الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور وواقع المجتمع المدني

بريهان الجاف

2009 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


المجتمع المدني هو جملة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى تعمل في ميادينها المختلفة من أجل تلبية الاحتياجات الملحة للمجتمعات المحلية وفي استقلال نسبي عن سلطة الدولة أي أن المجتمع المدني عبارة عن مؤسسات مدنية لا تمارس السلطة ولا تستهدف أرباحا اقتصادية ولكن لها دور سياسي يتمثل في المساهمة في صياغة القرارات من موقعها خارج المؤسسات السياسية.



ويعد النزاع بين النظم السياسية ومؤسسات المجتمع المدني حول دورها السياسي مؤشرا على أن مسألة تنظيم الحدود والاختصاصات في المجال العام مازالت مسألة غير محسومة في الواقع السياسي العراقي لكون الدولة من جهة ومؤسسات المجتمع لمدني من جهة أخرى حديثة التكوين . وبالرغم من الجهد المتعمد والمستمر من جانب الكثير من الدول لإخضاع المجتمع المدني وإفشاله فضلا عن أن التمويل الأجنبي قد أثر على أداء بعض مؤسساته بحيث جعلها تهتم بقضايا ثانوية ضمن أجندات تابعة أو مفتعلة فإن المجتمع المدني ما زال يلعب دورا سياسيا سواء فيما يخص القضايا السياسية والاقتصادية الداخلية أو القضايا المصيرية التي تتعلق بشؤون المواطن. غير أن دور المجتمع المدني يظل دون المستوى المطلوب من التأثير في قرارات النظام السياسي حتى الآن وهو ما يفرض على مؤسسات المجتمع المدني تطوير رؤيتها للعمل السياسي والبحث عن ميادين ووسائل جديدة من أجل الحصول على التأثير الهادف لفرض مطالب مؤسسات المجتمع المدني على النظام السياسي.
ويمكن تعريف المجتمع المدني بأنه: (مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة أي بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة التي لا مجال للاختيار في عضويتها) هذه التنظيمات التطوعية الحرة تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة، وتلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير مثل المشاركة والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف .يدخل في دائرة مؤسسات المجتمع المدني طبقا لهذا التعريف أي كيان مجتمعي منظم يقوم على العضوية المنتظمة تبعا للغرض العام أو المهنة أو العمل التطوعي وبالتالي فإن أهم مكونات المجتمع المدني هي: النقابات المهنية، النقابات العمالية، الحركات الاجتماعية،الجمعيات التعاونية ، الجمعيات الأهلية، نوادي هيئات التدريس بالجامعات، النوادي الرياضية والاجتماعية ، مراكز الشباب والاتحادات الطلابية، الغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال ، المنظمات غير الحكومية الدفاعية والتنموية كمراكز حقوق الإنسان والمرأة والتنمية والبيئة، الصحافة الحرة وأجهزة الإعلام والنشر ، مراكز البحوث والدراسات والجمعيات الثقافية. نظرا لأنها تستهدف رعاية مصالح المجتمع والحد من تسلط الدولة على تلك المصالح وتستفيد منها ممارسة التطوير والإصلاح المستمر للدولة وكذلك مساعدتها في التنمية.
الاستقلال : فالدولة التي تسعى إلى تركيز أمنها تمارس ضغوطا تزداد لتصبح تسلطا وشمولية خانقة لكل النشاطات الاجتماعية والمجتمع المدني الفاعل هو الذي يخلق التوازن بين سلطة الدولة وحقوق المجتمع وعليه فإن الدول المستقرة يكون لديها مجتمع مدني متنوع من منظمات شبابية وجمعيات مهنية ومؤسسات خيرية ودينية ودور صحافة ونشر غير خاضعة للرقابة.
والمجتمع المدني يعتمد على الحضور المباشر في الساحة من خلال التفاعل المستمر مع القضايا المختلفة وتحول المهتمين نحو تأسيس منظمات طوعية.
وكذلك تعد الموارد التي تمتلكها المؤسسات والجمعيات المكونة للمجتمع المدني، سواء كانت موارد معنوية أو مادية، من أهم متطلبات قيامه بدوره السياسي والاجتماعي وإدارة علاقته بالدولة بما يضمن استقلاله في مواجهتها وإذا كانت الموارد شحيحة أو قليلة فإن المجتمع المدني قد يضطر إلى اللجوء إلى الحكومة لطلب العون والمساعدة والتي يتبعها التدخل الحكومي في شئون المنظمات التي تحصل على الدعم الحكومي كما يفتح أبواب الفساد الذي يصبح كالسوس الذي ينخر عظام المجتمع ويؤدي إلى انهياره.
الدور السياسي للمجتمع المدني
بالرغم من أن مؤسسات المجتمع المدني لا تسعى للوصول إلى السلطة فإنها تقوم بدور سياسي بارز يتمثل في تنمية ثقافة المشاركة بما يدعم قيم التحول الديمقراطي فضلاً عن قيامها بدور أساسي في تربية المواطنين وتدريبهم عملياً وإكسابهم خبرة الممارسة الديمقراطية وهناك أيضاً ما يتعلق بمهام المجتمع المدني في تطوير ثقافة شعبية لدى الناس تقوم على إعلاء أهمية تنظيم الجهود الذاتية والمبادرات التطوعية في صياغة تنظيمية خلاقة تؤدى إلى الارتقاء بالوعي السياسي وبالثقافة السياسية وبما يدفع الناس إلى المشاركة الجادة في صناعة القرار السياسي وفي التأثير على سياسات الدولة في مختلف المجالات أو ما يعرف بالسياسات العامة. والملاحظ أن النقابات المهنية تؤدي هذه الأدوار بشكل أكبر نسبيا - يليها جمعيات حقوق الإنسان ثم الجمعيات الأهلية التي تنخرط في العمل العام من خلال ما تقوم به من أنشطة تنموية - فقد تظهر هذه النقابات بوصفها منابر سياسية بديلة استطاعت اجتذاب واستيعاب كافة القوى السياسية التي عجز النظام السياسي عن استيعابها.
آفاق الدور السياسي للمجتمع المدني
هناك مجموعة من التطورات السياسية والاقتصادية التي شهدها المجتمع العراقي أدت إلى أن تلعب مؤسسات المجتمع المدني بعض الأدوار السياسية مثل: التغييرات الاقتصادية والاجتماعية الحادة في المجتمع خاصة مع سياسات الاصلاح الاقتصادي وآليات السوق، وارتفاع درجة الاهتمام بقضايا الحريات وكتابة الدستور والتصويت عليه ومن ثم إجراء انتخابات عامة . . لكن توجد بعض المعوقات أمام مؤسسات المجتمع المدني العراقي التي تمنعها من لعب دور سياسي فاعل ومؤثر في قرارات النظام السياسي وتتعلق هذه المعوقات باختلاف الأجندات نتيجة تدخل القوى الخارجية والممولة، والإعاقات المستمرة والقيود المفروضة من جانب النظام السياسي، فضلا عن عوائق داخلية تتعلق بمؤسسات المجتمع المدني ذاته مثل غياب الهدف الذي يفرض نفسه على كافة مؤسسات المجتمع المدني في العراق وغياب قيم الحريات والحوار وعدم كفاءة الأشخاص القائمين بهذا العمل. فمن جهة أدت العولمة إلى إدخال تغييرات على خريطة المجتمع المدني حيث نلاحظ أن أساس هذه الخريطة حتى نهاية السبعينيات من القرن العشرين كان منظمات شعبية تعبر عن مصالح فئات اجتماعية معينة كالنقابات العمالية والمهنية والحركات الطلابية أو جمعيات أهلية خيرية وثقافية واجتماعية تقدم لأعضائها خدمات متنوعة كما تقدم خدماتها للفئات الضعيفة في المجتمع، أو أندية رياضية وثقافية واجتماعية تشبع احتياجات أعضائها لأنشطة متطورة في هذه المجالات، وكذلك الجمعيات التعاونية وجميعها كانت تحت سيطرة الدولة وتخدم مصالحها بصيغة أو بأخرى. لكن العولمة جاءت معها بقضايا جديدة ومشاكل جديدة مثل حماية البيئة من التلوث، والفقر، والهجرة واللاجئين وضحايا العنف والسكان الأصليين والمخدرات والإرهاب وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفولة وحقوق الأقليات الدينية والعرقية، وشجعت على قيام منظمات غير حكومية للتعامل معها مما أدى إلى قيام مئات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الجديدة التي تنشط حول أهداف مفتتة وقضايا جزئية دون ارتباط بالأسباب المشتركة لهذه المشاكل الجزئية، ودون وضوح حول إمكانية التنسيق والتعاون بينها لمواجهة هذه الأسباب التي تعود بالأساس إلى كل من الاستبداد السياسي والعولمة الرأسمالية وسياساتها. ومن جهة أخرى فإن النظام السياسي يتدخل في مؤسسات المجتمع المدني ليس بهدف السيطرة عليها فقط وإنما ابتلاعها وإلحاق خطابها بخطابه. ومن جهة أخيرة هناك بعض المعوقات من جانب مؤسسات المجتمع المدني نفسها التي تمنعها من القيام بدور سياسي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو