا قرأت هذا الكلام ثم رأيت الموصوف وافقت حقيقته الصورة التي انطبعت في ذهنك.))
كتاب : المفيد في الأدب العربي
ص /153
والعشاء الأخير ، هنا هي ليست فك طلاسم شفرة دافنشي ،ويمكن بسهولة ملاحظة طغيان الوصف عند(( إخلاص الطيار)) لأنها تتنافس في حلبة الوصف تحديدا ، دون مقياس الشاعرية الذي يمزج مابين الواقعية والخيال، ولا تستطيع حمل المزيج بأحكام اجتماعية مسبقة لأنها جعلت من الوصف حقيقة اتخاذ موقف من مأزق الصبح .

كل الطرق تفضي إلى نهايات ..
وكل دروب العشق ينتج عنها ،
بركان ثائر،
أو تابوت،
أو مملكة وردية ،
إلا أنا ياسيدي ،إلا أنـــــا
فنهاية دربي أعرفها ،
رقم حائر،
وسط آلاف الأرقام،
وقلم مدفون
بين آلاف الأقلام،
وشعر مضرّج بالحزن
فاح عطره من "أنفالك"....
مقبرة الشعر الجماعية..

في توقفنا عند مسالة العلاقة بين الوصف الإنساني، والوصف الناتج في القصيدة نعتمد إلى تمثيل الأشياء بعيدا عن البراهين ومتابعة الصلة هنا مفقودة ومتباعدة لديها ، وكان درب العشق هو درب الاسلاك الشائكة، وامتدادات الجدران الخرسانية ، لنرى أي شكل هذا من اشكال العشاء الاخير الذي نتفق مع دافنشي ان نختار العناصر الجامدة في لوحته دون سواها مع سعينا للالمام بكافة العناصر الاكثر اطرافها متباعدة، هنا ليس موضوع مقارتة بين اللوحة التشكيلية والقصيدة الشعرية بقدر ماهو اسلوب لعرض افكار جعلت الاختيار ممكن، لكاتبة تعتمد الوصف دائما وترغب الاستقرار عنوانا وهو اقرب العناصر في بحث سياق العلاقة الوصفية.
بركان، تابوت، نهاية، مدفون، مضرج، حزن، مقبرة ، جماعية.
انا اعتبر المفردة في الفن، هي تعبير عن الشخصية، في الشعر اعتبرها نوع من المصادفات تترنح في ما بينها الكلمات وبما ان الموضوع وصفي ، سوف يشكل مساحة مكانية تتم فيها الاحداث عندها ونترك المفردات وننطلق الى:
قالوا : أعطنا عشقاً يدوم
قلت: إعطاني رجلا يحسن الوفاء،
قال : أعطني ملاذاً..
قلت : هلمِ اقترب،
تعمد بأشعاري،
أجعل من القوافي أمطاراً
واستحم بدموعي،
قالوا : إذن حان وقت رحيلك !
صرخت فيهم....................
يا أيها المغلوبون على أمرهم ،
يا أيها المستضعفون ، على مر الأجيال...
أيتها الشعوب الناطقة بالضاد....
هل تعرفون الفرق بين الـ"ضاد" وبين الـ "ظاد"
شتانٌ بين الـ"ضاد" وبين الـ"ظاد"
كالفرق بين الـ"ضوء" وبين الـ"الظلام"
كالفرق بين الـ"الضماد" وبين الـ"ظمـــأ"
فمتى تعلمون ؟
إنني أكون قد انتصرت
إن أنا متّ
وأنا أصارع طغيانه،
وإني سأتسرب من بين أحضانه،
فراشة ملونة،
وقديسة ،
أحمل مشعلي ،
وأنثر أشعاري على جسد الأمير...
وأعود محمولاً على ظهور القوافي،
لأؤسس الجمهورية،
وأجتث منها كل ما يمتّ الى الأمير بصفة،
أحرق لوحاته الزيتية ،
أمزق صحفه الحكومية،
أمسح من على السماء،
رموشه المجدلية،
وسأكتب دستوراً
أحرّمُ فيه على الأطفال،
أن يلعبوا في فناء القصر،
أو حديقته الملكية،
وسأضع عائلات القوافي تراقبك
وأنا ألف حولك ،
بقايا ، لقصائد ثأرية ..
وسأدفن رفاتك في محفظتي ،
وأرحل في أسرع قصيدة
وأعود إلى مكتبي ، قدح الشاي الذي تمقتة...
وأشعل لفافتي الأخيرة
وأكتب روايتي الأخيرة،
لأحدث شعوب العاشقين،
"بمختلف طوائفهم" و "جميع ألوان الطيف العاطفي"
كيف إني خضت الحرب معه ،
وكيف أخذت تاجه كرهينة..
وكيف نفذ مني عتاد القوافي،
فواجهته أعزلاً ،وأصررت على المقاومة..
وكيف أنة أخرج سكيناً ،وذبح قلمي أمام عيني....
فطار صوابي ،
ودعوت.........................
يا رب..................................
يا من بيده ملكوت كل شيء......
فأمطرت السماء عليه سهاماً ،
لوزاً وورودا أحمراً
وفراشات ذهبية،
آه منك يا ...
من أجلة كتبت
ومن أجلة أنصتّ
ولأجلة سهرتْ.......

وبكيتْ
جردتة من تاجه
واستللت قلمي...........
قبلته بين عينية.......
أطلقت علية النار،
وانتَحرتْ !!!

ربما كان هنا دور متميز بدلالات خاصة في تقديم الرجل بطلا، ولكن انتبه أيها الرجل أين العام عندك وأين الخاص منك، إنني في غرفة صغيرة أتابع الوصف في كلمات واحدد الجانب الطاغي عندها،ومن المثير أن أبين ميزة التفرد والتناقض عندها ، تتفرد بالعشق لوحدها ، وتبكي وتنوح مع غيرها المفارق المالوف مدعاة إثارة وما تخفيه كان أعظم ، أين القانون أين الدستور أين الأطفال هي واحدة لاتحتاج إلى هذا وإنما أريد عشقا أعطيك قلما ، أريد شجرا وصورا ورسوما وغابات من نخيل وأعناب ورمان لا أريد منك حربا ولا سكينا تذبح بها شعري ، أريدك أن تبحر بقربان وأشرعة جناح الحمام وشموس تغرب ماتشاء وتبزغ مع القمر كيفما تشاء، لاتجعل قصائدي ثار منك ولا حقول حبك باردة أريدها على خط الاستواء، ولا تمطر سهاما صارخة، وإنما أقلاما اكتب فيها روايتي الأخيرة ولكنها ليس عشائي الأخير.

هذا ليس عدلاً يا سيدي
هذا ليس عدلاً...
أن تكون القاضي الذي عينته المخابرات..
ليس عدلاً
أن تكون أباً ، الجأ إلية ...أدس رأسي الكبير بين ذراعية،
وطفلا دغدغة أناملي ...
ليس عدلاً
أن تكون حبيبآ ، وحكماً مرتشياً ....
أبداً
هذا ليس عدلاً
أن تشهر بوجهي البطاقة الصفراء مرتين،
فقط لأني –عن غير عمد –صرخت...
من ألم التعذيب الذي تمارسه تحت الأقبية
من الظمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأ
الذي أصابني وأنا أشرب دموعك
أبداً ،صدقني هذا ليس عدلاً..

(( إخلاص الطيار)) تؤكد من خلال قصيدتها انها في سياق البحث عن الوصف، بالاضافة الى اشارات حددتها حملت بعدا سرديا في بعض الاحيان، ولكن الان هناك غياب الى اي اشارة سردية لياتي الوصف وحده مطابق ويحمل بعدا فيه من الاثارة وهي تشرب الدموع وتكاد تلتقي بمستوى وصفي معقد يجعلها وثيقة الارتباط بالسرد البالغ والقريب من الوصف القصصي .

كل لحظة انتظرتك فيها تشهد..
وكل زاوية في مكتبتي ،
تشهد..
وكل لحظة ،
ضبطتك فيها ترقص تحت المطر
فصليت كي يتوقف المطر..
تشهد ،
أحلى ما فيك ،
أجمل ما فيك،
عندما ترسم البحر بشفتيك،
أعني ،
عندما تمتزج رطوبة الجسد
برطوبة المطر................



وهنا أصبح الوصف قد بدا لنا واضحا يحمل في ذاته وكان الموضوع مكشوف وينجلي غبار الحكم ، ولا الشهادة نافعة ، كونك جميل وترقص تحت المطر ، انها تصرخ مرة أخرى وتمزج رطوبة المطر برطوبة الجسد ، وتأخذ دورها وتحسم موضوعها ولكنها لم تقع في الشرك لحد الآن.


كل لحظة كسرتِ فيها المرآة تشهد
وكل زفرة لاهبة ،أعادت إليك
الرجل البدائي،
تشهد..
وكل لحظة غطيت فيها وجهك – على استحياءٍ - بأوراق القصائد
تشهد
وكل لحظة تممدت فيها عن تراثك القديم
واحتضنتِ فيها أوراقي....
تشهد
وكل لحظة تمنيتِ فيها لو أمر بقربك ،كحلم أزليّ
وكل لحظة أبكيتِ فيها القوافي ،وجعلتها تتنهد
عليك تشهد...
أقسم عليك بمن تعبد ،
الا ما حدثتني..........
لماذا عواطفك تلسعني مثل ماءٍ مجمّد ؟
لماذا عليَّ أن أقول ،
وقد قلتُ كل شيء....
لماذا عليّ أن أعترف
ما دام الحكم واحد
والجرم واحد
والسجن واحد.....................
أربأ بكِ هذه السطحيـــــــــــــــة
وأربأ بك ان تلوذ –مبكراً- بالفرار
فأنت ، صاحب القرار
وقد قررت ، أن لا تكون النهايات موحدة،
وقد حذفت من سجلات الضحايا
كل قيد مسه التكرار
أجلك عن هذا التغابي
أجلك عن هذا الهروب
والتمس الى عينيك،
أن تعاود الحصار !
وأن تشدد الحصار...
حتى أرضخ ،
وأكشف عن جميع برامجي وخططي،
وأسلحتي المحرمة عاطفياً
حتى أعترف لك وحدك....
حتى أقولها لك وحدك
إني كنت عازماً على أسر ك
وكنت أنوي اغتيال شفتيك
عند أقرب بحيرة
تعال واجلس على غيمة
نتفاوض
فقط، لآلاف الكلمات التي
لا زالت في فمي متحجرة
فقط، لملايين الأفكار الجنونية
التي سولت لي نفسي ،
فقط ،لنكمل "الرائعة" الشعرية
ألا يكفي أن اعترف..
إني استنشقتك يوماً ،
فأدمنت الكتابة
وأن شعري من دونك ، مجرد هراء
شخبطة ، خطوط عمياء
سيدي ،
هل ينزل المطر بلا سحابة ؟

ويرى الكاتب ان لكل عمل فني سواء في التشكيل او الشعر او المسرح، له بنيات متعددة المستويات من المستوى الخاص الذي يتحكم فيه المستوى السردي وهو الذي يشغل الكاتبة او الشاعرة في قصيدتها ، وهنا ليس المقصود ان اعطي للقصيدة ضمن هيكلتها البنيوية كونها وصفية لحالات قائمة على التوليف المتعمد في اكثر من مقطع، بالاضافة الى ان هناك نوع من التعاطي الذي يصعب فيه المعالجةوهذه احد المشكلات في التحليل، ولكن؟
(( اخلاص الطيار)) تتصدى لكل مفرداتها بعنف جمالي حتى تسيطر على كل ابعاد قصيدتها وتصل الى معالجة المستوى المقرر لها وتترك عامل التجاوز الى الحاكم دون سواه وتعالج ايضا العلاقة بمستويات تجتمع فيها عناصر عدة لتشكل، من خلالها اجتماعها الكلي وتنزل المطر دون صلاة استسقاء.
كن ورقة
أكن فكرة
كن حبة رملٍ
أكن شجرة
كن نجمة
أكن عرافاً
كن سجناً..
أكن عِراقاً
يا سليل الأباطرة
يا بقية الأكاسرة
يا عصارة قرون من الدكتاتورية
كن سجاني
لأبقى أحلم بعفوٍ ملكي...
.......................................................... "هو: الابتسامات تتوزع من جديد "



نعم من حقي أوزع الابتسامات ولكن بمعرفتي..

محمد العبيدي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في