الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذاء الكرامة (قصيدة عمودية من البحر الوافر)

محمد المدلاوي المنبهي

2009 / 2 / 27
الادب والفن



ألا هُــبـّـي لتسقيــنا مُـدامــا *** هُنـا خمــرٌ، غداً خمرٌ دوَامـــا
فلما طافَ مَنْ طافوا عليهــــــا *** وقد سهــروا، وقد كنا نيامــــا
سمعنا هاتفا أفضى إلينــــــــا *** يـُكــرّر ما يـــكــرّره إلامَ!
إلامَ الخُـــلـفُ بــينـكــمُ إلامَ *** وهذي الضجةُ الكُبرى عـــــلامَ ؟
وفيمَ يكيدُ بعضكُمُ لبعـــــــضٍ *** وتُبدون العداوةََ والخِصامـــــا؟
تَخذِتُـــم فُرجـةً بـدَم الصبــايا *** تقدمه الصحونُ لنا سلامــــــا
وتاجرتُـم بأشـلاء الضحـــــايا *** لينزعَ بعضُكم بعضاً مقامـــــا
فبايعَ بعضُـكُمْ هُوجُو هُمـــــاما *** وسلـّمَ مِشعـلَ الإيقاع قـَومــــا
وجازى بعضكُم شافيزَ لمّــــــا *** إلى تيندوفَ أسفرَعنه قومـــــا
فلا في مَجمَع الكُوّيـْتِ فـــــوزٌ *** ولا في الدوحة الرأيُ استقامــــا
فإذ باركتمـــو بالأمس بُـــوشاً *** بـ"عيد الشكر" بينكمُ كرامـــــا (1)
فجاء النجلُ يحصدُ بعــــد فصلٍ، *** فإذ ذاكُـمْ تباكيتُــمْ لــِـئامــا
فلما طافَ مَنْ طافوا عليهـــــا *** وقد سهــروا، وقد كنتم نيامـــا
فأقبل بعضكم باللــوم ينحـــى، *** وذلك بَعـد أن أضحـتْ صريمــا،
فأقصى ما به اليومَ اعتززتـُـــم *** حذاءٌ أنصفَ القومَ الشهــامـــا
إذا بلغ الوليدُ لهم فِطامـــــــا *** تخِرّ له الجبابيــرُ احترامـــــا!
إلى أن جاء منتظَـرٌ فهـــــمَّ *** ليمحو خُفـّه خِزْيا ألمّـــــــا
كأنه قد أتى من حيث قالــــوا *** برضْوَى مازجا عسلا إلى مــــا (2)
فـجُدتم بالجوائز والهدايـــــا *** لمختلـــع حذاءيه انهزامـــــا
فسمّي بوشَ كلبا، يا لعمــــري *** بذاك يكون قد فـدّى صـــداما(3)
حذاءُ الغضبة الكبرى عســـى أن *** يزيلَ مَخازيَ الستـّين عامــــا
حِذاءُ العزّ أخطأ خَـدَّ بـــوشٍ، *** فها قد جاءكمْ بـَارَكْ أوبــامــا
فإن أمّـمتموه لكُمُ حُسَينـــــاً *** وإن باركتموه لكمْ إمامــــــا،
فإن المجدَ يكبـُرُ أن يُـــــرامَ *** فلا تشافيزْ، ولا باراكْ أوبامــا
أقلي اللومَ، عاذلُ، والخصامـــا *** فإن حذاءكم، مهمـا ترامــــى،
حذاءٌ يـَدخُل التاريخَ حقـــــا *** ويَـطرد منه أقواما سِقامـــــا
فمِنْ خبْطِ الصراصر قد تعـــدّى *** فأصبح للقُوى العظمي صدامــــا
"تـُلـَطِـّمُهنّ بالخُمُــر الثكالى"، *** يـذكـّـرنا بما قال القـُــدامــى
فإذ أكثرتــمُ التهـليـلَ نصــرا *** فحَقُّ حُـنَينٍ أن يُعطَى وسامـــا
غداً قد تُنقـلُ الشكوى لكُــم مِـن *** إهودْ باراكْ إلى باراكْ أوبامـــا
فإمّا عَـزّ أن تجدوا حـــــذاءً، *** يكـون لكم شفـــاءً وانتقامــا
فأحجــار التيمـّــم وافــرات *** هي الجمراتُ ترجُمهم رجامـا (4)
فيا ليتــي، وليـتكَ، لـيتَ أنـّـا، *** ألا ليت الدهور تعود يومــــا
لنخبـُر أعصراً لا نفط فيــــها *** ولا وعظا ولا شِعر ركامـــا
لِمَن هُم خيرُ مَن ركِب المـطـاـيا *** وأحسنُ أمة تهدي الأنــــــامَ
فلما واجه النــمرودَ يومــــا *** أبو الحنفيـــة الأولى سلامـا
بذات الأرض، كان الفكرُ رقــما، *** معادلةً، وكان الفعل رقمـــــا
ولكنْ "ليت" حرفٌ للتمنـــــي *** وليس بـ"ليت" قد ملكوا الأنام
فلما كـفــّر الأشياخُ يومـــا *** أصولَ العلم قد حسموا الكلامَ (5)
وإذ لعنوا الحياة وفسّقوا الفــــــــنَّ،"سدّا للذرائع" كان وهــما(6)
فحينئذ طوى التاريـخ قومـــا *** من التاريخ ثم أحلّ قومــــا
فإذ للبيت من يحميه غيــبــا *** بلا فكر ولا علم زِمــامـــا
فمروحةٌ تقي الأوراسَ غربــا *** وأحذيةٌ تقي يـمَـناً وشامـــا!
أو أحزمةٌ تُريكَ اليأسَ حزمــا *** فينتثِرُ الصغارُ بها عظامــــا
فزوروا "أوربينا" إذ فيه نــورٌ *** وفهمٌ؛ عفواً! إن قـُلنا حرامـــا
محمد المدلاوي المنبهي
01 فبراير2009

------------------------------------------
(1) لقد حرص الرئيسان الأمريكيان من سَلَفٍ ومن خلفٍ من آل بوش، على تناول وجبة وليمة turkey أي "الـبيـبي" أو ما يسميه المشارقة "الديك الرومي" التي هي وليمة مقترنة بــ"عيد الشكر" المسيحي الأمريكي (thanksgiving holiday). فقد احتفل بوش الأب في نوفمبر 1990 بتلك الوليمة ضمن جبوشه على أبواب مكة أثناء الإعداد للحرب الأولى ضد العراق على إثر الضجة الإعلامية التي كانت قد أثيرت حول "المدفع العملاق" وما تلاها من غزو صدام للكويت. أما بوش الابن فقد حرص على تناولها في قلب بغداد على إثر سقوطها.

(2) فقد قالوا:
ألا إن الأئمة من قريــش * ولاة الحق أربعة ســواء // علــي والثلاثة من بنيـه * هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبـــــر * وسبط غيبته كربـــــلاء // وسبط لا يذوق الموت حتـى * يقود الخيول يقدمها اللواء
تغيب لا يـُرى عنهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء //

(3) سُلمت جائزة "الدفاع عن الكرامة" لسنة 2009 التي أسسها "المهدي المنجرة" للصحفي العراقي "منتظر الزايدي" الذي كان قد رمي بحذاءيه في وجه الرئيس الأمريكي "جورج بوش الثاني" قائلا: "إنها قبلة وداع الشعب العراقي، يا كلب"، كما جاء في بلاغ الإعلان عن الجائزة. (أنظر http://www.elmandjra.org/Prix_2009_Com_%20fr.htm )

(4) لقد شبه بعض المتحمسين رمي بوش بالحذاء برجم الشيطان بالجمرات في الحج فقال:
أبشرْ فقد بلغ الحذاءُ نجومَهـم = أحسِنْ بهِ فأْلاً وبهجةَ طالــــــعِ
بالرَّجم أتممتَ المناسك َفاستلمْ = وأفِضْ إلى تلك الزوايا الأربعِ
موقع منتدى الإمارات الاقتصادي http://www.uaeec.com/vb/t109152.html

(5) في كتابه "المنقذ من الضلال" يقول حجة الإسلام، أبو حامد الغزالي باني صرح الفكر الإسلامي، حول ما أسماه بآفتي العلوم الرياضية ما يلي: " الآفة الأولى: من ينظر فيها يتعجب من دقائقها ومن ظهور براهينها فيحسن بسبب ذلك اعتقاده في الفلاسفة، ويحسب أن جميع علومهم في الوضوح ووثاقة البرهان كهذا العلم. ثم يكون قد سمع من كفرهم وتعطيلهم وتهاونهم بالشرع وما تناولته الألس، فيكفر بالتقليد المحض، ويقول: لو كان الدين حقا لما اختفى على هؤلاء مع تدقيقهم في هذا العلم. (...). فهذه آفة عظيمة لأجلها يجب زجر كل من يخوض في تلك العلوم، فإنها وإن لم تتعلق بأمر الدين، ولكن لما كانت من مبادئ علومهم، يسري إليه شرهم وشؤمهم.". أما بخصوص ما اعتبره آفة علم المنطق الذي كان قد ألف فيه "معيار العلم" فيقول في نفس كتاب "المنقذ من الصلال" ما يلي: "نعم؛ لهم [أي للمناطقة] نوع من الظلم في هذا العلم. وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطا يُعلَم أنها تورِث اليقين لا محالة؛ لكنهم عند الانتهاء إلى المقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط، بل تساهلوا غاية التساهل. وربما ينظر في المنطق أيضا من يستحسنه ويراه واضحا، فيظن أن ما ينقل عنهم من الكفريات مؤيدة بمثل تلك البراهين، فاستعجل بالكفر قبل الانتقال إلى العلوم الإلهية. فهذه الآفة أيضا متطرقة إليه."

(6) في تأويله للحديث الذي يقول "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة" (رواه البخاري تعليقا)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "فدلّ هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها" (المجموع).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما العمل؟
عبد الهادي ( 2009 / 2 / 27 - 13:46 )
لقد كنت قاسيا أيها الأخ الكريم مع منتظر الزايدي؛ فكيف تصفه بالانهزام وهو الذي أعاد فعلا شعور الكرامة إلى هذه الأمة؟ لو كان هناك قائد واحد من عياره لاستعادة الأمة مجدها وعزها؛ ولكن لو وليت أحرف للتمني كما تقول القصيدة. فما العمل إذن؟ الرجوع إلى الله الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء.

اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/