الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوروز العيد ... ونوروز النصر والعبر

شفان شيخ علو

2009 / 3 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لكل الشعوب أعيادهم ومناسباتهم يحتفلون بها والكل على طريقته الخاصة , وتمارس هذه الاحتفالات حسب العادات والتقاليد الموروثة التي أتت من جيل للآخر , فكل جيل ينقل هذه الشعائر والطقوس إلى الجيل الذي يليه وهكذا ... وكل شعوب العالم وحسب ما هو معروف ومعلوم تحترم هذه الطقوس وتقدرها وتعتبرها موروث حضاري وإنساني لابد أن يحترم ويأخذ بنظر الاعتبار على إنه حق شخصي وجماعي لايمكن المساس به ... ومن هذه الشعوب هو الشعب الكوردي فإنه شعب يمتلك من التاريخ والإرث الحضاري الممتد على طول التاريخ البشري ومنذ الخليقة ....

وفي هذه الأيام يحتفل شعبنا الكوردي بالعيد المجيد عيد نوروز وهو عيد مهم وكبير بالنسبة لنا وهو الذي يملك إرثا حضاريا و وطنيا ويعتبر مفخرة الأعياد لأنه يمثل عيد النصر وعيد انتصار الحق على الباطل , ففي كل عام يحتفل شعبنا الكوردي صغيره وكبيره بهذه المناسبة العطرة وتعم الأفراح والمسرات وتقام الدبكات في ربوع وطننا كوردستان وباقي مناطق الكورد بجميع أنحاء العالم وأين ما وجد كورديا ففي مثل هذه الأيام يحتفل بعيد نوروز الخالد , فعيد نوروز له طعمه الخاص فهو يمثل للشعب الكوردي عيد الأعياد فالاحتفالات تستمر لمدة ثلاثة أيام والذي يشاهد جبال كوردستان في أيام العيد يقف مبهورا لما يشاهده على قمم الجبال وهي تضيء بمشاعلها ومواقدها التي توقدت بمناسبة هذا العيد راسمة لوحة فنية جميلة وهي تحتضن قمم الجبال الشامخة لتكون بذلك لوحة من ألواح النصر والخلود لتقف متباهية أمام الشعب الكوردي ومفتخرة بأنها تعود لإرث هذا الشعب العظيم.

والذي يراها سوف يأخذ منها المعاني الواضحة وكأنها تعزف سيمفونية مستوحاة من حب الشعب الكوردي وعشقه لوطنه وتاريخه .... فهذه المشاعل المضيئة تمثل الحياة بمعناه الحقيقي , وتعطي من ضيائها درس النصر وانتصار المظلوم على الظالم ... حتى أصبح المظلوم يقف بكل فخر واعتزاز وقد رسم بيده المباركة معاني الحياة الحقيقة وأوقد هذه المشاعل على قمم الجبال وبالقرب من البيوت ليقول مهما طال أمد الظلم وزاد طغيان الطغاة فلابد لليوم الذي يأتي وهو يحمل في طياته النصر والحرية وإن الشعوب هي التي تنتصر بإرادتها الحرة وإن الحق لا بد أن يضيء درب المناضلين ولابد لمشاعل النور والانتصار من على قمم الجبال تبقى تنير الدروب وهي في عنان السماء لتعانق النجوم وترسم أقواس النصر , بل أصبحت هذه المشاعل دروس وعبر لكل الذين يبحثون عن المجد لهم ولشعوبهم .... فالشعب الكوردي قد اتخذ من عيد نوروز يوما للنصر وأصبح يتغنى بما حققوه أجداده من مجد وملاحم عبر التاريخ القديم والحديث .

ففي 21 من شهر آذار ومن كل عام يستذكر الشعب الكوردي هذا العيد ويقيم أجمل الفعاليات والمهرجانات من طقوس وعادات وعلى مدى الأيام الثلاثة ينسى الشعب الكوردي كل همومه ومشاغله ويصب جل اهتمامه بهذا العيد لكي يعبر عن مدى فرحه وفخره بالنصر الذي تحقق على يد أجداده العظام وتكون الابتسامة هي الشعار والتعبير الجلي لهذه المناسبة .

