الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ إخماد الحرائق من اجل إنجاح العملية السياسية

ماجد فيادي

2009 / 5 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عمل الحزب الشيوعي العراقي بعد سقوط الدكتاتورية واحتلال العراق على مبدأ إخماد الحرائق من اجل إنجاح العملية السياسية, و إشاعة الأمن, والانطلاق في جو ديمقراطي نحو تحقيق مصالح الجماهير وإشاعة مبادئ الديمقراطية, لبناء العراق الجديد على أسس وطنية سليمة. إعلاميا ادعى العديد أو اغلب القوى السياسية العراقية تبني هذا المبدأ ولأهداف مختلفة, تباينت بين التظاهر بالديمقراطية, واخرى للتغطية على ممارساتها المليشاتية, واخرى للتضليل على الخلافات التي تثيرها عبر البرلمان, واخرى لتلقي اللوم على الأطراف التي تنافسها وتنازعها في صنع القرار أو على توجيه الرأي الجماهيري على ارض الواقع. إذن ليس كل من ادعى مبدأ إخماد الحرائق جاد في تنفيذه, ولنا في الحرائق التي أشعلها عدد كبير من الاحزاب الحاكمة في البرلمان أو الحكومات المحلية الدليل القاطع على ما ذهبت اليه, مثل اقتتال المجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري والفضيلة ضمن محافظات الجنوب, القتال بين الحزب الإسلامي والصحوات في غرب وشرق العراق, حزب الدعوة وانفراده بالسلطة بخلافاته مع الإسلاميين الشيعة والكردستانية, الاحزاب الكردستانية والتصريحات بالانفصال, قضية كركوك وما رافقها من معانات أهالي كركوك لليوم, قضية الدايني والبرلمانيين المتهمين بالإرهاب عبر عوائلهم, الحزب الإسلامي والزوابع التي أثارها مع أطراف قائمة التوافق, صالح المطلك وتبنيه الدفاع عن حزب البعث بأساليب ملتوية, القائمة العراقية وسياستها في فرض طلباتها أو إفشال الحكومة, الآلوسي بتصريحاته الرنانة التي تثير الزوابع دون نتائج..... الخ من القائمة الطويلة, حتى وصلنا اليوم الى خلط كبير للأوراق أدى بالنتيجة الى تراجع نسبة المشاركين في العملية الانتخابية البرلمانية الأولى من أكثر من ثمانين بالمئة الى الخمسين بالمئة في الانتخابات المحلية الأخيرة.
نتج عن فقدان توازن القوى عبر انتخابات غير متكافئة ومزورة, حالة برلمانية عراقية فريدة من نوعها في العالم, أدت في النهاية الى تعطيل واضح لكل مرافق الحياة, وكتابة دستور مليء بالمتناقضات, استدعت بعد مرور السنين الى المطالبة بتغيير عدد من فقراته التي فيما لو تستمر ستبقينا في نفس المستنقع, مثل قضية كركوك والأراضي المتنازع عليها, قانون الأحوال المدنية, صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الوزراء, العلاقة بين الحكومة الفدرالية وإقليم كردستان, ديباجة الدستور, وأمور كثيرة أخرى, هذا وبعد انتخابات المجالس المحلية الثانية التي آلت الى الاستحواذ على نسبة أصوات تقدر 65% من الناخبين وتوزيعها على قوى حصلت على نسبة مجموعها 35% من الناخبين, صار لا بد من تغيير هذا القانون بالسرعة القصوى قبل الدخول في الانتخابات البرلمانية القادمة وتكرار المأساة من جديد.
اليوم يدعو الحزب الشيوعي العراقي وعدد كبير من القوى الديمقراطية العراقي الى تغيير قانون انتخابات البرلمان العراقي وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة, وكذلك تغيير قانون احتساب عدد المقاعد للقوى الفائزة, ولكي يجري هذا, لا بد من أن يتم عبر البرلمان العراقي, لانها الوسيلة القانونية الوحيدة في المنطق الديمقراطي الذي تشرع من خلاله القوانين, لكن البرلمان يهيمن عليه المستفيدين من القانون الحالي, والذين ينتمون الى أحزاب في الحقيقة وللأسف الشديد غير ديمقراطية, أثبتت حقيقتها خلال السنوات الماضية يضاف الى ما ذكر أعلاه التالي, عطلت البرلمان لفترات طويلة, مارست الفساد الاداري والمالي, زورت في نتائج الانتخابات, قدمت مرشحين بشهادات مزورة, قدمت خدمات سيئة للشعب العراقي, عدد كبير من أعضائها لم يحضر جلسات البرلمان, تمتعهم برواتب خرافية في حين الشعب يعاني الحاجة, ولكي لا أكون سوداويا جدا في عكس الصورة لا بد من الإشارة الى الجانب الايجابي من عمل البرلمان في الحد من تأثير قوى الارهاب بمساعدة الإرادة الأمريكية, محاولات غير قليلة لاجتذاب الشركات العالمية لبناء العراق بالرغم من كون الحالة في بداياتها, ايجابيات هنا وهناك قل وزنها أو زاد, مثل نبذ الطائفية التي صنعوها أنفسهم ولسعتهم نيرانها, أو الالتزام بنتائج الانتخابات وان شابها التزوير, التبادل السلمي للسلطة, التخلي عن فكرة تقسيم العراق بحجة الفدرالية على أساس طائفي,,,,.
لكن تركيبة البرلمان العراقي تطرح عدد من التساؤلات, لماذا تقوم هذه القوى بتشريع قانون جديد لانتخابات البرلمان العراقي يعود بالضرر عليها ؟؟؟ لماذا تنصاع لطلبات أحزاب تختلف معها فكريا وتنافسها على السلطة ؟؟؟ لماذا تقبل هذه الاحزاب بحالة جديدة من المسائلة في كشف المستور وفضحها أمام الجماهير على كل ما قامت به من مخالفات للقانون ؟؟؟ لماذا تقوي أحزاب أو أفراد ضعيفة غير متفقة فيما بينها ولا تشكل قوة تحقق طموح الجماهير ؟؟؟ لماذا تنفخ الروح في جهات ميتة بالمقاييس الانتخابية؟؟؟ لماذا تعارض هذه القوى الجهات الداعمة لها من خارج العراق وتفتح الباب أمام المعارضين لمخططاتها في دخول البرلمان ؟؟؟ لماذا تضحي بمكاسب تحسب بالمليارات ونفوذ كبير ؟؟؟ لماذا تخشى قوى خطابها السياسي لا يقرع الأجراس في أذان الجماهير ؟؟؟
تعلم الشعب العراقي عبر تاريخ الدكتاتورية أن الحقوق لا تأخذ بالطلبات بل تحتاج الى قوة تدعمها, تنفذ من خلالها الى ارض الواقع, ولكي نعطي أمثلة على استخفاف القوى المتنفذة في البرلمان بالأحزاب المتضررة من الدستور لا بد من ذكر قتل الشيوعيين بدم بارد من قبل مختلف الجهات, فقد جرى هذا في مدينة الثورة والخالص والموصل والبصرة, كما هوجمت مقرات الحزب الشيوعي العراقي في اغلب المدن العراقية, تجاهل الحكومة العراقية لأبسط واجباتها في البحث عن قتلة المناضلين الشيوعيين مثل سعدون وأبو فرات وكامل شياع وآخرين يطول ذكرهم, كلمات الاحتفال التي أقامها المجلس الأعلى بذكرى وفاة السيد الحكيم متباهين بتكفيره للشيوعية, تصريحات السيد المشهداني بالمطالبة في إعادة البعثيين للعملية السياسية أسوة بوجود الشيوعيين فيها, بعد هيمنة هذه القوى على وسائل إعلام الدولة حجبت الحزب الشيوعي العراقي من الظهور في قنوات مؤسسة الإعلام العراقية إلا ما ندر عندما يحتاجون الى وجوده في التضامن مع موقف وطني يجير لحسابهم,,, الأمثلة كثيرة والعتب مرفوع.
في مراجعة سريعة لأداء الحزب الشيوعي العراقي وخطابه السياسي, نجد أن الحزب يتحمل مسؤولية مباشرة فيما تعرض له من تجاوزات منذ السقوط ولليوم, فقد اعتمد لغة لا تتماشى والأداء الحزبي في العراق, فالجمهور العراقي متعطش لسماع خطاب أكثر مباشرة ووضوحا من الذي يقدمه الحزب, علما أن الحزب يتناول كل القضايا وابدي مواقفه منها لكن دون الإشارة الى المعني بذلك, مثال ذلك عندما قتل رفاق في مدينة الصدر لم يخرج بيان يدين التيار الصدري الذي تشير كل الدلائل الى تورطه بالجريمة, كما لم تتكلم أي من افتتاحيات طريق الشعب وبشكل واضح عن السياسة التي أضرت بمصلحة العراق من قبل الاحزاب الكردستانية, لم يكون هناك أي افتتاحية تشير الى كون صالح المطلك وظافر العاني ومحمود المشهداني من المؤيدين لعودة حزب البعث المحظور الى السلطة, لم يشير أي من الرفاق في قيادة الحزب الى وزير بالفساد الاداري والمالي وربطه بحزبه الذي أوصله الى هذا المنصب, لم يشير الحزب الشيوعي مباشرة الى انفراد السيد المالكي بالسلطة, ولم يوضح التحالفات بين الاحزاب الكردستانية والمجلس الأعلى في تحديد شكل الدولة الفدرالي من اجل الانفراد في ادارة مناطق بمعزل عن الآخرين وإضعاف الحكومة الفدرالية, أمثلة كثيرة تشوب الخطاب السياسي للحزب الشيوعي العراقي أبعده عن مسامع وأنظار المواطن العراقي خاصة في الانتخابات المحلية الأخيرة. إذن السؤال المطروح كيف يمكن تفعيل الأداء لتغيير القانون الانتخابي وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة, وتغيير طريقة احتساب المقاعد وفق الأصوات التي يحصل عليها كل طرف؟؟؟
قبل كل شيء لابد من تقديم مشروع برنامج الى البرلمان عبر نائبي الحزب الشيوعي, لكي تلتف القوى الوطنية حول هذا المقترح, ومن ثمة يجري التحرك على منظمات المجتمع المدني لكي تساهم بالتعريف بهذا المقترح, ( من المفارقات أن العديد من العراقيين لا يفهمون الفرق بين القانون الحالي واحتساب العراق دائرة انتخابية واحدة) وان يطلب من الكتاب برسائل رسمية للكتابة في هذا الموضوع, وان تفتح وسائل إعلام الحزب أبوابها لنشر كل هذه المقالات دون تحفظ إذا ما حافظت على لغة الحوار, إقامة تظاهرات تطالب بالتغيير وربط الشعارات بحقوق أصوات الجماهير, إقامة الندوات مع القوى الوطنية المتضررة لتعريف الجماهير بمساوئ القانون الحالي, الرد بوضوح على كل الاتهامات والأساليب التي ستتبعها القوى المستفيدة من القانون الحالي دون تحرج, على أن يسبق هذا تغيير جذري لخطاب الحزب الشيوعي العراقي خاصة والمطالبة كبيرة من القاعدة ومحبي الحزب بهذا.
لا بد من وجود وسائل إضافية يعرفها الذين يتواجدون على الأرض العراقية يجب استخدامها كلصق منشور في ألاماكن التي يرتادها الشباب يوضح تخلف القانون الانتخابي الحالي, ويحثهم على رفع الصوت من اجل تغييره من اجل مستقبلهم, أن تقوم منضمات المجتمع المدني القريبة من الحزب بتثقيف جماهيرها بهذا الموضوع وحثهم على ابتكار أساليبهم لنشر الموضوع على أوسع نطاق, استخدام البريد الالكتروني على أوسع نطاق وإرسال كل ما يكتب عن الموضوع.
بوضوح أكثر لكي نفرض الإرادة الوطنية لا بد من تغيير طريقة التفكير, وجعلها تتوالم مع الحاضر, نحن بحاجة الى ثورة جديدة في أساليب ادارة التحالفات, وثورة مستمرة في إجادة الانتقال الى المراحل المتغيرة, بحاجة الى ثورة في فهم الخلط بين المشاركة في الحكم والمعارضة على أداء الحكومة.

يقول الإمام علي
لا تكن لينا فتعصر ولا تكن يابسا فتكسر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال




.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟


.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال




.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا