الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى انتفاضة البوليساريو المتزامنة مع مرور 36 سنة على تاسيسها : يظل الانتظار سيد الموقف..!؟

السالك مفتاح

2009 / 5 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لقد بصمت حركة الانتفاضة التاريخ وغيرت مجراه ،وكتبته مثل بقية الثورات والهبات التي اطرأت العالم وقلبت موازينه راسا على عقب.
وهكذا ،بدأت الانتفاضة خطرا داهما في وجه حق القوة المهيمنة بنظر كبار اعلامها مثل نيهرو وغاندي ومانديلا...!!
الحقيقة الثانية أن حركة التاريخ قد بينت أن حساسية النظم الشمولية شديدة إزاء التحركات التي تخرج من الداخل عن السيطرة .اذ تصبح السلطة ضعيفة أمام هيجان الشارع خاصة في ظل تعقد الحياة والتخصص والترابط مما ولد التساع الرقعة بين ألحا كمية والمرؤوسين ...!!
وهنا وجدت حركة العصيان المدني قوتها.. وفي طفرة العولمة باتت تشكل فيروسا قاتلا يصيب ويشل مفاصل حياة الدول والأنظمة الشمولية..!!
هناك مجموعة من الأسباب الموضوعية التي جعلت من حركة التململ وصيغه المختلفة ، قوة بتارة تخشاها الأنظمة وتحسب لها ألف حساب ،خاصة زمن العولمة وسط عالم القرية الذي خلقته وصاغته وسائط الاعلام واختزلته في قرية صغيرة متقاربة ومتجاورة في المكان والزمان رغم البعد الجغرافي وحواحز الطبيعة والاختلافات الثقافية بين عوالمه.
و من هذه الأسباب أيضا :
•انه لا يمكن أن تحكم دولة أو تسير شؤون عامة إلا بالمساهمة والرضى الشعبيين واحترام الرأي العام .
•الحكومات والنظم عامة حساسة وضعيفة أمام سلاح الاعتصامات و الإضرابات بالجملة التي يكفلها القانون وتدافع عنها الهيئات و المنظمات النقابية والمؤسسات غير الحكومية .
•أ ساليب القمع باتت مستهجنة من الضمير العالمي ومن الشارع على حد السواء .
•أجهزة الدولة الخاصة بحفظ النظام لا يمكنها أن تبيد شعبا بكامله ولا هي مؤهلة لا تقنيا ولا شرعيا لإبعاده أو تهجيره ، رغم اختلاف وحداثة الأساليب وهذا شئ يجد سنده من التاريخ .
الحديث عن الانتفاضة في الصحراء الغربية، عود على بدء.. حركة تحريرالساقية الحمراء ووادي الذهب بقيادة الصحفي بصيري ، مطلع سبعينيات القرن الماضي بدأت بوقفات وبمظاهرات(مظاهرات العيون 17يونيو1970)،وسط هبة التأم شأنها على كلمة سواء : من أجل تقرير المصير والاستقلال .. وبلغت ذروتها في مظاهرات مجئ لجنة تقصي الحقائق الأممية 1975م . وظل عودها يتصلب بين مد وجزر في مواجهة الاستعمار ، الاستيطان ، الغزو ، التهجين ، التهجير ... ولم تتوقف رغم أنها غيرت كل مرة من أساليبها وكيفت تكتيكاتها وخطابها : فهي تارة تطفو في شكل اعتصامات او إضرابات .. وفي كل مقام كان لها مقال.. في السجون : إضرابات عن الطعام . في المدن والمداشر: احتجاجات ومطالب اجتماعية وثقافية.. في المدارس :إيماءات طلابية ،منابر خطابية…
ذلكم بان الانتفاضة مثل الحرباء تتلون بألوان الطبيعة وتتأقلم مع المحيط ، تقودها نفس الثورة في الساقية الحمراء ووادي الذهب بحسب ادبيات البوليساريو.. روحها نضالات .. هي الدماء التي تسري في العروق ، تمد الجسم الصحراوي الملئ حقدا والقابلية للثورة ، بقبس الشعلة الملتهبة ضمن استراتيجية هدفها : الاستقلال والحرية في الصحراء .. قاسمان من أجلهما تستمر الانتفاضة و عليهما يحيا ويموت الأبطال ..بل مدرسة تخرج منها رموز المرافعة عن القضية الصحراوية،ويتمرس اخرون على الطريق...!!
لقد كان قرار جبهة البوليساريو في مؤتمرها الأخير ،اكتوبر 2007، بتخصيص ربع القيادة الصحراوية من داخل المناطق المحتلة تحفيزا سياسيا لتلك المقاومة..!! ذلكم بان الانتفاضة الصحراوية .. كانت السجون و المحتشدات، مسرحها والنشطاء من الحقوقيين والطلبة ابطالها ،لكن الملحمة دارت فصولها في المداشر المغربية والمدن الصحراوية( من أسا اكليميم،الطنطان حدودالصحراء الغربية 1958.وفي سنة 1996،وصلت مظاهرت الدراعة والمحفة (الزي التقليدي الصحراوي) الى الرباط ثم مكناس ومراكش، وهي اليوم تعم كل المنطقة) .
ولم تتوقف موجة التنديد بالاحتلال المغربي في المنطقة يوما ،الا ان التعتيم الاعلامي والحصار العسكري ظل يحجب هذه الحقيقة عن الرأي العام.
منذ وقف اطلاق النار(سبتمبر 1991) اتخذت هذه الانتفاضة بعدا جديدا،اذ وجدت المناخ الدولي مناسبا ،رغم غض الطرف من الامم المتحدة التي باتت المنطقة تحت اعيون مراقبيها . وكانت انتفاضة اسا ،سبتمبر 1992هي النقطة التي افاضت الكأس ووضعت القطار الصحراوي على السكة،هذه المرة..وقبل ذلك كانت مظاهرات الطنطان 1971-1972 حشوة دافعة بعد محاولة اجهاض المقاومة الصحراوية 1970،و قبلها تجريد جيش التحرير من السلاح بفعل الخيانة المغربية بعد الصفقة الكبيرة التي ابرمت بين اسبانيا وفرنسا من جهة والنظام المغربي من جهة اخرى (حيث اقتطع اقليم الطرفاية والطنطان من الصحراء الغربية وسلم للمغرب على طبق من ذهب )..
المشهد تكرر،منذئذ بعيد لم تتمكن الامم المتحدة من تنظيم الاستفتاء لتقرير المصير المصادر تنظيمه منذ1992 ، في المدن الصحراوية الواقعة تحت الاحتلال العسكري المغربي ( السمارة العيون ،الداخلة وبوجدور )
وفي تزامن مع ذكرى اعلان الكفاح المسلح، اعلن ابطال الانتفاضة اندلاع انتفاضة الاستقلال في الواحد والعشرين ماي 2005 في ثوب جديد وباساليب مبتدعة ، اربكت الاحتلال وبشكل غير مسبوق ، سلاحها:علم جبهة البوليساريو ورموز الدولة الصحراوية، لكن ابطالها شباب ولدوا وتعرعوا ودرسوا ليس مخيمات البوليساريو ن بل تحت الاحتلال المغربي في العيون والسمارة والداخلة وبوجدور وفي جنوب المغرب...!؟
هذه الحقيقة اعترفت بها اجهزة المخزن المغربية وهي اليوم مجسدة في عشرات السجناء والمعتقلين في العيون بالسجن لكحل بالعيون المحتلة ، انزكان، ايت ملول، تيزنيت ، تارودانت، القنيطرة، قلعة اسراغنا ، بولمهارز بمراكش ، بن سليمان وغيرها من السجون..!!
ورغم كل ذلك تمكنت انتفاضة الاستقلال بان تضمن لنفسها تواصلا مستمرا ، وفرضت نفسها و وجدت الآذان الصاغية، ليس كون المنظمات والهيئات الدولية , تجندت للدفاع عن المعتقلين السياسيين وانخرطت في المرافعة عنهم عبر العالم بل جذبت الاهتمام والتعاطف إزاء ما يقع داخل الصحراء الغربية المحتلة خلف جدار العار، وحتى داخل مجلس الامن رغم انف حلفاء فرنسا ومن يناصر اطروحة الحكم الذاتي المغربي المزعوم...!؟
حركة الانتفاضة دفعت الثمن ليس فقط في وجود الاف من الذين طالهم التعذيب والاعتقال او الذين فقدوا وظائفهم ورمي بهم على قارعة التهميش ، بل سقط الشهداء تحت سياط التعذيب(حمدي لمباركي اب الشيخ، الحسين الكتيف وبابا خية ) وخرج البعض الاخر عظاما نخرة من قلعة مكونة والدهاليز والمحتشدات السرية(اكدز، بسي سيمي بالعيون، درب مولاي الشريف) التي ذاعت في العالم حقائق مدوية في تقارير المنظمات الدولية او كما هي حية في شهادات الناجين من ذلك الجحيم .
بعض من تلك الحقائق وثقتها تقارير الخارجية الامريكية ومنظمة هيومان راتيس واتش الامريكية، بعثة البرلمان الاوربي وقبل ذلك مفوضية الامم المتحدة في تقريرها الذي لا يزال محظورا من النشر في كواليس الامم المتحدة ودهاليز مجلس الامن ..!!
وبفضل صمود ومرابطة المعتقلين السياسيين الصحراويين بسجون الاحتلال المغربية، تحولت السجون والمعتقلات الى منابر للدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وساحة مقاومة سلمية يومية استنزفت العدو واحرجته واذلته امام العالم...!!
ورغم مرور اربع سنوات على تلك الانتفاضة التي اسمتها البوليساريو ، انها بشارة اسقلال، لاتزال البوليساريو تراهن على ذلك العمل لاسباب تراها مكاسب منها في ميزانها :
•أثبتت الانتفاضة روحها كامتداد لمد صحراوي وتعبير عن زخم من المشاعر التي لا تهادن الاستعمار او تتعايش من الاحتلال ،ودونت هذه الإرادة نفسها كاسلوب جديد قابل للتكيف مع مستجدات العصر ،قادر على رفع التحديات وكسر شوكة التعتيم المضروب من حول المنطقة.كونها فعلا حطم ثقافة الخوف،واطرلمنعرج جديد يضع القضية الصحراوية على الواجهة،في غياب صوت الطلقة وجمود مسار التسوية امام فيتو العرقلة المغربية في ظل تواطوء بعض القوة في مجلس الامن وغض الطرف من اخرى اعمتها المصالح عن المبادئ والمثل الدولية .
• مدرسة وطنية مدت المقاومة بالاطارت والكفاءات المتمرسة في فنون المقاومة للاحتلال، مدرسة تخرجت منها كفاءات سياسية مدت كفاح الشعب الصحراوي بمناعة الاساليب والقدرة على المقاومة من الداخل( المعتقلات :سكورة, قلعة مكونة ، أكدز ، القنيطرة ، السجن لكحل بالعيون ، أيت ملول ، درب مولاي الشريف ، أنز كان ، سوق الأربعاء ،السمارة، بن سليمان….)
• من تلك المنابر وصلت رسالة مواطنين، واكسبتها بزخم وطني نابع من المعاناة، و حملتها في صرخة مدوية من داخل السجون ،طلت على الرأي العام المغربي وصناع الفرار في الرباط ،تحمل مشاعر جياشة من الشعور بالمظالم و الاستصغار التي يعانيها هؤلاء تحت الاحتلال..وتنفل مشاعر انسانية وتجربة ذاتية دون وسيط( روتوشات) الى العالم..
•كانت الانتفاضة الصوت المدوي الذي عوض صوت البندقية،بل ملا الفراغ الذي نتج عن توقف العمل العسكري منذ سريان وقف إطلاق النار،لتكون هي التحول الجديد في مسار المعركة الصحراوية المستمرة منذ ثلاثين سنة من اجل الاستقلال وبناء الدولة الصحراوية .
تبين الهبة الصحراوية وجود خزان كبير من الاحساس يغذي روح الثورة الصحراوية، ويمدها بأسباب المناعة(معظم هؤلاء من الشباب ، طلبة الجامعات والمعاهد) .
•ضمنت التحركات الصحراوية لنفسها تواصلا مستمرا ،بات يفرض نفسه و يجد الآذان الصاغية، ليس كون المنظمات والهئيات الدولية (منظمة العفو النفابات والمحامين في اسبانيا فرنسا ، ايطاليا وامريكااللاتينية ) تجندت للدفاع عن السجناء وانخرطت في المرافعة عنهم عبر العالم ،بل جذبت الاهتمام والتعاطف ازاء ما يقع داخل الصحراء وخلف جدار العسكر وتعتيم الصحافة .
الحقيقة اللافته بان الانتفاضة رغم ما اصابها من خمول خلال النكسات التي تعرض لها الفعل الوطني نتيجة فعل العدو من طرف اجهزة الاستخبارات المغربية، الا انها تكرست سنة حميدة في العمل اليومي واسلوبا يخرج من الداخل يمتلك القابلية لتجديد اليات عمله وتكييفه اساليبه مع المتغيرات الجهوية والمحلية والدولية ضمن سياق ملحمة الشعب الصحراوي التي لم تعرف التوقف رغم المؤامرات الدولية الكبيرة والهزات التي تعرضت لها حركة الفروع الصحراوية بالارض المحتلة وجنوب المغرب : مع الاجتياح سنة 1975، او بعيد وصول اللجنة الاممية الافريقية لتقصي الحقائق، فبراير 1987، او 1989، وكذلك 1999.
انتفاضة الاستقلال 2005، كانت سليل مقاومة ظلت متواصلة وتواصلا لزخم لم يعرف التوقف وان ظل التعتيم يلفه والقمع يقهره ، الا انه في كل مرة يطفو على السطح اذ كان خريف انتفاضة اسا 1992 وقبله مظاهرات الطنطنان 1971-1972 ،هي الامتداد الطبيعي في الزمان والمكان لذلك التيار الجارف.
هذه المعركة المتواصلة ومنذ اربعين سنة ،رغم ما شابها من نقائص وما حاط بها من ظروف جهوية واقليمية في معركة غير متكافئة في عدتها وعتادها ،كان الخصم فيها دولا وراسب ثقافية وندرة في الامكانيات ، وسط تفشي الامية وضالة ألتأطير، الا انه على صخرتها تحطمت اطروحة واطمرت مؤامرات وتغيرت موازين.. تظل قابلة للتواصل وتحديث الاساليب عبر الممانعة غير المحدودة.
تلك الملحمة التي تتعاقب على قيادتها ، اجيال من بعد اخرى تجد التعاطف من الصحراويين في ظل الشعور بالظلم والاحتقان ، فان كل صبي يظل مشروع بطل قادم يضاف لرصيد البوليساريو ودعم مشروعها الطموح ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن