الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما ياكلُ الشمالُ جنوبهُ

لطفي الهمامي
كاتب

2009 / 2 / 28
الادب والفن


عندما يأكلُ الشّمالُ جنوبهُ
(مسرحية ذهنية )
الجزء الأوّل
الاهداء
تحصّنْ فالمدينةُ لك بشوارعها ......إلى الفاهم بوكدوس
تـقديـم
"وُضع الشاعر في الجنة
فصرخ قائلا: آه يا وطني". ناظم حكمت
لوحة أولى

على مقْرُبَةٍ من نارٍ
شجرٌ يسربلُ نهرًا قد هجرهُ الماءُ
و نَبَتَتْ في قاعه نبوءاتٌ من الأفكار صلبةٌ لا يقوى على خلخلتها سوى رجال قد ألفُوا مصارعة أوهام ذواتهم و شيّدُوا بالعرق سواعدهٌمٌ و كبّلُوا العالم بسيولٍ إذا زحفتْ تهاوتْ أمامها الأفجارُ.
حركة أولى
بأعلى النهر ذيلٌ من ورقٍ لا يحترقُ و قبورٌ سوداء – صفراء- حمراء- بيضاءَ و أعلامها تعاكسُ موج الرياح و تغازلُ موج السحب.
القاعة مظلمة. يظهر فجأة شيخ يبرق من جبهته نور خفيف ثم ينزل حد ركبتيه، يرفع يده الوسطى. يومئ بها نحو الوادي، ثم ينبعث منه صوت هادئ موغل في الصمت.
- طاعون:
"بالوادي ذئبٌ إذا ما عوى تتهافتُ نحوهُ أسرابُ الذئاب
بالوادي مقبرة تطل على الصخر و للأيام مدارات لعينة كغريق موج البحر
وكان بالأمس الذئب يأكل كل يوم امرأة من قبيلة هرم رجالها من العطش بعد ما كف الإخصاب وفُقدَ الذّهنُ و ترمّلت الأعينُ.
كلّما التهم امرأة اكتسب حيلة أعظم فسهلت عليه الفريسة المقبلة حتى أنهاهنّ "

(يصمت طاعون و يتحول إلى كتلة من نار)
صوت حاد يُرجعه الصدى فيثقب الآذان. و ينزل بردا على الكتلة الملتهبة.
- طاعون :
"بالوادي مقبرةٌ تطلُ على الصّخر
بالوادي مجزرة ٌشاسعةٌ كالبحر
الصوت من الحنجرة لهيب إذا بلغ المقبرة
الجسدُ يحترقُ كالسّاحر بالسّحر"
حركة ثانية
ينحدرُ الجبلُ حدّ الانحناء . في أسفل المنحدر ينبسط الوادي و تتربّعُ فيه قبيلة بعد ما فتك الذئبُ بكل نسائها ، في الليل حينما يتعرّى القمرُ فجورا يظهرُ الضوء ُالأحمرُ الخافت من أعلى الجبل، ينعكس على الضوء الأسفل الصاعد من قاع الوادي و ينبعثُ بينهمُ الضبابُ الكثيفُ.
ينهضُ الذئبُ، ثم ينزلُ من ملكُوته و قد تخوى ظهره كالقوس و تمططت أذناهُ في انتصابٍ.
- طاعون:
"بالوادي مقبرة تطلُ على الصّخر
بالوادي ذئبٌ إذا ما عوى تتهافتُ نحوه ُأسرابُ الذئاب، بالوادي مقبرةٌ مضغ الذئبُ نساءها حتى تعطل زمانها وخرس حملُها و للتاريخ قانونه من الوجع، كان في التاريخ ذئبٌ يتوجّعُ سعادة و يتنفّسُ حناجر صرخت ألما من شدة التمزق بين الأنياب الحافية في القص ، الحادة في زهق النفس
تأمّلوُا هناك !!
إن بصري يخونني في انحناءات المديح
(تتحول يده نحو أسفل منحدر الجبل و ترتخي عينيه و يتكور ظهره)
هناك !!
(في اتجاه المدن الثائرة)
إنّهُ جسمُ رجلٍ و رأسُ ذئبٍ يتسلّلُ إلى الخيمة، هو الذي شاهدتهُ البارحةَ و أنا إلى اليوم لم أر أحب الرجلين إلى قلبي بين رجال القبيلة.
(يصمت طاعون و يتحول إلى كتلة من نار)
صوت حاد يرجعه الصدى فيثقب الآذان و ينزل بردا على الكتلة الملتهبة.
- صوت :
"لي شمعةٌ
أنيابٌ مِنْ مضْغ الأحبّةِ قد حَفَتْ
لي بسمةٌ
لسانٌ من السّخط قد تمزّقتْ عروقهُ
خنجرٌ فيه قد نَبَتْ
لي حبيبةٌ وحيدةٌ
على صدرها حبّي ثائرٌ
لما أصعد شفتيها
ألامسُ قلبي الذي من شدّة انتفاضته قد صَمَتْ
رحّلوها بعيدا
في المنفى
فبكتها أشواقي سنُونا
و لأجلها قامتي كثيرا ما انحنتْ
و قالوا ذات صبحٍ
أنّهُمُ شاهدوها قنطرة
يعبرُ فوقها الوطنيونَ
بأعلى الوادي
قد هَوَتْ
فلمّا بكاها الآخرون
انتشت
فقلتُ
نعم لقد هوتْ
لقد هوتْ
قلبي هوتْ"

حركة ثالثة
رجلان يتسللان و يصعدان إلى أعلى الجبل. و في قاع الوادي حرسُ القبيلة قد هدّهُمُ النعاسُ, و فتك بهمُ الصقيعُ, من حَمْل الحِمْل.
تنفتحُ الأضواءُ من فوق الجبل فتحجب الرجلين و تكشف منطقة قبائل بها أجساما ظلالا.
- الحواشي:
"إن نزلَ الوحشُ الليلة فاشهد أيّها الصّحابيّ أنني إما قاتل أو مقتول. أنا إذا ما هبّ الريحُ في عروقي أهبّ كالبارود"
(ثم أنشد رواية حكمية شعرية)
"قطف الرجل العنقود. فوجد به صورته. فقطف الرجل الجائع عنقودا آخر. فوجد به صورته. مزق الرجل عناقيد بلاده. ففرح ثم قطف الرجل عنقوده. فوجده عنقودا".
تدخل أمّه الحاكمة فجأة و قد ظهر على تجاعيد وجهها بسمة الشماتة ثم تقول :
"إن غيّر السّيد وجهه ........فوجه السّيد باق
و إن غيّر الوجه طبعه ..........له الزمن ساقٍ"
(يصمت ثم ينظر إلى الصحابيّ)
- صوت :
"إن الذين قاوموا الوحوش و ردُّوها بسواعدهم و قلوبهم و أفكارهم عن أحواضهم و أعراضهم و أقواتهم يمتلكون عمرا جديدا لا يكفّ عن الانسياب، عمر يخترق الزّمان كما يخترقُ الماء الأرض البور و الرمل الساخن".
(ثم أنشد)

"أيّها الجند
الشعب إذا ثار يرجمكم
و أسيادكم إذا دبّ في مفاصلهم خوف
يبيعونكم بأبخس الأثمان
و الشّعبُ إذا ثار
يطهر المدائن
من أرذل الأبدان"
(صوت منبعث من الأسفل لا يشاهده أحد يردّ عليهم)
"ليحيى القائد الأعلى
ليحيا سبعنا الغالي
و يشقى كل عدو و يبلى جذعه الفاني
إذا الشعب ثار نرجمه
بوابل الأحزان"
(تظهر فرقة نحاسية تردّدُ القصيد)
- الحواشي :
" أنا أرى أن الجميع
يغط في نوم عميق غير مبالين بعبث الوحش برقابنا
"فحقدي عليه أعمى "
- صوت :
"إذا لا بدّ لنا من يد واحدة لحمل هذه الصخرة
(يلتفتان إلى الوراء نحو صخرة عظيمة)
إذا ما ظهر الوحش، نلقي بها على جثته الضخمة فإذا لم نمته هرعنا إليه مستعينين بأهلنا لكي نزيد في عمق جراحه حتى ترتوي الأرض بدمه فتنبت لنا أزواجنا بعدما قدمنا لها مهرها".
(يتمدّد الرجلان على التراب حتى لا يظهران و قد انصب بصرهما نحو المدينة)
(ثم أنشد احدهما رواية حكمية شعرية)

"للضّعيف مخالبُ كالنّسر الجائع والهائم في الأعالي
إذا هوى جرح أهوالهم
كسيف يصرع منازعه في الخوالي"

فيفري 2009
لطفي الهمامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة