الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-حق العودة - التونسية

لطفي الهمامي
كاتب

2009 / 5 / 22
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



( مساهمة في نقاش )
الجزء الأول

إهداء

بداية، أود التأكيد ،على أن، هناك من المهاجرين التونسيين من لم يتمكن من العودة إلى تونس لسبب أو لآخر لسنوات طوال، دون رغبة في ذلك منهم، وإنما تحت واقع الظروف المختلفة.
بلا شك أن معاناتهم كانت، ولا تزال جليلة وعميقة وحادة، وان الغربة عن وطنهم نحتت فيهم صبرا وجلدا، وأسست لديهم إحساسات خاصة لا يشعر بها سواهم ،وهم لا يلمسون التربة التي ولدوا عليها إلا في أعين القادمين والرائحين .
إلى كافة العقلاء والمجانين منهم، نشاركهم يوما ما كافة الوطن.

1 ـ نقاشات حول الحق في العودة

انطلق منذ ما يقرب السنة الآن عدد من المهجرين التونسيين في نقاش واسع ومعمق حول مسالة العودة إلى ارض الوطن, بعد سنوات طوال من الغربة والبعد عن تربة تونس وأهلها .وهم الآن يهمون بعقد مؤتمرهم الأول خلال الأيام القادمة.

أتت هذه النقاشات بعد مدة من بروز عدة مقترحات واجتهادات تخص فكرة عودة المهجرين مثل فكرة "قافلة العودة" المقترحة من قبل نور الدين الختروشي والتي وسّعت النقاش ودفعته إلى مطارحات مكتوبة على أعمدة "النات" خاصة .

وبالرغم من إحداثه حركية متصلة بحق العودة إلا أن هذا المقترح آل إلى عدم الإجماع ،وعدم وجود أية أرضية موضوعية لتحقيقه فلم يكن هناك استعداد ذاتي للعودة "الآن" وليس غدا من ناحية كما لم تكن الحركة السياسية والجمعياتية والمناضلين في الداخل على نفس قدر التقييم والإلمام بالموضوع وبالتالي لم يلعبوا دور السند لتحقيق مثل هذه الخطة لما فيها من مجازفة ,والسبب الثالث لاستمرار السلطة في نهجها القمعي المفتوح على كافة أصعدة النضال التونسي.مما يعنى أن احتمال اعتقال "العائدون" هو الغالب في هذه المعادلة ،إضافة إلى عدم وجود مجموعة من المهجرين يعملون على إنجاح هذه الخطة والعمل باستمرارية من اجل تحقيقها .

كما يأتي هذا النقاش على اثر موجة من المقالات والمطارحات على الانترنت بين عدة وجهات نظر في الطرح والتنفيذ خاصة و أن عودة بعض اللاجئين إلى تونس عبر اتفاق سياسي فردي قد حرك عدة تفاعلات بين المؤيد لهذا التمشي والذي تتحكم في خيوطه كافة السلطة وبين رافض له باعتباره مشروطا حد الإذلال.

تفرعا لهذا الموضوع برز على الساحة من جديد عدد من الأطروحات المتصلة بحق العودة ولكن بتأطير سياسي اشمل مثل" المصالحة الوطنية "و"العودة الفردية تحت عنوان الخلاص الفردي" ومنها الطرح القائل بان على "المغلوب أن يذعن للغالب" وان النظام الحالي هو الغالب وسواه هم المغلوبين.
كما تردد في أوساط المهجرين أكثر من مرة "أن عناصر مبعوثة من السلطة لنقاش العودة مع من يهمه الأمر "أي من هو مستعد لقبول شروطهم كاملة وتردد أن أهم الشروط هي العودة الفردية أي الخلاص الفردي وإعلان الولاء لبن على والتشهير بهذا وذاك .

وتبعا لهذه التطورات تم إعادة ومحاولة طرح القضية ضمن خط جديد ممنهج ،من وجهة نظر واضحة أي طرحه كموضوع صلب النضال الديمقراطي التونسي داخليا وخارجيا ،على المستوى السياسي والجمعياتي والحزبي ,واتجه النقاش نحو عريضة /بيان امضي عليه عدد تجاوز إلى حد الآن المائة والستين من المغتربين التونسيين من بلدان متعددة ومن أجيال مختلفة ومن اتجاهات سياسية وفكرية متمايزة ,كما صدرت عدة مقالات من اتجاهات مختلفة تعبر عن مواقف شخصية أو سياسية ملزمة داعمة لمشروع حق العودة.

اتخذ هذا النقاش مرحلة جديدة نحو تأسيس فضاء نضالي يستوعب المطارحات والنضالات والمطالب من اجل التسريع بفض هذه المعاناة من ناحية والإسهام في النضال الذي تخوضه القوي الديمقراطية التونسية من اجل الحقوق والحريات.

وعلى مر عدة أسابيع انتظمت تنسيقية بباريس احتضنت نقاشات لغاية بلوغ إطار نضالي للمغتربين

إسهاما منى في هذا التمشي أودّ العودة لنقاش بعض الأفكار واطلاع الرأي العام على هذه المعاناة التونسية كوجه من وجوه بشاعة الحكم في تونس ناهيك عن كونها مساهمة متواضعة في الدفع النضالي للحق في العودة .

2 ـ مسالة تاريخية تونسية

لقد عانى المجتمع التونسي منذ قرون من تهجير مواطنيه والتنكيل بأحراره في ظل استبدادية ترفض الاعتراف بحق التونسيات والتونسيين في الرفض والمطالبة بحقوقهم .وتعود الذاكرة إلى سنوات خلت إلى حكم البايات والعثمانيين الذين مارسوا جريمة الإبعاد تماما كما تبعد الحيوانات المريضة بالوباء عن زريبتها ،و إلى حركة الكفاح الوطني التونسي ضد الاستعمار عندما مارس المحتل الفرنسي سياسة النفي والإبعاد ضد قادة الحركة الوطنية .

لكن ما إن خرجت القوات العسكرية الفرنسية من على التراب التونسي حتى بدا العهد الحديث لتونس بنفي تونسي لتونسيين آخرين فوجد صالح بن يوسف نفسه مهجرا عن وطنه وهو الذي قاوم من بين اللذين قاوموا الاحتلال السياسي والعسكري والثقافي ومن بين اللذين حلموا بتونس خالية من الاستعمار لتنطلق من ذلك التاريخ دولة تونسية تلاحق مواطنيها الذين يخالفون توجهات الحكم أو ممن تضررت مصالحهم ومنافعهم أو من اللذين ضاقت بهم السبل فلم يجدوا لهم مكانا في بلادهم أو من اللذين فروا إلى الغربة فرارا من الأذية والسجن والتعذيب والملاحقة وإيذاء عائلاتهم ونهب ممتلكاتهم والسطوة على منافعهم المختلفة وبذلك عاشت تونس مراحل مختلفة في هذا الشأن منها ما لحق الحركات السياسية اليسارية والقومية والإسلامية ومنها ما لحق بالحركة الاجتماعية والنقابية العمالية والطلابية وكذلك بالمواطنين فهاجروها ،طوعا، ولكن بالإكراه ،وهاجروها اختيارا ،ولكن اختيار بين مرّين لما بلغت بهم الحاجة و ألتوق إلى الأفضل مما لم يجدوه في بلادهم وأخذت مع بن على طورا أقصى حيث تكاثر جيل الهجرة والتهجير بتعريض حياتهم للخطر والموت بفعل استفحال فساد النظام وتقلص إمكانية الحياة المطمئنة والكريمة.

مقابل ذلك ومنذ بدايات تشكل الحركة السياسية المعارضة للحكم البورقيبي رفعت الحركة السياسية والنقابية والجمعياتية التونسية شعارا ومطلبا نضاليا تمثل في العفو التشريعي العام والمطالبة بعودة المغتربين والتعويض لهم واسترداد منافعهم التي سلبت منهم.
ولعدم مجانبة الحقيقة فان موضوع المغتربين ظل متصلا على الغالب بأسماء أشخاص بعينها دون التعاطي معه كأسلوب من أساليب حكم الدكتاتورية في تونس خلال العهدين .

3- التهجير مرتبط بالاستبداد سابقا وراهنا ومستقبلا

أ- في الهجرة والتهجير

التهجير والإبعاد صفة من صفات الاستعمار والأنظمة الاستبدادية لذلك فان التهجير ألقصري والغربة في المنطقة العربية ناتجة أساسا عن الاستبداد الذي ابقي على التخلف وقضي على إمكانية النهضة الاقتصادية والاجتماعية وسد الباب أمام أية فرصة لحياة كريمة ومستقلة داخل المجتمع
فبات من حق ألاف المواطنين الأجانب الإقامة فيه والتنزه واستغلال خيراته وسدّ أمام مواطنيه ومنع عن بعضهم حتى إمكانية زيارته.وأطلقت يد العائلات الثرية الحاكمة والمقربة من الحكم من الاستيلاء والاستثراء الفاحش على حساب الشعب في مقابل عائلات بأسرها هجّرت واتخذت أوطانا أخري لها .

يضطر الناس إلى مغادرة وطنهم وذكرياتهم وعائلاتهم وروابطهم المادية والمعنوية ويلجئون إلى وطن دون وطنهم فيتخذونه مكانا لحياتهم لسنوات طوال ومنهم من يقضي نحبه هناك.

أما الهجرة فهي حالة طبيعية وكونية حيث يتنقل الأفراد بين البلدان والأوطان من قديم الأزمان .
في الزمن الراهن هناك من المهاجرين من اختار الاستقرار رفقة أسرته في بلد دون وطنه ومنهم من يحمل الجنسية المزدوجة لما يتبع ذلك من ممارسة لحرية ضميره أو معتقده أو فكره أو نشاطه أو مهنته أو دراسته أو اختيار شريك حياته إضافة إلى مشاركته في الشأن العام بمختلف أوجهه.

ولكن ما أن يصبح مواطن ممنوع من العودة إلى وطنه يخشي النيل منه ،وأن ليس له ثقة في عدالة بلده ولا في سلطتها عندها يصبح مهجرا بفعل القسر لا بالرغبة أو الاختيار الذاتي .

ب- لمحة نقدية

جرت العادة في تونس أن يلقى الضوء حول أسماء بعينها من اللاجئين السياسيين ومعظمهم من شخصيات سياسية كانت في الحكم فمن بن صالح إلى مزالى إلى غيرهم من الأسماء اللامعة كما جرت العادة أن يرتبط ذلك بالشخصة وتقديمه على انه خلاف بين دوائر الحكم ذاتها ولم يقع تناوله كظاهرة رافقت الدكتاتورية الأولى والثانية في تونس والحال أن اللاجئين السياسيين التونسيين كانوا منذ سنوات بالعشرات والى حد الآن لا تتداول إلا بعض الأسماء منهم في حين تقابل الأسماء الأخرى بنوع من عدم الاعتراف بأحقيتها في الرمزية السياسية .وهذه الحالة أو الواقع مندرج ومنتشر كذلك في ذهنية سياسية مذيلة للنظام في أوساط ما يسمى بالمعارضة "نقدية"في عموميتها دون طبعا نكران بعض الاستثناءات القليلة مما يعني أن اللاجئين السياسيين يعانون من محاولات النظام قبر قضيتهم ووضعهم في الهامش والنسيان وأمام صمت مخيم في الواقع فإذا بالا جيء السياسي مهشما ما عدى النجوم منه .وهم اللذين في كل حقبة من التاريخ يتحولون إلى "عقلاء" فيطلبون ودّ السلطة وما أن يتم الصفح عنهم بعد التزامهم بالصمت في أحسن الحالات حتى يتحولون بعد ذلك إلى دعاة "مصالحة وطنية" وتصبح هذه الوطنية بين "فلان" والسيد "الرئيس بصدره الرحب وحرصه على أن تكون تونس لكافة التونسيين"،بذلك يحاولون مسح تاريخ من النضال والمعانات والغربة للعشرات من التونسيين سابقا وحاضرا لحصرهم قضية المهجرين واللاجئين إلى قضايا فردية وليس إلى حالة عامة ونتيجة لحكم لا ديمقراطي .

فمع مجيء بن علي هلل له مغلب هؤلاء الشخصيات منذ البداية واعتبروه قبل حتى "الصفح" عنهم أو إقرار إجراءات لصالحهم بأنه"منعرجا نظيفا"كما صرح بذلك احمد بن صالح وهو مهجر في ذلك التاريخ (الصباح 10 نوفمبر 1987)
وكتب احمد القديدي قائلا
"و كنا أنا و الصديق محمد مزالي أول من بادر بالمساندة لعملكم الصالح فعبرنا على صحيفة الصباح الصادرة مباشرة بعد التحول عن مباركتنا لما أنجزتموه و كتب معنا في نفس الصفحة بعد ساعات من السابع كل من أحمد بن صالح و الطاهر بلخوجة والمازري شقير والمنصف المرزوقي في رمز من رموز الالتفاف حول الوطن والعزم على طي الصفحة القاتمة نهائيا." في رسالة موجهة إلى بن على بتاريخ 22 مارس2007

بدأت منذ ذلك التاريخ التسابقات الفردية دون المطالبة بحقوقهم السياسية والمدنية وحقهم في العمل العام كما أنهم صفوا حساباتهم عبر اتفاقات صامتة وبذلك اثبتوا نوع من الطاعة وان قضيتهم مسالة شخصية وليست سياسية وعامة ومبدئية تخص مطالب وقدموا بذلك صورة سلبية عن الاجيء السياسي التونسي وعن المهجر ولم يسمح لهم بن علي الذي هللوا له في البداية بأية حق في ممارسة الشأن العام بل وضعهم في التقاعد التام ولم يقبل النظام خدمتهم بل تركهم في خانة تاريخهم كمتهمين ولم يبرئهم علنا وقد قبلوا بذلك بدعاوى عدة منها أن الرئيس قابلهم وكان لطيفا معهم وأعاد لهم ممتلكاتهم ولكنهم لم يقولوا انه سلب منهم مواطنتهم وأخضعهم إلى التقاعد المبكر.

لذلك لم تنشط منهم أية شخصية ولم تطالب بعد ذلك أية شخصية منهم بحق التعبير والديمقراطية ولم تزأر حتى بأقلامها للمطالبة بكفّ النظام عن القمع والكف عن دفع فئات من المجتمع إلى الهجرة واللجوء .وحتى العناصر منهم التي هاجرت تونس من جديد فإنها بدورها التزمت الصمت حيال هذا النظام طمعا منهم في زيارة سياحية لبلدهم .

ربما يتحمل البعض من المسؤولية كذلك اللاجئون أنفسهم لأنهم لم يتمكنوا من وضع قضيتهم على الأجندة النضالية والحقوقية باعتبارها قضية أساسية من بين القضايا الأخرى في النضال السياسي الديمقراطي التونسي من اجل الحق في العودة كقضية منفصلة عن تعبيراتهم السياسية والإيديولوجية والحزبية ,خاصة وان السلطة وضعتهم في مقام الخط الأحمر بإشاعة أنهم مجرمون ومطلوبون للعدالة إضافة إلى تلفيق تهم الإرهاب ضد البعض منهم .

من جهة السلطة إذا هو موضوع متصل بعناصر إرهابية أو بعناصر فارة من العدالة وهم دائما على قائمة المطلوبين.من قبل البوليس والعديد منهم من قبل الانتربول على خلفية الملفات التي قدمها البوليس التونسي .ولا تعترف السلطة بان هناك لاجئين سياسيين أصحاب رأي وقضية نضالية مثلما لتزال تنكر أن لديها مساجين سياسيين وان جريمة التعذيب تمارس أمرا وتنفيذا في مراكز الداخلية وفي مبنى وزارة الداخلية ذاتها.

إن الادعاءات التي تروجها السلطة وبعض الأطراف التصفوية بخصوص اللاجئين السياسيين هي غير سليمة ولا تستند إلى معطيات دقيقة وموضوعية كما أنها انتقائية تنطلق من التجريم وليس من الواقع والحقائق كما أنها ادعاءات ثابتة بأحكام ثابتة متحدية لكل تغيرات لأنها مبنية على ذهنية انتقامية بالأساس ,لذلك سوف أحاول التطرق إلى بعض الجوانب للتعريف بها.

4- من هم اللاجئون السياسيون التونسيون وما هي أهم التغيرات التي لحقت بهم ؟

يعتبر لاجئ سياسي كل تونسي موجود خارج التراب التونسي ومتحصل على صفة لاجئ وفقا لمعاهدة 28 جويلية 1951 التي بموجبها تعترف الدولة الممضية على هذه المعاهدة بشخص ما على انه لاجئ وبالتالي مقيم شرعيا على أراضيها على أساس أن هذا الشخص ملاحق من اجل أفكاره أو أنشطته أو ضميره في تونس وانه تعرض أو يمكن أن يتعرض إلى العقاب المادي أو المعنوي جراء ذلك.
لذلك هناك من بين ألاجئين من هو محاكم وفقا لتهم جنائية أو جناحية وهناك من ألاجئين غير محاكمين وإنما امضوا عقوبات سجنية وما أن توفرت لهم الفرصة حتى غادروا التراب التونسي وطلبوا اللجوء السياسي خشية تعرضهم من جديد لما تعرضوا اليه كما أن من بين التونسيين ألاجئين من لم يتعرض للمحاكمة وليست جارية ضده قضايا وإنما اختار اللجوء جراء الهر سلة والملاحقة والمضايقة والخوف من القبض عليه وبالتالي تعرضه للتعذيب والتنكيل به وبأسرته .

عملية التفصيل والتدقيق تبين أن اللجوء ليس حالة واحدة ولا يمكن تلخيص دوافعه في مثال خاص وإنما حالة معقدة ومتداخلة فلكل لاجئ قصة يرويها ولكن المشترك بين كل هذه الحالات هو الهروب من القمع واللجوء إلى أماكن يضمن فيها سلامته الجسدية والمادية والمعنوية والذهنية والروحية.

ينتشر ألاجئون السياسيون التونسيون على مغلب البلدان الأوروبية أساسا مع بعض الاستثناءات في أماكن أخري من العالم ما عدى في الدول العربية.
عددا منهم صادرة في شانه أحكام غيابية سواء في قضايا جنائية أو جناحية وهي قضايا سياسية تنكرها السلطة وتعتبرها قضايا حق عام بما فيه تهمة "الاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها"أو مثل تهمة "نشر أخبار زائفة"أو "مسك وتوزيع منشورات من شانها تعكير صفو النظام العام "إلى غيره من التهم التي تعود أساسا إلى تهم سياسية وتهم رأي ولا علاقة لها بجرائم الحق العام .و تعود وقائع هذه التهم وما تلاها من أحكام إلى عدة سنوات بما فيها ما سقط بمرور الزمن لكن السلطة لا تسقط هذه القضايا على خلفية انتقامية واضحة وعلى خلفية سياسية تسلطية لا علاقة لها "بدولة القانون والمؤسسات"
عدد آخر من ألاجئين ليست منشورة ضدهم قضايا وليس ورائهم أحكام سجنية ولكنهم امضوا إما عقوبات سجنية أو تعرضوا للتعذيب والتنكيل أو للهر سلة أو لحرمانهم من ابسط حقوقهم المدنية مثل الشغل أو الدراسة وما أن تمكنوا من الخروج من تونس التجئوا خشية عودتهم فتطالهم من جديد آلة الانتهاك .

هناك نوع ثالث من المغتربين رغم إنهم غير متحصلين على اللجوء السياسي إلا أنهم مغتربون محرومون من جواز السفر وبالتالي غير قادرين على العودة إلى وطنهم وهو شكل آخر من أشكال تعامل النظام مع معارضيه ففي تونس يحرم البعض من جواز السفر حتى لا يغادر تونس ويمارس العكس بالنسبة لمتواجدون خارج تونس.

إلى حدود اللحظة لا توجد أية إحصائية دقيقة لعددهم ولكن من خلال المعرفة المباشرة بهذا الملف فإنهم يعدون بالمئات
يضاف إليهم عائلاتهم .

يعود تاريخ عموم المغتربين الحاليين ما عدى بعض الاستثناءات منها إلى فترة ما بعد الفجوة التي فتحها النظام ما بين 1987 و1991 وعلى اثر حملات الاعتقال والمحاكمات التي عقبت المواجهة مع الإسلاميين .

إذا تعود المجموعات الأولى إلى تاريخ 1992 مع الإسلاميين لتتوسع شيئا فشيئا لتشمل كافة القوي السياسية والجمعياتية المناضلة والرافضة للحكم الشمولى أو الرافضة للانتهاكات والمشهرة بها .ومن ذلك التاريخ بدأ جيل جديد من المغتربين يتزايد وهو على ذلك النحو إلى اليوم والى حدود المعطيات المتوفرة وخلال شهر فيفري 2009 أعرب عدد من الشباب التونسي عن رغبته في الحصول على اللجوء السياسي على اثر تمكنهم من الوصول إلى فرنسا عبر رحلة واجهوا خلالها الموت وهم ممن شارك في حركة اجتماعية احتجاجية واجهها النظام بالقمع المفتوح خلال السنة الفارطة.

لطفي الهمامي
باريس : 21 ماي 2009









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا