الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يأكلُ الشمالُ جنوبهُ

لطفي الهمامي
كاتب

2009 / 3 / 1
الادب والفن



(مسرحية ذهنية )
الجزء الثاني

تـقديم
الواجبُ الوطنيّ في جمهورية الحواشي

"أيّها الجنديّ
قرطاجُ
تأمرك أن حاصر قلاعك والجنوبيّ
اجرح له وجههُ
ومشط جسمه بالعلم الرئاسيّ
تونس بلادي
افتح الناّر على صدر "أعدائها " من شبابها الثوريّ
اقتحم منازلهم واعتقل بقايا خبزها وملحها وذكرى المقاوم الوطنيّ
فرنسا أرعبها الثوار ورحّلُوها
فلا حرب ترفع رايتها اليوم
غير طاعة الأمر
من الحاكم العسكريّ
خُذْ سلاحك
سلاحك خُذْ
تقدّم وقاتل ما تبقى من النشيد الوطنيّ
قرطاجُ
تأمرك فالطاعة لها يا أبيُّ "

لوحة ثانية
خيمةٌ شاسعةٌ قد فرشت أرضها بالحرير المطرّز،و قناديل معلقة في السقف، و ستار أخضر قد شُدّ في موضع الباب و فراش وفير قد كسا شابا قوي البنية، و تحيط بالخيمة الخيمات المتنوعة في الشكل و الحجم.واللون والاسم والارتفاع والهبوط .
حركة أولى
ينهضُ الشابُ بهدوء، يتجه نحو ابنه، يتثبت في أنفاسه و قد بدت علامات الجوع تظهر على جسمه. ثم يخرج من الباب الخلفي فلا يشاهده الحرس و لا الرجلين في أعلى الجبل.
- طاعون:
بالوادي مقبرة تطل على الصخر.
بالوادي ذئب إذا ما عوى تتهافت نحوه أسراب الذئاب، و ذئب الليلة ألف لجم قومه و له موهبة عظيمة و حنكة في التخفي.
إني أرى الليلة دما لا يكفُّ.
( يغمض الرجل عينيه ثم يطلق يده نحو الخيمة المتربعة وسط الخيام، نحو جسم غريب أسفله رجل و آخره رأس ذئب و يديه أفعى تطلق سمّا حارقا لتفريق المتزاحمين.
يدخل الرهط الغريب سرير الشاب ويتلبس جسده كاملا، إنه زوج الحاكمة)
( يصمت الشيخ و يتحول إلى كتلة من نار)
- الحواشي:
"لقد طلع الفجر و لابد لنا من الرجوع إلى ديارنا فالوحش ربما اكتشفنا هذه الليلة فلم يظهر"
(يبدأ الرجلين في النزول ببطء ممسكين بعضهما حتى لا يسقطان)
لوحة ثالثة
يقف الرجلين فوق مصطبة و بين أرجلهم بعض العظام الملوثة بالدّم و هما يخطبان في جمع من الرجال الموقدين النيران وقد تعالت أصواتهم
"هذه أيدينا الماهرة
لرأس المجرم قاطعه
إن زرعت قمحا أينع
و إن ثارت نيرانها موجة عارمة"
حركة أولى
(يرفع الأول يده مشيرا إليهم بالهدوء، يعم الصمت و تطول الأعناق لتشاهده و تستمع إلى قوله)
- الحواشي:
:" يا قوم لقد صعدت البارحة أعلى الجبل صحبة رفيقي هذا( يشير إلى رفيق بجانبه) و حرسناكم ليلة كاملة لم نشاهد خلالها الرهط يدخل المدينة و ما شاهدنا شظايا اللحم والدم إلا حينما نزلنا و رأيناه في الأزقة و ما سمعنا عويله و لا زئيره و لا شخيره و لا حتى نهيقه و لما رجعنا عند الفجر ما رأينا آثاره ولا حتى مجرى أقدامه.
(ينزف الدمع من عينيه ثم يصمت)
- صوت:
"أيها الأحبة إن الوحش بيننا و يحيط بنا الآن، إن الوحش هذا الذي يحرسنا و هو الذي يفترسنا"
( يشير بإصبعه نحو الحرس الذي شكل دائرة حول الحضور)
كان أبي يلفظ أنفاسه حينما قال لي "إن الذي بتر لي ساقي فرّ ولكنني رأيت وجهه.
و لما سألته "من يا أبي" قال انه ليس من السماء ,انه منّا"
حركة ثانية
( كومة حطب تشتعل و النيران تشق الظلمة و تلتهمها وسط غابة صنوبر في أعلى الجبل و الجمع يحيط بها)
صوت: لابد لنا من يد في الشمال نمرّ عبرها إلى الجنوب.
( ســـــتــــار)

حركة ثالثة
الليلة باردة و المطر ينزل خفيفا و السّوادُ يسربل قلب السماء و الجميع يرتعد، إنه الخوف القادم نحوهم لينحرهم كالدّجاج ، إنه الخوف هذا الوحش الذي إذا ما تسرب إلى صدر الشجعان الذين لا يصدهم البارود ولا يهدهم التعذيب فانه يهدّهم كما يهدّ الموت أحلام شاب فائر دمه و فكره.
حركة رابعة
خيمٌ تشتعلُ و أدخنةٌ تصارعُ الرياح النقية و دائرة من الحرس تحيط بالخيمة و داخلها الرئيس يمسك بيديه خنجرين و يقف على يمناه ابنه وزوجته الحاكمة ،و بعيدا عن الخيمة رؤوس سوداء مجمعة كأنها سيل عارم من النمل يتحرك في رقصة بهية تحت قرع طبول الحرب و هبّوا صوتا واحدا استدار نحوه الجبل انحناء و احتراما.
حركة خامسة
ضوء النيران يشق الظلماء الداكنة و الثوار يقتربون من الخيمة أما هو فقد تحصن بجانب نفسه.
يأخذه اليأس فيدور كالمجنون
في الليلة التالية اخذ الجوع يؤلمه ،فدار فمه ينهش فيه حتى بلغ الفم فمه فهمّ بابتلاعه فابتلعه فمه و سقط في قاع القارورة صحبة حرسه فسقطت القارورة من كوكب الأموات على الأرض و لما انكسرت سقط الفم على التراب فأكل عشبا فشرب خمرا فحيا فنما و بدا عليه جشع عجيب يتسع لنهش البشر في الأرض كلها و في اليوم نفسه و جدته فرقة من "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ملقى على ضفاف المتوسط ملتهما نفسه فوجهت له تهمة الإرهاب على الشواطئ الآمنة الذي من شانه إلحاق الأذى و الإضرار بالمجتمع الإنساني و لما جروه إلى المشنقة لم ينتظرهم الوادي فلقد حمله في مجراه.
لوحة غير مرقمة لسيارة فخمة تمر بدون توقف في المدينة وتدوس من بدا لهاو أما الذي يركبها فهو الفم الجديد .
يظهر الفم على مشارف البحر ،يتسلّل إلى المدن ويأخذ في الأكل والتمطط ،ينتصب آلهة جديدة تستدرج الناس من حولها.
انتهى المشهد العربي
فيفري 2009
لطفي الهمامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو


.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا




.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية