الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية فعل الافراج عن مروان البرغوثي

يونس العموري

2009 / 2 / 20
القضية الفلسطينية


ايا تكن المعلومات او التفسيرات التي يتم تناولها والتي تعج بها الساحة الفلسطينية بالظرف الراهن حول اطلاق سراح الأسير مروان البرغوثي والكيفية التي ستكون عليها مسألة الإفراج ثمة حقيقة واحدة لابد من الاشارة اليها هنا والتوقف عندها ان السيد مروان البرغوثي هو بالنهاية اسير ويقبع في المعتقلات الاسرائيلية وبالتالي لا خيارات امامه او بالأحرى فأنه لا يُخير .... وهذه بالمحصلة حقيقة راسخة يجب ان لا تضيع حينما يتم تناول مسألة الإفراج عن البرغوثي ... الا انه وبذات الوقت فقد تحولت قضية مروان البرغوثي الى قضية لها ابعاد ثلاثية شكل والجوهر محلية فلسطينية واقليمية وايضا دولية وذات حسابات دقيقة على كافة المستويات والصعد، واعتقد ان ثمة الكثير من المراهنات باتت تعقدها اطرافا عدة على مروان الخارج من اقبية السجون والمعتقلات، من هنا تكتسب مسألة الإفراج عنه هذه الأهمية وحتى يكون الانصاف سيد الموقف فلابد من تناول المسألة بعيدا عن اية حسابات سياسية تحاول الكثير من الاطراف زج مروان بها واول هذه الجهات بإعتقادي هي اسرائيل ذاتها والتي تحاول الإيحاء ان مروان تحت عباءة التفاهمات السلطوية وحساباتها واستحقاقاتها كما انها تحاول ومنذ الأن رسم المسار السياسي لمروان، كأن يصرح مصدر سياسي اسرائيلي قبل ايام لوسائل الاعلام (إن إسرائيل تدرس خيار الإفراج عن القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي من أجل تعزيز حركة فتح التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبيل أي تبادل محتمل للأسرى مع حماس).... واسرائيل بهذا التصريح وتصريحات اخرى تحاول ان يكون لها صوتا ما في لعبة السجالات الفلسطينية الداخلية وهي بذلك انما تعمل على تقويض اساسات اركان المناهج النضالية الكفاحية بالداخل الفتحاوي بشكل او بأخر والتي تحاول جاهدة استعادة الدور الريادي والقيادي للحركة، ولكن حينما تخرج هكذا تصريحات فهي بلا ادنى شك تهدف الى الإمعان بتشويه صورة حركة فتح ووضعها على خارطة الإهتمام الإسرائيلي لمواجهة الأطراف الفلسطينية الرديكالية الأخرى حسب الإعتقاد الإسرائيلي وهي بذلك تعمل على انهاء فتح كحركة ذات بعد وطني تحرري وهو الأمر غير المخفي من اجندة اهداف الدولة العبرية والتي لطالما عملت على افراغ فتح من محتواها الوطني ذو الابعاد المقاومة والتي تستند الى التجربة التاريخية لمسار الحركة الوطنية التحريرية بالمجمل ...
لا شك ان ارتباطات القضية الفلسطينية وتفاصيلاتها باتت شأننا إقليميا ودوليا وبالتالي فإن صناعة السياسات الإقليمية وتوجهاتها المختلفة والمتناقضة تحتم بشكل او بأخر التدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية وعلى مختلف الصعد والمستويات وقياس فعالية ايا من الخطوات التي قد تقدم عليها كافة الأطراف على الساحة الإقليمية، من هنا يمكن القول ان مسألة الإفراج عن مروان ليست قرارا اسرائيليا فحسب على اعتبار انه ليس بالإمكان القياس ان المعيار الأول والأساسي في هذه المسألة هو طبيعة المُعطى الأمنى بالنسبة الى صانع القرار الإسرائيلي على اهميته والقياس هو للمعيار السياسي اولا واخيرا بالشكل البراغماتي للبرنامج السياسي الإسرائيلي وبمعنى اخر قياس امكانية تعاطي البرغوثي والأطروحة السياسية الإسرائيلية على اقل تقدير ومنهج العلاقة ما بين السلطة واسرائيل بالظرف الراهن في ظل الحقبة التاريخية الراهنة والتي تفترض ابقاء الحال على ما هو عليه من خلال الإبقاء على سياسة التفاوض طويلة الأمد والتفاوض على المفاوضات ذاتها مع امكانية انجاز لبعض القضايا الثانوية الأمر الذي يعني بالمفهوم الإسرائيلي ابقاء حالة تصالحية معينة مع الجانب الفلسطيني تساعد الجانب الإسرائيلي بتوجهاته الدبلوماسية وسياساتها الخارجية لمواجهة ما يسمى استحقاقات العملية التسووية عبر فرضيات التهدئة او صناعة للإستقرار الإقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة (السلام الإقتصادي) او بالعودة الى السياسات المرحلية في انجاز ملفات محددة وذات ابعاد امنية بالدرجة الأولى ( الإنسحاب من بعض مدن الضفة ووقف التوغلات العسكرية ) اي اعادة الأوضاع الى ما كانت عليه ما قبل اندلاع الإنتفاضة الثانية مع ابقاء جدار الفصل العنصري وهو الأمر الذي تعتبره اسرائيل مفتوحا للتفاوض ولإمكانية انجاز حالة تفاوضية عليه ومن خلاله مع اعادة تجميد الحسم في القضايا ذات الأبعاد السيادية .....
هكذا اذن ينظر الجانب الإسرائيلي الى الحالة التفاوضية التسووية مع الجانب الفلسطيني وبالتالي فقياس فعل اطلاق سراح مروان البرغوثي بالنسبة للجانب الإسرائيلي مرتبط بشكل جدلي بفهم مروان لطبيعة المرحلة السياسية الراهنة وحالة الإشتباك القائمة حاليا بالعلاقة الجدلية ما بين الاحتلال وما بين فعل التحرر بذاته وتحديد طبيعة الأولويات والأدوات من قبل المنهج الذي من الممكن ان يتبعة البرغوثي في مختلف الدوائر التي من الممكن ان يكون لمروان التأثير بها وتحديدا بالدائرة الفتحاوية ومختلف محاورها العاملة الأن في الإطار الفتحاوي عموما والذي بات بنظر الكثيرين له بالمخلص لحالة الشرذمة التي تعيشها حركة فتح وكأن اصلاح فتح بات يعتمد على الشخص المخلص وبذلك يكون الظلم والظلم الكبير للمؤسسة الفتحالوية عموما وتحميل البرغوثي طاقة اعتقد انها اكبر من حجم الرجل وفيه الكثير من التجني على مسار العمل التحرري الذي يفترض انه ينطلق من قاعدة مؤسساتية اولا وبرامج التوجهات السياسية المعتمدة على الرؤية الإستراتيجية التي يفترض ان الحركة تملكها ولابد ان تتملكها من خلال مصوغات ادبياتها التي لابد من اعادة برمجتها بمحطة المؤتمر العام السادس ... لذلك لابد من الانتباه الى المبالغة بإمكانية الفعل البرغوثي في اطار حركة فتح وهنا لا يخفى على احد حجم التناقضات القائمة ما بين اقطاب ومراكز القوى بالداخل الفتحاوي .... الدائرة الثانية التي يتم التعويل عليها تتمثل بإمكانية التأثير من قبل البرغوثي على وقائع العلاقة الداخلية بالساحة الفلسطينية وهذا الأمر بلا ادنى شك انه مرتبط بالمكانة القيادية التي سيحظى بها مروان بحركة فتح وهل سيسمح له ان يؤثر ايجابيا بتوطيد العلاقات الوطنية ما بين الكل الوطني وهذا له استحقاقات، اتصور انها ذات ابعاد ايضا براغماتية لفتح اولا ولباقي الفصائل الطامحة لإعتلاء منصة الحكم السلطوي سواء أكان ذلك في اطار السلطة الوطنية الفلسطينية او في اطار منظمة التحرير الفلسطينية وهو الامر الذي يعني بالنهاية ماهية الرؤية المعلقة عليها الامال وطبيعتها، مع العلم ان الكثير ممن يتربعون الان على العرش السلطوي في رام الله او في غزة لا يابهون كثيرا لإنجاز اختراق فعلي وحيوي في ملف المصالحات الفلسطينية على اعتبار ان بذلك تهديدا لمصالحهم وهو الأمر الذي اصبح مكشوفا ومعلوما معروفا .... والسؤال الذي يقض مضاجع الكثيرين هل باتت المصالحة الوطنية تتناقض ومصالح زعمات وامراء الممالك التنظيمية ..؟؟ اعتقد ان ثمة تقاطعا منطقيا هنا وهذه الأطروحة بل اعتقد ان الكثيرين ومن مختلف التوجهات باتوا يعلقون الأمال على البرغوثي لإنجاز مصالحات تاريخية اذا ما جاز التعبير استنادا الى دوره في انجاز وثيقة التوافق الوطني (وثيقة الاسرى) .... والسؤال المكرر هل انجاز الوحدة يعتمد على الرجال والقادة بالأساس ام انه فعل من المفترض ان يستند الى قاعدة الفهم السياسي لضرورات انجاز العمل الوحدوي على قاعدة مقاومة الاحتلال وانجاز مشروع التحرر وبناء الدولة والحق بتقرير المصير ....؟؟
اخيرا ثمة من يعول على دور البرغوثي برأس القيادة الفلسطينية وهنا اضع ملاحظة اعتقد ان لها الكثير من الأساسات والإستنادات وهي بإختصار تتمثل بأن الراس القيادي الفلسطيني وتحديدا بالإطار السلطوي للسلطة الفلسطينية لابد ان تكون ثمة معادلة فلسطينية اقليمية دولية متوافق عليها ليكون ان يأتي الرئيس الفلسطيني العتيد .... وهنا لابد من التنبه لهكذا معادلة وكيف سيتم اخراجها ...
ان مسألة الإفراج عن مروان البرغوثي مسألة ذات دلالات بمسار العملية السياسية برمتها والكيفية التي سيتم من خلالها فعل الإفراج له الكثير من المؤشرات ذات العلاقة والشأن الا ان مروان يبقى الأسير الذي يتوق للحرية وبالتالي فإن هذا النقاش لا علاقة للبرغوثي به بالمطلق ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران