الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة المقاولة حماس !!

سعد فتحي رزق
باحث

(Saad Fathi Rizk)

2009 / 2 / 26
القضية الفلسطينية


حصلت حماس علي الحكم في ظل إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية و ما أن ُكلف إسماعيل هنية بتشكيل حكومة - حتى خرجت حماس عن الخارطة العامة لسياسة السلطة الرئاسية لابو مازن بل وتمردت ثم انقلبت علي النظام العام للسلطة الفلسطينية. وربما يُعرف هذا الاختلاف في أنظمة الحكم ذات الطابع الديني والذي لا يقبل شريكا معه لكونه الفرقة الناجية (!), أما الدول التي تقع تحت احتلال استيطاني كالظرف الفلسطيني - فتكون أنظمة الحكم فيها عبارة عن سلطة " امتيازات ". إلي أن يحين وقت إعلان الاستقلال- وإعلان إقامة الدولة, ثم إقرار نظام حكم بالاتفاق مع كافة الفصائل السياسية و المقاومة, ثم وضع دستور للبلاد لكي تحصل الفصائل علي الفرصة لإقامة كيانها علي أساس الحزبية.
كانت هذه مقدمة للانطلاق إلي طرح - نقاط الخلاف المعرفي في الشأن السياسي لحركة المقاومة حماس . و التي ذهبت بعد فوزها في الانتخابات - إلي تقرير سياسة حكم اقرب ما يكون لنظام ( الملالي) أو (ولاية الفقيه ) وفي ذات الوقت تقدم نفسها للعالم علي أنها صاحبة شرعية من الشارع الفلسطيني (!!) وهو نوع من الارتباك و الالتباس السياسي الذي يظهر قلة الخبرة للحركة (!) خاصة وهي تتجاهل في ذلك العديد من المبادئ السياسية الهامة . أولها إن حماس حركة مقاومة, ثانيا ان فلسطين تقع تحت الاحتلال و أن محمود عباس رئيس سلطة امتيازات و ليس رئيس دولة, و الأهم هو إن حركة المقاومة غير قادرة علي تغير موقعها الميداني إلي موقع المفاوضات علي الموائد و في ذات الوقت تقوم بالدورين (!!) ولكن كل هذا الارتباك المعرفي لدي حماس جاء بنتائج متشابهة مع قلة خبرتها السياسية- أولها أن حماس ذات المرجعية الدينية لعبت الدور الأيدلوجي في إدارتها للازمة وأول ما انقلبت - انقلبت علي السلطة الفلسطينية المسماة عند الإسلام السياسي بالطاغوت وهي في ذلك منحت نفسها شكل خاص في الحكم وقد اختارت الاستقلال و التفرد بالسلطة متغاضية عن الظروف الخاصة لفلسطين . ولم تكتفي بذلك بل ذهبت إلي خارج فلسطين للانضمام مع الحركة ألام لحماس وهي حركة الإخوان المسلمين صاحبة التنظيم الدولي والتي تمثل فيه حماس - الجناح العسكري الرئيسي للحركة الأم, بالإضافة للقرب الجغرافي طبعا.

و هو ما جعلهم يحولون أزمة غزة من مقاومة لإسرائيل- إلي معاداة للطاغوت المحلي بحسب فهمهم وهي حركة ( فتح ) و هنا قاسم مشترك ما بين الحركة الفرع حماس و الحركة الأصل في مصر- الذين يصفون الحكم أيضا " بالطاغوت " بل ويجب المشاركة السياسية معه لتحقيق المكاسب في مشروع إقامة دولة الخلافة , وهو ما أعلنته المحظورة في كتبهم حين كتبوا (( إن المشاركة السياسية في أنظمة الطواغيت ضرورة لابد منها لتحقيق مكاسب للمشروع الاخواني في إقامة دولة الخلافة )) من كتاب الفكر السياسي المعاصر عند الإخوان المسلمين. و هنا و بعد الانقلاب علي الطواغيت المحلية بحسب مفهومهم. فقد قاموا بتشكيل خطاب موحد بينهما - لتتحول القضية الفلسطينية من خطاب حق تقرير المصير- إلي ضرورة فتح معبر رفح, و الذي يجعل عملية التمكين للفصيل العسكري و الفصيل التنظيمي ممكنة عبر بوابة رفح وهو تمني ينم علي نوعية المنهج الانقلابي للجماعات المحظورة صاحبة الحلم غير المأسوف عليه ( إقامة دولة الخلافة) وهو ما أعلنه مهدي عاكف مرشد التنظيم- في جريدة النهار الكويتية حين قال( نرحب بإقامة امار إسلامية في غزة ) وهو ما يمكن الاستدلال به من شواهد الأحداث و التصريحات المتعددة.

فعند بداية الحرب الإسرائيلية علي غزة خرج ( اسماعيل هنية ) أمير الجماعة للفرع يقول ( فلتباد غزة عن بكرة أبيها و لن نرجع إلي قرار الهدنة ) وهو تصريح واضح الدلالة بان الهدف ليس الشعب الذي يقبل له هنية الإبادة.

و إنما الهدف هو تتميم المشروع الرئيسي للحركة لإقامة دولة الخلافة و إلا فما هو معني الانتصار لو أبيدت غزة و بقيت الحركة في مخابئها في خنادق تحت الأرض ؟ ووقتها لمن يكون الانتصار لو أبيدت غزة و بقيت الحركة ؟!!

وهو ما يمكن أيضا أن نستوضحه معا حين نقرن تصريح ابادة غزة بتصريح الانتصار للحركة (!) فبرغم ما شاهدناه بعيوننا من دمار لغزة و قتل 1500من الشعب الفلسطيني و جرح 5000 يخرج خالد بن مشعل يدعي انتصار غزة ويعلن بان من قتل في 22 يوم - هم 48 شخص من الحركة - وهو ما يؤكد أن مقياس الانتصار لدي حماس – برصد خسائر أعضاء الحركة و ليس الشعب الذي قتل(!!) و هي دلالة و واضحة عن اولويات الحركة التي أعلنت مسبقا عن قابليتهم لابادة غزة عن بكرة أبيها و لن يرجعوا إلي التهدئة. ليس هذا فقط بل أن الخليفة مهدي بن عاكف الذي يقبل هو أيضا بحكم الماليزي قد ذهب ليقيم تحالفات مع دول الممانعة ولكن هذه المرة مع إيران والتي ظن عاكف أنها القوة التي ستهيمن علي المنطقة بعد مفاوضاتها مع أمريكا و هو ما اعلنه في رسالته الأسبوعية من كل خميس. فقد كتب يقول ((سيكون الدور الإقليمي الأكبر بعد إقرار أمريكا هو الدور الإيراني؛ فهل يدرك ذلك العرب الرسميون؟)).من رسالة 28 -5-2007, وهو ما جعل آية الله بن عاكف يصرح بقبوله للمد الشيعي في المنطقة و ليعلن أيضا بقبوله لتصنيع السلاح النووي الإيراني - من صحيفة النهار الكويتية في تاريخ 24 / 12/2008.

وهو ذات الدور الذي قامت به الحركة الفرع حماس والتي ذهبت لثاني دول الممانعة سوريا و التي يعيش فيها مناضل الفنادق بن مشعل في محاولة منه للحصول علي دور شرعي حتى لو جاء من الخليج الفارسي. وهو ما لم يحدث.و الأغرب حين قررت إسرائيلي الانسحاب من غزة- خرج مشعل يعلن الانتصار و يقول انتصرنا في حرب و بقي لنا حربين وهما - فتح المعابر و إعادة الإعمار(!!) وحربهم لفتح المعابر معروفة كما أوردنا وهو جر مصر في حرب مع إسرائيل حين يمارسون تهوراتهم - من فوق الأراضي المصرية ضد إسرائيل و هي مؤامرة التنظيم العاكف علي الخراب, لإضعاف مصر ربما تسمح لهم الظروف بإقامة دولة الخلافة التي لا تقوم إلا علي أشلاء الشعوب (!!)

أما ما قيل عن حرب الإعمار فهو ما يعطي دورا جديدا لحماس التي كانت مقاومة ثم حكومة ثم سلطة مستقلة بعد الانقلاب علي السلطة في 2006, إلي أن أصبحت في حرب الإعمار تتقلد دورنا جديدا- لتتحول من مقاومة إلي (مقاولة ) تقوم بتوزيع أنفال الحرب أو الانتصار كما ادعوا. ولتقرر حماس من هو المستحق أن يأخذ من بيت المال لكونها صاحبة النصر- فبالضرورة ستكون صاحبة التوزيع أيضا (!!). وهو ارتباك من نوع جديد في المجال الاقتصادي - فالمال الذي جاء من تبرعات العرب لأعمار غزة سيتحول من دينار و ريال و درهم و ليرا إلي " دولار" ثم إلي" شيكل" حتى تتمكن الحركة المباركة - من شراء مواد الإعمار من داخل إسرائيل (!!) وهو ما يطرح سؤلا – ألم يروا أنصار الحركة في الشوارع العربية- حجم الأضرار للقضية الفلسطينية وللشعب الذي قبلت حماس له ( الابادة ) ؟؟!! الم يروا أن حماس بطهوراتها قد أعطت الحجة لان يحصل العدو الإسرائيلي علي أسحلة أمريكية بقيمة 30 مليار دولار و أكثر من ذلك - تحرك المجتمع الدولي ليس لمراقبة أسلحة إسرائيل بل من اجل مراقبة تهريب الأسلحة لغزة وبمراقبة دولية (!!) فحماس من أوجد الذريعة للحرب علي غزة- من عدو باطش قام بالتدمير, وحماس من جمعت الأموال العربية للاعمار حتى تقوم بضخها في السوق الإسرائيلية للحصول علي مواد الإعمار (!!) و لتحصل إسرائيل في الحالتين علي أفضل المنح سواء من أمريكا بعد دمار غزة أو من العرب لاعمار غزة (!!) وأخيرا إذا كان هذا هو الانتصار عند حماس فهل تقدر غزة علي انتصارا آخر من نفس النوع ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للكاتب
Omar ( 2009 / 2 / 25 - 20:12 )

كما كل الحركات الاسلاميه يؤمنون بالديمقراطيه لمره واحده لتصلهم للحكم وبعد ذلك يعلن الاستبداد وتفتش الضمائر ليصار
الى تحقيق حلم الاخوان في اقامة خلافه راشده تتبع السلف ظناً
بأن كل هزائمنا ما هي الا لاننا ابتعدنا عن صحيح الدين وكأن مئات الالاف من المئاذن التي تصدح بالصلاه والدعاء من مليار ونصف المليارمسلم غير كافيه لكي يستجاب الله في عليائه لها وينتظر ان تقام الخلافه ولو على قطعه صغيره من الارض حتى ينصر مؤمنيه العظام امثال هنيه ومشعل وخلفهم الاحمق القرضاوي الذي كان سببا في اشعال الفتنه بين ابناء الشعب الواحد

اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة