الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
زبيب الصلاة وبخور جهنم
باسنت موسى
2009 / 2 / 20الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هروباً من ضغوط كثيرة بالحياة قررت أن أقتطع جزء من يومي التقليدي لتكون ساعاته مختلفة وبالفعل اتصلت بإحدى صديقاتي ودعوتها للخروج معي إلى السينما ثم الذهاب لمكان لتناول العشاء كل هذا وأنا أمني ذاتي بوقت رائع مثير ومحفز للعودة لأيام العمل التقليدية،ولكن وأه أه من لكن كان وقتي أسوء مما كنت أتصور أن يحدث بل أنني عدت للمنزل في حالة غضب شديدة وشعور بمأساة مجتمعي المتطرف في كل شيء حتى أصبحت الحياة بداخله نوع من العقاب القاسي الذي يقع على الفرد بشكل لا إرادي مفروض لأسباب قد تتعلق بعدم القدرة على ترك هذا المجتمع والبحث عن أخر أفضل.
داخل السينما وجدت قاعة العرض بدون مكيف للهواء ولكن ليست تلك المشكلة فالجو بارد ولن نختنق بسبب عدم وجود مكيف الكارثة تكمن في أن الأخ الفاضل مالك السينما قام بإشعال البخور الإسلامي ورائحته الخانقة من المسك والعنبر داخل القاعة قبيل دخولنا إليها ثم أغلق بابها وكأنه يريد أن يعاقبنا بالموت اختناقاً لأننا نشاهد فيلم لكافرة سافرة متفرنجة هى" إلهام شاهين" وحقيقة لم أحتمل رائحة البخور في الداخل والذي تفاعل مع ظلام القاعة مما جعلني أشعر بدوار غريب وكأنني سأموت بعد دقائق لذلك ظللت طوال الفيلم مشتتة الذهن غير مستمتعة على الإطلاق خمس دقائق اختناق وخمس آخرين بالخارج للتنفس.
العجيب في الأمر أن العامل بالسينما ذوو"السحنة" المنقطعة النظير في عدم التناسق إضافة للـ"زبيبه" التي تشبه في استدارتها علامة الجودة أجبرنا على دفع إكرامية له"بقشيش" عند الدخول لقاعة الموت أقصد قاعة السينما وكان يفزعنا بطلعته الغير بهية من حين لأخر وخاصة مع مشاهد الحب الساخنة بين أبطال الفيلم ليصرخ بأعلى صوته"إلى جهنم إن شاء الله" ثم يغلق فأه بعد صراخه بالعبارة السابقة ممتعضاً من الكفر الذي يراه على شاشة العرض،وذلك العامل الذي لم يتعدى الثلاثينات كما أعتقد كان يثير شفقتي عندما يصرخ بعبارته التكفيرية ربما لأنني أتفهم دوافعها فهو حتماً وحيد لا يجد بائسة تبادله الحب وليس امرأة بحجم أنوثة إلهام شاهين لذلك المشاهد على الشاشة تشعره بالنقص الذي يعانيه في حياته مما يجعله يصرخ مؤكداً لذاته أن الجحيم الذي يعيشه هو في واقعه الخالي من السفور سيلقاه غيره من السافرين في الآخرة إن شاء الله.
خرجت من السينما كمن خرج من القبر المظلم المعتم ذوو الروائح الكريهة مؤكداً لمن حوله أنه لم يمت حتى يدفنوه بتلك الطريقة القاسية وذهبت لأحد المطاعم الشهيرة الكبيرة والتي يمتلكها أخ فاضل مصري تقي دينياً وفور دخولي لمحت شاشة عرض كبير في قاعة الطعام يبث من خلالها آيات دينية صوت وصورة فأثار ذلك بعض من رفضي لكنني قلت لذاتي لابأس فأنا سأبدأ في استخدام خاصية الإسقاط داخل أذني حيث إهمال مالا أريد سماعه وكأنه غير موجود بالأساس،وجلست وجاء شاب مبتسم يسألنا ماذا نريد من طعام؟ فسعدت مع صديقتي بمقابلته الجيدة وقلنا"ياااه الدنيا لسه بخير وفي ناس بتضحك" وطلبنا عدد من الأطباق الشهية ولكننا عن طريق الخطأ اخترنا طبق غير محبب لنا لذلك عندما جاء الشاب المبتسم أوضحنا له أننا نريد تغيير أحد الأطباق لأننا طلبناه عن طريق الخطأ فما كان منه إلا أن رحب بطلبنا للتغيير وذهب ليفعل ما نريد لكنه لم يعد بل عاد أخر يشبه في سحنته غير المتناسقة عامل السينما ويعلو جبهته ذات العلامة من الجودة "زبيبه" ووجه لي حديثه ولم يوجه لصديقتي وقال بحده"بقلك مش هنغير الطبق"قالها وكأنني عامله نظافة في منزل والده مما جعلني أستشيط غضباً منه والتأكيد على أنني لن أكل طبق لا أرغب فيه وطلبته بالخطأ ورددت عليه بذات الحده"يمكنك أن تلقي بهذا الطبق في الزبالة وسأدفع لك ثمنه" مما جعله يثور ويصرخ ويعطيني درس ديني في أن الطعام لا يلقي في القمامة وما شابه وحقيقة كنت أريد فعلياً أن ألصق الطبق بمحتوياته في وجه هذا الرجل ذو علامة الجودة على جبهته الغليظة ولكن صديقتي دعتني للهدوء بل وأخذت ترجوني ألا أستمر في الحديث مع هذا الرجل وتناول الطعام في صمت لكنني كنت انتهيت انتهت فرحتي بأوقات كنت أظن أنها ستكون جيدة بل بدأت الصور السلبية للتطرف في المرور أمام مخيلتي مما عمق شعوري بالأسى من حال مجتمعي.
لا أفهم لماذا يكره بعض الناس آخرون لم يصنعوا لهم أي شيء سلبي يكرهونهم ويؤذونهم لا لشيء سوى لأن عقيدتهم لا تنال رضاءهم الديني؟لماذا يفرض البعض فرضاً أفكارهم وقيمهم وعقائدهم على الآخرين؟لماذا يظهر كل فرد هويته الدينية ويهمل مصريته؟ بهذا المنطق المغلوط الذي يسير به بعض المصريين ستتحول حياتنا لجحيم وستعيش كل مجموعة في "جيتو" منفصل مغلق عليها ولن تتقدم مصرنا التي نتغنى بحبها وكأن الحب كلمات فقط دون تعايش وممارسة تؤكده.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - الحال هو نفسه في كل الغالم العربي
ابو العز
(
2009 / 2 / 19 - 19:28
)
عندما يصل الجهل بالناس الى ما هو عليه في مجتمعاتنا ويتم استخدام اخر متنفس طبيعي باسم الدين ويتحول الفرد الى وعاء فارغ من كل القيم الانسانية يسهل جدا للحاكم ان يلعب اللعبة التي يريد مع الناس. من نشر خرافات العصور المظلمة والشعوذة باسم الدين او القومية. لذا يجب على كل مفكر وواعي شد العزيمة لتوعية الناس بان ذلك يزيد البؤس ويخدم فئة مستفيدة
يا حبذا لو على الصراخ وكشف المستور وراء الوضع الحالي الذي سينفجر حتما
2 - إستجمام عقلي
العقل زينة
(
2009 / 2 / 19 - 20:44
)
أن تتبع ما لا يقبله العقل أو المنطق تصبح مؤمنا أما إذا أعطيت عقلك فرصة التفكير والتمييز فأنت كافر
3 - سوء الخلق ليس له دين
مها
(
2009 / 2 / 20 - 08:26
)
العزيزة باسنت , في البداية شكرا لك ,في المقالات او الكتابات التي تطرح الموضوع الذي قمت بتناوله يصبح من الصعب المناقشة او طرح اي رأي معاكس لان صاحبه سيكون متهم بدون ادنى شك بالتطرف ومساندة التعصب الديني وسيوضع في نهاية المطاف في خانة معكري مزاجك من متجهمي الوجه اصحاب علامة الجودة , مع هذا اعتقد انها مغامرة تستحق كل الاتهامات التي ترافقها
لقد صورت عامل السينما والمطعم بكل اخلاقهم وتصرفاتهم التي لم تعجبك واتفق معك مئة بالمئة انها غير لائقة وليس فيها ثقافة احترام المقابل ,على انها ثقافة دينية ومتأتية نتيجة فكر ديني معين , يا عزيزتي اختلف معك تماما في تصوريها على انها ثقافة دينية او سببها تعصب ديني , انها ثقافة اجتماعية وصلت في تدنيها الى هذا المستوى بدليل ان هذا الاسلوب في التعامل اصبح حالة عامة حسب وصفك , وللعلم هو موجود في معظم الدول العربية ولا اقول الاسلامية لاني شاهدت بعيني اناس يعيشون في دول اسلامية غير عربية وهم يتصرفون باسلوب قمة بالتحضر والرقي واحترام الاخر وفي المقابل رأيت شعب مسلم من قومية غير عربية -يعيش في دولة عربية- لكنه يعتبر الولاء للقومية اولى واهم يكره كل مختلف عنه ويعاديه ويهينه لابسط سبب!! وهذا نوع اخر من التعصب ليس له علاقة بالدين ,وحتى ان كان سبب هذه التصرفا
4 - تعليق
نادر قريط
(
2009 / 2 / 20 - 11:05
)
سيدتي الكريمة: كنت أنوي التوقف عن كتابة أي رأي شخصي بالمواضيع المطروحة بالحوارالمتمدن، لكن نصوصك تملي على القارئ الوقوف عندها.. لقد أحسنت النقد بهذه اللغة الأدبية الراقية، والمعبرة .. شكرا لك مع أطيب التحيات
5 - ليس في مصر فقط
مختار
(
2009 / 2 / 20 - 13:46
)
قامت القيامة واصطفت الأمم للحساب. ومن هناك فوق شرفات الجنة العالية انتصبت الحوريات في انتظار من وعدهن الله بهم وهن على أحر من الجمر تشوقا للقاء الأحبة. وبدأت الأمم تتقدم نحو الصراط. جاءت أمم النصارى في انضباط محكم، صفوف منتظمة، رجال في غاية الأناقة هنداما ومحيا، شعور شقراء متدلية تتلاعب بها نسمات الجنة، عيون زرقاء، قامات هيفاء، هدوء وسكينة. فرحت الحوريات وقلن هاهم رجالنا، لا بد أن تكون هذه هي أمه محمد، ولكنهم انحرفوا شمالا ودخلوا النار، وهنا احتارت الحوريات وقلن في أنفسهن لا بد أن من وعدنا الله بهم أفضل منهم وازداد فرحهن وشوقهن، ثم جاءت أمم آسيا من البوذيين وغيرهم، وكانوا أكثر انتظاما وتواضعا وصبرا، وتيقنت الحوريات أن هذه هي أمة محمد، ولكنهم انحرفوا شمالا ودخلوا النار، وازداد تشوق الحوريات لرجالهم الذين لا بد أنهم أفضل من السابقين وإلا لما قرر الله إدخالهم الجنة.
وفجأة ظهرت في الأفق من بعيد زوبعة من الغبار، صياح، شجار، نواح، نباح كنباح الكلاب، نهيق كنهيق الحمير، تدافع، خوار، ثغاء، ولما اقتربوا ابتسمت الحوريات باستخفاف وهن ترين هؤلاء الأوباش، لا نظام، لا نظافة، لا هندام، وجوه مغبرة، لحى كثة تتدلى كأنها لحى تيوس، تصرفات رعناء. أدارت الحوريات ظهورنا، في انتظار أمم أخرى تليق بالجنة
.. في حضرة خوفو وخفرع ومنقرع انطلاق النسخة الخامسة لمهرجان “للأ
.. معاملة خاصة لا تُمنح لباقي النزلاء.. نظرة على سجن مساعدة إبس
.. هل مولت استثمارات حماس في السودان 7 أكتوبر؟ | #رادار
.. بلدية غزة تحذر من مخاطر الأمراض والأوبئة جراء منع الاحتلال ن
.. هيئة الأركان الأوكرانية تعلن استهداف مواقع عدة في العمق الرو