فعيد نوروز وفي هذه السنين التي تلت سقوط الطاغية أصبح له طعم خاص وأضيفت له نكهة زادت من حلاوته وفرحته وصار الأمل بالمستقبل الزاهر والواعد حقيقة ملموسة , وتأكد الشعب الكوردي بأن مشاعل النصر التي توقد على قمم الجبال هي بالفعل مشاعل نصر وعلامة بأن الشعب الكوردي قد انتصر على كل من ظلمه وأراد أن يمحو إرثه وحضارته , واليوم الشعب الكوردي هو أكثر فرحا وبهجة بهذا العيد لان طاغية العراق ولى وبدون رجعة بعدما جثم على صدور العراقيين سنين طويلة ...

فكم هو ممتع وجميل أن تقام الاحتفالات بمناسبة عيد نوروز العظيم والطاغية مكانه في مزابل التاريخ.. وكلنا يتذكر كم حاول الطاغية وغيره من طواغيت العصر أن يمحو ويحولوا هذه الأعياد لمناسبات تمجيد وتحميد لهم ولكن الشعب الكوردي أصر وقاوم كل المحاولات لطمس حقيقة ومعنى هذه الأعياد وبقي محافظا على روح العيد ومعانيه المجيدة فلم يتغير عيد نوروز وبقي عيد النصر والانتصار وسط ظلمة الطواغيت وجحورهم وسجونهم, فبقي الموروث التاريخي والوطني على حاله وكما تعود عليه الشعب الكوردي من ممارسة طقوسه الخاصة ولاسيما إيقاد المشاعل على قمم الجبال وهذا ماكان يخيف الظالمين , كل هذه العادات والتقاليد الشعبية العفوية قد شربها الطفل الكوردي مع حليب أمه وامتزجت بدمه فلايمكن أن يفارقها إلا في حالة موته فالآم الكوردية هي التي نقلت هذا الموروث الحضاري والوطني لأبنائها من خلال حليبها التي تدره في أفواه أبنائها , فالأم الكردية الأصيلة هي التي أنجبت الأبطال والثوار كونها عجنت تلك الموروثات الوطنية والحضارية في دمها ولحمها ... وبهذه المناسبة المجيدة تحية للأم الكوردية بل ولكل النساء من شعبنا الكوردي ...

فكردستان اليوم و هي تمر عليه عيد نوروز هي كوردستان الحرية والديمقراطية أصبح الأمل والأغنية التي يتغنى بها كل مواطن كوردي فمشاعل نوروز لم تنطفئ بعد اليوم وتبقى تعانق النجوم ... نوروز هذه السنين هو الطعم اللذيذ في شفاه الأطفال والبسمة في وجوه الأمهات وترنيمه الحلم السعيد للشيوخ وقد تحقق حلمهم بالنصر على الطواغيت , والمستقبل الزاهر للشباب , وشاطئ الحب والأغنية لكل المحبين ... فنسيم كوردستان ومياهه العذبة وعيد نوروز صارت أناشيد يرددها الأطفال في بيوتهم ومدارسهم ....

ومن عيد نوروز عيد الفرح والنصر لابد أن لا ننسى شهدائنا الذين هم من ضحوا لكي يوقدوا أول شعلة لعيد نوروز , فتحية لهم ولأرواحهم الخالدة التي هي بالتأكيد ترفرف بهذه الأيام السعيدة حول محبيها ...

وتحية للأبطال الذين قاتلوا وناضلوا الطواغيت وهم اليوم يحتفلون معنا سوية , ولأنهم ساهموا بأن تبقى شعلة عيد نوروز مضيئة , لابد أن نحني رؤوسنا أمامهم ونقبل أياديهم الطاهرة التي رفعت عنا الظلم والحيف .....

وكل التبريكات لقادتنا السياسيين بهذه المناسبة العطرة وعلى رأسهم رئيس إقليم كوردستان وإلى كل القادة الكورد ... وإلى الشعب الكوردي العظيم تحية حب وتهاني بمناسبة عيد نوروز المجيد وكل عام والشعب الكوردي بألف خير وبركة .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد