الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكريم يأتي في أوانه

ثامر الحاج امين

2009 / 4 / 4
الادب والفن



في جلسة ضمت نخبة من الادباء العراقيين ،سَئَلَ الشاعر "رشدي العامل " ممازحا صديقه الشاعر "حسين مردان" صاحب التجربة الابداعية والحياتية المتميزة ، عما يتمنى ان يكتب عنه بعد موته ، كان رد الشاعر "مردان "مخاطبا رشدي ومجموعة الاصدقاء التي ضمتهم تلك الجلسة:
-ـ اسمعوا... عندما اموت لايهمني ماذا سيكتب عني ابصقوا على قبري ...بولوا عليه .. انما اريد ان تكتبوا الآن ، ان اقرأ ماتكتبون .
من هذا الحوار نستخلص حقيقة تلك هي ان طريقة الاحتفاء بمبدعينا لاتخلو من قصور واجحاف بحق الكثير من التجارب الابداعية واصحابها حيث كثيرا ما يأتي الالتفات لها بعد فوات الاوان مما يعطي انطباعا هو ان العراقيين لايجيدون تكريم اعلامهم ومبدعيهم الآ بعد فوات الاوان او بعد رحيلهم حيث تدبّج عنهم المراثي المؤثرة وتقام الاستذكارات الباذخة وتطلق التسميات على القاعات والساحات والشوارع ،في حين لايجد هؤلاء المبدعون في حياتهم ولو جزءا يسيرا من هذا التكريم والاهتمام عرفانا بجميلهم وعطائهم وحافزا لهم لتقديم المزيد من الابداع وانصافا لجهدهم الابداعي .
لقد وضع الشاعر "حسين مردان" في رده الاصبع على الجرح ، فحقا مالذي ينفع المبدع حين ياتي تكريمه والاحتفاء بتجربته الابداعية بعد رحيله ؟ أليس من حقه ان يشهد بام عينه تاثير عطائه ومحبة الاخرين وتقييمهم لهذا العطاء ؟ ولِمَ لايحظي المبدع في حياته بالاهتمام الذي قد يخفف الكثير من معاناته وبالتالي يزيد من قدرته على البذل والعطاء .
ان تقييم التجارب الابداعية وتكريم اصحابها بالطريقة التي تستحقها والتوقيت المناسب لها باتت قضية بحاجة الى مراجعة ودراسة جدية و يبدو ان "الديوانية "كانت سباقة بهذه المراجعة واخذت بالمبادرة الى تقييم وتكريم المبدعين والاحتفاء بمنجزهم وهم احياء وسط محبة اصدقائهم وجمهورهم ، فبعد امسية ناجحة وحاشدة كرمت فيها المدينة فنانها الرائد "سالم القصاب"- اطال الله في عمره- بادرت ثانية للاحتفاء بالشاعر "علي الشباني" لدوره الريادي في الحركة الشعرية وتجربته المتميزة . ففي مساء ربيعي عابق بالدفء والمحبة ، مساء فيه الكثير من الالفة والوفاء ، وقف بمهابه وفخر يملأ القلب جمور حاشد من الادباء والمثقفين والاصدقاء ليحيوا تجربة شعرية ولدت من رحم المعاناة العراقية واصقلتها سنوات النضال والسجن ، حيث انفتحت مبكرا على الفكر التقدمي مما اكسبها شرف الالتزام بقضايا الانسان وحريته ، تلك هي تجربة الشاعر "علي الشباني".
"علي الشباني" تراث ابداعي كبير ، شكلّ مع اسماء قليلة مدرسة شعرية كان لها الفضل في انقاذ القصيدة الشعبية من حالة التردي والاسفاف والسطحية . لقد اشاد المحتفون بنجربة "الشباني" وجاءت شهادات الشعراء رياض النعماني ، كاظم غيلان ، ابراهيم الخياط، وشهادات الادباء الناقد ثامر الحاج امين والناقد د.باسم الاعسم والناقدة د. ناهضة ستار والقاص والروائي سلام ابراهيم لتؤكد على نقاء واصالة هذه التجربة ودورها في الحفاظ على كرامة الشعر وكبريائه ، فكان تكريم لا لتجربة "الشباني" فحسب بل تكريما للقصيدة الملتزمة . فقد قدمّ "الشباني" قصيدة تطهرت بماء الفرات واستحمت بوهج الشمس العراقية فشبت قصيدة مطعمّة بعبق الطين العراقي ، قصيدة معافاة ، طاهرة ، ترفعت عن الخوض في وحل المدائح الرخيصة ، قصيدة تمثل سارية شعرية لم تنحن لعواصف القهر والتخلف ، فقد ظلت تصرخ بوجه الزمن الرديء :
لا ... بوجه السلطان اصيحن لا ...
واكتب خوف الولايات
ضيعنه مفاتيح الصدك وغركنه بالنيات
و"الشباني" له محطات شعرية توقفت عندها الكثير من الدراسات المهمة التي تناولت القصيدة الشعبية ، فقصيدة "خسارة" ربح الشعر فيها قيم الجمال والابداع وفي "بيان للزمن المذبوح " اوقد فينا جمرة الصبر والتحدي ، وفي " ايام الشمس " منحنا الدفء لاجتيازشتاءات الرعب.
يبقى " علي الشباني" نخلة عراقيه لم تكف عن النضارة والعطاء ، نذر نفسه بمحبة :
احط روحي نهر واكعد جرف للناس
ولازال نهرا متدفقا بالعطاء والابداع وجرفا يمنح شاطيء الشعر الخضرة والجمال .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني