الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الفاسدون في دولة القانون؟!
احمد البديري
2009 / 3 / 9اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اعتمدت الحكومة العراقية شعار ( دولة القانون) عنواناً بارزا لبرنامجها المرحلي ؛ وركزت أثناء الشروع في تنفيذ مفرداته على الجانب الأمني حصرا دون الالتفات إلى متعلقات فرض القانون وتسيده واهم الحواجز الكونكريتية التي تواجه المد القانوني الحكومي ولعل اخطر تلك الحواجز شأناً هي ظاهرة استفحال الفساد والإفساد المتعددة بشكل إخطبوطي تمكن وبجدارة من تأهيل دولة العراق وتصنيفها في المرتبة الثانية عالميا من حيث استشراء الفساد المالي والإداري ..
ولعل أعظم ما واجه العراق وأبناء شعبه منذ اللحظات الأولى لسقوط طاغوت البعث في 2003 هو خطر الأعداء الثلاثة ( الاحتلال ، الإرهاب التكفيري ، الفساد ) والتي أضيف إليهن فيما بعـد ( الاستئثار السياسي) ، وهذه الظواهر الخطيرة كان يمكن أن تؤدي إلى فشل أي تجربة جديدة كتلك التي نجح العراقيون بتجاوزها باقتدار بفضل القيادة الدينية الرشيدة ورعايتها لمصالح الشعب والضغط على قوى الاحتلال لتحقيق مجموعة من الانجازات المهمة والتي يأتي في مقدمتها ( الانتخابات وكتابة الدستور والحفاظ على وحدة الشعب والأرض ووئد الفتنة الطائفية ) .
أن الحكومة العراقية وضعت الانجاز الأمني في مقدمة منجزاتها واستغلت النجاح النسبي للحملات الأمنية في ربوع العراق بحرفة كبيرة بعد أن جعلته شعارا لحملتها الدعائية في انتخابات المجالس المحلية ، وقد تحقق لها مبتغاها بعد أن أظهرت نتائج الانتخابات النهائية تفاعل الشعب العراقي خصوصا في بغداد ومحافظات الجنوب والوسط مع التحسن الأمني الذي شهدته البلاد مما شكل نقطة استثمار كبرى لقائمة رئيس الوزراء الائتلافية حصدت على أثرها المرتبة الأولى في تسلسل الكيانات السياسية المنافسة الأخرى .
ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الشعار (دولة القانون) مطابق لمجريات الواقع فضلا عن خلافه ، وهو ما سنحاول الخوض في جزء من تفاصيله عبر قراءة موجزة لوضح الجهاز الحكومي والتزاماته القانونية ، المفاجأة الأولى التي ستصادفنا في متابعتنا هذه الاتهامات التي تلاحق ثلاثة من وزراء الحكومة الحالية بالمسؤولية عن عمليات فساد كبرى تشهدها وزاراتهم ، المفاجأة الثانية أو الفاجعة فهي أن هؤلاء الوزراء من المحسوبين على حزب وائتلاف السيد رئيس الوزراء ، وآما الفاجعة الثالثة فهي أن كتلة رئيس الوزراء في البرلمان عمدت مع حلفائها من كتلتي التوافق والتحالف لإعاقة استدعاء أو استجواب أولئك الوزراء مرارا وتكرار مما دفع رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب صباح الساعدي للتنديد بهذه الممارسات وفضحها أمام الرأي العام ، وهذا التستر من قبل الكتل الحاكمة على المفسدين هو دليل واضح على تورطها بالفساد ومسؤوليتها عن الفاسدين بخلاف شعاراتها الكاذبة ونفاقها السياسي والديني.
الجانب الأمني لم يسلم هو الأخر من قبضة المستأثرين والمتسلطين وتأثيراتهم الواسعة على عمل الأجهزة وتنفيذ الخطط بعد أن هيمنت تلك الجهات على قيادة مفاصل الأجهزة الأمنية واحتكارها كلُ لفئته حتى وصل الأمر أن تنتقل الصراعات الداخلية على سلطة الأجهزة الأمنية إلى وسائل الإعلام على شكل اتهامات بالانقلاب والتأمر ونحوه من أساليب العراك السياسي الفاسدة وأن كانت تلك المعارك من ناحية أخرى نوع من الدعاية الانتخابية والكسب الجماهيري ، في الجانب الأخرى فأن مسألة الاعتقال العشوائي ذي الصبغة السياسية التي ترافق العمليات الأمنية ألقت بضلالها على عمل الأجهزة الأمنية وأوجدت مساحة للتشكيك والطعن بنزاهتها وحياديتها من قبل المواطن العراقي ، ويمكن التأكد من ذلك بمتابعة عملية إطلاق سراح معتقلين واحدة لإثبات العشوائية التي تكتنف عمل وأداء بعض الأجهزة الأمنية وهذه الظاهرة تسببت في تفشي الرشوة بشكل كبير في الدوائر الأمنية بعد أن تحولت الصفقات المالية لممارسة وعمل يمتهنه الكثير من ضباط الأمن ووسطائهم وأصبح المعتقل المجرم والبريء على حد سواء في الخضوع للمساومة والاتفاق وكل بثمنه .
والخلاصة فأن (دولة القانون) هي طموح لكل إنسان شريف ولكنها لا تتحقق بالشعارات الانتخابية والخطب الدعائية وإنما من خلال الحرص على إرساء القانون وتفعيله وذلك بمحاربة أصول الفساد ومحاسبة المتهمين بالإفساد ومعاقبة المتورطين والمدانين دون التمييز والتفريق بالحساب بين هذا وذاك وبعيدا عن المحسوبية والمنسوبية والفئوية الحزبية والأمانة تتطلب أن يدفع وزراء الحكومة التهم الموجهة إليهم وان يبادروا للحضور لأروقة البرلمان العراقي لإثبات أن سلطة القانون فوق الجميع وان الجميع تحت طائلته وليقتبسوا معاني الحكمة من السيرة النبوية لخاتم الأنبياء والرسل محمد المصطفى ( ص) وليجعلوا من قوله الشريف منهاجا يتأسون بتطبيقه حين شخص مثل هذه الفساد السلطوي ..
قال الرسول الأكرم (ص) ‘‘ إنما أهلك الأمم من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ‘‘
صدق رسول الله صلى الله عله واله وسلم ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - غطاء الدين
عدنان عباس سكراني
(
2009 / 3 / 9 - 10:58
)
كلامك دعوه طيبه سيدي للشرفاء في الاحزاب الدينيه لينظفوا احزابهم من مدعي الدين الحراميه والمزيفين والا كان حالهم كحال حزب الواويه البعث هو النهايه المحتومه في مزبلة التاريخ فالفساد سوف يؤدي الى الدكتاتوريه والفاشيه ان كانت دينيه او علمانيه
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا