الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هزيمة الإخوان و فوز اوباما

سعد فتحي رزق
باحث

(Saad Fathi Rizk)

2009 / 2 / 12
المجتمع المدني



في الوقت الذي يشهد فيه العالم الكثير من المتغيرات المؤثرة – كالأزمة الاقتصادية العالمية التي أعلنتها أمريكا – تفاجئنا أمريكا أيضا بزلزال آخر- لا يقل في أهميته التاريخية بحسب رأي - عن الثورة الفرنسية التي حررت الناس من سلطان الكنيسة العنصري الغاشم وقتئذ . وهو الزلزال الذي أتت به نتيجة الانتخابات الأمريكية من فوز للرئيس ( براك حسين أوباما ) ذو الأصول الأفريقية .

وهو حدث ذا دلالة واضحة علي قدرة النظم الليبرالية- في القضاء علي العنصرية والتمييز. الزلزال كان بقوة 2008 رختر وهو زلزال مدمر لكل العنصريات . زلزال بالضرورة وان يكون له توابع مؤثرة علي كل المجتمعات التي تعاني من العنصرية – سواء كانت بسبب الدين أو الجنس أو اللون
ونحن نفخر بان دستورنا المصري خالي من هذا التمييز العنصري وهو ما جاء في أولي مواده عن المواطنة وعدم التمييز - و تكرر بنص صريح في المادة 40 التي تنص علي أن :-
(المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق و الواجبات و لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ))
إلا أن - في مصر- جماعة اختارت ان تمارس التمييز بين المواطنين وتقسمهم علي أساس الدين والأصل والجنس وهم ( جماعة الإخوان المسلمين ) الذين رأوا في فوز أوباما – فوزا لفئة السود في أمريكا – وليس فوز للنظام الليبرالي الذي تذوب فيه كل العنصريات . وهو ما صرح به عصام العريان رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين , في جريدة الدستور المصرية بتاريخ 9-11-2008
و تحت عنوان ( نعم نحن نقدر ) حين قال (( لم أكن وحدي الذي تأثر .. بذلك الشاب الذي حقق حلما عزيز المنال في بلد عنصري كان البيض .. يقتلون فيه السود منذ 40 سنة فقط )) العريان يري في فوز أوباما أن فئة السود حققت حلم عزيز المنال, وعليه فقد رأي في هذه التجربة ما يحفزه هو و جماعته علي تحقيق حلمهم
". ولهم في أوباما اسوة حسنة " ,
العريان يقول (( لا تعولوا علي جهود أوباما ليحقق لكم أمانيكم .. فبجهودنا نحن وبقدراتنا .. نقول كما قال أوباما وهتف الحشد من خلفه نعم نحن نقدر)) والسؤال: ما هي أمانيهم و علي ماذا يقدرون ؟ يجيبنا العريان كاشفا عن حقيقة أمانيهم - وهي هزيمة النظام المصري او المؤسسة الحاكمة كما كتب بالحرف الواحد يقول (( فإذا كان باراك أوباما استطاع .. هزيمة المؤسسة الحاكمة .. فإننا أيضا نقدر علي التغير))

الإخوان يروا أن أوباما هزم المؤسسة الحاكمة ويطمأن جماعته بقوله (فإننا أيضا نقدر ) وهي مغالطة إخوانية فلا أوباما هزم المؤسسة الحاكمة ولا هم يقدرون علي شيء.بل أن أوباما آمن بالليبرالية و تفاعل معها-فانتصرت الليبرالية لأوباما- و منحته حقه كأي إنسان آخر دون أي تمييز. وهو ما لم تؤمن به المحظورة التي وصفت النظم الديمقراطية بالمهلهلة و التي يجب الانقلاب عليها وهو ما كتبه حسن البنا في مجلة النذير اذ يقول (( لابد من تغيير هذه النظم المرقعة و المهلهلة .. وقلب هذه الأوضاع البالية الفاسدة .. و العودة الي كتاب الله في القانون و السياسة )) ’ هذه هي أمانيهم - إعادة ( حاكمية الله ), الفكرة التي لم تأتي علي الناس إلا بالخراب و الدماء و التمييز و التفرقة ما بين- قريشي و موالي, ذمي و مستأمن ,عبيد و إيماء ...الخ. هذه هي أمنية المحظورة , فالأخوان يصرون علي ما قاله ألبنا و قد أعلنوا ذات الموقف في أحدث كتبهم إذ يقولوا (( لا يعد مخطئا من اخذ يعمل بقدر استطاعته فسعي إلي إقناع الناس من تغيير التشريعات الوضعية وإحلال الشريعة الإسلاميةٍ محلها )) كتاب ( الفكر السياسي المعاصر عند الإخوان المسلمين ) ص 143 – إصدار 2001 .

هذا هو موقف الإخوان المسلمين من النظم الديمقراطية. فهم يصرون علي قلب النظام و إحلاله بنظام آخر- قد سبق و سجل له التاريخ مآسي و أهوال لم نكن لنراها لو لم تخرج علينا أمنيات كالتي تحلم بها المحظورة (!!)

الإخوان لم يعوا حقيقة ما حدث بان النظم الوضعية المتطورة هي القادرة علي محو التمييز بين المواطنين وإعطاء كل الفرص علي أساس المواطنة فقط . المواطنة التي لا تمييز فيها . وهي مواطنة ليست كمواطنة الإخوان التي تقوم علي التمييز بين الناس , وهو ما أعلنته الجماعة في كتبهم - ففي كتابهم ( الفكر السياسي المعاصر عند الإخوان المسلمين ) يقولون تحت عنوان الأقليات وحقوق المواطنة : (( ان المواطنة ترتبط بالمواطن وهو في المصطلح الإسلامي يشمل
1-( المسلم): الذي يؤمن بالإسلام عقيدة و شريعة و نظاما .
2- (الذمي): الذي يقبل الإسلام شريعة و نظاما دون عقيدة
3- ( المستأمن): وهو الوافد إلي الوطن و المقيم فيه مؤقتا)) .
هذه هي مواطنة الإخوان العنصريين ,التي قسمت الناس إلي ( مسلم و ذمي و مستأمن ) وبدون أي تحرج أو خجل يرفضون النظم الديمقراطية الليبرالية و يدعون أنها نظم بالية و مهلهلة (!!) بل ويجب استبدالها بنظامهم الذي تجاوزته الأمم .(!)

إن رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان يعلن عن قدرته هو و جماعته لهزيمة النظام المصري- ومن ثم يقدمون ( الحل ) وهو ( قلب الأوضاع ) كما أعلنوا (!!). وهو حل رأينا تجلياته عندما وصلت حماس للحكم في غزة وكيف إن جهلهم السياسي قد جاء بالدمار بعد أن ابتلعوا الطعم الإسرائيلي - وهو تشديد الحصار الذي أتي بالانفلات و الطهور من قبل حماس وهو ما تعرفه إسرائيل وهو ما يعطي بدورة الشرعية لإسرائيل من قبل القانون الدولي , و بالفعل قامت اسرائيل بتدمير غزة وهي تدرك ان هناك من سيدفع الفاتورة سواء عند التدمير وهي أمريكا التي دفعت 30 مليار دولار في صورة أسلحة أخري لإسرائيل . وهناك أيضا من سيدفع لإسرائيل الأموال التي سوف تتدفق في السوق الإسرائيلي في إعادة إعمار غزة وهم العرب الذين يتبرعون بالأموال لإعادة الإعمار مما يعني تدفق الأموال العربية في السوق الإسرائيلي للحصول علي مواد الإعمار . هذا كله واكثر- جاء به الجهل السياسي للجماعة. والأغرب إن أمير جماعة غزة "إسماعيل هنيه" يخرج علينا يدعي انه قد انتصر علي إسرائيل (!!!)

إن سلسلة الفشل لجماعة الإخوان الذين يقدمون دائما نموذجا للجهل السياسي المصحوب بالهزائم يصرون أيضا علي قراءة الواقع بطريقة مغلوطة - فرئيس المكتب السياسي للجماعة في مصر يقدم نموذجا لو أن أمريكا قد مارسته- لما جاء أوباما رئيسا, كونه و بحسب تقسيم المحظورة- سيصبح مستأمن لأنه من جذور افريقية, بل و مرتد لأنه ليس علي دين أبيه (حسين ) وهو ما يتطلب - إقامة حد الردة عليه, لا أن يصبح رئيسا (!!). هذا هو الفارق بين نظامكم العنصري و ما بين النظم الليبرالية القادرة علي تأسيس مفاهيم المساواة بين الناس دون أي تمييز. وهو ما لا تؤمنون به في مشروع حكمكم. أما وقد حصلتم علي 88 مقعد برلماني كمستقلين, و حصل أوباما علي الحكم في أمريكا فما هو إلا نتاج طبيعي للنظم المدنية التي تريدون قلب نظامها .
أما عن ادعائكم بقول ( نعم نحن نقدر ) فهو ادعاء يحمل بطلانا كبيرا – لان البعض ممن انخدعوا- حين تسترتم بشعارات واهية – باتوا مدركين حقيقة غايتكم في التفريق و التمييز بين المصريين . وبخاصة – عندما تقدمتم بورقة حزبكم المزعوم- الذي أقصيتم فيه أكثر من 60 % من الشعب المصري عن المشاركة في الحكم- وهم المرأه و الأقباط . وهو تمييز آخر بسبب الجنس و بسبب الدين هذا و غيره عرفة المصريين عن حقيقية مشروعكم المحظور. فمصر دولة مدنية و ليست دولة دينية ولن تكون. وبها شعبها الذي ارتبط بها أرضا و وطنا . وانتم علي عكس ما تدعون ( انتم لا تقدرون) وإنما المصريين الذين ردوا الاستعمار تحت راية (الوطن ديننا) هم الذين يقدرون .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ناشطون يدعون إلى محاكمة المعتقلين السياسيين وهم طلقاء


.. كلمة مندوب دولة الإمارات في الأمم المتحدة |#عاجل




.. فيتو أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة


.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا




.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة